Wednesday, January, 25, 2012
متحف" بيتهوفن" تجسيد حي لعصور الموسيقي الزاهرة
كل شئ في مدينة بون يذكّرك بالموسيقي الألماني الموسيقار لودفيج فان بيتهوفن، فأينما حللت في جهات المدينة الأربع تجد أسم بيتهوفن في أذقتها وشوارعها، فهذا مطعم بيتهوفن وتلك
صيدلية بيتهوفن، وهذه الساحة الكبيرة هي كذلك ساحة بيتهوفن.
إن تخليد أسم هذا الموسيقار الشهير أبن المدينة ليس له مثيل في أي مدينة أخرى ـ حتي أنك تكاد تشعر أن بيتهوفن يعيش في داخل كل بيت ويقف علي ناصية كل شارع في بون.
وصلنا بالقطار من ميونيخ الي بون التي تقع في جنوب ولاية نوردراين ـ فيستفاليا في غرب المانيا في زمن يزيد قليلاً علي الساعات الست بقليل، قاصدين متحف بيتهوفن.
مدينة بون قريبة جداً من مدينة كولونيا الشهيرة، كما أنها أشتهرت كذلك بأنها كانت العاصمة الإتحادية لألمانيا حتي العام 1990 قبل إنتقالها الي برلين بعد الوحدة الألمانية.
في طريقك الي منزل بيتهوفن الغير بعيد عن مقر بلدية المدينة والذي يقع في ذقاق بون رقم 20، نمر بسوق المدينة الذي يعج بحركة البيع والشراء في كل أنواع الفاكهة والخضار، وقد لاتستطيع مقاومة رونق الفاكهة الطازجة، فنهم بشراء بضعة ثمرات من فاكهة البرقوق المنتشرة في أرجاء السوق ونحن في طريقنا الي الذقاق الشهير، الذي مازل يحمل عبق الماضي البعيد في كل جنباته، وكلما اقتربنا من الزقاق تبدأ الشوارع في التداخل وتشعر وكأنك أصبحت في قلب الماضي، فبيت بيتهوفن الذي ولد فيه عام 1770 والمبني على طراز الباروك، مازل يحمل فيه كل خصائص ذلك الماضي الجميل.
المنطقة المحيطة بالمنزل تحمل في طياتها عبق التاريخ وملامح طراز القرن الثامن عشرـ إن إمعان النظرلدقائق في المبني وفي ذلك الطراز القديم من المعمار يجعلك تحس بالإمتنان الي الإدارة الألمانية التي حافظت علي تلك المباني التاريخية رائعة الجمال والذكريات.
الباب الخشبي للمنزل لازال يحتفظ بشكله القديم وخلفه ممر صغير يؤدي الي فناء عبارة عن حديقة صغيرة يتوسطها تمثال للموسيقار الشهير وطلمبة مياه قديمة قدم المنزل ـ بعد الخطوة الأولي داخل بيت بيتهوفن تطالعك فيه كل تفصيلات حياته بدقة متناهية، مكان مولده، شجرة العائلة الخاصة به، صور للمدينة التي اشتهر فيها وهي مدينة فيينا.
في الغرف جميعها سنرى على الجدران لوحات زيتية تصور بيتهوفن وعائلته وأصدقاءه وأساتذته، منها علي سبيل المثال جده لودفيج الأكبر 1712 - 1773، والموسيقار جوزيف هايدن، والابن الأصغر للإمبراطورة ماري تريزا، كما سترى أوركسترا مدينة بون وهي تعزف في حفلة تنكرية، ثم نتعرف بعد ذلك من خلال المعلومات المتوفرة في المتحف ـ كيف أصاب الصمم أذنيه في عام 1802 والتأثيرات الدراماتية التي أحدثتها تلك الإصابة والتي كان من أبرزها انطوائه وبعده عن الحياة الأجتماعية.
إن عظمة هذا الموسيقار العظيم لاتقف فقط علي الإبداعات العظيمة التي قام بها بل في خلود أعماله وبقائها متألقة طيلة كل هذه السنوات دون أن يطغي عليهى لون أو نوع آخر من الموسيقي، بل إن الإعجاز يكمن في أن اثنين من السمفونيات التي كتبها وهو أصم لايسمع وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة، والتي لازالت أكبر السيمفونيات في العالم نجاحاً حتي الأن.
تبدو أهمية الحفاظ علي التراث في مجموعة مقنياته في المتحف والتي مازالت تحتفظ بكل رونقها رغم مرور العديد من السنوات عليها، مثل المخطوطات الموسيقية التي كتبها بنفسه، كذلك اللوحات الزيتية والأدوات الموسيقية التي إمتلكها في حياته.
في المتحف أيضاً ادوات الحياة اليومية له والتذكارت التي حصل عليها وبعض الأدوات الطبية التي كان يستخدمها لتساعده في تقوية السمع.
نجد أيضاً بعض المخطوطات التي كان يتعلم منها الموسيقي في صباه كذلك البيانو الضخم الذي كان يمتلكه في المنزل إضافة الي أورج خشبي بدائي كان يستخدمه في العزف وآلة الكمان الخاصة به والتي كان يعزف عليها مع أوركسترا بون وفي داخل الغرفة الثامنة من المنزل سنجد نسخة من من البيانو الذي قدمه له الفنان توماس برودوود صانع آلات البيانو الأشهر في لندن عام 1817، إضافة ايضاً الي بيانو آخر صنعه الفنان النمساوي الشهير كونراد جراف، الذي صنع له أيضاً آخر بيانو عزف عليه في فيينا.
كانت عبقرية بيتهوفن قد تجلت في أول حفلاته الموسيقية التي قدمها بعد مولده بثماني سنوات أي وهو في عمر الثامنة، وفي عام 1782 نشرت اول اعماله الموسيقية المعروفة وهو الذي جعل الكثيرين يتنباون له بمستقبل باهر وأنه سيصبح علي قمة الموسيقين في العالم.
رحل بيتهوفن في 26 مارس 1827، ومازل المتحف يحتفظ بمشهد الموت عبر عملين فنيين، العمل الأول معلقٌ في الغرفة التاسعة، بموازاة رقم سيمفونيته الشهيرة، وهو عبارة عن لوحة زيتيه رسمها الرسام جوزف دانهاوسر للموسيقار العظيم على فراش الموت والعمل الثاني يتمثل في قناع من عمل نفس الفنان لوجه بيتهوفن بعد موته ب12 ساعة.
في جنازة بيتهوفن سار 20 ألف مودع وقد صورتها لوحة ألوان مائية للفنان فرانز ستوبر، وفي كل عام تحتفل المانيا بذكراه من خلال المهرجان الموسيقي العالمي الذي يحمل أسمه وتستضيفه مدينة بون من 31 أغسطس وحتى الأول من أكتوبرمن كل عام