دعم عشائري مكثف ساند القوة المحرّرة لبيجي.. وكل 100 متر فخخت بـ 35 عبوة ناسفة
(صوت العراق)
سحب تنظيم الدولة الإسلامية، خلال اليومين الماضيين، أسلحته الثقيلة من "بيجي" إلى الموصل تاركاً وراءه انتحاريين ومنازل مفخخة، كما اجرى سلسلة تغييرات على مستوى القيادات العسكرية في مناطق صلاح الدين وجنوب غرب كركوك. فيما تواصل القوات الأمنية والعشائر في شمال تكريت السيطرة على ابرز معاقل المسلحين في المحافظة بشكل بطيء خوفاً من الطرق المفخخة وصيد القناصين.
في موازاة ذلك يحذر زعماء عشائر في تلك المناطق من تراجع الحكومة عن وعود "التسليح" للمقاتلين طواعية مع القوات الأمنية بالتزامن مع ضغوط غربية لدعم العشائر مقابل دور اكبر للتحالف الدولي في العراق. وتقول تلك الزعامات إن ابناء العشائر في صلاح الدين التحقوا بالقوات المسلحة في رغبة للخلاص من "داعش" وبعضهم "بلا سلاح"، كما طالب ممثلون عن المحافظة الحكومة، مؤخرا، بتطويع 20 الف مقاتل كـ"حشد شعبي".
وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي، التقى الخميس الماضي، في بغداد وفدا يمثل محافظة صلاح الدين، إكمالا لجولة المباحثات التي اجراها العبادي في الاسبوع الماضي مع ممثلي عشائر الانبار في داخل وخارج العراق.
فيما اعلنت قيادة عمليات صلاح الدين، اول من امس الجمعة، مقتل 71 من مسلحي (داعش) خلال المواجهات والمعارك التي تدور وسط قضاء بيجي لاستكمال تحريره، وأشارت الى "قرب" الإعلان عن السيطرة الكاملة على القضاء، وان "تحرير" تكريت لن يستغرق "سوى ساعات" بعد بيجي.
بالمقابل أكد الخبير في شؤون الجماعات المتشددة هشام الهاشمي في مدونته الخاصة على "فيسبوك" ان زعيم الدولة الإسلامية "ابو بكر البغدادي" قام بعد الخسائر التي أصابت تنظيمه، مؤخرا، في بيجي بتغيير ما يسمى بـ"والي صلاح الدين" والمدعو بـ"أبو نبيل وسام عبد زيد"، واستبداله بـ"المدعو أبو خطاب الدليمي"، كما استدعى "البغدادي" المدعو "أبو شبل ليث المجمعي" كقائد عسكري لولاية صلاح الدين بدلا من كامل الأسودي الخياط.
فيما قام التنظيم، امس، بحسب مصادر مطلعة، بإعدام "الحاكم الشرعي" في قضاء الحويجة، جنوب غرب كركوك، والمدعو أحمد عاصي بتهمة "سرقة أموال الجباية".
إلى ذلك يقول النائب عن صلاح الدين شعلان الكريم في تصريح لـ"المدى" ان "المعارك في قضاء بيجي حذرة وتتقدم ببطء مدروس تجنبا للالغام والطرق والمنازل المفخخة"، مشيرا الى ان القوات المشتركة من الجيش والعشائر تحاول تأمين وقطع الطرق المؤدية الى القضاء الذي يضم اكبر مصافي النفط في العراق، للسيطرة عليه بشكل كامل.
ويلفت الكريم وهو احد الزعماء العشائريين في صلاح الدين الى ان "ابناء العشائر" الذي التحقوا مع القوات المسلحة لتحرير "بيجي" لرغبتهم في التخلص من تنظيم "داعش" ومسك الأرض المحررة جاؤوا من مدن بعيدة، فاغلبهم ترك منطقته الأصلية بعد سيطرة المسلحين عليها وانتقلوا الى كردستان وكركوك وسامراء، وانظموا بشكل سريع الى القوات الامنية". فيما يشير الى ان المقاتلين الطوعيين يعتمدون على "جهودهم الخاصة" في توفير المعدات والسلاح، ويقول ان بعضهم جاء "بلا سلاح".
ويؤكد الكريم وهو نائب عن ائتلاف "علاوي" ان "الحكومة لم تسلح اي عشيرة في المحافظة حتى الآن"، كاشفا عن ان اللقاء الاخير الذي جمع ممثلي المحافظة برئيس الحكومة "حيدر العبادي" في بغداد، طالبوا الاخير بالموافقة على تجنيد 20الف مقاتل من اجل الحفاظ على تحرير الاراضي والامساك بها بعد طرد "داعش".
ويحذر الكريم من المخاطر الأمنية فيما لو رفضت الحكومة تسليح المقاتلين، التي يؤكد بأن رئيسها "العبادي" قال لممثلي المحافظة بانه "سيدرس الامر"، كما لم يتحدث "العبادي"- بحسب الكريم- عن كيفية اختيار المتطوعين او وضع شروط للانخراط في هذا التشكيل الذي سيعمل بنفس طريقة "الحشد الشعبي" المشكل في جنوب البلاد. من جهته قال احد الشخصيات العشائرية البارزة في صلاح الدين والمرافقة للعمليات العسكرية الجارية في شمال تكريت ونس الجبارة لـ"المدى" ان "القوات الأمنية داخل بيجي تواجه عددا كبيرا من الالغام والعبوات الناسفة"، مشيرا الى ان كل 100 متر في القضاء ملغم بـ35عبوة.
تلك العبوات -بحسب الجبارة- تحتاج الى وقت وجهد لتفكيكها، فيما يؤكد بان ضغط العمليات العسكرية دفع قادة التنظيم إلى الهروب شمالا باتجاه الموصل، وسحبوا كل الأسلحة الثقيلة، وتركوا وراءهم بعض الانتحاريين والقناصين.
ويشير الجبارة وهو ينحدر من عشيرة اشتهرت في المحافظة بمقاتلة المسلحين لاسيما في ناحية العلم، 10 كم شرق مدينة تكريت، الى ان "القوات الامنية قتلت في معارك بيجي 60 مسلحاً، فيما ردت على الهجوم المباغت الذي قام به التنظيم على جامعة تكريت لفتح جبهة اخرى واشغال القطعات العسكرية عن القضاء بقتل 40 مسلحاً".
ويكشف الجبارة عن تلقيه والمسؤولين الأمنيين عشرات الاتصالات اليومية من العشائر ومواطنين تحدد أماكن تواجد "المسلحين" في بيجي، كما التحق قرابة 300 مقاتل من العشائر مع القوات الامنية في القضاء، فيما يقول ان الطريق نحو تحرير المناطق المحيطة بمصفى بيجي، عملية في غاية الصعوبة بسبب "حساسية المكان"، حيث يتحصن مسلحو التنظيم في محطة كهرباء متاخمة للمصفى ولا يمكن استهدافهم بالطائرات او المدفعية، وانما يحتاج الى فرقة عسكرية "تكتيكية" تقوم بالهجوم على معقل المسلحين في شمال بيجي.
ويقول الجبارة ان السيطرة على "المصفى" سيفتح الطريق امام القوات الامنية على الجبهة الشرقية لتكريت، حيث يمكن إغلاق المنفذ الوحيد الذي يهرّب فيه "داعش" مسلحيه عبر قرية البو عجيل، شرق تكريت، باتجاه كركوك، كما يقول ان مناطق "العلم" والدور أهلها مستعدون للتحرك فور وصول أي قوات أمنية لمساندتهم في تحرير مناطقهم.
فيما يقول عضو مجلس صلاح الدين خزعل حماد لـ"المدى" ان القوات الأمنية هاجمت "بيجي" من الجهة الجنوبية والغربية. واستطاعت السيطرة على أحياء التأميم والعسكري والعصري والسكك بالكامل ورفعت العلم العراقي فوق مستشفى بيجي، وجامع الفتاح اكبر مساجد القضاء، فيما يتوقع ان تحرر القوات المشتركة والمسنودة من الطيران الاميركي "مصفى بيجي" في وقت قريب.
ويشير المسؤول المحلي الى ان القوات الامنية بقيادة الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي حررت ايضا مناطق "المزرعة"، جنوب بيجي، وهي ابرز معاقل التنظيم، كما كانت معقل لتنظيم القاعدة ونشاطها في عام 2004 و2005.