رحلةُ العطش ابتدأت ..
مأساةٌ أبكتْ الحجر ..
وَ شطآن الفراتِ قد .. أيقظَت دجلةٓ تناجيهِ و تبكي ناعيَة ..
دنى منها باكياً متسائِلاً
علامَ تبكي مِن أسىً ؟
تجيبهُ وَ الدَّمعُ في عينيها يُهدهِدُ الألمْ
أبكي على جسدٍ صلّٓت عَلَيْهِ سيوفُ
و رياحاً أحرقتْ .. دياراً
بالأمس كانت تزدهي
صارت حريقًا تشتعلْ ..!
قُطِعٓ السبيلُ و الرَّجَا بها
و بينَ سرابُ الوهمِ والوعدِ اكتَوَتْ
أعداؤهم قد نصبوا لهم العِدا ..
أبكي على آل النبيُ المصطفى
بين الأفاعي أسكَنتْ طيورَهَا
ترتجي مِنَ الأفاعي رحمةً ..
نيلَ الحمى ..
ظنُّوا النَّهارَ سوف يشدو مأمَنًا ..
لكنْ ظلامُ اللَّيلِ طالَ ظُلمته
ليلٌ بهيمٌ سوف يزهي داجيَا
فالقمرُ غابَ والنَّدى
وَالظِّلُ ناخ واختفى
شمسٌ توارتْ ، تنتحبْ ..
خوفًا على بنتِ الولي من غدٍ
أخشى عليها أن تكون نقمة حلَّتْ بها ..
حقدُ الأعادي يسري بيننا
دمعٌ ، وَأحزانٌ ، وَنيرانٌ ، وَ مجدٌ قد هوى
مَنْ ذا الذي أهدى الأفاعي نحره ؟
أيُّ حياةٍ تستقيمُ في دروبِ المعتدي ؟
بلا .. ذاك الذي صاح
(إن كان دينُ محمدٍ لم يستقِم الا بقتلي فيا سيوفٓ خُذيني ..)
ابكي شجاعا سارّٓ خلفَ أعداءه .. عارفاً غدرهم
و بمكرهم هو أعلمُ ..
همامٌ لا يرتجي مِنْ غريبِ أن يصونَ بيوتِه ..
أبكي على ازهارٍ عطاشا تذوي و تحتضِرُ
ذُبِحت و لم .. ترتمي بأحضان الأفاعي والذِّئابِ
يسألهم الحمى
أنَّى الذِّئابُ أن تصونَ حُرمةً ؟
الحسين أئمةٌ لا قهرُ
هو الضَّميرُ هو الحِمى
رغم الظَّلامِ ، وَالعواءِ ، والألم و رغم الضمأ
لا يرتضي من أعداءه عونًا له في دربهِ
لَهُ وحدهُ الأمجادُ تصبو عزَّةً
هو ثورةٌ أولى بها لا المعتدي
هو دوحةٌ ..
و لـ سوفٓ تبقى الدُّوحُ دومًا تغتلي ..
فـ حتى الساعة اسمعُ صرخةٓ الفراتِ
لدجلة بألفِ آه
فيردُّ دجلةُ : سيوف الطغاةِ مزقت أقمارنا
صار الجفافُ من الانوارِ حليفَنا
والغيثُ تاه .. آه تجيء وراءها
كم ألف ِ آه
إن كانت
دماء ابن بنتِ نبيك تُستباح
و الذبحُ على شطآنكـ مستباح !
فالعارُ كلُّ العار أن ..
ترضى
و تبْسمُ للجراحْ !
...