الكل يروي والكل يفسر والكل يفتي.
تفتح التلفزيون وتستعرض قائمة القنوات فتندهش لكثرة تلك التي تعرض منابرها لكل من هب ودب ليستعرض ما يعرفه وما يجهله في برامج تشعرك بالنعاس والملل وتشعرني بالغثيان. تفتح المذياع فتجد الشيء نفسه وأكثر منه بقليل. تتصفح الصحف اليومية فتوشك أن ترميها أرضا وتدوسها بقدميك،أين المفر من كل هذا؟
في إحدى المرات شاهدت أحدهم يحرم مشاهدة الأفلام والصور لأن الله حرم تصوير الأشياء لأنها تذكر بالأصنام والأوثان التي كان يعبدها أهل قريش ومن سبقهم. واحدهم يحرم شرب المياه المعدنية المعبأة في قوارير بلاستيكية بتعلة أن هذه القوارير تحتوي على مواد كيميائية مضرة بالصحة قد تتسبب في أمراض إذا ما انتقلت إلى الماء وشربها الإنسان. (هؤلاء الناس يعرفون العلم ويزيدون عليه...)
أما على الأنترنت فللأمور شكل آخر: شكل الحرب المفتوحة على الغرب وعلى كل من تسول نفسه الإقتداء به، إلا إذا كان هذا الإقتداء مرتبطا بالتفسخ الأخلاقي والموضة المنحطة والأغاني الصاخبة...
مواقع تعد بالملايين تفتح أحضانها لحشرات تدعي العلم والدين والورع في حين أنها ليست سوى رؤوس فتنة تستغل الظروف السياسية والإجتماعية لصب سمها في عقول الناس. مواقع كثيرة تحلل وتحرم ومجموعات لا تحصى تتكون على موقع الـ"فيسبوك" ومواقع أخرى تحرم المنتوجات الغربية بعلة أن لها علاقة بدول مثل فرنسا وأمريكا يتهمونها بمساندة إسرائيل... المشكلة أن هؤلاء الحمقى يتجاهلون حقيقة تاريخية كبيرة جدا وهي أن الغرب هو مصدر كل هذه الأشياء التي يستعملها العرب في حياتهم اليومية، بداية من حفاظات الأطفال، مرورا بآلات التنقيب عن البترول ووصولا إلى أجهزة الهاتف والحاسوب والأنترنات. فكيف يكونون صادقين في كلامهم وهم ينهون عن الشيء ويأتون بمثله...؟ كيف يمكنني أن أترك جهاز الحاسوب وهم يستعملونه في أغراض أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها دنيئة...؟
كيف يمكنني أن أقول أن الغرب سيء وهو الذي منحنا كل شيء...؟ ماذا فعل العرب؟ لا شيء... اخترعوا الصفر ونزلوا تحته وهؤلاء الحمقى يريدون من البقية الباقية أن تنزل معهم... أي معنى للحياة في هذا الوضع ومع هذا الكلام...؟