صفحة 5 من 11 الأولىالأولى ... 34 567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 102
الموضوع:

موسوعة... كربلاء الخلود - الصفحة 5

الزوار من محركات البحث: 346 المشاهدات : 7710 الردود: 101
الموضوع حصري
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #41
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,306 المواضيع: 225
    التقييم: 361
    مزاجي: جيد
    موبايلي: جالكسي 3
    آخر نشاط: 6/September/2016
    مقالات المدونة: 3
    بالتوفيق ان شاء الله
    تحياتي

  2. #42
    ....
    sajaya ruh
    تاريخ التسجيل: January-2014
    الدولة: #ـــالعراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 25,861 المواضيع: 643
    صوتيات: 40 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 41412
    مزاجي: يبحث عن وطن
    أكلتي المفضلة: لا شيء معين
    مقالات المدونة: 46
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو وئام مشاهدة المشاركة
    بالتوفيق ان شاء الله
    تحياتي
    التوفيق للجميع أن شاء الله
    شكرا لحضورك أخي

  3. #43
    ....
    sajaya ruh

    تأملات مهمة حول لقاء الإمام الحسين (عليه السلام) مع الحر بن يزيد الرياحي وجيشه




    يواصل ركب الإمام الحسين مسيره إلى المكان الموعود فيصل إلى موضع يقال له «ذو الحسم» وفي هذا الموضع يلتقي الإمام الحسين بالحر بن يزيد الرياحي ومعه ألف فارس أرسلهم عبيد الله بن زياد لملاقاة الإمام الحسين، وطلب منهم ملازمته في مسيره، وقد استقبل الإمام الحسين الحر وأصحابه، وقدم لهم ما يحتاجون إليه من الماء، وقد أمر أصحابه بسقاية القوم جميعاً، وحين حل وقت صلاة الظهر أذّن مؤذن الإمام للصلاة ثم صلى الإمام بالفريقين، ولما فرغ الإمام من صلاته اتكأ على قائم سيفه وألقى خطابه الأول في مرحلة المسير.



    1. خطاب الإمام الحسين في أصحابه وأصحاب الحر في ذي الحسم:




    وقف الإمام بين القوم وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس إنها معذرة إلى الله عزوجل وإليكم، اني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم، ان اقدم علينا فانه ليس لدينا إمام لعل الله يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم اقدم مصركم، وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم»[1].

    الناظر في بنية هذا الخطاب يجد أنه بني بأسلوب بسيط التركيب سهل التعبير واضح الدلالة، وهدف الإمام من ذلك أن يكون مفهوماً من جميع المتلقين، وقد بنى أكثر تراكيبه على الأسلوب الشرطي الذي يعد من التراكيب الطويلة ويستلزم فيه حصول الجواب حصول الفعل، ويبدو هذا واضحاً في عدد من تراكيب الخطاب «لم أقدم... حتى أتتني، فإن كنتم... فقد جئتكم،... فإن تعطوني... دخلت معكم... وإن لم تفعلوا انصرفت...» ويبدو مما تقدم أنّ أسلوب الشرط يسيطر على بنية هذا الخطاب وهو ما يتطلبه سياق الحال ومقامه الذي قيل فيه، ذلك أن هذا أول خطاب للإمام مع أهل الكوفة الذين دعوه للقدوم إلى بلدهم من خلال ما أرسلوه إليه من كتب ووفود وحين قدم إلى بلدهم وجدهم على غير الوجه الذي كانوا عليه فأراد أن يوضح لهم أسباب قدومه إلى هذا البلد، ومن حقهم أن يعرفوا أسباب قدوم الحسين وأهل بيته وأنصاره على افتراض أن عدداً من أفراد هذ الجيش لا يعرفون هذا الأمر وبعضهم لم يعرف أنه قادم لقتال الحسين بن بنت رسول الله، ومن هنا أراد الإمام أن يكشف أمام هؤلاء المخاطبين سواءً من يعرف منهم أم من لا يعرف أنه قدم إلى هذا البلد بدعوة من وجوه القوم فيه، وأنهم أرسلوا إليه كتبهم ورسلهم يطلبون فيها منه القدوم، فهو قادم استجابة لهذه الدعوة من أهل الكوفة وهم شيعة أبيه وأنصاره، وبعد أن أوضح الإمام سبب قدومه لهؤلاء القوم، وضع أمامهم خيارين بناهما على أُسلوب الشرط، وترك لهم اختيار واحد منهما، يقول:

    «ان كنتم على ما ورد في كتبكم وعلى لسان رسلكم وأعطيتموني ما يثق به قلبي دخلت معكم... وان كرهتم قدومي وتغيرت أفكاركم انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه».

    وقد يخطر في ذهن السامع سؤال: هل حقاً يريد الإمام الانصراف إلى المكان الذي قدم منه، وما المسوغ لطرح مثل هذا الخيار؟، ويكون الجواب بالنفي، فالإمام الحسين لا يريد الرجوع من حيث أتى، وانما أراد من وضع هذا الخيار إلقاء الحجة على هؤلاء القوم الذين قدموا لقتاله، وهو يعرف أنهم لا يملكون القدرة على الاستجابة لمثل هذا الطلب، ويعرف أيضاً أنه يسير إلى مصير قُدِّر له من يوم ولادته ووعده به الله ورسوله، فلا يمكن أن يحيد عنه، ولو افترضنا أنهم سمحوا له بالرجوع إلى حيث يريد فإنه لن يفعل ذلك أبداً، إنما هو ماضٍ لاداء رسالة ولقاء مصير يكون به الخلود الدائم مدى الدهر.

    لقد كان الإمام دقيقاً في اختيار الأسلوب الذي بنى عليه تراكيب هذا الخطاب، فقد بدأ خطابه بنداء، لكي يلفت أنظار الجميع لما يريد قوله، وبعد هذا بدأ ببيان ما يريد وهو أنه لم يأت إلى هذا البلد إلا بعد إلحاح شديد من أهله لما أرسلوه إليه من كتب ووفود.

    ويستمر مقام الإمام في هذا الموضع، وتحل صلاة العصر ويأمر الإمام بالأذان وإقامة الصلاة، ثم يتقدم الإمام ويصلي بأصحابه وأصحاب الحر، ولما انتهت الصلاة وقف الإمام فحمد الله وأثنى عليه وأسمع القوم خطابه الثاني في هذه المنطقة.



    1. خطاب الإمام بعد صلاة العصر في ذي الحسم:




    بعد انتهاء صلاة العصر التي أمّ الإمام فيه القوم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد أيها الناس، فإنّكم إنْ تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن رضا الله، وأنا ابن بنت رسول الله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالظلم والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا، وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به عليّ رسلكم انصرفت عنكم»[2].

    هذا هو الخطاب الثاني للإمام الحسين في اليوم نفسه أمام أصحابه وأصحاب الحر، والناظر في البناء اللغوي لهذا الخطاب يجد أنه جرى على سياق الخطاب الأول من حيث سهولة الألفاظ ووضوح التراكيب، ليكون مفهوماً من جميع السامعين، لكن الخطابين اختلفا في المستوى الدلالي لكل منهما وفي الغرض الذي قصده الإمام في كل منهما، ومن هنا يمكن القول: إن هدف الإمام في الخطاب الثاني يختلف عنه في الخطاب الأول فقد أوضح في الخطاب الأول أسباب قدومه إلى هذا البلد، ليعرفوا الحقيقة من لسان الإمام نفسه، أما الخطاب الثاني فقد بدأه الإمام ببيان صلته بالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأشار إلى أنه ابن بنت النبي وابن وصيه، وهو وارث الرسول من أهل البيت في ولاية المسلمين، وكان هدف الإمام من هذا هو تذكير القوم بهذه الصلة وما يترتب عليها من أحكام وإلا فهم يعرفون أنه الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله.

    ويبدو من خلال البنية الدلالية لتراكيب هذا الخطاب أن الإمام أراد من خلال التذكير بهذه الصلة بناء حكم هو أنه بحكم هذه الصلة أحق من غيره بولاية أمور المسلمين وقيادتهم، وهو أحق ممن تولى هذه الأمور الآن، وعطل العمل بكتاب الله وسنة نبيه، وأشاع الفساد والظلم بين أبناء الأمة الإسلامية، ويمكن أن نلمح من خلال قوله: «من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالظلم والعدوان». إشارة إلى حكم يزيد بن معاوية.

    وبعد أن بين الإمام ما أراده لهؤلاء القوم دعاهم إلى معرفة الحق وإتباع سبيله، ونصرة أهله لأنهم بذلك يكسبون رضا الله سبحانه ورسوله، وبعد أن أوصل الإمام هذه الفكرة إلى الحر وأصحابه أعاد عليهم ما ذكره في خطابه الأول من خيارات مذكراً إياهم بما ورد في كتبهم، وما حمله إليه رسلهم من دعوة للقدوم، وقد أنكر الحر وأصحابه أن يكونوا ممن أرسل إليه رسولاً أو خاطبه بكتاب، وأخبروه أنهم أمروا بملازمته في مسيره، وقد جرى بين الإمام الحسين والحر كلام أمر بعده الإمام الحسين أصحابه بالمسير نحو كربلاء وأمر الحر أصحابه بمسايرة الإمام الحسين، وخاطب الحر الإمام الحسين بقوله: «يا سيدي إني أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، فرد عليه الإمام الحسين: أبالموت تخوفني؟



    1. خطاب الإمام الحسين ورده على كلام الحر:




    بعد أن سمع الإمام الحسين ما تقدم ذكره من كلام الحر قال له مستفهماً: أبالموت تخوفني ؟.... ثم قال له: «ليس من شأني من يخاف الموت، ما أهون الموت على سبيل نيل العز وإحياء الحق، ليس الموت في سبيل العز الا حياة خالدة، وليس الحياة مع الذل الا الموت الذي لا حياة معه، أبالموت تخوفني؟ هيهات طاش سهمك وخاب ظنك، لست أخاف الموت، إن نفسي لأكبر من ذلك، وهمتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفاً من الموت، وهل تقدرون على أكثر من قتلي، مرحباً بالقتل في سبيل الله ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي، فإذاً لا أُبالي بالقتل»[3].

    ان من يدقق النظر في لغة هذا الخطاب وتراكيبه التي بني عليها يجدها تختلف عن لغة الخطابين السابقين، ذلك لأن المقام في هذا الخطاب يختلف عن المقام فيهما، فقد جاء هذا الخطاب رداً على مقولة الحر للإمام: «فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن» وظاهر هذا الكلام أن الحر يخوف الإمام من القتل لذا جاء رد الإمام بهذه القوة فقد بني الخطاب على أسلوب ازدحمت فيه التراكيب المؤكدة بأكثر من أداة توكيد، وتخللها استفهام فيه إنكار شديد لهذه المقولة، وحملت بنية الجمل التركيبية إيحاءات دلالية على التصميم والعزم والقوة في اتخاذ القرار وتخطئة المقابل فيما يظن.

    لقد بدأ الإمام خطابه بالتركيز على أمر في غاية الأهمية هو أنه لا يتبادر إلى ذهن أحد أنه يخاف الموت وأنه حين خرج من بلاد الحجاز كان يعرف أنه سوف يقاتل في سبيل الله وأنه سوف يقتل دفاعاً عن الدين وسنة جده، وهذا النوع من الموت هو الذي وصفه الإمام بالموت العزيز، لأن فيه الخلود الدائم والحياة الأبدية، ومن هنا نجد الإمام يختار هذا الموت ويفضله على الحياة الذليلة، لأن الحياة بذلٍّ هي الموت الذي لا حياة بعده، ويمكن أن نلمح ظلالاً من الدلالة توحي بعزم الإمام الحسين على القتال وملاقاة القوم بمن معه لذا نجده يتساءل بأسلوب الاستفهام الإنكاري يقول للحر: «أبالموت تخوفني، هيهات، طاش سهمك وخاب ظنك، لست أخاف الموت».

    إن تخصيص الاستفهام بالموت دون الفعل له دلالة عند الإمام، وبناء التركيب على هذه الصورة يدل على أن الإمام يريد التركيز على هذه الحقيقة «الموت» دون غيرها، لذا جعل الاستفهام مسلطاً عليها ليؤكد للمخاطب أنه على خطأ كبير حين يظن أن الإمام يتردد في اقتحام الموت أو يهابه ولذا نجده يستعمل اسم الفعل «هيهات» ليفيد مما فيه من دلالته على البعد لما يعتقده المخاطب، لذا نجده يصف المخاطب بقوله: «طاش سهمك وخاب ظنك» وهو تعبير يوحي ببعد ما يقوله المخاطب عن الصواب، ومن أجل أن يؤكد الإمام هذه الحقيقة للسامعين استعمل طائفة من التراكيب التي تزدحم بالمؤكدات يقول: «إن نفسي لأكبر وهمتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفاً من الموت».

    لقد وصف الإمام نفسه وهمته مستعملاً اسمي التفضيل «أكبر وأعلى» وفيهما دلالة على التعظيم والتفضيل وحذف المفضل عليه ليكون الكلام متسعاً يشمل كل شيء، وفضلاً عن ذلك فقد استعمل الإمام مؤكدين في الجملة هما «إن واللام» ليعطي التركيب نوعاً من القوة في العزم من خلال هذا الأسلوب المؤكد، وبعد هذا التصميم على لقاء الموت يقرر الإمام الحقيقة النهائية التي يبين فيها أن هؤلاء القوم إن تمكنوا من قتله جسدياً فإنهم لا يمكن أن يقتلوا مجده وعزه وشرفه بين المسلمين، وانه إنْ مات جسده في سبيل الله ستظل روحه حية بين أبناء الامة الإسلامية وسوف يبقى خالداً في ذاكرة التاريخ، وعلى هذا فهو لا يخشى الموت ولا يهاب لقاءه ما دام في هذا الموت حياة دائمة وعزٌ لا يدانى، وهذا هو الواقع الذي انتهت إليه معركة الطف في كربلاء فقد استطاع الظالمون وأعداء الحسين قتله، وحققوا النصر المادي وكسبوا المعركة على الأرض، أما الحسين فقد انتصر معنوياً وظل خالداً مدى الدهر وزاد عزه ومجده، تقدسه الملايين وتحج إليه قوافل الناس من كل فج عميق، وذهب أعداؤه جميعاً، وما زالت تلاحقهم لعنة الله والتاريخ والناس.

    وبعد هذا الحوار مع الحر يواصل الإمام مسيره والحر يسايره حتى يصل إلى منطقة البيضة وفيها يجمع الإمام أصحابه وأصحاب الحر ويلقي فيهم خطاباً يكشف فيه الحقائق والتفاصيل.



    1. خطاب الإمام في منطقة البيضة:




    في منطقة البيضة جمع الإمام أصحابه وأصحاب الحر ثم خطب فيهم قائلاً: «أيها الناس ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)، الا وان هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري قد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم فانا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم في اسوة، وان لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتر بكم فحظكم اخطأتم ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فانما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»[4].

    لقد وضع الإمام في هذا الخطاب النقاط على الحروف وكشف عن كل الحقائق أمام هؤلاء القوم الذين يسايرونه مبيناً لهم اسباب ثورته بأنها؛ «الظلم والاضطهاد والتجويع وتحريف الدين وتعطيل العمل بكتاب الله وسنة نبيه، واختلاس أموال الأُمة»[5].

    ويبدو مما تقدم أن الإمام بنى خطابه بلغة عالية مستفيداً من المقابلات اللغوية بين الألفاظ مما أكسب الخطاب إيقاعاً موسيقياً له تاثير كبير في المتلقي وهو يشبه الاثر الموسيقي الذي تتركه القوافي في منظوم الكلام، يقول أحد الباحثين:

    «يتجلى في الخطاب نهاية منظمة ذات صيغة إيقاعية موحية تجذب النفوس إليها وتشغل الأذهان تتمثل فيما يسمى في الشعر بحرف الروي ويمثله في النص النثري هذا الكاف والميم في (كتبكم، رسلكم، بيعتكم، أنفسكم، أهليكم)، وحرف الياء في (تسلموني، تخذلوني) فهي أشبه بالقافية»[6].

    ويمكن أن نلاحظ أن بنية الخطاب قد اتخذت ترتيباً تصاعدياً في دلالاتها واعتمدت الأسلوب الخبري في أغلب تراكيبها، لأن هدف الإمام من هذا الخطاب هو كشف الحقائق أمام هؤلاء القوم.

    بدأ الإمام خطابه بأسلوب النداء المعروف في مثل هذه المواقف، لكي يلفت انتباه الناس إليه ثم نقل بعد النداء مباشرة حديثاً عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه أمر وتكليف بالوقوف في وجه السلطان الجائر بأية وسيلة ممكنة سواء أكان بالقول أم بالفعل، لأن ما يفعله هذا السلطان هو منكر ومن واجب المسلمين جميعاً الوقوف ضده، وقد جعل ذلك تكليفاً شرعياً ومن يسكت عن ظلم السلطان الجائر ولا يغير عليه بقول أو فعل فانه يتحمل مسؤولية ذلك السكوت أمام الله سبحانه وتعالى، ويبدو أن غرض الإمام من الاحتجاج بهذا الحديث هو تسويغ ثورته وخروجه على حكم يزيد بن معاوية، لأن هذا الخروج يعد امتثالاًَ لأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنه يعد واجب التنفيذ والأخذ به تكليف شرعي بحكم ما ورد في القرآن الكريم من أوامر بإطاعة الله وإطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ذلك أنهم يعيشون في ظل حكم سلطان جائر يظلم الناس ويحكم بغير ما أنزل الله ويغتصب الحقوق ويحل حرام الله ويحلل حرامه، ويقتل النفس المحرمة، وفي كل هذا خروج على سنة الله وسنة الرسول، ومن الواجب عليهم أن يعلنوا ثورتهم ضد هذا الحاكم الظالم، وينصروا أهل الحق وهم أهل بيت النبي ويمثلهم الإمام الحسين نفسه.

    وبعد أن بيّن الإمام الحسين الواجب الشرعي المطلوب من هؤلاء القوم دعاهم إلى الالتزام بما امر به الرسول بالوقوف بوجه السلطان الجائر وضح لهم صفات الحكام الجائرين الذين تقتضي سنة الله ورسوله خلع طاعتهم والثورة ضدهم في عدد من المتقابلات اللغوية، «لزموا طاعة الشـيطان وتركوا طاعة الرحمن، أظهروا الفساد وعطلوا الحدود، أحلوا حرام الله وحرموا حلاله»، لقد أوضحت هذه التقابلات الدلالية بين «تركوا ولزموا، أحلوا وحرموا، حرام وحلال» القيم التي تبنى عليها قيم المجتمع الاسلامي، وتبين اهم الاسس التي يجب ان يبنى عليها المجتمع الاسلامي وتتمثل فيما ياتي[7]:



    1. رفض الانصياع للحاكم الجائر والسلطان الظالم والوقوف بوجه الظلم بأي وسيلة ممكنة.


    2. رفض السكوت على الباطل، لأنه يمثل انحرافاً في بناء المجتمع وضياع الحقوق وانتشار الفساد.


    3. مقاومة الظالمين بالفعل إنْ كان ممكناً، وبالقول في حال قصر اليد عن مطاولته لقوته وشدة بطشه، لأن كل ذلك يدخل في باب المنكر، وقد دعا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مقاومة هذا النوع من الانحراف بقوله: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإنْ لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان»[8].




    وبعد أن حدد الإمام للمخاطبين ما يفرضه عليهم الواجب الشرعي والديني من موقف تجاه الواقع الظالم الذي يعيشون فيه، وما يفرضه عليهم الحكام الجائرون، بين لهم أنه الحسين بن علي بن أبي طالب وأُمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله وهو أحق أن يتبع، لأن أهل بيت النبوة هم أولى الناس بقيادة الأمة الإسلامية، ولكي يبدد الإمام الخوف من سطوة السلطان الجائر من نفوس القوم بيّن لهم أنّ نفسه مع نفوسهم وأهله مع أهلهم ولهم فيه أسوة حسنة، وقد استعمل الإمام التراكيب الاسمية للدلالة على ثبات هذا الأمر في نفس الإمام فهو معهم في السراء والضراء، ثم ذكّرهم الإمام بما عقدوه له من بيعة في أعناقهم وما حملته إليه كتبهم ورسلهم من عهود ومواثيق على هذه البيعة وطلبهم منه القدوم إلى هذا البلد، وفي نهاية هذا الخطاب لجأ الإمام إلى استعمال اسلوب الشرط ليقف من خلاله على ما ينوي القوم فعله وما يمكن أن يتخذه من قرار يقول: «فإن تممتم بيعتي تصيبوا رشدكم... وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي بنكر...».

    لقد حدد الإمام من خلال التركيبين الشرطيين لهؤلاء القوم انه سيدخل بلدهم أن أتموا بيعتهم وصدقوا في عهودهم، وإن كانت الأخرى ونقضوا ما عاهدوا عليه فلا يستغرب الإمام هذا الموقف منهم ابداً فقد غدروا قبله بأبيه وأخيه وابن عمه مسلم بن عقيل، فلا غرابة أن يغدروا به وينقضوا ما عاهدوه عليه في كتبهم ورسائلهم.

    لقد قال الإمام في هذا الخطاب ما أراد قوله، ووضع النقاط على الحروف لكي لا يبقى عذر لمعتذر ولا حجة لهم عليه. ذكّرهم بأنهم في موقفهم هذا هم الخاسرون في الدنيا والآخرة والمغرور من أغتر بهم فقد أخطأوا حظهم وأضاعوا نصيبهم وسوف يغنيه الله عنهم، وقد استعمل الإمام أسلوب التقديم والتأخير للتركيز على خسرانهم الدنيا والآخرة فقد قدم المفعول به على الفعل والفاعل يقول: «فحظكم أخطأتم ونصيبكم ضيعتم» والهدف من هذا التقديم هو الاهتمام والعناية بما قدم، لأن خسرانه يعني الخسران المبين، وقد ختم الإمام خطابه بآية من آيات القرآن الكريم لها دلالة واضحة عند السامعين هي أن من يرتد وينكث ما عاهد عليه ويتخلى عن نصرة إمامه إنما يرتد على نفسه وهو في الآخرة من الخاسرين، وسوف يغنيه الله عنهم.

    لقد كان هذا الخطاب حداً فاصلاً بين الحق والباطل وفيه بيان واضح للحق وأهله والباطل وأهله ونصيب كل منهم في الدنيا والآخرة.

    وتستمر مسيرة الإمام الحسين والقوم يسايرونه ويصل الإمام إلى مكان يقال له «عذيب الهجانات» وفيه يلتقي بالطرماح بن عدي ومعه رجال، ويخبرونه بمقتل رسوله إلى أهل الكوفة قيس بن مسهر الصيداوي الذي قبض عليه الحصين بن نمير وسلمه إلى عبيد الله بن زياد ليضرب عنقه، وحين سألهم عن حال الناس أخبروه عن الاستعدادات الكبيرة وتجهيز الجيوش لقتاله، ويسترجع الإمام كثيراً ويترحم على شهداء المسيرة الحسينية، ثم يواصل مسيره فيجتاز الركب منطقة تسمى أقساس مالك ثم الرهيمة، ويصل إلى قصر بني مقاتل ويلتقي هناك بعبيد الله بن الحر الجعفي وهو من فرسان العرب ويدعوه الإمام الحسين إلى نصرته فلم يستجب لدعوة الإمام وعرض عليه أن يعطيه فرسه وهي من الجياد فيقول له الإمام: «اذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا بفرسك».

    وقد ندم هذا الرجل بعد مقتل الإمام الحسين على ما فعله بنفسه، وقد عبر عن ذلك بأبيات من الشعر منها.

    فيالك حسرة ما دمت حياً *** تردد بين صدري والتراقي

    حسين حين يطلب نصر مثلي *** على أهل العداوة والشقاق

    ويستمر الإمام في مسيره من قصر بني مقاتل والحر يسايره حتى يصل إلى أرض كربلاء ويصل الأمر إلى الحر وأصحابه بأن يحبس الحسين في المكان الذي هو فيه، وتكون أرض كربلاء نهاية مسير الإمام فقد أمر أصحابه بالنزول في هذه الأرض بعد أن سأل عن اسمها وعرف أنها الأرض التي وعده جده بها.

    لقد مثل خطاب الإمام الحسين في مرحلته الثانية جانباً من جوانب الاحتجاج عند الإمام الحسين على هؤلاء القوم وتضمن إشارات واضحة إلى تذكير القوم بما عقدوه من عهود في كتبهم التي أرسلوها إليه ودعوه فيها إلى القدوم إلى بلدهم.

    الكاتب / الدكتور عبد المحسن كاظم الياسري.

  4. #44
    من أهل الدار
    علي البصري
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: البصرة:- مَدًيُنٍةِ نْهَرً اُلِتٍمْيَزً
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 925 المواضيع: 27
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 231
    المهنة: موظف
    موبايلي: IPhone 5s
    آخر نشاط: 19/September/2017
    جزاكي الله خير
    طرح مميز
    لروحك نسأم الايمان
    بانتظار جديدك

  5. #45
    ....
    sajaya ruh
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ali ALBASRY مشاهدة المشاركة
    جزاكي الله خير
    طرح مميز
    لروحك نسأم الايمان
    بانتظار جديدك
    وجزاك الله أخي
    دمت برعاية الله وحفظه
    شكرا لحضورك

  6. #46
    ....
    sajaya ruh

    ثمرة ممارسة الشعائر الحسينية




    إن العلة الرئيسية التي لأجلها كانت الشعائر الحسينية هي الممارسة الإعلامية الواضحة والمشيرة إلى الحق المسلوب ، وإن جميع الغايات والأهداف الأخرى تتفرع منها.

    ويمكن اجمال تلك الأهداف بالنقاط التالية :

    1- نشر تاريخ وعلوم أهل البيت (عليهم السلام) وبيان فضلهم ، ولا يخفى عظيم الحاجة إلى ذلك لما تعرض له هـذا التاريخ من تشويه ودس لاسيما في العصرين الأموي والعباسي ، وما عملته وتعمله الأقلام المأجورة والضالة إلى يومنا.

    2- خلق الترابط العاطفي مع أهل بيت العصمة (عليهم السلام) والذي هو نص صريح في القرآن الحكيم (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى)(1).

    3- تربية وتوعية الجيل الجديد ، وبناء أساس فطري عقائدي متين يستند إليه.

    ونستطيع تلمس الحاجة إلى ذلك من خلال مناهج الدراسة في المدارس الأكاديمية و وسائل الإعلام المرئية على وجه التحديد التي تفتقر إلى ذكر أهل البيت (عليهم السلام) وما تخلفه من تأثيرات أساسية في التشكيل العقائدي للجيل الصاعد ، ومن هذه النقطة ندرك مدى الحاجة للتمسك الشديد بهذه الشعائر وتوجيه أجيال المستقبل نحوها.

    4- تربية النفوس وإعدادها لنصرة إمام العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه) من خلال ترسيخ القيم والمبادئ السامية مثل التضحية والمواساة ونصرة الحق وغيرها ، والتحقير والتنفير للصفات المذمومة مثل الطمع والظلم وقسوة القلب وغيرها(2).

    5- مخاطبة البشر كافة ،وبغض النظر عن الاختلاف والتباين الثقافي بينهم.

    ومن المعلوم أن الأمة الإسلامية على سبيل المثال تضم العديد من القوميات والأعراق والجنسيات التي هي بدورها تختلف من حيث الموروث الحضاري والثقافي ، ومخاطبتهم بالإعلام المكتوب لا تتيسر للجميع حتى في عصر العولمة ، أما الشعائر فإنها أشبه ما تكون في خطابها إلى اللوحة الفنية التي يستطيع الجميع أن يدرك مدى روعتها و جمال تعبيراتها وإن كان هذا الإدراك يختلف بالدرجة وفقاً للوعي الثقافي.

    6- خلق عامل وحدوي من خلال المشاركة الجماهيرية في المواساة لأهل البيت (عليهم السلام).

    ولعل هذا العامل من أهم العوامل المستبطنة في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) التي تحث على المواساة والحزن في مصابهم ، فمن المعلوم في علم النفس أن الإنسان عندما يكون في حالة الحزن ، يصبح تأثره العاطفي سريعاً فيكون على سبيل المثال سريع الرضا والحب والانفعال ، وكذلك إن وجود شخص آخر يشاركه المصاب معه يؤدي مع ما ذكرناه إلى زيادة الألفة والمحبة والتودد بين المشاركين في الشعائر الحسينية وتقوية أنفسهم على تحمل أعباء الحياة ، وهذا ما يخلق جو الوحدة بين المشاركين ، الوحدة في المصاب والوحدة في الهدف والوحدة في التسابق لتحصيل الأجر والثواب في المواساة(3) .

    ومن هنا كانت هذه الشعائر تمثل أحد الأعمدة التي يقوم عليها المذهب جنباً إلى جنب مع المرجعية التي تمثل الإدارة والعقل الموجه في حين أن الشعائر تمثل العنصر الجامع والموحد بين أبناء المذهب على اختلاف جنسياتهم وقومياتهم .

    وعليه ندرك أن المحارب لهذه الشعائر لا يخلو من أحد أمرين :

    إما جاهل مغرور أو طامع معادي يهدف إلى تمزيق وحدة أبناء المذهب ، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك(4) .

    اللطم :

    وهو من أقدم الشعائر التي مارستها الشيعة لإظهار حالة التفجّع والحزن لمصيبة سيد الشهداء الحسين ومصائب الأئمة المعصومين (عليهم السلام).

    إذ يجتمع حشد من الموالين في مكان مقدس كالمسجد أو الحسينية أو بعض الأوقاف فيجردون نصف أبدانهم ويبدأون بلطم الصدور ولطم الخدود وضرب الرؤوس بأساليب منسقة حزينة. ولتنسيق الضربات التي ينهالون بها على صدورهم يصعد شاعر أو حافظ للشعر وينشد قصائد منظمة بأسلوب خاص تذكّر اللاطمين بمصائب أهل البيت (عليهم السلام) وتحافظ نبراتها على وحدة الضرب وهم يتجاوبون مع الراثي في ترديد بعض الأبيات الشعرية(5).

    والضرب باليد يكون على الجانب الأيسر من الصدر أي فوق منطقة القلب ، واللطم هو أحد أهم وسائل إظهار الجزع على المعصومين (عليهم السلام) وأكثرها انتشاراً ، ولتوضيح ذلك يجب علينا أن نعرف إن من طبيعة الجسم البشري انه عندما يتعرض إلى الألم المعنوي –الظلم تحديداً- يفرز هرمونات تعمل على زيادة الطاقة لديه ليكون مستعداً للدفاع عن نفسه ، واللطم هو إحدى الوسائل للتنفيس عن هذه الطاقة والتي بدورها تشير إلى أن هناك ظلماً واقعاً وحقاً مسلوباً وأن الذين يلطمون ، يشيرون من خلال اللطم إلى ذلك الظلم والحق.

    وجعل ليكون جزءاً مهما من الشعائر الحسينية كونه يمثل مواساة للزهراء (عليها السلام) ، كما أن فيه إشارة إلى أن أهم ما ينبض بالحياة -القلب- ليرخص ويحزن لما جرى على آل محمد (عليهم السلام) ، وأن مصدر الحياة هذا أضربه بنفسي دون خوف أو وجل دلالة على عظيم المصاب -أي عظيم الحق المسلوب والظلم الواقع- ومن الأدلة على ذلك ما يشير إليه علم الأدلة الجنائية ، أن المجني عليه إذا كان مضروباً في قلبه أو في منطقة قريبة عليه ، يعرف أن الجاني كان ينوي قتل المجني عليه ، بخلاف ما لو كانت الاصابة في البطن أو الأطراف .

    كما وأن التركيبة الجماعية في اللطم تشير إلى الوحدة والاشتراك في الإشارة إلى الحق والمطالبة به ، هذا هو الجانب الفلسفي للطم بأبسط صورة ممكنة أستطيع أن أقدمها لك أخي القارئ.

    الزنجيل (ضرب السلاسل):

    موكب يتكون بتجمع عدد غفير من الناس في مركز معين يقيمون فيه مأتماً على الإمام الحسين (عليه السلام) ثم يجردون ظهورهم -بلبس خاص من القماش الأسود الذي فصّل خصيصاً لهذا الغرض- ويقبضون بأيديهم مقابض حزمة من السلاسل الرقيقة فيضربون أكتافهم بها بأسلوب رتيب ينظمه قرع الطبول والصنوج بطور حربي عنيف وينطلقون من مركز تجمعهم ويسيرون عبر الشوارع إلى مكان مقدس ينفضون فيه وهم يهزجون في كل ذلك بأناشيد حزينة أو يهتفون : (مظلوم .. حسين شهيد عطشان .. ياحسين)(6).

    والناظر لهذا الموكب يستشعر مدى قوة التحمل لدى الضاربين وصبرهم.

    والتحليل الفلسفي لهذا الموكب هو أن الزنجيل في كل البلدان الحضارية ، يشير إلى الظلم والاضطهاد ويستطيع أي شخص أن يتلمس ذلك واضحاً وجلياً في معارض كبار الرسامين وفي الأطروحات الأدبية قديماً وحديثاً ، فعندما يضرب به على الظهر يراد الإشارة إلى أن الظلم والاضطهاد الذي جرى على أهل البيت (عليهم السلام) وعلى شيعتهم لن يحيدنا عن خطهم وعن طريقهم ، وأن اضطهادكم أيها الظالمون نجعله وراء ظـهورنا ولا قيمة لـه ، ولذا كان الضرب بالزنجيل على الظهور وليس على الصدور ، كما أنه يبعث بالرسالة الآتية :( أيها الظالمون إن كنتم تظنون أنكم تخيفوننا بالظلم والجور وكافة أنواع الاضطهاد ، فها نحن نضرب أنفسنا لكي نريكم أننا على استعداد لتحمل ظلمكم واضطهادكم لنا في سبيل البقاء على العهد مع أهل البيت (عليهم السلام)).

    هذه هي الحكمة التي تستطيع أن تستشعرها بوضوح أيها الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) ، كما يستطيع ذلك المعادي لهم .

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ

    (1) الشورى : 23.

    (2) عن الامام الباقر (عليه السلام) قال : يا علقمة واندبوا الحسين (عليه السلام) وابكوه وليأمر أحدكم من في داره بالبكاء عليه وليقم عليه في داره المصيبة بإظهار الجزع والبكاء وتلاقوا يومئذ بالبكاء بعضكم إلى بعض في البيوت وحيث تلاقيتم وليعزِّ بعضكم بعضاً بمصاب الحسين (عليه السلام) قلت : اصلحك الله كيف يعزَّي بعضنا بعضاً قال تقولون أحسن الله أجورنا بمصابنا بأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وجعلنا من الطالبين بثأره مع الإمام المهدي إلى الحق من آل محمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين وإن استطاع أحدكم أن لا يمضي يومه في حاجة فافعلوا فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن وإن قضيت لم يبارك فيها ولم يرشد ولا يدّخرن أحدكم لمنزله في ذلك اليوم شيئاً فإنه من فعل ذلك لم يبارك فيه ، قال الباقر (عليه السلام) : أنا ضامن لمن فعل ذلك له عند الله عز وجل ما تقدم به الذكر من عظيم الثواب وحشره الله في جملة المستشهدين مع الحسين (عليه السلام) . مستدرك الوسائل 10/316-317 .

    (3) عن ابن خارجة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال : كنا عنده فذكرنا الحسين بن علي (عليه السلام) وعلى قاتله لعنة الله فبكى أبو عبد الله (عليه السلام) وبكينا قال : ثم رفع رأسه فقال : قال الحسين بن علي (عليه السلام) : أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى . مستدرك الوسائل 10/311 .

    (4) شرح نهج البلاغة 20/284 .

    (5) قاموس الشعائر الحسينية لمؤلفه حيدر السلامي .

    (6) المصدر السابق .

  7. #47
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 544 المواضيع: 39
    التقييم: 732
    آخر نشاط: 10/December/2018
    اللهم صل على محمد وعلى ال محمد الطيبين الطاهرين
    السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
    بارك الله بكِ أختي الغالية ووفقكِ لكل خير
    موسوعة قيمة لمن يروم النهل
    استمري فما تنشريه هنا تجديه هناك يوم ينادي منادي الحق الا لعنة الله على الظالمين لآل محمد
    بوركتِ
    تقييمي

  8. #48
    ....
    sajaya ruh
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأميـر مشاهدة المشاركة
    اللهم صل على محمد وعلى ال محمد الطيبين الطاهرين
    السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
    بارك الله بكِ أختي الغالية ووفقكِ لكل خير
    موسوعة قيمة لمن يروم النهل
    استمري فما تنشريه هنا تجديه هناك يوم ينادي منادي الحق الا لعنة الله على الظالمين لآل محمد
    بوركتِ
    تقييمي
    أن شاء الله التوفيق للجميع
    أسأل الله لنا ولكم الفوز بشفاعة محمد وال محمد
    دمت بخير أخي ألأمير
    شكرا لحضورك والتقييم
    تحياتي

  9. #49
    ....
    sajaya ruh

    كيف كان أهل البيت (عليهم السلام) يستقبلون شهر محرم الحرام



    ان مصيبة الحسين (عليه السلام) وابنائه الكرام قد بلغت عنان السماء وبكت لها السموات والارض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء واقامت الملائكة فوق سبع الطباق مأتما ونصبت من اجلها مياه البحار والانهار وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار كيف لا وقد اصبح لحم رسول الله اشلاء على التراب وأعضاؤه مفصلة بسيوف اهل البغي فلا قرت العيون بعد ذلك المصاب ولا التدت النفوس بلديد الطعام والشراب واعلم ان الشهر شهر حزن اهل البيت وشيعتهم .

    وعن الامام الرضا (عليه السلام) قال : كان الكاظم (عليه السلام) اذا دخل شهر المحرم لم يرى ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) .

    وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه اذا هل هلال عاشور اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (عليه السلام) والناس يأتون اليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين ويبكون وينوحون على مصاب الحسين فإذا فرغوا من البكاء يقول لهم : ايها الناس اعلموا ان الحسين حي عند ربه يرزق من حيث يشاء وهو (عليه السلام) دائما ينظر الى مكان مصرعه ومن حل فيه من الشهداء وينظر الى زواره والباكين عليه والمقيمين العزاء عليه وهو اعرف بهم وبأسمائهم واسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة وانه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له ويسأل جده واباه وامه واخاه ان يستغفروا للباكين عليه والمقيمين عزاه ويقول لو يعلم زائري والباكي علي لانقلب الى اهله مسرورا وما يقوم من مجلسه الا وما عليه ذنب وصار كيوم ولدته امه.

    وعنه (عليه السلام) قال : لما قتل الحسين (عليه السلام) بكت عليه السموات السبع ومن فيهن من الجن والانس والوحوش والدواب والاشجار والاطيار ومن في الجنة والنار وما لا يرى كل ذلك يبكون على الحسين ويحزنون لاجله الا ثلاث طوائف من الناس فأنها لم تبكي عليه ابدا فقيل فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسين (عليه السلام) فقال هم : اهل دمشق واهل البصرة وبنو امية .

    فما عذر من هلّ عليه شهر عاشور وتغافل عن هذه المصيبة التي ابكت كل عين ؟؟

    وعن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال : اذا هلّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين (عليه السلام) وهو مخضب بالدماء فنراه نحن ومن احبنا نراه بالبصيرة لا بالبصر أي يعيش في مشاعرنا فتحزن لذلك نفوسنا وعندما يأتي هذا الشهر تأتي معه هذه الذكريات الاليمة تأتي معه صور من واقعة الطف وتعود الى الذهن صور مما جرى في واقعة الطف فيكثر الحزن والالم اذا هل على اهل البيت هذا الشهر يعقدوا له المأتم فلقد كان الامام الصادق (عليه السلام) يجتمع مع شيعته وخاصته ويعقد المأتم ويستدعي بعض الشعراء ويكلفهم ان ينظموا في واقعة الطف القصائد الحزينة ويجلس نساؤه من وراء الستر ويروي المؤرخين لما دخل دعبل الخزاعي على الامام الرضا (عليه السلام) وأنشأ قصيدته بينما هو ينشد الشعر على الحسين (عليه السلام) واذا بجارية من وراء الستر وقد خرجت فاندهش الجالسين لانهم لم يعتادوا ذلك من جواري الامام ان يخرجوا امام الناس خرجت تحمل على يديها شيء ودنت من الامام واذا بها تحمل رضيعا على يديها ووضعته بين يدي الامام لما نظر اليه الامام علا نحيبه لانها ارادت ان تصور له صورة ومشهد من صور الطف وتقرب الى ذهنه شيء مما وقع في كربلاء وهو ذبح الاطفال هذا الطفل اهاج وجد الامام فانتحب انتحابا عاليا وجرت دموعه على خديه وتذكر كلما جرى في هذا الشهر من المصائب .

    لقد كان هذا الشهر اذا هل هلاله على بني هاشم من بعد واقعة الطف تتحول بيوتهم الى حزن ولوعة . وقيل بالاخص اذا مر هذا الشهر على الوديعة زينب (عليه السلام) فهي التي شاهدت ما جرى فيه من المصائب والمحن اذا مر عليها هذا الشهر تجول بديار بني هاشم من دار الى دار.

    وروي عن الريان ابن شبيب: قال دخلت على الامام الرضا (عليه السلام) في اول يوم من المحرم فقال لي يابن شبيب اصائم انت ؟ فقلت ان هذا اليوم هو الذي دعا زكريا ربه فقال ربي هب من لدنك درية طيبة انك سميع الدعاء فاستجاب الله تعالى وامر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب ان الله يبشرك بيحي ، يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا رحله فلا غفر الله لهم ذلك ، يا بن شبيب ان كنت باكيا لشيئ فابكِ الحسين ابن علي ابن ابي طالب (عليه السلام) فأنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الارض شبيه ولقد بكت السماء والارض لقتله ولقد نزل الى الارض من الملائكة اربعة آلاف لنصرته فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث غبر الى ان يقوم القائم (عليه السلام) فيكونون من انصاره وشعارهم يالثارات الحسين ..

    يا بن شبيب لقد حدثني ابي عن جده (عليه السلام) انه قال : لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) امطرت السماء دما وترابا احمر ، يا بن شبيب ان سرك ان تلقى الله ولا ذنب عليك فزر الحسين ، يا بن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (صلى الله عليه وآله) فالعن قاتله (عليه السلام) يا بن شبيب ان سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو ان رجلا احب حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

    فيجب علينا يا شيعة ان نواسي اهل البيت (عليه السلام) في هذا المصاب الذي اهتز العرش لأجله ونذكر ما جرى عليه ونذكر عطشه وعطش اطفاله وعطش ذلك الطفل الرضيع الذي ابو ان يسقوه الماء وقد كاد قلبه ان ينفطر من الظمأ .

  10. #50
    Um-Mhisin
    Um-Mhisin
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: في هذا العالم
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 9,331 المواضيع: 61
    التقييم: 3233
    مزاجي: سيء للغاية
    أكلتي المفضلة: ﻻيوجد
    موبايلي: -_-
    بارك الله بكِ اختي

صفحة 5 من 11 الأولىالأولى ... 34 567 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال