في حرب قذرة يستخدم "داعش" الإرهابي الإشاعات للإيهام بقربه من السيطرة على بغداد وإثارة الرعب في قلوب سكانها من خلال نشر مقاطع فيديو وصور على الانترنت لمعارك يخوضها بالقرب من العاصمة. لكن البغداديين لم يقفوا مكتوفي الأيدي وردوا على طريقتهم.
يشعر سكان بغداد بالقلق مع كل انتصار يحققه "داعش" في العراق، خاصة وأن هذا التنظيم يهدد كل مرة بإسقاط بغداد، مستعينا في ذلك بكوادر إعلامية محترفة لتمرير أخبار كاذبة هدفها إحباط سكان العاصمة. ويتوعد "داعش" بإسقاط بغداد منذ سيطرته على مدينة الموصل في 10 حزيران/ يونيو. لكنه لم ينجح في ذلك حتى الآن، واقتصر تقدمه على مناطق مجاورة لبغداد، فيما يقوم المئات من مؤيديه بنشر الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي للإيهام بقرب سيطرته على العاصمة.
ويقول منير عبد الرزاق، وهو طالب في كلية القانون بجامعة بغداد، لإذاعة المانية العالميةDWعربية إن "وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر ويوتيوب تسيطر على عناوينها ومضامينها قضية "داعش"، الذي غالبا ما ينشر مقاطع فيديو لإعدام العشرات من الجنود أو قطع رؤوسهم لإثبات قوته". وغالبية الشباب تجذبهم هذه المقاطع رغم مشاهدها القاسية، كما يقول منير، ويضيف قائلا: "هذه المقاطع تثير قلقنا، في بعض الأحيان نصدق الأخبار التي يعلنها "داعش" ونكذب أخبار وسائل الإعلام خصوصا الحكومية التي تنشر أخبار يومية عن مقتل المئات من داعش دون صور أو مقاطع فيديو".
أكثر الأخبار التي يتابعها البغداديون هذه الأيام تلك التي تتحدث عن قرب تنظيم "داعش" من أسوار بغداد.
ويقوم التنظيم بنشر مقاطع فيديو أو صور لعناصره قرب اللافتات الموضوعة على المباني الحكومية أو الشوارع التي تدل على الطرق لتأكيد بأن مقاتليه قد وصلوا إلى هذه المنطقة، الأمر الذي يضفي نوعا من المصداقية على إعلام "داعش" أكثر من الأخبار الحكومية، كما يقول الموظف في دائرة الضرائب كمال الجبوري الذي يسكن في حي "السيدية"، جنوبي بغداد.
ويقول كمال: "شاهدت مقاطع فيديو لعناصر من داعش وهم داخل مقر المباني الحكومية الرسمية في مناطق جرف الصخر والعطيفية وعامرية الفلوجة وجميعها تقع على حدود العاصمة، وهم يتوعدون باقتحام بغداد قريبا. لكن الحكومة تنفي ذلك رغم أننا نعلم أن هناك الآلاف من عناصر الجيش والمتطوعين الذين سيمنعون تقدم داعش نحو بغداد".
وتخوض "داعش" معارك مع القوات الأمنية وعناصر من المتطوعين مند أسابيع عند حدود بغداد الشمالية في مناطق "الطارمية" و"التاجي". أما في الغرب، فالقتال يدور في منطقة "عامرية الفلوجة"، فيما تجري الاشتباكات بجنوب العاصمة في مناطق "اليوسفية" و"اللطيفية" و"جرف الصخر".
ويقول الخبير الأمني في شؤون الفصائل المسلحة المتشددة هشام الهاشمي في حديث مع DW عربية إن "تنظيم "داعش" يعطي أهمية بالغة للإعلام، حتى أنه يمتلك مؤسسة إعلامية كاملة باسم "الفرقان" تضم عناصر سلفية متعاطفة مع التنظيم تتوفر على خبرات حرفية في المونتاج والإنتاج الفني والتصوير وتشغيل البرامج". ويضيف الهاشمي قائلا: "إعلام "داعش" ذكي ويحاول إثبات مصداقيته عبر توثيق الانتصارات التي يحققها من خلال مقاطع الفيديو والصور التي يتابعها البعض، الأمر الذي مكّنه من تمرير بعض الإشاعات والأخبار الكاذبة حول اقترابه من إسقاط بغداد رغم عدم واقعية ذلك".
تنظيم "داعش" يستخدم وسائل التواصل الحديثة لنشر أفكاره المتطرفة ونشر الإشاعات وبث الرعب في قلوب الناس...
ومن السيناريوهات التي ينشرها "داعش" وأنصاره عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن خطته لإسقاط بغداد أن مقاتليه سيقتحمون بغداد من جانب الكرخ من العاصمة والتي تضم مناطق ذات غالبية سنية أبرزها (الدورة والسيدية والعدل والغزالية والعامرية). كما أن الكرخ تجاور محافظة الأنبار المضطربة أمنيا منذ عشرة أشهر بعد فض قوات الجيش للاعتصام الذي كان ينظمه سكان المحافظة احتجاجا على سياسات الحكومة.
في المقابل، فإن هناك من يتهم الإعلام الحكومي بالفشل في مجاراة الحرب الإعلامية النفسية لـ"داعش"، الأمر الذي يساعد على نجاح حملتها الإعلامية، كما يقول الهاشمي، مشيرا إلى أن هناك العديد من القنوات الفضائية والصحف والإذاعات الحكومية بحاجة إلى المهنية والحرفية لمواجهة التنظيم.
من جهته، يسجل الصحافي خالد محسن نفس الانتقادات، ويقول لـDWعربية إن "الإعلام الحكومي هو الوحيد الذي يمتلك علاقات ممتازة مع الوزارات الأمنية. ورغم ذلك لا تقوم باستخدام مهنة المراسل الحربي الذي يرافق القوات الأمنية بشكل جيد، لمواجهة إعلام داعش من خلال توثيق نجاحات القوات الأمنية".
حملة "#بغداد_بخير"
وأمام هذه الحملة الإعلامية وكثرة الإشاعات التي يبثها "داعش" وتثير هواجس البغداديين، أطلق شباب العاصمة وناشطون مدنيون قبل أيام حملة لمواجهة هذا التنظيم المتطرف تجسدت في هاشتاك "#بغداد بخير" على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على الشائعات.
وسرعان ما أنشئت صفحات على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" حملت الاسم نفسه "بغداد بخير". أما عن دور أعضائها، فتضمنت تصوير مقاطع فيديو بواسطة هواتفهم الشخصية أثناء التجوال في بغداد لتأكيد بأن بغداد بخير وليس هناك داعي للقلق.
ويعتقد فارس الخفاجي، أحد منظمي الحملة، بأن الإعلام الحكومي والمسؤولين في الحكومة لم يبعثوا برسائل تطمين كافية إلى السكان القلقين والذين تروادهم مخاوف من سقوط بغداد في أيدي "داعش". ويضيف خلال حديثه مع DW عربية "لهذا قررنا تنظيم الحملة. والمفارقة أنها أصبحت أرشيفا جميلا لمناطق بغداد من خلال توثيقها بمقاطع الفيديو والصور".
و في وقت سابق من الشهر حذّر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي, من الانجرار وراء الإشاعات والحرب النفسية التي يقوم بها تنظيم "داعش"، في سبيل تحجيم إنتصارات الجيش العراقي ضد معاقل التنظيم.
وأعلن مكتب العبادي، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، عن اتخاذ قرارت عدة، تهدف إلى مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي منها مواجهة الحرب النفسية التي يشنها التنظيم, وفق ماذكر بيان لمكتب العبادي.
وطالب العبادي القادة السياسيين، بالنزول إلى الشارع والاختلاط مع الجماهير، من أجل رفع الروح المعنوية للقوات الأمنية في المعارك التي تخوضها ضد تنظيم داعش المتشدد.
وقال مكتب العبادي : إن " الانتصار على تنظيم داعش، مهمة وطنية لكل العراقيين".
ويحذر مختصون بالشأن الأمني العراقي, من خطورة الحرب النفسية التي يمارسها تنظيم "الدولة الإسلامية" لترهيب المواطنين العراقيين وعناصر الأمن, ومنها الترويج لانتصارات كبرى وهمية لعناصر التنظيم وتضخيم قوته وقوة أسلحته
http://www.alrafidayn.com/arabic/ind...11-01-10-57-31