في هذا البحث العلمي نستعرض آخر الدراسات العلمية 2014 حول "إعصار النار" Fire Tornado ، وكيف جاء الوصف القرآني مطابقاً للحقيقة العلمية....
ملخص البحث
في هذا البحث العلمي نتأمل الاكتشاف الجديد الذي أسماه العلماء "إعصار النار" Fire Tornado ، وكيف جاء الوصف القرآني مطابقاً للحقيقة العلمية، وأن العلماء يعترفون بأن هذا النوع من الأعاصير لم يكن معروفاً حتى قبل سنوات قليلة. ولكن في القرن الحادي والعشرين وتحديداً في أواخر عام 2013 تمكّن العلماء باستخدام الأقمار الاصطناعية والرادار ومختبرات الأبحاث المحمولة على المناطيد، من تصوير وتحليل ودراسة هذا النوع من الأعاصير نادرة الحدوث، وتبين بالفعل أن التعبير القرآني "إعصار فيه نار" أكثر دقة من المصطلح العلمي "إعصار النار" Fire Tornado .
سوف نتناول تركيب إعصار النار من الناحية الفيزيائية كما كشفه العلماء حديثاً لنثبت دقة التعبير القرآني حيث عبر القرآن عن هذا الإعصار بقوله تعالى: (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) ولم يقل مثلاً إعصار له نار، أو إعصار من النار... أي أن التعبير القرآني يتفق مع الحقيقة العلمية.
كما يتناول البحث حقيقة علمية عرضت للمرة الأولى في أواخر عام 2013 حيث صرح العلماء بأن هذا النوع من الأعاصير لم يكن معروفاً من قبل وأول توثيق علمي له كان عام 2003 ولم تتضح الرؤيا أمام العلماء إلا في عام 2013 حيث استخدم العلماء التكنولوجيا الحديثة لدراسة هذه الظاهرة المرعبة ... وهذا البحث يثبت بالدليل العلمي أن أول إشارة علمية لظاهرة إعصار النار جاءت في القرن السابع الميلادي في كتاب الله تبارك وتعالى، أي قبل 14 قرناً من توثيق العلماء لهذا الإعصار... وهذا يثبت السبق العلمي للقرآن الكريم في هذا المجال.
مقدمة
منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا أبحث عن إعصار النار الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ولكن من دون فائدة، لأن جميع الأبحاث العلمية لم تتحدث عنه ولم يشاهده أحد من قبل. فالإعصار غالباً ما يحدث في بيئة باردة نسبياً ويترافق مع العواصف الرعدية والأمطار والرياح الشديدة ولا مكان في هذه البيئة للنار.
ولكن قبل ثلاث سنوات وتحديداً في عام 2010 رأى العالم إعصاراً من نوع غريب يضرب غابات البرازيل، ولكن لم يكن المشهد ملفتاً للانتباه كثيراً حتى جاء إعصار أستراليا عام 2012 ليحرق إحدى الغابات ويسبب خسائر بملايين الدولارات، حيث تم تصويره وتحليله ودراسته من قبل العلماء وأظهر شريط الفيديو قوة الإعصار الحارقة حيث التهم مساحات كبيرة من الأشجار خلال زمن قصير جداً.
لقد لفت هذا النوع من انتباه العلماء حديثاً بسبب قوته التدميرية، وتكرار حدوثه في العديد من مناطق الغابات في أستراليا وأمريكا، ولذلك قام العلماء حديثاً بدراسة تحليلية دقيقة لمعرفة أسباب هذه الأعاصير لتجنب حدوثها... والعجيب أن نتائج هذه الدراسة جاءت مطابقة للنص القرآني.
سوف نقوم من خلال فقرات هذا البحث بدراسة قوله تعالى : (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) دراسة علمية دقيقة ونكتشف الكثير من المعجزات تتجلى في كل كلمة لتشهد على صدق هذا القرآن، وأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بمثل هذا النوع من الأعاصير في زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
تؤكد الدراسات العلمية أن أشد أنواع الأعاصير إحراقاً للغابات وأسرعها وأعنفها هو إعصار النار Fire Tornado والمثال الذي ضربه الله لنا في سورة البقرة، يناسبه هذا النوع من الأعاصير ليدلنا على سرعة وشدة احتراق الجنة (البستان) وأن إعصار النار هو الإعصار الوحيد الذي يحرق كل شيء فلا يترك من البستان أي شيء يذكر، على عكس بقية الأعاصير التي تحدث أضراراً وإتلافاً للغابات أقل مما يحدثه إعصار النار.
وبالنتيجة يتبين أن هذه الآية الكريمة تحتوي العديد من المعجزات العلمية سوف نتناولها بالتفصيل مع أقوال العلماء حديثاً، ووجه الإعجاز والسبق القرآني في مجال علم الأعاصير، وهذه المعجزة تأتي اليوم لتشهد على صدق كتاب الله تبارك وتعالى.
في رحاب تفسير الآية
قال تعالى: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 266]. يقول الإمام ابن كثير: قال تعالى : (وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار) وهو الريح الشديد (فيه نار فاحترقت) أي: أحرق ثمارها وأباد أشجارها، فأي حال يكون حاله.
وفي تفسير القرطبي نجد قوله: فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت قال الحسن : إعصار فيه نار ريح فيها برد شديد! الزجاج : الإعصار في اللغة الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يقال لها: الزوبعة.
وقيل لها إعصار لأنها تلتف كالثوب إذا عصر.
وفي تفسير الطبري: (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت)، يعني بذلك أنّ جنته تلك أحرقتها الريح التي فيها النار، في حال حاجته إليها, وضرورته إلى ثمرتها بكبره، وضعفه عن عمارتها, وفي حال صغر ولده وعجزه عن إحيائها والقيام عليها. فبقي لا شيء له، أحوج ما كان إلى جنته وثمارها، بالآفة التي أصابتها من الإعصار الذي فيه النار. وعن ابن عباس في قوله: (إعصار فيه نار)، ريح فيها سموم شديدة.
ونلاحظ لدى تأملنا في أقوال المفسرين القدامى أنهم تناولوا معنى الإعصار على أنه ريح تلتف وترتفع للأعلى، فهذه هي المعلومات التي كانت متوافرة حتى عهد قريب. وهناك محاولات عديدة ظهرت حديثاً لتفسير الآية الكريمة بشكل علمي [1] ولكن لم تتضح الرؤيا إلا عام 2013 حيث تمكن العلماء من دراسة وتصوير هذه الأعاصير باستخدام الأقمار الاصطناعية وأجهزة الرصد والمراقبة المتطورة.
صورة بيانية رائعة
تأملوا معي هذه الصورة البيانية الرائعة المكتملة الأركان التي وضعها الله في آية واحدة:
الجنة من أفضل أنواع البساتين حيث تحوي الأشجار المثمرة والأنهار تتدفق فيها والينابيع من تحتها، فهذه صورة كاملة لمزرعة تحوي كل شيء يحتاجه الإنسان حتى يعيش حياة الرفاهية. وضرب الله لنا المثل برجل كبير السن (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ) فليس لديه أمل في أن يعيش ليزرع جنة أخرى فهي تحتاج لسنوات. وبنفس الوقت الأطفال صغار: (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ) فليس لديهم القوة الكافية لإنشاء بستان جديد كما فعل أباهم من قبل خلال فترة شبابه.
والحدث الذي فاجأ الأب هو "إعصار فيه نار" فهو إعصار غير مألوف وغير متوقع، أحرق كل شيء، فلم يعد هناك أي أمل في المستقبل، سوى الخوف على الأطفال الصغار. وهنا تمتزج عاطفة الأبوة مع ألم فقدان الجنة فتشكل لنا حالة نفسية فريدة.
لذلك أعطانا القرآن صورة مرعبة لهذه الخاتمة لكي نسارع وننفق في سبيل الله، وهذا الأسلوب النفسي مؤثر جداً حيث يقول علماء النفس اليوم: إن عرض الصور المخيفة والنتائج المرعبة لشيء ما يحرض في نفس الإنسان مؤثرات تجعله يبتعد عن هذا العمل. وهذه الآية تصور لنا النتيجة المرعبة للبخل وعدم التصدق والإنفاق..
ولكن هذه الصورة البيانية الرائعة تخفي وراءها صورة علمية مبهرة لم يراها العلماء إلا حديثاً جداً، فقد رأى العلماء إعصار النار وصوروه ودرسوه دراسة دقيقة، وقد أظهرت نتائج الدراسة العلمية التطابق الكامل بين الوصف القرآني وبين الحقيقة العلمية.
ما هو الإعصار، وكيف يتشكل؟
درس العلماء ظاهرة الأعاصير لفترة طويلة واستخدموا حديثاً الأقمار الاصطناعية وأجهزة قياس متطورة لقياس سرعة الرياح وتوزع درجات الحرارة عبر الغلاف الجوي ونسبة الرطوبة والضغط الجوي وارتفاع الغيوم... وحتى الآن لا يزال العلماء عاجزون عن التنبؤ بحدوث الأعاصير ولا يمكن تجنب أضرارها التدميرية [المرجع رقم 1].
هذه الصورة مصغره ... نقره على هذا الشريط لعرض الصوره بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 640x415 .
صورة رقم (1) إعصار عادي يتشكل نتيجة حدوث عاصفة رعدية ورياح شديدة حيث تلتف الرياح على شكل دوامات هوائية عنيفة تدور حركة أفقية وعمودية للأعلى، وتسبب اقتلاع أسقف البيوت الخشبية والأشجار وتدمر المنازل وتتلف المحاصيل الزراعية.
يقول العلماء إن الإعصار يتشكل بسبب عاصفة رعدية كبيرة تدعى Supercell بحيث يصعد الهواء الدافئ للأعلى بشدة ويشكل دوامة ويلتف بسبب سرعة الرياح التي يجب أن تكون أكثر من 119 كيلومتر في الساعة وبسبب الحركة المضطربة للرياح. ويتشكل الإعصار على مراحل متعددة. وهناك خمس مجالات للعواصف حسب سرعة الرياح:
1- سرعة الرياح 119-153 كم / ساعة
2- سرعة الرياح 154-177 كم / ساعة
3- سرعة الرياح 178-209 كم / ساعة
4- سرعة الرياح 210-249 كم / ساعة
5- سرعة الرياح أكثر من 259 كم / ساعة.. وذلك حسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا [9]. حيث يؤكد العلماء أنهم لا يعرفون بالضبط لماذا أو كيف يتكون الإعصار! ولكنهم يعلموا بأن الرياح الدافئة تأتي من المحيطات والبحار الدافئة وتندفع باتجاه اليابسة وبسبب اختلاف درجات الحرارة تنشأ الدوامات التي تتطور وتشكل إعصاراً يمكن أن يترافق مع الأمطار أحياناً [2].