حققت المرأة انجازات عظيمة في مختلف أنحاء العالم خلال القرن الماضي. ولكن على الرغم من تقدمها خطوات كبيرة إلى الأمام في تأمين حقوقها السياسية والثقافية والاجتماعية، مازالت المرأة تواجه تحديات كبيرة، في مختلف بقاع العالم، مقارنة بنظرائها من الرجال.
ولكن على الجانب الآخر ارتفع عدد النساء اللواتي يحصلن على التعليم العالي، ومع ارتفاع درجة تأهيل المرأة، زادت ايضا فرصها في الحصول على فرص عمل افضل، واصبحت كثير من الأسر اكثر قدرة على توفير مستقبل اكثر اشراقا لبناتهن.
في هذا الإطار قامت شبكة بي بي سي البريطانية بالتفاتة خاصة نحو النساء اللواتي أحدثن فرقاً في مجتمعاتهن وأظهرن صلابة وقوة وشجاعة في مواجهة الظروف القاسية وتضم لائحة الـ بي بي سي ناشطات حقوقية واجتماعية وسياسية بالإضافة إلى مبتكرات وفنانات ومؤسسات جمعيات.
أم أحمد العراقية هي إحدى أولئك النساء المئة وهي نموذج عن شريحة كبيرة من النساء العراقيات اللواتي يطلق عليهن اسم الجيش الأسود. في ظل العنف المذهبي الذي يضرب في العراق بدون سابق إنذار، وجدت أم أحمد نفسها المعيل الوحيد لعائلتها التي تعيش في فقر مدقع بعد أن خطف كل من ابنها وزوجها وأخويَه ولم يعودوا قط.
اختفت عائلتها بين ليلة وضحاها فأصبحت المعيل الوحيد لما تبقى من هذه الأسرة المسكورة في ظل غياب تام لأي معونة أو مساعدة حكومية.
لم تكن هذه المرأة العراقية الجبارة مضطرة للخروج الى العمل في الحقل لكن تغيّرت حياتها بعد أن داهم مسلحو تنظيم القاعدة منزلها الواقع في إحدى قرى بغداد عام 2006 ليأخذوا منها أفراد أسرتها .
اختفى كل أثر للرجال الأربعة منذ ذلك الحين لتتولى أم أحمد مسؤولية أولادها، أولاد أختها وحتى شقيقة زوجها . ولم يبق لهذه الاسرة سوى الذكريات المؤلمة والكدح المتواصل وراء لقمة العيش.
وعن قدرة هذه المرأة الستينية على التكيف مع هذا الواقع الجديد الذي أثقل كاهلها بالأعباء، تقول أم أحمد : "راح أبوهم وأخوهم وما عشنا عيشة مثل الناس، نطلع للفلاحة والحشيش وها هيّه."
من جهتها تشعر نضال، أخت أم أحمد، بالامتنان الكبير لها لكن ضيق ذات اليد دفعها لاخراج ابنتها الكبرى من المدرسة وهي في التاسعة من عمرها. ولم تكن نضال بالمنزل أيضاً عندما أغار عليه مسلحو القاعدة ، لكنها تتذكر اللحظة التي علمت فيها أن زوجها ذهب من غير رجعة.
أما أم أحمد فتتلقى أحيانا مساعدات من الاقارب وتدرك دائماً ان الايام الهنيئة التي نعمت فيها بالراحة قبل أن تشتّت القاعدة شمل أسرتها ربما ولّت الى الابد.
السومرية نيوز