للشاعر محمد البغدادي.(عيناك عاشوريتان)
عَينَاكَ تَعتَصِرانِ كُلَّ كِيانِي
وَتُحوِّلانِ دَمِي لِشَيءٍ ثانِ
عينَاكَ تَختَصرانِنِي في دَمعَة
ٍعَقَدَتْ على اسمِكَ يا حُسَينُ لِسَاني
في غُرفَتي.. في دارِ أهلِي..
في زُقاقِ مَحلَّتِي.. في وَقتِ كُلِّ أذانِ
مُوقاهُما.. جَفناهُمَا.. مَا فيهِما
من لَوعَةٍ.. ملَّكتُهُنَّ عِنَاني
أنا منْهما جُرحٌ وَنَزفُ دِمائِهِ
وَهُما على آلامِهِ تَقِفَانِ
مَاذا أقُولُ وَألفُ عَامٍ بَينَنَا
حُشِيَتْ بِجَمرِ القَهرِ وَالأحزانِ
مَاضِيَّ وَهْوَ لَدُنْ هَواكَ قَصيدةٌ
مَعنَى أساها طالَمَا أبكانِي
مَاضِيَّ في عَينَيكَ يَملأُ خَاطري
وَيُحيلُ أركاني إلى بُركَانِ
مِن لَيلَةِ الطفِّ التي خضَّبتَها
حتَّى وصُولِ دَمي إلى شِرياني
عَينَاكَ تَنتَظِرانِ فَجرَ أمانِ
تَغرَورِقَانِ أسىً وَتأتلِقَانِ
عينَاكَ يا عَينَ النبيِّ على يَدي
في لُجَّةِ الأحلامِ تَتَّقِدانِ
يَا رأسكَ المحمُولَ فَوقَ رِماحِهِمْ
عن أيِّ شَيءٍ تَبحثُ العَينانِ؟
عَن أهلِ بَيتِكَ..؟ عن صِغارِكَ..؟ عن صِحابِكَ..؟
أم عنِ ال..؟ هلْ كانَتَا تَريَانِ..؟!
يَا نَظرةً بَينَ الدُّموعِ حَزينةً
فَقَأتْ عُيُونَ الكُفرِ بِالإيمانِ
أجَّجتَها وَعَلِمتَ أنَّ أوارَها
سَيكونُ عَمَّا فيكَ خَيرَ بَيَانِ
في لَحظةِ المَوتِ الأخيرَةِ والسيوف
تَخطُّ ما أمِرَتْ على القُربانِ
مَاذا أردتَ تَقُولُ حينَ رَأيتَهُم
وَفُلانُ يَدفَعُهُ جُحُودُ فُلانِ
وَحَرارةُ الدَّمِ إذْ يَفُورُ منَ الجروحِ
بِكلِّ قَسوَةِ ذلكَ الفَوَرانِ
وَبُرودَةُ السَّيفِ الكليلِ تَمُرُّ
فَوقَ مَريئِكَ المُتشنِّجِ العطشَانِ
اللهُ في عَينَيكَ كَانَ وَأنتَ
في عينَيهِ.. فَانظُرْ أينَ تَجتَمِعَانِ؟!
يَا كربَلاءَ الرَّانياتِ عُيونُهُمْ
لِلرَّملِ وَالدَّمِ كَيفَ يَمتَزِجَانِ
الأنبِيَاءُ جَميعُهُمْ ذُبِحُوا هُنَا
هذي دِماؤهُمُ على المَيدانِ
تَتحيَّرُ الكَلِمَاتُ كَيفَ أقولُها
فَتَمُرُّ في الأذهانِ كَالهَذَيانِ
وَكأنَّها لَيسَتْ شُعُوراً صَادقا
ًوَدُمُوعَ ذِي ألَمٍ وَوَقعَ أغاني
هذانِ فَيضُ دَمِي وَفَيضُ مَشاعِري
مِن صَخرَةِ الأوراقِ يَنبَجِسَانِ!
قَلبِي الذي فيها وَنبضُ أنينهِ
بِحُروفِ هذا الغَي تَحتَرِقَانِ
فَوقَ المنصَّةِ - لَو تَرَونَ - قصيدتي
شَعثاءَ تَبكي ضَيعَةَ الإنسَانِ
تَبكي وَيُحرِقُها سُكُوتُ عُيونِهِ
عنْها.. وَهذا الصَّوتُ خَيطُ دُخانِ
الله.. كَم عَانَتْ وَأزَّ أزيزُها
وَأنا كَما هِيَ في الحيَاةِ أعاني
سيَّانِ عندَ الفَاقِداتِ عُيُونُهم
نُوراً كَلامُ الله وَالشَّيطانِ
عينَايَ في صَدرِ المَدى تَلِجَانِ
تَثِبَانِ في غَضَبٍ وتلتَفِتَانِ
تَترقَّبَانِ لَعلَّ مَن لَم يَلحقُوا
تَنجُو عُيونُهُمُ منَ الطُّوفانِ
وَتُواصلانِ السَّعيَ نَحوَ مَداهُما
وَمَداهُما عَينَاكَ يَا مُتَفَاني
يَا مُرسلاً صوتي وَنَبضَ حَقيقَتي
يَا مالِئاً بِسنا الهُدى وجدَانِي
لَكَ تَسجُدُ الألفَاظُ وَهْيَ حواسِرٌ
وَعُيونُها نَحوَ السَّماءِ رَواني
حَاولتُ كُلَّ عَصيَّةٍ فَلَويتُها
وَكَسرتُها لَكنْ هَواكَ لواني
عَينَايَ في عَينَيكَ تُختَزلانِ
وَيَدايَ بَينَ يَدَيكَ تَرتَجِفَانِ