October 28, 2014
تعلّم فما خُلقت عالماً
فن الإلقاء،هل هو موهبة تختص بالمحظوظين،أم أنه تعلّمٌ وتمرين يتأتى لكل الناس بلا إستثناء؟ كلنا نريد أن نتميز بإلقاء جميل سواء أكنا ممثلين، مدرسّين، مذيعين، خطباء، ندماء مجلس، أو متحدثين مع أفراد أسرتنا. الإلقاء الجيد فن نتعلمه ونتمرن عليه وليس موهبة يختص بها المحظوظون كما قلت. فكل الأصوات صالحة للإلقاء وكل الوجوه تصلح للتمثيل.
هل سألت نفسك لماذا نشرد أحياناً ونحن نصغي إلى نشرة الأخبار، مع أن المذيع يقرأ الكلمات مضبوطة الحركات، وصوته جميل وشكله أيضاً؟ والجواب ذاك أن المذيع نفسه قد شرد تفكيره عن متابعة معنى ما يقرأ وهمّهُ في صحة النحو، والطريقة الروتينية التي أتقنها.
هل سألت نفسك لماذا يحب الناس (فلاناً) ويرتاحون للقائه ويكرمونه مع أنه ليس من الأدباء أو أصحاب المراكز الكبيرة؟
والجواب : لأن حديثه حلو. ولكي تصل إلى النجاح وترضى عن نفسك ويستحسن السامعون إلقاءك، إليك بعض الشروط:
ألا تقلد شخصاً أخر، ولتكن لك طريقتك الخاصة التي تميزك. كن طبيعيا .
أفهم معنى ما تقرأ؟
لا تبالغ بالإنفعال فالمفروض أن توصل مشاعرك للسامع فيتأثرهو لا أن تجعل السامع متفرجاً محايداً على مشاعرك أنت، أي لا تأخذك عواطف الحزن، ولاتضحك وأنت تروي النكتة، بل إجعل السامع يحزن أو يضحك.
تعلم السيطرة على نفسك كي تسيطر على مشاعر الآخرين.
أن تعرف متى تتوقف بين الجمل، وهل وقوفك إنتهاء للمعنى أم أن المعنى لا يزال موصولاً بما بعده.
أن تلفظ آخر حرف من الكلمة بدون الضغط المبالغ عليه.
أن تنظر في وجه سامعك ولا تشرد بعينيك في الفراغ.
وإذا كنت على المسرح فانظر إلى الجمهور حتى يظن كل واحد فيهم أنه موضوع اهتمامك .
في قراءة الشعر أو إلقائه ليس شرطاً أن تتوقف إجبارياً بعد الشطر الأول (الصدر) ثم تكمل الشطر الثاني (العجز) بل تتوقف قليلاً إذا كانت فيه عبارات يمكن التوقف بعدها. إنس الطريقة التقليدية ولا تتقيد بها حرفياً.
لا ترفع صوتك عالياً ثم تخفظه حتى يصير همساً غير مسموع، وإذا كان الشاعر مظفر النواب قد أجاد فكثير من الشعراء الذين قلدوه قد فشلوا.
لا تكثر ولا تطل حتى يملك السامعون. و ليكن كلامك ذا معنى وله هدف وفائدة، وإن كنت متحدثاً لبقاً، لئلا يقال فيك «أنه يتحدث جيداً ولا يقول شيئاً»شروط صحة الإلقاءأن تكون لغتك سليمة، والشرط الأول هو ضبط الحركات، أي أن تكون الكلمة محركة بصورة صحيحة ولا بأس أن تستعين بخبير. ونسمي هذا الجزء من القواعد علم النحو وللتبسيط تصور:
علم النحو الذي هو بحث في موقع الكلمة بالنسبة للجملة يشبه علم الإجتماع ،منزلة الشخص في المجتمع ووظيفته وعلاقته بالآخرين.
والجزء الثاني من قواعد اللغة هو علم الصرف، ويمكن تشبيهه بعلم التشريح فهو يهتم بتركيبة الكلمة وحدها
والذي يهمنا منه في الإلقاء هو معرفة أبواب الفعل الثلاثي، أي حركة وسط الفعل أي العين مثل:
درَس يدرُس وورِث يرِثُ وكرُم يكرُم. هذه الأبواب وهي ستة مهمة. ويمكن الرجوع إلى القاموس لضبط حركة عين الفعل الثلاثي في حالة الشك. وجزء آخر مهم من الصرف هو معرفة الحروف الشمسية والقمرية، فنصف الحروف العربية شمسية إذا بدأ الإسم بها ودخلت عليه ال التعريف لا يظهر صوت اللام وتقرأ هكذا: أش ـ شمسُ، أت ـ توت، أد ـ دار، أز ـ زي. والحروف الشمسية هي ت، ث، د، ذ، ر، ز، س، ش، ط، ظ، ص، ض، ن.
أما الحروف القمرية فيظهر صوت اللام من ال التعريف ويقرأ هكذا:
الـ بلبل، الـ فيل، الـ قلب، الـ محبة. والحروف القمرية هي: ب، ج، ح، خ، ف، ق، م، ن، هـ، ي. اقتراح لدعم فن الإلقاءكان لي حلم عجزت عن تحقيقه، وأتمنى أن يحققه القادرون. هو أن تكون للإلقاء مسابقة مثل مسابقات (The Voice) على نطاق كل البلاد العربية. وللفائزين جوائز ومستقبل في وظائف الإعلام المسموعة والمرئية.
وأن تتبنى مؤسسة تسويق ما يقرأ الفائزون من كتب وقصص ودواوين، فأغلب الناس يستسهلون سماع الكتاب وهم في طريقهم بالسيارة أو قبل النوم . سمعت بعض التسجيلات لأجمل القصائد العربية بصوت جميل، أصدرتها مؤسسة خاصة وباعت منها.
كانت هذه التسجيلات مصيبة المصائب، أغلاط بالقواعد، وبالألفاظ نفسها والقارئ لا يفهم ما يقرأ. هذه التسجيلات أعتبرها كارثة. يجب أن تكون التسجيلات صالحة وبشروط القراءة الصحيحة،
مصادق عليها (مجازة ) ومعترف بها من المختصين. أما أن نعتمد على جمال الصوت فقط فتلك تجارة كاسدة .لميعة عباس