TODAY - 11 May, 2010
شبح الطائفية يطارد العراقيين
كثير من العراقيين يخشون أن يكون تحالف الحكيم (يمين) والمالكي بابا للطائفية (الأوروبية)
لعدة سنوات أودت الصراعات الطائفية في العراق بحياة الآلاف، وحولت حياة ملايين آخرين إلى جحيم بعد أن أجبرتهم على النزوح من بلداتهم إلى حيث يجدون شيئا ولو ضئيلا من الأمان وبقية من تعايش، وبعد فترة من الهدوء النسبي كاد معها العراقيون يصدقون أنهم ودعوا تلك الصراعات، عاد شبح الطائفية ليطل عليهم من جديد.
ولئن كان هذا الشبح فيما مضى يتجلى في هجمات وتفجيرات تستهدف المساجد والحسينيات ومختلف دور العبادة وغيرها من المؤسسات التي ترمز للطوائف، فإن الكثير من العراقيين اليوم يخشون أن يعود إليهم في لبوس سياسي.
فقد أثار تحالف كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم ردود فعل واسعة في الشارع العراقي، ورأى فيه كثيرون "تجسيدا واضحا للتخندق الطائفي"، باعتبار أن كلا من الائتلافين يمثل قوة سياسية شيعية.
بشار الفيضي: الشعب العراقي لن ينجر إلى العنف الطائفي (الجزيرة نت)
الحشد الطائفي
وفي هذا السياق يقول الناطق باسم هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور بشار الفيضي إن هذا التحالف يؤكد أن أصحابه "يدركون تماما أن لا فرصة لهم في البقاء في السلطة إلا من خلال الحشد الطائفي".
ويذهب الفيضي -في حديث للجزيرة نت- إلى حد الخشية من أن "تصدر ممارسات من هذين الكيانين وأجهزتهما الأمنية ومليشياتهما لتأجيج الوضع الطائفي"، لكنه يستدرك بالتأكيد على أن لديه ثقة كبيرة في أن الشعب العراقي "لن ينجر إلى العنف الطائفي مهما كانت محاولات الكيانات الطائفية، ومهما كانت الدوافع لذلك".
وبدوره يؤكد رجل الدين الشيعي البارز الشيخ حسين المؤيد أن الشعب العراقي عانى من المشروع الطائفي "الذي فشل في تحقيق أهدافه"، مضيفا أن "ما يجري الآن أعاد القلق إلى نفوس العراقيين من احتمال العودة إلى مربع الطائفية".
مكاسب سياسية
ولا يتردد المؤيد في اتهام بعض القوى السياسية بأنها تدفع في اتجاه عودة الطائفية إلى البلاد "بهدف تأمين مصالحها الشخصية وجني مكاسب سياسية تخدم أهدافها".
كما أنه لا يتردد في انتقاد العملية السياسية برمتها، ويعتبر أنها "بنيت على أساس خاطئ"، داعيا -في حديث للجزيرة نت- "إلى تصحيح مسارها وإقامتها على الثوابت الوطنية".
ويؤكد المؤيد أن من أبرز معالم الخلل في العملية السياسية أنها "حولت العراق إلى بلد المكونات بدلا من دولة المواطنة"، و"اعتمدت الطائفية السياسية والإثنية"، كما اعتمدت على الديمقراطية التوافقية، "التي ثبت فشلها في ساحات أخرى وفي الساحة العراقية"، حسب رأيه.
ويضيف المؤيد أنه "من الخطأ أن نتصور إمكانية الخروج من المأزق الطائفي من خلال استبدال الوجوه أو عبر تشكيل قائمة برلمانية طائفية بقناع وطني، بل إن الخروج من المأزق هو عبر تصحيح مسار العملية السياسية نفسها"، داعيا إلى قانون للأحزاب "يتيح للقوى السياسية الصعود على أساس البرنامج السياسي وبعيدا عن الانتماءات الطائفية والإثنية".
الشيخ حسين المؤيد: بعض القوى السياسية تدفع باتجاه عودة الطائفية (الجزيرة نت)
مضايق ومخانق
غير أن هاني عاشور، المحلل والمستشار السياسي لقائمة "العراقية"، التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، يستبعد العودة للطائفية، لأن العراق في نظره اعتمد في السنوات الماضية "برامج المصالحة الوطنية للخروج من هذه الأزمات".
ويقول عاشور للجزيرة نت إنه يتوقع حصول أزمات سياسية متكررة ستدفع العراق إلى مضايق ومخانق لا يستطيع الخروج منها، وتابع "ما يحدث الآن يعيدنا إلى نقطة البداية، ولكن ليس بثياب طائفية هذه المرة، بل هو مغلف بصراعات سياسية واضحة".
ويؤكد أن التحالف بين ائتلافي المالكي والحكيم "رغم صبغته الطائفية، فإنه في النهاية لن يفلح في تجذير الطائفية، وهو مرفوض من الشعب العراقي".