لا شك ان ستيفن هو كينج قد حقق شهرة عالمية كبيرة .. وذلك لنبوغهفى تخصصه وهو الفيزياء النظرية .. وايضا لتعاطف العالم مع ما اظهره من قوة ارادةوعزيمة فى مواجهة مرض شديد معجز اصيب به فى بدايات شبابه .. حتى صار مثلا أعلىوقدوة للكثيرين
.
ولكن هل يخطئ هوكينغ فى العلم ؟ .. بالطبع يخطئ
.
آخر رهان كان قد خسره هوكينغ كان مع الفيزيائي جوردونكين من جامعة ميتشيغن، حيث راهن هوكينغ على 100$ بأنه لن يتمّ اكتشاف بوزون هيغز،ولكن بعد اكتشاف الجسيم في سيرن، أقر هوكينغ بخسارته للرهان مؤكدًا أن هذا اكتشافرائع وأن بيتر هيغز يستحق من أجله جائزة نوبل (وهو ما حدث بالفعل في نوبل للفيزياءعام 2013).
هناك رهان آخر خسره هوكينغ وسماه "أكبر خطأ فاضح" فيحياته العلمية. وهو الرهان الذي بدأ عام 1997 واستمر لمدة 7 أعوام، بينه هو وكيبثورن وبين جون بريسكل من جامعة كالتك، حيث رأي هوكينغ وثورن أنّ المعلومات حينتدخل إلى الثقوب السوداء يتمّ فقدانها إلى الأبد، بينما رأى بريسكل أن هذا يخالفقوانين الفيزياء. وفي الحقيقة هذا كان مثار جدل بين العلماء، فهناك أيضًا من عارضهوكينغ مثل ليونارد سسكيند مؤلف كتاب "حروب الثقوب السوداء: معركتي مع ستيفنهوكينغ من أجل جعل ميكانيكا الكمّ بأمان"، وجيرارد تهوفت أحد أكبر علماءالفيزياء النظرية في العالم.
.
وهذا الكلام على خطأه فى تخصصه الذى هو عبقرى فيه بلا شك وهو مانتركه له .. فماذا اذا خرج عن نطاق تخصصه ..
.
حسنا لا عتب ان نناقش افكار "هوكينج "الفلسفية ونعترض عليها
.
لسنوات طويلة ترك هوكينج الباب للسؤال حول الاله مفتوحا .. ففىختام كتابه "تاريخ موجز للزمن " كتب يقول "اذا اكتشفنا النظريةالجامعة لقوى الفزياء سنكون قد حققنا انتصارا كبير للعقل البشرى .. وعندها سنكونقد فهمنا عقل الاله " .. فرح المتدينون بذلك الرأى و اعتبروا هوكينج عالمامؤمنا .. واستشهدوا برأيه على صحة موقفهم .. وفى كتابه الاخير "التصميمالعظيم " ..بدل هوكينج موقفه واعلن انه "لم يعد هناك مجالا للقول بوجودالاله " عندها انتشى ريتشارد دوكينز و اعلن انه "اذا كان دارون قد القىبالاله بعيد عن البيولوجيا ..فقد ظل له موضعا فى الفزياء حتى اخرجه منها ستيفنهوكينج " ..هل دعوى دوكنز صحيحة ؟ فلنرى .
.
.
.
فى كتابه "تاريخ موجز للزمن " ذكرهوكينج ان الاحداث التى صاحبت و اعقبت الانفجار الكونى الاعظم كانت تخرق قوانينوثوابت الفزياء .. مما احتاج الى التدخل الالهى .. ثم بدّل هوكينج رأيه فى كتاب"التصميم العظيم " واعلن ان قوانين وثوابت الفزياء التى نعهدها قادرةعلى ايجاد وتشكيل الكون .. ومن ثم لاحاجة للقول بوجود الاله .. انظر الى قوله :لانهناك قاون كقانون الجاذبية فقد خلق الكون نفسه من عدم! .. ان هذا الطرح يتماشى معما فى مفاهيم دوكنز الالحادية من مغالطات منطقية علمية خطيرة منها:
.
اولا : يقع هوكينج فى نفس الهوة التى يتردى فيها معظمالملاحدة و ان احتلوا مراكز علمية مرموقة .. وهو اعتبار ان ما يمكن تفسيره بقوانينالطبيعه ليس بحاجة الى وجود اله .. انه الخلط الساذج بين الاله الخالق (كسبب اول)وبين قوانين الطبيعه(كالية) .. ان ذلك يشبه ان تختار لتفسير عمل المحرك النفاث بينقانون الدفع لنيوتن .. وبين مصمم المحرك المهندس العبقرى سير فرانك ويتل ... انالاختيار بين الالية والسبب الاول خطأ منهجى بينّ .. فأنت هنا تختار بين"مستويات مختلفة " وليس بين بدائل" .. وهذا الخطأ يعرف فى المنطقبالخطأ الطبقى .
.
لم يقع سير اسحق نيوتن فى هذا الخطأ الساذج .. فعندمااكتشف قانون الجاذبية لم يقل : الان توصلت الى قانون الجاذبية , لم اعد بحاجةلوجود الاله .. ولكنه كتب اشهر كتاب فى تاريخ العلم "قواعد الرياضيات ".. وسجل فيه : اتمنى ان يقنع هذا الكتاب الانسان المفكر بالايمان بالاله.
.
ان قوانين الطبيعة تشرح للانسان كيف يعمل المحرك النفاث..لكن لا تنفى ان هناك من ابتكر هذا المحرك .. فلاشك ان قوانين الطبيعة لم تقمبهذا العمل .. بل ان الوقوانين نفسها احتاجت لمن يكتبها ويخرجها الى الوجود ويمدهابفاعليتها .. كما ان هناك المادة_وهى اهون الامور) التى انطبقت عليها هذه القوانينوالتى استخدمها سير وتيل فى صنع المحرك .. ولا شك ان هذه المادة لم تنتجها قوانينالطبيعة .
.
نحن هنا امام ثلاثة امور (السبب الاول _المادة _القوانين التى تحكم سلوك المادة ) ولا شك ان القوانين عاجزة بذاتها عن فعل اى شئ..فهى ليست الا توصيف رياضى لما يمكن ان يحدث تحت ظروف معينة .. ان القانونالرياضى يقول لك _ببساطة_ اذا كان لديك (أ) فانك ستحصل على (ب) .. ولكن ينبغى انيكون لديك "أ" اولا .. ان تصور ان قوانين الطبيعة قادرة على انتاجالمادة \ الطاقة وعلى كتابة وتفعيل ذاتها انما هو خيال علمى سقيم..
وفى كتابه " تاريخ موجز للزمن " كان هوكينجمتنبها لهذه الحقيقة _ قبل ان يتنكر لها فى كتابه التصميم العظيم _ فقال " انتوصل العلم لقوانين الفزياء لا يعنى ان هذه القوانين هى التى أنشأت الكون .. ولايجيب بالتبعية عن سؤال لماذا يوجد الكون فى الاصل .. على اذا توصلنا الى النظريةالجامعة لقوى الفزياء فأن ذلك يعنى ان النظرية أوجدت نفسها .. ام انها تحتاج الىخالق ؟ وهل لهذا الخالق دور اخر فى الكون .. سوى كتابة القوانين ؟
.
.
ثانيا :تشير مقولة هوكنج "لان هناك قانونا كقانونالجاذبية فقد خلق الكون نفسه من عدم " الى ان نشأة الكون كانت حتمية نتيجةلوجود الجاذبية .. بالرغم من انه ليس هناك دليل علمى واحد على هذه الحتمية .. فمازلنا لاندرى لماذا نشأ الكون بدلا من ان يمتد العدم .
.
.
ثالثا :عندما يتبنى هوكنج ان الكون أنشأ نفسه من عدم فقدوقع فى مغالطة علمية وعقلية كبيرة .. فرأيه يعنى ان شيئا لم يوجد بعد قادر علىايجاد ذاته .. ان اللامنطقية تظل لا منطقية حتى وان صدرت من عالم عالمى كشهير.
.
.
رابعا : لم يفسر هوكنج فى كتاباته لماذا يتبع الكون هذاالانتظام الدقيق المعجز الذى وقف عنده هايزنبرج وغيره من المفكرين الكبار ..فقادهمالى الايمان بالاله .. كان اولى بهوكنج ان يتأمل حكمة الان سانداج أبى علم الفلكالحديث حين قال " أرى استحالة ان يأتى هذا النظام من الفوضى .. لابد من منظم.. ان الاله بالنسبة لى شديد الغموض لكنه التفسير لمعجزة الوجود بشقيها :لماذاهناك بدلا من لا شئ ؟ ولماذا هذا الانتظام المدهش ؟
.
.
خامسا : من الاطروحات التى يروج لها هوكنج فى كتابه" التصميم العظيم " ان التوصل لنظرية التوحيد الكبرى .. التى تجمع قوىالطبيعة الاربع الكبرى فى معادلات رياضية مشتركة .. كفيل بتفسير ما فى الكون مندقة متناهية و ان يقضى على الاحتياج لوجود اله خالق .. نتفق مع هوكينج فى انالتوصل لمثل هذه النظرية يعنى وجود اقصى درجات الترابط والتصميم فى بنية الكون ..اما ان نستنتج من وجود هذه الدقة المتناهية عدم الاحتياج الى سبب اول فذبك خبلعقلى .. فاعكس هو الصحيح
.
.
سادسا : أقر هوكينج بملاءمة بنية الكون لنشأ الحياة(المبدأ البشرى) .. ولتفسير ذلك القول بالاكوان المتعددة .. و يدهشنا تمسك هوكينجبفرضية الاكوان المتعددة التى ليست الا طرح فلسفى ضعيف بعيد كل البعد عن المفاهيمالعلمية .. ويرد على ذلك الفزيائى الكبير بول ديفيز _رغم اعتراضه على الاكوانالمتعددة _ ويجارى هذا الطرح ويقول ان صح انه يوجد اكوان متعددة فذلك لا يمنع منوجود خالق ..
.
.
سابعا :اذا انتقلنا من القوانين و النظريات الرياضية الىعالم البيولوجيا .. يفجأنا هوكنج باتباع اسلوب اسفسطائى مشهور .. وهو ان يطرحتصوراته الالحادية المسبقة بعا\تبارها مقدمات مسلم بها بدون ادنى دليل ! انظر الىقوله : لا أجد تفسيرا لنشاأة الذكاء الانسانى و قدرتنا على الواصل لقوانين الطبيعةووضع النظريات العلمية الا الانتخاب الطبيعى الداروينى .. فالاكتشاف افات العميةتحقق فرصا افضل للحياة .
,
قد نقبل من هوكنج هذا الادعاء بخصوص الاكتشافات العلميةالتى لها علاقة مباشرة ببقاء الجنس البشرى .. انا الكثير من الاكتشافات العلميةالدقيقة فلا يخضع للانتخاب الطبيعى .. ويبين بول ديفيز ذلك قائلا : "لاشك انالانتخاب الطبيعى يلعب دورا هاما فى بعض مهاراتنا مالقفز فوق مجارى الماء والتقاطالثمار المتساقة من الاشجار .. لكن لا ارى له دورا فى التوصل الى المفاهيم العلميةالتى ليس لها علاقة مباشرة ببقاء الجنس البشرى .. كأدارك ما يحدث داخل الذرات اوالثقوب السوداء او نظرية الاوتار .. او المفاهيم الفلسفية العامة كالغرض من وجودناومنشأنا ومالنا .. ان هذه امور لا علاقة للتطور الداروينى بها " .........لقد بسّط هوكنج الامر بشكل مخل ليدعم تصوراته الالحادية .
.
.
ثامنا : من مفاجات هوكنج المثيرة انه يعلن :ان الفلسفةقد ماتت ... ويرجع كلامه الى عدم مسيارة الفلسفة للاكتشافات العلمية و الاستفادةمنها خاصة فى مجال الفزياء .. لاشك ان هذا الادعاء مجانب تماما للصواب .. فالفلسفةليست علما تطبيقيا ! .. انها اسلو الانسان الفطرى فى التفكير للبحث عن اجوبةللاسئلة الوجودية المحورية .. حتى لقد قيل ان البشر كلهم فلاسفة.
.
ربما كان هذا الادعاء الهوكنجى صائبا!! ا1ا كان مقياسناللحالة الصحية للففلسفة هو كتابه (الفلسفى الضعيف جدا :التصميم العظيم ) .. ولكن_ولله الحمد _ مازال الفلاسفة العظام يملئون عالم الفكر بافكارهم المبتكرةوتحليلاتهم العميقة واستنتاجتهم الصائبة .. ونختم مع هو كينج بان نقول .. اذا كانتالفلسفة قد ماتت فكتابه "الفلسفى " مجرد أوهام .. وان كانت الفلسفة فىعنفةانها فمقولته خاطئة