من المشرفين القدامى
تاريخ التسجيل: September-2014
الجنس: ذكر
المشاركات: 4,511 المواضيع: 216
آخر نشاط: 8/November/2016
الشوزوفرينيا العراقية ********* نشرت قبل مدة في احدى الصحف العراقية
الشوزوفرينيا العراقية
نشرت قبل مدة في احدى الصحف العراقية
المتناقضات خُلقت بالجعل الالهي التكويني والله جل وعلا هو الحق المحض ومصدر الخير المحض والشياطين وعلى راسهم ابليس اللعين هم الباطل المحض ومصدر الشر المحض وان كان هناك شر و باطل من بني البشر يتبرأ منه ابليس نفسه براءة الذئب من دمِ ابن يعقوب !! ويبقى الانسان هذا الكائن العجيب الذي يحمل الخير والشر في اناء واحد حيث تولد مع ولادته بذرتاهما وحسب ارضه الروحية لا معيشته الجسديه (اما كافرا واما شكورا) وان كانت الظروف والقهر الالهي المتمثل بالزمان والمكان الذي خُلق فيه دون اختياره لهما تاثير في نمو احدى هاتين البذرتين واهمال الاخرى او انهاءها (اذا صح التعبير) !! ولكن يبقى الفرد هو المتحكم بما يميل اليه فاما شريرا واما خيراً ... لذا فان السماء ستحاسبه على هذا الاساس وحيدا بعيدا عن كل من كان يسول له او يعينه لقوله تعالى (لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة )...
بعد هذه المقدمة لا بد لنا ان نعرج على الخوض في غمار علامات الاستفهام والتعجب التي تملأ المجتمع العراقي من تناقضات عجيبة غريبة !! ولا يخفى على المتتبع ان التناقض في المجتمع العراقي لا يشايههُ أي تناقض اخر في الدنيا باسرها لانه ليس تناقضا او تفاوتاً طبقياً او اجتماعياً او عقائدياً او ما شاكل كما هو في بلدان الارض الاخرى بل هو تناقضاً نفسياً يحمله كل عراقي تقريباً وليس وليد اليوم بل منذ بدأ الخليقة !! فالنفس البشرية العراقية الواحدة تحمل متناقضات متعددة ومتباينة كتباين تضاريس ارضه وتنوع فسيفساء اهله !! على هذه الارض بدأ الصراع الازلي بين الخير والشر .. الحق والباظل وعليها سينتهي .. هنا أُنزل ابونا آدم عليه السلام من الجنة ونزل بجواره ابليس !! هنا قتل قابيل اخاهُ هابيل فكانت اول جريمة قتل على وجه الارض قتل فيها ربع سكان الارض !! وهنا اول انسان قال انا ربكم الاعلى (النمرود) ومن نفس مدينته بابل ابراهيم الخليل عليه السلام ..!! وهنا قوم يونس النبي عليه السلام الذين كشف عنهم العذاب رب العالمين حيث لم يؤمنوا ليونس عليه السلام حينما كان بينهم وعجز وملًّ من النصح لهم ولما (ولى مغاضباً ) وهجرهم امنوا فكشف الله عنهم العذاب وابتلي هو من تناقض فعالهم !!! وهنا قاتل الناكثون والقاسطون والمارقون الخير كله والحق كله امير المؤمنين عليا عليه السلام .. ولما سكن بينهم وجعل الكوفة عاصمتهم لم يلبث في الحكم الا اربع سنين كم كان يردد (اللهم ابدلني بخير منهم وابدلهم بشر مني ) !! ولم يتركوا له المجال ليحقق لهم دولة الخير والحق فهو القائل عليه السلام : ( لو ثنيت لي الوسادة لأفتيتُ لأهل التوراة بتوراتهم واهل الانجيل بانجيلهم واهل الزبور بزبورهم واهل القران بقرانهم) ولكن خسروه بتناقضاتهم ..!! ومن بعده الامام المجتبى عليه السلام الذي اجبر على صلح كان من اختيارهم !! وفاجعة كربلاء ونحن نعيش ابامها وحزنها قمة افراز هذا التناقض على هذه الارض ..!! فمن ثمانية عشر الف مبايع لم يصل مع الامام الحُسين عليه السلام الا سبعين ونيف !! ومن قبله ما جرى على رسوله مسلم بن عقيل عليه السلام !!! ولقد اختصر هذا التناقض قول الفرزدق عندما ساله الامام الحسين عليه السلام كيف رايت اهل العراق ..؟ قال : قلوبهم معك وسيوفهم عليك !!! وهل بعد هذا القول قول ؟ !! في أي مكان من الارض تجد قلباً يذبح من يُحب سوى في العراق ؟!!! بلد عجيب يهرب فيه ابراهيم الخليل عليه السلام امام الحق ويبقى يحكمه النمرود .. ارض غريبة هي واهلها لا يحافظون على امير المؤمنين علي عليه السلام ولا ينصروه ولا يعينوه ولا يحكمهم الا اربع سنين بينما يرضخون لحكم بني امية وبني العباس مئات السنين !!! هذه اهم الافرازات على هذه الارض والتي سببها هذا التناقض العجيب وعشرات من الانبياء والاوصياء والصالحين والمصلحين لم يبقى منهم الا قبورهم ومزاراتهم في العراق واظن انهم جميعا عانوا من تنانقض هذه الارض واهلها !!!
واظن ان هذا العرق مازال دساساً فينا نحن العراقيون الى هذا اليوم ورثناه من اباءنا الاولون ما زالت قلوبنا مع الحسين وسيوفنا عليه !! ما زلنا نقتل المصلح ونقاتله وبعدما يُقتل نبكي عليه !! الملايين من العراقيين يحبون عبد الكريم قاسم الا انهم لم ينصروه ولم يبقى فيهم الا اربع سنوات زعيما ... بينما الملايين يكرهون البعث وصدام ولكنهم ( كلهم كانوا بعثيون وان لم ينتموا!!) فحكم فينا البعث وصدام اللعين اكثر من ثلاثين عاما أي كانوا سيوفهم مع صدام وقلوبهم مع الحسين ..!! ما زلنا حيارى في اختيارنا وحيرنا قادتنا واصدقاءنا وحار بنا اعداءنا !! حتى الشيطان الاكبر الامريكي حار بامرنا !! وفر مهزوما لا من قوة تكاتفنا بل من كثرة تفرقنا و عجيب تناقضنا !!
فنحن لا قائد دين يجمعنا ولا قائد دنيا يستطيع ان يلم شملنا ولا مذهب يعجبنا ولا وطننا يكاتفنا ولا سياسياً يصدقنا ولا مواطنا يعيننا نبغض انفسنا بانفسنا ونحب انفسنا لانفسنا !!!وقد ثبت فعلاً القول الشائع بيننا (عراقيين ما تصيرلهم جاره) !! فان اقسامنا لا تشبه الاقسام وطرائقنا لا تشبه الطرائق واقوالنا لا تشبه الافعال فأفعالنا تناقض اقوالنا !! ينشق الدين فيما بيننا الى مذاهب وكل مذهب فيه يولد كل يوم قائد وفئة جديدة ثلة من الاولين وثلة من الاخرين !! وتتقطع القوميات فينا الى انصار واعداء !! اما الاحزاب والسياسيون فحدث ولا حرج نحن اكثر بلد في العالم ينجب احزاب واحزابه تنجب حركات وتيارات ومنظمات ومكاتب !! كلنا راع وليس فينا رعية وكلنا قادة وليس معنا قائد ولا شعب !! يسبُ بعضنا بعضاً يسقط بعضنا بعضا ويقتل بعضنا بعضا ..!! يهرب رجل الدين من سؤال العوام ... ويسخر العوام من رجال الدين !! يكذب السياسيون علينا ونلعنهم وننتخبهم !! نبكي جميعا على الحسين ونسير لزيارته بالملايين ونجلس تحت منبر عزاءه مستمعين وليس فينا شسع نعال جون !! نحب الدماء والبكاء .. قساة ورحماء .. عاطفيون وليس بعقلاء ... سماعون وليس بقراء ..نفكر بعدما نفعل ... ونقول دونما نعمل ...!!
اظن اننا ان بقينا هكذا سوف يسخط الله علينا فكما سلط الشيطان الامريكي على الشيطان الصدامي ... سوف يسلط احد سيوف الظالمين فينا .. لا بد لنا ان نهجر على ما كان عليه اباءنا ... ونغير انفسنا ونتبع قوله تعالى ( ان الله لا يغير مافي قوم حتى يغيروا ما في انفسهم ) وان يبدأ الاصلاح في كبارنا بدءاً من رجال الدين الى السياسيين حتى يصل الى ابسط انسان فينا .. اما يكفينا ما مر بنا ... لقد اعطانا الله تعالى الفرصة وفتح ابواب رحنته علينا منذ سقوط النظام الصدامي البائد ولكنا لم نحافظ على هذه النعمة ولم نشكر الله تعالى على هذه الرحمة بل نفخنا في مليون صدام جديد وجعلناهم اصناما نعبدهم من حيث لانشعر وكل واحد فيهم ادعى الربوبية لنفسه فاهمل البلاد واكل ارث العباد وكان بين فيه ومعتلفه تحميه المصفحات وتحرسه الوجوه المكفهرات ولكن الحذر كل الحذر من قوله تعالى (ويحذركم الله فتنة لاتصيب الذين ظلموا منكم خاصة) وكما يقول المثل العراقي ( الخير يخص والشر يعم) .. ولنعلم ان القادة والسياسيين حين وقوع الفتنة كلهم هاربين ونبقى نحن المساكين اما قاتل او مثتول او بلا امن ولا امان خائفين وهذا الامر سيقودنا الى غضب الله تعالى علينا وبعدها لات حين مناص !!