قال : دخلت على الرضا (ع) في أول يوم من محرم فقال لي: يا بن شبيب !.. أصائم أنت ؟.. فقلت : لا ، فقال : إنَّ هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا (ع) ربه عزَّ وجلَّ فقال :

{ رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدُّعاء } فاستجاب الله له ، وأمر الملائكة فنادت زكريا (ع) وهو قائم يصلي في المحراب : {أنَّ الله يبشرك بيحيى} فمن صام هذا اليوم ، ثمَّ دعا الله عزَّ وجلَّ استجاب الله له كما استجاب لزكريا (ع) ، ثمَّ قال : يا بن شبيب !..

إنَّ المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأُمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها (ص) ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً. يا بن شبيب !.. إن كنت باكياً لشيء ، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش ،

وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيه ، ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قُتل .. فهم عند قبره شعثٌ غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره .. وشعارهم يا لثارات الحسين (ع)!..

يا بن شبيب !.. لقد حدثني أبي عن أبيه ، عن جده (ع) أنه لما قُتل جدي الحسين صلوات الله عليه أمطرت السماء دماً وتراباً أحمر. يا بن شبيب !.. إن بكيت على الحسين (ع) حتى تصير دموعك على خديك ، غفر الله لك كل ذنب أذنبته ، صغيراً كان أو كبيراً ، قليلاً كان أو كثيراً.

يا بن شبيب !.. إنْ سَرّك أن تلقى الله عزَّ وجلَّ ولا ذنب عليك ، فزر الحسين (ع)

يا بن شبيب !.. إنْ سَرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قتلة الحسين (ع). يا بن شبيب !.. إنْ سَرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين (ع) ،

فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً.
يا بن شبيب !.. إنْ سَرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلاً تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة.