أعيد افتتاح متحف الفنان بابلو بيكاسو، السبت، الذي يعد أحد أشهر المتاحف الفنية التي تحظى بشعبية في العاصمة الفرنسية باريس، بعد خمس سنوات من الإغلاق بسبب عملية تجديد مكلفة أثارت الكثير من الجدل.
ووصف افتتاح المتحف بانه إحدى أكبر الفعاليات في المشهد الفني الفرنسي الراهن، إذ أنه سيسمح مرة أخرى بمشاهدة أهم مجموعة فنية لبيكاسو في العالم، من اللوحات المرسومة والمنحوتات.
وأعيد تصميم مقر المتحف الواقع في قصر يعود للقرن السابع عشر بضاحية مارية، فأصبح الآن أكثر اتساعا وأفضل إضاءة.
وأضيف طابقان جديدان وقاعة استقبال جديدة، أما الطابق السفلي (البدروم) فقد استخدم لإعادة إنشاء فضاء يشبه استديو بيكاسو الذي كان يعمل فيه.
وبعد التجديدات الأخيرة، أصبح المتحف يضم 40 غرفة وبلغت مساحة العرض ثلاثة ألاف متر مربع.
وسيشهد الافتتاح عرض نحو 400 قطعة، كجزء من إجمالي الأعمال الفنية التي يضمها المتحف وتبلغ 5000 قطعة فنية.
وقال لوران لوبون مدير المتحف :"إنه متحف جديد حقا وممتلئ بالضوء، وعندما تتجول في طوابق المتحف الخمسة ستندهش من الإبداع في كل غرفة".
وأضاف :يبدو "بيكاسو حيا اليوم مثلما كان دائما، في أعماله من منحوتات ولوحات وتكوينات وخزف. فتنوع الأعمال يشكل إثارة لا تنتهي".
ووزعت المعروضات في المتحف وفقا لترتيب زمني، فيتنقل الزائر من المرحلة المبكرة الزرقاء في حياة بيكاسو وعبر المراحل السيريالية والتكعيبية، حتى المرحلة المتأخرة من حياته.
وفي أعلى المتحف ثمة أعمال لفنانين من أمثال ماتيس وبراك ودوران وفان دونغن، وهذه القطع الفنية التي جمعها بيكاسو بنفسه من أصدقائه الفنانين، كما توجد أعمال فنية أفريقية وومن شبه الجزيرة الايبيرية أثرت بشدة على أفكار بيكاسو.
وأنشأت فرنسا متحف بيكاسو عام 1985 كمقر يضم الآلاف من الأعمال الفنية التي كانت مازالت بحوزة الفنان عندما توفي في جنوب فرنسا، ولم تكن قد بيعت.
وأبرمت أسرة الفنان اتفاقا مع الدولة الفرنسية للسماح باستغلال الأعمال الفنية لبيكاسو بدلا من دفع ضرائب.
وتعد مجموعة بيكاسو فريدة من نوعها في العالم لسببين، الأول أنها تعبر عن جميع مراحل حياة الفنان، والثاني والأكثر أهمية أنها مكونة من أعمال فنية كان يعتز بها بيكاسو واحتفظ بها.
وقالت آنا بالداساري، التي كانت مديرة لمتحف بيكاسو حتى وقت قريب :"ما يوجد هنا هو جزء من الأعمال التي حمل لها بيكاسو عاطفة كبيرة".
وأضافت :"لم يقبل الانفصال عن هذه الأعمال، لأنها كانت بمثابة علامات بارزة في حياته كفنان، وما يوجد لدينا هي اختياراته، والسبب في عدم بيعها أنه لم يكن يحتمل بيعها".
واختارت فرنسا قصر أوتيل دو سال ليكون مقرا للمتحف لأنه يتميز بالفخامة الملائمة، كما أنه يعود لبلدية باريس.
بيد أنه ثمة تناقض دائم بين فخامة المبنى التاريخي وبين الحداثة الفوضوية لبيكاسو.
فضلا عن أن المعروضات الأصلية كانت في حجرات ضيقة وغير مناسبة بالكامل، ومعايير السلامة أقل من المستوى المقبول، وفي ظل وجود مشروع لبقائه مليون عام ثمة مخاوف من أن المبنى قد لا يستطيع الصمود.
ولم تخلو عملية إعادة الترميم طوال السنوات الخمس من المشكلات، فكانت التكاليف أكثر من اللازم، وتأجلت إعادة افتتاح المتحف مرتين.
وفي النهاية، تدخلت الحكومة واقالت بالداساري من منصبها كمديرة للمتحف تحت خشيتها من الإحراج دولي.
وتعد بالداساري واحدة من أهم خبراء العالم في أعمال بيكاسو، لكنها كانت تتعامل كمدير غير قابل للمعارضة، ورفض زملاءها العمل معها، وقدموا مذكرة تطالب بإقالتها.
وتولى لوران لو بون منصب مدير المتحف الجديد، وربما لم يتمتع بموهبة المديرة السابقة، إلا أنه يعد رجل نظيف اليد، وأصر على بقائها للإشراف على معرض إعادة الافتتاح.
ويقول لو بون عن هذا :"عندما توليت المهمة كل ما أردته هو الحفاظ على الأشياء جميلة وهادئة، وكانت هناك أولوية واحدة هي افتتاح المتحف في 25 أكتوبر/ تشرين أول".واستعدادا لليوم الكبير كان لو بون منشغلا بمرافقة الزوار المهمين، ومن بينهم المعماري الأمريكي فرانك غيري، الذي افتتح مؤخرا معلمه المعماري، مؤسسة لوي فيتون الفنية، في الجانب الآخر من باريس.
وقال غيري :"لست هنا لانتقاد الفن المعماري لكن للثناء على الفن الذي يعد استثنائيا بالطبع".
كان ثمة بعض التعليقات السلبية في الصحف، ووجد بعض النقاد أن التغييرات في المتحف جاءت مخيبة بعض الشيء، وقال أحدهم :"هل استغرق الأمر خمس سنوات لعمل هذا؟"
واشتكى آخرون من عدم وجود علامات تعريفية بالأعمال، بناءا على قرار واضح من قبل بالداساري.
وبررت بالداساري قرارها بأنها تعارض بحزم الأدلة السمعية لإرشاد الزوار وكذلك النصوص على أساس أن "الكثير من الزوار يلجأون إليها لأنهم يخافون من الفن".
وأضافت :"ينبغي توقع أن بيكاسو مازال حيا وفاعلا، لقد غير مجمل طريقتنا للرؤية. لذا أنظروا فقط".