الخط المستمر في اﻷمة ، وهو خط الدفاع عن القيم ، بحاجة إلى وقود ، و وقود هذا الخط هو تاريخ اﻷمة ومافي تراثها من ركائز قوة ومن عناصر التحدي وملاحم البطولة.
ﻻريب إن أبرز مانملكه نحن المسلمين في تاريخنا ، وهو ثورة اﻹمام الحسين ، سواء من ناحية القائد اﻷعلى لهذه الثورة ، وهو ابن رسول الله ،إمام المسلمين ،وحجة الخالق على خلقه ،وريحانة النبي ،وسيد أهل الجنة ،وجامع صفات الخير كلها..أو من ناحية النهاية المأساوية - ظاهرا - التي آلت إليها الثورة الحسينية ، فلا يوم كيوم سيد الشهداء عبر التاريخ إطلاقا .
فاﻹمام الحسين حرم من اﻷمن في بلده ؛ المدينة المنورة ، وهي مدينة جده مؤسس الدولة اﻹسلامية ونبي هذه اﻷمة ، وحرم من اﻷمن في البيت الحرام ، وقتل في الشهر الحرام ضمانا ، وقتل هو وأصحابه وأهل بيته ،وأحرقت خيامه ، وقتل طفله الرضيع ، وسبيت نساؤه ، وانتهكت حرمة القرآن ..فلا مأساة أعضم وأفضع من هذه المأساة .
أما من ناحية نقاء النهج وطهارة السير ، وانعدام وجود أي نوع من الشك والريبة في نية القائمين بهذه الثورة ، فهذا أمر مسلم به ،حتى أضحت هذه الثورة ركيزة من ركائز القوة في اﻷمة اﻹسلامية وتاريخها .
ونحن نعرف أنه بعد استشهاد اﻹمام الحسين قامت ثورات عديدة ، كانت تحمل كلها شعارات تنطق بإصرار على الثأر لمظلومية الحسين وآل بيته .. مستلهمة مسيرتها وأهدافها من سيرة وأهداف واقعة كربلاء العظيمة .
ومن هنا ؛ فإننا اليوم في أشد الحاجة إلى اتقان هذا الدرس الحسيني .
وهذا يعني ظرورة اﻻستلهام من التاريخ اﻹسلامي لتشييد حياتنا الحاضرة ومستقبلنا المنشود ، بدﻻ من استيراد مناهج غربية أو شرقية ، أو ننظر الى اﻷجانب على أنهم قدوتنا ، اﻷمر الذي يكبدنا الكثير من الخسائر الجسيمة ، تبعا للتفاوت بين واقعهم وطبيعتهم وطبيعتنا .
فتعالوا - أيها اﻷخوة - الى أئمتنا المعصومين ونهجهم الرسالي ، وتعالوا الى واقعة الطف ، فهي من أعظم الدروس اﻹنسانية والحضارية والدينية التي من شأنها تغذية حركة اﻷمة المناهضة ، ومنع تسلل العناصر المنافقة الى قمم السلطة .
إننا اليوم بحاجة ماسة للغاية ﻷن نزرع نهج اﻹمام الحسين في وعي أوﻻدنا وثقافاتهم ، ونكرسه في إعلامنا وسيرتنا ليكون - هذا النهج - مدرسة عملية للبطولة والشهامة والتصدي .
وقد ثبت حقا أن اﻷمة كلما اقتربت إلى اﻻستفادة من التاريخ الحسيني ، كانت قادرة على العيش بقوة وعزم واستقامة .