رأيتُ عاشقاً أكلَ الدهر عليه و شرب
و تظهر آثار العناء تُرهقهُ و هو مكتئب
و عندما دنوتُ منه سمعتُ صوت أنينٍ
و هو يندبُ حظه و إنّهُ يبكي و مضطرب
فقلتُ له ما يبكيكَ إنْ مرَّ الزمان سدى
أ هو الإحباط في دنيا تلاشت كما يجب
أ ما ترى إن الصِّبا قد إنطوى بسرعةٍ
و إنّ الحياة سرابٌ و النهاية منك تقترب
أ يا من طواك الدهر و هو يعدو راكضاً
فإنّه خريف العمر و الطموح فيه يغترب
و لكنما الإنسان يطمح و هو مفارقُ غداً
و إنّ الصِّبا لَذكرى و قد مرَّ به و سُلب
فيا ليت الصِّبا يعود بعمري ساعةً
فأخبرهُ بما عمل الزمان بيَّ و أنسحب
لعلّي أحلم لحظةً إنّي شبابٌ و عاشقٌ
و إنّ في قلبي غرامٌ من الصَّبابة مُلتهب
فهذه الدنيا التي نحيا بها قد أزفت
و حتى الحلم فيها لا يُرينا من نُحبّ
وإنّما الليل الطويل يؤرقنا بلا أحبابنا
و الهمُّ فيه كل يومٍ فهو يقسو و ينقلب
فيا من طواك الدهر لا تأسى على قدرٍ
فالدهر يومان يومٌ لك و يومٌ عليك يثب
فأغنم من المنى لحظات حبٍّ و صَّبابةٍ
فليس في طبع الزمان أمانٌ و كما تُحب
و تعلم إنّك عندما ولدتَ فإنّك راحلٌ
و إنّ الحياة لهوٌ و زينةٌ و تفاخرٌ و لعب
.
.