في الوقت الذي يواصل فيه الطيران الأميركي هجماته على مواقع تنظيم «داعش» في كثير من المحافظات والمدن العراقية، وهو ما أدى إلى إحداث خسائر كبيرة في صفوفه، كان لها الأثر البارز في إيقاف تقدمه في كثير من المدن والمحافظات، لا سيما الموصل وديالى، فإنه بدأ يتجه نحو المناطق التي لا تزال رخوة بالنسبة له، وهي المناطق التي تبدو أكثر قربا من بغداد بهدف إعادة خلط الأوراق، طبقا لما أكده مسؤول أمني رفيع المستوى طالبا عدم الإشارة إلى هويته.
وقال المسؤول الأمني إن «الطريقة التي يفكر بها تنظيم (داعش) باتت تختلف عن طريقته السابقة أيام كان يعتقد أنه حقق انتصارات هامة من خلال سرعة احتلال الموصل وتكريت ومناطق أخرى»، مشيرا إلى أن «المتغيرات التي حصلت كانت تتمثل بالحشد الشعبي الذي عزز من معنويات القوات العسكرية، بالإضافة إلى التدخل الأميركي، لا سيما على صعيد الطيران، وهو ما أدى ليس إلى إضعاف قدرات (داعش) البشرية فحسب، وإنما كان له تأثير كبير على تدمير معظم الأسلحة التي حصل عليها التنظيم جراء انسحاب الجيش العراقي، وهي الأسلحة التي تمكن من التمدد بواسطتها في مناطق أخرى، لا سيما تلعفر شمالا، ومن ثم سنجار، وغيرها من المناطق، وديالى جنوبا، بالإضافة إلى مناطق بعيدة، مثل جرف الصخر شمال محافظة بابل، وإلى الجنوب من العاصمة بغداد بنحو 60 كم».
وردا على سؤال بشأن استقدام «داعش» أسلحة وتعزيزات من سوريا إلى العراق، قال المسؤول الأمني إن «الحدود الغربية لا تزال في مناطق شاسعة منها مفتوحة بالفعل، وهو ما يعني تحرك (داعش) بين العراق وسوريا بشكل طبيعي، وإذا ما صحت هذه الأنباء فهي تؤكد ما قلناه؛ حيث إن الأسلحة التي غنمها (داعش) من الجيش جرى تدمير معظمها، والمفارقة أنه في الوقت الذي كان قد نقل أسلحة وتجهيزات من العراق إلى سوريا لتعزيز وضعه هناك، فإنه اليوم يعيدها إلى العراق، وهو ما يوضح حجم المأزق الذي يعانيه».
وحول المعارك في سد حديثة غربي بغداد والضلوعية شمالها، قال المسؤول الأمني إن «معارك سد حديثة حسمت لصالح الجيش وأبناء العشائر، وهناك خطة للتقدم باتجاه بقية مدن أعالي الفرات، مثل عانة وراوة، في حين أن معركة الضلوعية حسمت هي الأخرى، ولكن مشكلة هذه المنطقة لا تختلف عن غيرها من المناطق في محافظة صلاح الدين، وهي مستوى وطبيعة التعاون بين الجيش من جهة والعشائر من جهة أخرى»، موضحا أن «العشيرة الوحيدة التي يبدو موقفها محسوما تماما ضد (داعش) في تكريت هي عشيرة الجبور، وبالتالي فإن (داعش) بدأ يستهدف هذه العشيرة التي لها وجود كثيف في هذه الناحية من خلال بعض خلاياه وأعوانه من عشائر أخرى انضم أفراد منها إلى التنظيم».
يذكر أن الهجمات التي كان ينوي تنظيم «داعش» شنها على المناطق القريبة من العاصمة بغداد، توقفت بعد سلسلة التراجعات التي تعرض لها خلال الفترة الماضية، فطبقا للخارطة التي سعى تنظيم «داعش» إلى التحرك بموجبها بالقرب من بغداد تمتد إلى ديالى (65 كم شمال شرقي بغداد)، والفلوجة (56 كم غرب بغداد)، التي أعلن فيها منذ بداية العام الجاري «ولاية إسلامية»، وناحية جرف الصخر (60 كم جنوب بغداد)، والتابعة لمحافظة بابل التي هي إحدى محافظات الفرات الأوسط ذات الغالبية الشيعية.![]()