قصيدة "ياقالع الباب الذي عن هزّهـا " للشاعر: ابن ابي الحديد المعتزلي

قد قلت للبرق الذي شـقَّ الدجـى **** فـكأن زنجيـا هنـاك يجــدَّعُ

يا برق إن جئتَ الغـريَّ فقل لـه **** أتراك تعلم من بأرضـك مـودعُ

فيك ابن عمران الكليـم وبعــدهُ **** عيسى يُقـفِّيـهِ وأحـمد يتبـعُ

بل فيك جبـريلٌ وميكالٌ وإسـرا **** فيـل والمـلأُ المقـدَّس أجـمع

بل فيك نـورُ الله جـلَّ جـلالُـه **** لذوي البصائر يُستشـفُّ ويلمـعُ

فيك الإمام المرتضى فيك الوصي **** المجـتبى فيك البطـين الأنـزعُ

الضَّارب الهام المقنع في الوغـى **** بالخـوف للبـهم الكمـاة يُقنّـعُ

حتى إذا اسـتعر الوغـى متلظياً **** شـرب الدمـاء بغـلةٍ لا تنقـعُ

هـذي الأمـانة لا يقـوم بحملها **** خـلقاءُ هابطـة وأطـلس أرفـعُ

تأبى الجبال الشـمُّ عن تقليـدها **** وتضـجُّ تيـهاءٌ وتشفق برقـعُ

هـذا هو النـور الذي عـذباتـه **** كـانـت بجـبهـة آدم تـتطـلّعُ

وشهابُ موسى حيث أظـلم ليـله **** رُفـعـت لـه لألاؤه تتشـعشـعُ

يا مـن ردت له ذكـاءُ ولمْ يفـزْ **** لنظـيرها من قبـل إلا يـوشـعُ

يا هـازم الأحزاب لا يثنيه عـن **** خوض الحـمام مـدجج ومـدرَّع

يا قـالع الباب الذي عن هـزّها **** عجـزت أكـفٌّ أربعون وأربـع

ما العـالم العـلـويِّ إلا تربـةٌ **** فيـه لجـثَّتك الشـريفة مضجـعُ

ُما الد هر إلا عبدُك القـنُّ الـذي **** بنفوذ أمرك في البريـة مولـعُ

بل أنت في يوم القـيامة حـاكمٌ **** في العـالمين وشـافعٌ ومشـفِّعُ

والله لولا حـيـدرٌ ما كـانـتِ **** الدنيا ولا جمـع البريـة مجمـعُ

عـلم الغيوب إليه غيـر مدافـع **** والصبح أبيض مسـفر لا يدفـعُ

وإليه في يوم المـعاد حسـابنـا **** وهـو المـلاذ لنا غـداً والمفزعُ

يا مـن له في أرض قلبي منـزلٌ **** نعـم المـراد الرحب والمستربعُ

أهواكَ حتى في حشاشة مهجـتي **** نار تشـبُّ على هـواك وتلـذعُ

وتكاد نفسي أن تـذوب صبابـةً **** خُـلقاً وطـبعاً لا كمـن يتطـبعُ

ولقـد عـلمت بأنه لا بُـد مـن **** مهـدِّيـكم وليـومـه أتـوقَّـعُ

يحـميه من جنـد الإله كتـائـبٌ **** كاليـمّ أقـبـل زاخـراً يتـدفـعُ