قراءة في كتاب (ساخون وطني )
محمد أحمد عيسى الماغوط (1934- 3 أبريل 2006) شاعر وأديب سوري، ولد في سلمية بمحافظة حماة عام 1934. تلقى تعليمه في سلمية ودمشق وكان فقره سبباً في تركه المدرسة في سن مبكرة، كانت سلمية ودمشق وبيروت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة تشرين كما عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة الشرطة، احترف الفن السياسي وألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية والشعر وامتاز في القصيدة النثرية وله دواوين عديدة. توفي في دمشق في 3 أبريل 2006.
للوهلة الأولى يظن القارئ أن هذا الكتاب يتحدث عن خيانة الوطن وبيعه للأعداء والتخلي عن الانتماء له، ولكن هذا الحدس خاطئ ، فالكاتب كان أسلوبه في الكتابة يغلب عليه السخرية والتهكم من حال الأمة العربية، تطرق الكاتب في كتابه إلى عدة قضايا تشغل الرأي العام ، أهمها قضية فلسطين وعدم اهتمام الأنظمة العربية بها ، وأيضًا مشاكل الدول العربية، وسياسة تكميم الأفواه ومنع أي شكل من أشكال الحرية، وزاد على ذلك تطرقه للخطر الذي يواجه الوطن العربي ويحد من تطوره، كتحكم الدول الغربية به كإسرائيل وأمريكيا وغيرها من الدول العظمى.
إذا ما أقدمت على الإنتحار قريباً فما هذا إلا لكي ترتفع روحي المعنوية إلى السماء.
---------
بعد أن أتى الجراد السياسي في الوطن العربي على الحاضر والمستقبل، يبدو أنه الآن قد التفت إلى الماضي، وذلك حتى لا يجد النسان العربي ما يسند ظهره إليه في مواجهة الأخطار المحيطة به سوى مسند الكرسي الذي يجلس عليه، بدليل هذا الحنو المفاجيء على لغتنا العربية، وهذه المناحة اليومية في معظم صحف واذاعات المنطقة، على ما أصاب قواعدها من تخريب وما يتعرض له صرفها ونحوها من عبث واستهتار، حتى لم يعد احدنا يعرف كيف يقرأ رسالة أو يدون رقم هاتف.
----------
ما الفائدة من الإسم إذا كان صحيحا... والوطن نفسه معتلاً
---------
كلما سمعت او قرأت هذا او ذاك من الشعرءا او الصحافيين او المذيعين العرب يجعجع عن الديموقراطية والعدالة والحرية وينتصر على الصهيونية ويقضي على التخلف ويتوعد هذا ويهدد ذاك وهو جالس في مقهاه ! او وراء مذياعه .. لا اتمنى سوى تأميم اللغة العربية من المحيط الى الخليج وتكويمها في بيدر او ساحة عامة في قلب الوطن العربي
---------
بلد لا يوجد فيه مشاكل .. هو بلد لا استطعيع العيش فيه
---------
مشكلتي في هذا الوطن انني احترم كل شيء فيه حتى قمامته .. بدليل وانا عائد في آخر الليل سقط عليَّ كيس قمامة .. فلم احتج .. ولم انفضها حتى عن ثيابي .. ولأنني من طريقة سقوطها علي .. عرفت أنها زبالة مدعومة !
---------
بعد ثلاثين سنة من الثقة المتبادلة بين المواطن العربي وأجهزة الاعلام العربية .. نعلم انه عندما تركز الاجهزة على قضية ما .. وترعاها فجأة بكل ما عندها من صحف ومجلات وخطب ومهرجانات ومطربين ومطربات .. فمعنى ذلك ان نقرأ الفاتحة قريباً على هذه القضية
---------
عندما تركز اجهزة الاعلام على النصر والتحرير واستعادة الاماكن المقدسة .. اضب الحقائب واستعد للمبيت قريباً انا وعائلتي تحت احد الجسور في الفاتيكان لان معنى ذلك التركيز ان قطعة اخرى من الارض العربية ستطير
---------
أرغب بأن اعلن .. ان لا شروط لنا أبداً على تحقيق الوحدة العربية ..بإستثناء شرط واحد هو اننا لا نريدها
---------
الإذاعة : نؤكد مراراً وتكراراً امام العالم أجمع أنه : لا صلح .. لا اعتراف .. لا مفاوضات
المستمع : لا تذكبي إني رأيتكما معاً
---------
من كثرة الطرق التي أصبحت تؤدي الى قضية فلسطين .. صارت القضية في حاجة الى ادارة مرور تنظم حركة السير إليها
---------
ما أذرب ألسنتنا في اطلاق الشعارات .. وما ارشق ايدينا في التصفيق لها .. وما اعظم جلدنا في انتظار ثمارها
---------
إذا بقيت مفاهيم النضال العربي كما هي الآن فإن الشكل النهائي لخريطته وخريطة الون العربي نفسه لن يكون في المستقبل الا كشكل الخنفس بعد ان يقول له حلاق السجن " نعيماً " وتصبح على ألف خير
---------
كل طبخة سياسية في المنطقة امريكا تعدها و روسيا توقد تحتها و اوروبا تبردها و اسرائيل تأكلها و العرب يغسلون الصحون
----------
أليس من العار بعد كل هذا التطور العلمي والحضاري الذي حققته البشرية وبعد مئات الجامعات وآلاف المدارس التربوية و الفنية والادبية والمسرحية و الفندقية التي تغطي ارض الوطن العربي ان تظل لغة الحوار الوحيدة بين السلطة والمواطن هي الرفس وشد الشعر !
---------
جربوا الحرية يوماً واحداً لتروا كم هي شعوبكم كبيرة .. وكم هي اسرائيل صغيرة
---------
اذا لم نستطع تدريب انسان عربي واحد على صعود الباص من الخلف و النزول من الامام .. فكيف نبغي تدريبه على الثورة
---------
المواطن العربي اليوم يعيش مثل الاطرش في الزفة بالنسبة لكل ما جرى و يجري في المنطقة .. يضع يده على خده ويتربع امام شاشة التلفزيون وامامه علبتا كلبنكس واحدة على اليمين للانظمة اليمينية .. وواحدة على اليسار للأنظمة اليسارية
---------
على الرغم من ملايين الاقدام الفتية التي تدق كعوبها على الارض العربية صباح مساء فلا شيء يدب عمليا على طريق التحرير سوى العكاكيز
---------
نتسائل أيتها الحكومات .. اذا لم يستطع الكاتب العربي وفي ادق مرحلة تمربها امته . . ان يعبر عن رأيه في الماضي او في الحاضر او في المستقبل او في حرب لبنان او حرب الخليج او حرب الصحراء او عن كامب دايفيد او عن المقاومة فماذا يفعل .. هل يضع سلة بيض في زاوية المكتب او المطبعة ويرقد فوقها كالدجاجة حتى تمر هذه المرحلة التي تتحججون بها لفرض قيودكم.
============================
[.. سأخونُ وطني ..]!