جولة في التاريخ والموروث الشعبي العراقي
جولة في التاريخ والموروث الشعبي العراقي
صدر العدد السادس من مجلة " نهرايا " 2014 ، وهي مجلة فصلية مصورة تعنى بذاكرة العراق وتراثه وثقافته. تميز العدد بتنوع ابوابه التي أخذتنا في جولة للذاكرة العراقية لترصد اشقياء بغداد ومنحرفاتها ومقاهي البصرة والموصل ، واسواق بغداد ( الثلاثاء وخان جغان ودانيال) التي افرد لها العدد اربع صفحات بقلم د.جمال البزاز.
كما اضاءت "نهرايا" ذاكرة دخول اول سيارة لبغداد ،اذ كتب زهير الدجيلي ،عن اعلان السلطة البريطانية عام 1918 وحاجتها لسواق سيارات " يشترط على الطالب ان يكون عمره بين الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين ،وان يكون قوياً وسالما من العلل، ومن يقبل من الطلاب يعطى روبية واحدة يومياً ما دام في التدريب ،وراتبا من 45 الى 50 روبية شهرياً مع تعيينه راشن عندما يتقن التعليم ،ويعين سائقاً للسيارات في مقهى الحاج كاظم ( ابو حساني)" .
في باب " ذكريات الإعلام" (حرر، معن عبد القادر آل زكريا،موضوع فرينز غروبا .. السفير الالماني في بغداد) عن ذكريات يونس بحري الذي عاد الى بغداد بعد نفيه منها بعد انقلاب بكر صدقي ،وعلاقته بالدكتور " فرينزغروبا" وزير المانيا المفوض في بغداد ، عندما نقل له امنية الملك غازي بالحصول على اذاعة قوية ليرى العالم كيف يخاطب البريطانيين وغيرهم من المستعمرين. مواصلاً ، بعد اسبوع طلبني الوزير الالماني وأراني صناديق ضخمة وهو يبتسم بخبث" هذه محطة إذاعة على الموجة القصيرة بقوة 50 كيلووات... خذها الى الملك هدية من الزعيم هتلر" فكانت اذاعة قصر الزهور .
ملف العدد كان بعنوان " رحلة التقاويم والشهور وشجون الدهور" بقلم د. علي ثويني. جاء فيه " كلمة تقويم منحدرة من مصدر ( قوّم) الآرامية والعربية، التي تعني أزال الاعوجاج من الشيء، وتعديله، وهي تشكل مجموعة القواعد للتوفيق بين السنة المدنية والاستوائية ولتقسيم الأزمنة".
المجلات والصحف المفضلة لدى العراقيين. كان احد مواضيع " ذاكرة الصحافة " بقلم محمد مجيد الدليمي، الذي اعتمد الصحف والمجلات الصادرة في عقد العشرينيات.
اذ ينقل عن الكاتب التراثي المعروف ( عباس بغدادي) في كتابه ( بغداد العشرينيات) "ان القراء كانوا يفضلون جرائد : الاستقلال ، دجلة ،البدايع ، سليمان الدخيل. فضلا عن بعض المجلات المصورة من خارج العراق مثل: اللطائف، المصور، كشكول ، الرسالة".. كما ضم العدد ابوابا عن مدن عراقية ،ذاكرة اللسان العراقي ،وأوابد تاريخية عراقية ، وذاكرة الفن والطرب ، وفنون العمارة العراقية، اذ كتب د. خالد السلطاني ،عن سنين تأسيسها – عمارة الثلاثينيات في بغداد ، دراسة رصد فيها اهمية العقد الثلاثيني التكوينية والتصميمية وذلك من ناحية سياق اللغة المعمارية اولا،والنسق التصميمي المولود من رحم تلك السياقات واضافته المتفردة ثانياً.
اما باب عقائد وفئات العراق فكتب علي الحسيني عن " الزنديق بوصفه اكثر الالفاظ إثارة في العقل الإسلامي" عازيا السبب الى التفسير والتأويل المغاير للسائد والشائع.
اذ اتفقت اغلب المعاجم والقواميس اللغوية على ان لفظ زنديق لفظ فارسي معرب. يقول الشريف الرضي في كتابه ( الشافي في الإمامة) ان لفظ الزنديق( معرب زن دين: أي دين المرأة) .
اختتم العدد بباب " ذاكرة الوثائق والصور" الذي افترش الصفحات الاخيرة بصور منوعة من الحياة العراقية وتاريخها ومواقعها الاثرية وبعض الشخصيات الاجنبية .
نهرايا، سفرة ممتعة في ارجاء الذاكرة العراقية على تنوع مشاربها ومصادرها الادبية، لكنها بحاجة الى تعميق العلاقة مع الموروث الشعبي والأثري العراقي بصورة اكبر، والنزوع به الى الدراسة منه الى المقال،ليتحول الى مادة ارشيفية تغني الباحث والدراس.ِ
وفي التفاتة مميزة رائدة ضم عدد المجلة كتاباً وهو الثاني في سلسلة طبعه للكاتب قحطان جاسم جواد عن فنان المونولوج العراقي الاشهر " عزيز علي" بعنوان " العبقري الذي ملأ الدنيا وشغل الناس" في 91 صفحة من القطع الصغير ،وهي جولة في حياة الراحل الفنية وبعض ما كتب عنه.ع