إن أول خطوة في رحلة المسؤولية التي ينبغي علينا قطعها في الحياة هي نبذ الشعارات واﻷعذار الواهية،ومن ثم التشمير عن ساعد الجد ﻷداء مهمة الوقوف وتحدي الغزو الفكري والثقافي اﻷجنبي الذي يتعرض له مجتمعنا المسلم. فهذا الغزو يهدف أوﻻ وآخرا سلخ المبادئ والقيم واﻷخلاق والتأريخ والثقة بالنفس واﻷعتماد على الله العلي الكبير عن اﻹنسان المسلم..
ولهذا الغزو الذي بدأ منذ مدة ليست بالقصيرة وسائله الخاصة به،وأهم الوسائل المستخدمة في هذه الفترة الحرجة هي سيل ،بل سيول البرامج التربوية التي تواجهنا به وسائل اﻹعلام اﻷجنبي ،كاﻷفلام السينمائية،والمناهج المدرسية الضالة ،وبرامج المحطات الفضائية التي تشكل بمجموعها الخطر المحدق بأجيالنا لسلخها عن شخصيتها التي أرادها الله لها..
فيا ترى كيف نستطيع مواجهة هذا الخطر العظيم؟
وفي إطار اﻹجابة على هذا السؤال الكبير ،وأقول :ان هناك طرق عديدة تمكننا من تحصين الجيل الجديد ضد اﻹنحراف واﻻنهزام أمام الخطر المشار إليه..
وأول تلك الطرق ،معرفة أن البيت واﻷسرة بمثابة الخندق اﻷول واﻵخر لصيانة شخصية اﻹنسان عموما ،والطفل على وجه الخصوص،إذ في البيت يمكن محاربة اﻷفكار الشيطانية الوافدة.
ونحن إذا فقدنا كل خنادق المواجهة أو أن خطوطنا الدفاعية قد انهارت،فإن البيت يبقى الخندق اﻷخير الذي نمارس فيه مهامنا ومسؤوليتنا.
وإذ اتحدث عن البيت واﻷسرة ،فإني أقصد بالدرجة اﻷولى المرأة التي تمثل القاعدة فيه؛المرأة التي هي زوجة وأم في آن واحد.
وقبل هذا وذاك،أقول بأن المرأة التي ترغب في رعاية وردة في حديقة منزلها مثلا -تراها تسأل هذا الخبير و ذاك،أو انها تقرأ على اﻷقل مايرشدها إلى طريقة رعاية تلك الوردة؛ولكن هل أن طفلها أقل شأنا من وردة؟وهل أنه ﻻ يستحق مزيدا من اﻷهتمام؟
وأنا ﻻ أعرف حتى اﻵن السبب وراء تناسي البنات وغفلتهن عن عدم التمهيد لحياتهن،وعدم الدراسة والتعرف على طرق ووسائل التربية الصحيحة ﻷطفالهن في المستقبل؟
إن المعرفة اﻷولى واﻷساسية والجديةفي هذه المهمة مهمة التربية هي التعمق في الحكمة اﻹنسانية القائلة:"وراء كل رجل عظيم إمرأة".
ففي التاريخ وجدنا مع النبي موسى اخته،ومع عيسى أمه،ومع النبي محمد زوجته خديجة،ومع اﻹمام علي زوجته فاطمة،ومع اﻹمام الحسين أخته زينب..
فأنت أيتها اﻷخت الفاضلة ؛تستطيعين أن تكوني مدرسة في حياتك لتربية اﻷطفال وإعداد الجيل الصالح.
ومن أهم أصول التربية الصالحة ،أصل غرس الحب في نفس الطفل حتى ﻻ يشعر فيما بعد بعقدة النقص في العاطفة،بل ﻻبد من السعي باتجاه توفير أقصى درجات الراحة النفسية والشعور بالعطف والحب والحنان؛لئلا يكون شخصا منحرفا يرغب باﻷنتقام ممن و مما حوله...كما هو شأن الطغاة والمجرمين الذين تعود أهم أسباب طغيانهم وجرائمهم إلى عقد النقص هذه.
والمهمة اﻷخرى للمرأة هي:اﻹهتمام بالقضايا اﻹنسانية وعدم اﻹكتفاء باﻻهتمام بما يدور في مجتمعنا أو مدينتنا فحسب،فالله سبحانه وتعالى خلق اﻹنسان كائنا طموحا محبا للخير لنفسه واﻵخرين، واﻹهتمام هذا ﻻيكون دون اﻹطلاع على شؤون العالم ،ﻻسيما إذا عرفت المرأة أن رسالتها السماوية ﻻ تحدها الحدود وﻻتمنعها العقبات ،وبالتالي فإن مساحة مسؤوليتها بقدر رسالتها الدينية الشاملة...