علم النفس الإجرامى
هو علم حديث النشأة يختص بدراسة السلوكيات الشاذة أو السلبية للشخصيات أصحاب النزعة الإجرامية و لقد وضعت الكثير من النظريات التى تفسر السلوك الإجرامى نعرض فى هذا المقال لعدد ممن نظروا لعلم النفس الإجرامى و هى كالتالى:
بـنظرية لومبروزو:
أستاذ الطب الشرعي والعقلي في الجامعات الايطالية, لقد لاحظ لومبروزو بأن الجنود الأشرار يتميزون بعدة مميزات جسدية لم تكن موجودة في الجنود الأخيار, وذلك خلال عمله في مجال الطب الشرعي في الجيش الايطالي لبعض الوقت.
انتهى لومبروزو من ذلك إلى أن المجرم نمط من البشر يتميز بملامح عضوية خاصة، ومظاهر جسمانية شاذة مثل صغر الجمجمة، وعدم انتظامها، وطول الذراعين، وكثرة غضون الوجه، واستعمال اليد اليسرى وضخامة الكفين والشذوذ في تركيب الأسنان إلى جانب عدم الأحساس بالشعور بالألم, أيضاً لفت لومبروزو الانتباه إلى بعض الملامح العضوية التي تميز المجرمين عن بعضهم البعض. فالمجرم القاتل يتميز بضيق الجبهة، وبالنظرة العابسة الباردة، وطول الفكين وبروز الوجنتين، بينما يتميز المجرم السارق بحركة غير عادية لعينيه، وصغر غير عادي لحجمهما مع انخفاض الحاجبين وكثافة شعرهما وضخامة الانف وغالباً ما يستخدم يده اليسرى.
و لكن بالتأكيد وجهت الكثير من الانتقادات لنظرية لومبروز و منها:
1) إن الحالات التى بنى عليها لومبروزو فرضيته لا تكفى من حيث العدد لأن يستخلص منها نتيجة نهائية عامة يمكن تطبيقها على كل الحالات الإجرامية.
2) تركيزه على الجانب العضوي فقط كعامل للسلوك الاجرامي و أهماله للعوامل البيئية و الاجتماعية جعلت نظريته ضعيفة لأنها ركزت على جانب واحد فقط.
3) فى مسألة عدم الأحساس بالألم مثل بعض الأشخاص الذى يوشمون أنفسهم و لا يستشعرون الألم لا يمكن أن تتخذ كدليل أو مؤشر على وجود سلوك إجرامى لدى ذلك الشخص.
لكن ومع الانتقادات الكثيرة التي وجهت لنظرية لومبروزو فسوف يظل لومبروزو المؤسس الأول لعلم الانتروبولوجيا الجنائية أو الإنسان المجرم.
نظرية دي تيليو:
جاءت نظرية دي تيليو كرد فعل على نظرية لومبروزو ودي تيليو وإن اتفق مع لومبروزو على وجود المجرم بالتكوين إلا انه رفض أن يعتبر العامل الوحيد لتفسير أو التدليل على السلوك الإجرامي للشخص، وإنما يتضافر معه أيضاً العوامل الاجتماعية لتفسير السلوك الإجرامي.
وتتخلص نظرية دي تيليو أنه فرق بين صورتين رئيسيتين للاستعداد الإجرامي: الأولى عرضية والثانية ثابتة.
فالأولى: عوامل بيئية و اجتماعية أثرت فى التكوين الشخصى للمجرم فأفقدته القدرة على ضبط مشاعره و عززت لديه الدوافع الإجرامية و من هذه العوامل الحقد و الغيرة.
والثانية: و هى التى اتفق فيها مع لومبروزو فى أن تكوين الإنسان من الناحية العضوية قد يمثل استعداد قوى للإجرام مثل ضخامة الجسد و قوة الشخص الذى تعرض لعوامل نفسية و اجتماعية متنوعة ساعدت فى تشكيل سلوكه الإجرامى فشكلت لديه الحافز القوى للقيام بجرائم خطيرة.
أيضا نظرية دي تيليو لم تسلم من النقد إلا أنها تعتبر بالنسبة لعلم الإجرام أكثر النظريات قبولاً، ومن الانتقادات التي تعرضت لها النظرية:
1) لقد بالغت النظرية في اعتبار تأثير الجانب العاطفي المختل على سلوك المجرم لأنها بهذه الطريقة كانت كغيرها تقريبا فى التركيز على عامل واحد فقط لتفسير السلوك الإجرامى لدى المجرم أو الجانى.
2) إن دي تيليو وقع فيما وقع فيه لومبروزو في استخلاصه نتيجة عامة من حالات قليلة اخضعت للتجارب لا ترقى إلى مستوى استخلاص فرضية أو نتيجة عامة يمكن الارتكاز إليها فى تفسير السلوك الإجرامى .
مدرسة التحليل النفسى:
أول ما يذكر أسم مدرسة التحليل النفسى يذكر على الفور عالم النفس سيجمند فرويد و يتفق سيجمند فرويد مع المدرسة التكوينية فى إرجاع اسباب السلوك الإجرامى للعوامل الفردية و لكنه أختلف معها فى كونها نفسية أو عضوية و قد أرجعها فرويد إلى كونها عوامل نفسية.
يرى فرويد أن السلوك الفردي يتوقف على مدى العلاقة بين النفس ذات الشهوة و الأنا العليا, فإذا تغلبت الشهوات والميول الفطرية (النفس ذات الشهوة)، فإن السلوك يكون منحرفاً، وتكون شخصية صاحبه غير ناضجة، أما إذا تغلبت المثل والقيم الموروثة، وتحكم الضمير والعقل (الأنا العليا) كان السلوك قويماً وكانت شخصية صاحبه ناضجة.
إن فرويد يرى لقوة الكبت أبلغ الأثر في سلوك الإنسان فإذا كانت تربية الإنسان حينما كان طفلاً قائمة على أسس متوازنة توازن بين الرغبات والميول ، فإن من شأن ذلك تحقيق الرغبات المكبوتة تحقيقا متوازنا صحيا، و أما إذا كان الإنسان فى نشأته الأولى لم يتم تربيته على الموانة بين الرغبات و الميول فيكون الفرد معرضاً في مستقبل حياته للأمراض العصبية والاضطرابات النفسية والتي قد تؤدي إلى نشأة العقد النفسية و قد أولى فرويد الجانب الجنسى التأثير الأكبر فى سلوك الإنسان نحو الاعتدال أو الشذوذ.
و لاقت أيضا نظرية فرويد فى مدرسة التحليل النفسى الكثير من الانتقادات ملخصها أنها اهتمت بجانب واحد فقط و هو الرغبات المكبوتة و التركيز بشكل مبالغ فيه على العامل الجنسى فى تقييم السلوك الإنسانى, فمنتهى الانتقادات التى وجهت لفرويد تتشابه إلى حد ما مع المدرسة التكوينية فى كون كل واحدة منهم اهتمت بجانب واحد فقط و لم تعتنى بعوامل أخرى تشكل السلوك الإجرامى لدى الشخص الجانى.
هناك الكثير من النظريات الاجتماعية أيضا التى تفسر السلوك الإجرامى لدى شخص أو عدة أشخاص فى جماعة معينة و تعرضت تلك النظريات للمراجعة و النقد شأنها شأن بعض النظريات النفسية التى عرضنا لها فى علم النفس الإجرامى و يبقى الجدل العلمى المثار حول السلوك الإجرامى للأشخاص ذوى النزعات الإجرامية مستمر و لازال محل دراسة أيضا من الجانب البيولوجى و إرجاع عوامل الإجرام لدى هؤلاء إلى جينيات متوارثة عن آبائهم و أجدادهم و هذه أحدى النظريات السخيفة التى لا أرى لها صدى على أرض الواقع لأنها باختصار شديد تؤسس لفكرة أن الجريمة التى ارتبكها هذا الجانى خارجة عن سيطرته الشخصية و على غير إرادته و كأنها تعفيه من المسئولية الجنائية, أعتقد أنها أحدى المدارس السيئة السمعة من وجهة نظرى فى تبرير الجريمة و ليس فى تفسيرها و محاولة معالجة السلوك الإجرامى لدى المجرم.
رد مع اقتباس
شكراا لك
