نبارك لصاحب العصر والزمان عجّل الله فرجه والسيد علي السيستاتي دام ظله وللمسلمين جميعاً الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى تصدَّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته، والتي أنزل الله تعالى فيها آية الولاية فقال عز وجل:
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون﴾.
والخطاب في هذه الآية المباركة تحصر الولاية بثلاثة هم: " الله تعالى" و"الرسول صلى الله عليه وآله " و" الذين آمنوا …" وقد كرَّم الله تعالى صاحب الصدقة فعبَّر عنه بصيغة الجمع وكرَّم من يتولاّه بعد الله ورسوله فسماهم "حزب الله" ووصفهم بالغالبين.
- قصة الآية:
تكاثرت الروايات على أن الآيتين السابقتين نزلتا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمّا تصدق بخاتمه وقام صحابة النبي الكرام بنقل قصة التصدق هذه، وعلى رأس هؤلاء الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه الذي كان يصر على نشر هذه القصة المباركة إيماناً منه أنها واحدة من القيم الكبرى والفضائل العظمى التي أرادها الله خالدة خلود القرآن الكريم فقال رضوان الله عليه: "صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم أشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاً،
وكان علي عليه السلام راكعاً فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبي صلّى الله عليه وآله
فلما فرغ النبي من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: "اللهم موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي، اشدد به أزري و أشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بآياتنا. اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم واشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أشدد به ظهري".
قال أبو ذر: فما استتم رسول الله صلّى الله عليه وآله الكلمة حتى نزل جبرائيل من عند الله تعالى إلى الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وقال يا محمد اقرأ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُون﴾.
- أهمية الصدقة:
إن نزول آية الولاية في تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام يدل على القيمة الكبرى للصدقة في الإسلام والتي ورد فيها أحاديث كثيرة تدل على مكانتها عند الله تعالى فهي كما ورد على لسان الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله: " تقع في يد الله قبل أن تقع في يد العبد"
و"تطفئ غضب الرب" و"تدفع البلاء"
وهي كما أكد نبينا الأكرم صلّى الله عليه وآله "سبب لاستنزال الرزق" "ومداواة المرض" "ورحمة للموتى"،
وهي ذات الآثار الجليلة التي عبَّر عنها الإمام الصادق عليه السلام بقوله:"الصدقَّة تدفع ميتة السوء وتدفع سبعين نوعاً من البلاء"،
" أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله".
- الصدقة بين القيمة والإخلاص:
إن نزول آية الولاية بعد تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه يدل على مكانة التصدَّق، إلا أن المكانة والقيمة الحقيقية ليست لهذا العمل المجرَّد بل للخلفية الإيمانية والروحية التي حركت الإمام علي عليه السلام للتصدُق بخاتمه، وهذا ما لم يفهمه بعض من عاصر النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله وفاجأه نزول آية الولاية بسبب تصدُق الإمام عليه السلام فقال: " تصدقت بأربعين خاتماً وأنا أصلِّي لينزل فيَّ ما نزل في أمير المؤمنين فلم ينزل". ولم يدرك هذا الرجل أن الله تعالى لا ينظر لصورة العمل وكميته بل لمدى الإخلاص الذي انطلق منه ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى
منقوول