كان يراها فيعجب بها، فيبحث عن وسيلة للتعرف إليها، ومن ثم يقصد منزل والديها لطلب يدها، وبقيت سنوات طويلة بعد المكاتبات والمراسيل، الهاتف هو أقرب وسيلة تواصل. مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وخدمة البي بي إلى الواتساب، الفايبر، الفوكسر،
وغيرها الكثير، كلها وسائل ما زالت تطبق عبر الهاتف أيضاً، لكن بكلفة أقل مع إمكانية بعث الصور ورؤية الشخص الآخر، ما جعل تكوين العلاقة أسهل بكثير من ذي قبل. آراء بين مؤيد ومعارض، وقصص نتيجتها كانت الزواج وأخرى الفراق نعرضها في التحقيق التالي:
حب عبر الفيسبوك وخاتم الخطوبة عبر البريد
تخبرنا السيدة رانيا السيّد (26 عاماً) كيف تعرفت إلى زوجها عبر الفيسبوك فتقول: «كنت في الواحدة والعشرين من العمر عندما تعرّفت على زوجي عبر «الفيسبوك» هو يعيش في مصر وأنا في لبنان، استمرّت العلاقة لمدة سنة قبل اللقاء الأول ونشأ بيننا حب كبير، وبعد مرور سنة أرسل لي خاتم الزواج بالبريد،
رفض أهلي الموضوع أولاً، واشترطوا عليَّ التعرّف عليه للموافقة، وفيما بعد حضر وأهله إلى لبنان لخطبتي، فتمّت الخطوبة وبعد سنة تزوّجنا،
واليوم نحن أسعد زوجين لأن حبّنا لم يبنَ على علاقة عادية، بل بني على التفاهم والحوار لساعات طويلة، ما أدى إلى فهم طباعنا كثيراً قبل الشروع في الزواج الأمر الذي ساعدنا في إنجاحه».
التواصل لايعبر عن المشاعر
أما ريم أيوب (24 عاماً- موظفة) فكانت لها تجربة في العلاقات عبر الشات التي باءت بالفشل وأخبرتنا عنها أكثر: «لدي الكثير من الصداقات التي أنشأتها على «الفيسبوك» و»الواتساب»، من خلالها تعرفت إلى شاب وكنا نتواصل لمدة ثلاثة أشهر على «الفيسبوك»،
قبل اللقاء الأول، أُغرم بي وكنت أنا أبادله المشاعر نفسها، لكن بعد لقاءات متعددة ازداد غرامه بي، في حين أنا لم أتقبّله كثيراً، فانفصلنا بعد ثلاثة أشهر، بالتالي أعتقد أنه ليس بالضروة نجاح هذه الطريقة لأن اللقاء أهمّ بكثير من الكلام الذي لا يبيّن صدق أو كذب المشاعر».
زواج ناجح عبر لعبة الورق
لسمير عصفور (35 عاماً- صاحب مطعم) قصة جديدة مع الشات فيقول: «كنت من مدمني لعبة الورق على «الفيسبوك»، وفي إحدى المرّات كانت هناك فتاة من إسبانيا تلعب معي وأصبحنا نتشارك في اللعبة من فترة إلى أخرى، إلى أن وصلت إلى مرحلة أنني طلبت إضافتها كصديقة في لائحتي فوافقت،
وبدأنا نتحادث، بعد سنة ذهبت إلى الإكوادور للتعرّف عليها بعد أن بدأت مشاعر الحب تتكون تجاهها، وعندما التقينا شعرت أنها الفتاة التي لطالما حلمت بها، فقررنا الزواج وانتقلت للعيش هناك، واليوم نحن متزوجان منذ سنة ونشعر بقمة السعادة ونشكر»الفيسبوك» على منحنا تلك السعادة».
العلاقة السليمة أساسها اللقاء المباشر
في حين لا تحبذ الصحافية الشابة رشا الدبيسي (28 عاماً) علاقات النت أو الواتساب قبل اللقاء الأول، لأن ما يمكن اكتشافه خلال الحديث المباشر مع الشخص يختلف عن عبارات يكتبها على شاشة ولا يشعر بها المتلقّي، أحياناً قد نفهم الأمور بطريقة خاطئة عبر الشات، بسبب عدم رؤيتنا للشخص أو حتى عدم سماعنا نبرة صوته،
إنه أمر مزعج كثيراً، فكيف يمكن الشعور بالحب من خلال كلمات يمكن أن يكون الآخر قد كتبها دون أن يشعر بها، أعتقد أن علاقات كهذه لا يمكنها أن تؤسس لعائلة صحيحة وزواج سليم، بل قد تنتهي بفراق مؤسف ومؤلم، لذا أعتقد أن العلاقة السليمة هي التي تبنى على التفاهم والعشرة واللقاءات العاقلة، لا كلام على شات».
علاقات الشات جدية
الأستاذة الجامعية في كلية الحقوق والكاتبة فريهان توسكا (42 عاماً) ترى أن علاقات النت والشات هي علاقات جدّية، لأنها تبدأ بتفاهم وكلام وتعارف من دون تمثيل في التصرّفات، والشات لا يقتصر على محادثات عابرة بل أحياناً يصل إلى أعماق فكر كل شخص، فيتعرّف الشخصان على مكنونات بعضهما وعلى أسرارهما وأفكارهما،
وماذا يكرهان وماذا يحبان في شخصية كل منهما، فتنشأ علاقة عقلية قبل أن تتطوّر لتصبح علاقة عاطفية ممزوجة بالإحساس واللمس والنظر، لكن هناك عوائق كثيرة في هذه العلاقات أهمّها عدم اكتشاف طباع الشريك الحقيقية، والتي لا يمكن اكتشافها إلاّ من خلال العلاقة القريبة المقترنة بالعشرة واللقاء وغيرها من الأمور الحسيّة،
لذا لا يمكن الحكم على هذه العلاقات من منظور واحد، ولا يمكن القول إنها ستفشل حتماً أو تنجح فهي تختلف باختلاف الظروف والأشخاص، فتصل أحياناً إلى زواج أبدي أو فراق وطلاق مؤلم أو علاقة حب فاشلة».
الحب لا يُبنى على كلمات
بينما ترفض السيدة فاطمة الزين (52 عاماً- ربة منزل) رفضاً قطعياً هذا النوع من العلاقات، ولا تعتبرها ناجحة أبداً، وتضيف: «وأنا لا أسمح لابنتي بأن تقيم علاقة عاطفية عبر شاشة، لأنها لن تكتشف صدق الرجل أو كذبه من خلالها، والمؤسف أن التكنولوجيا أصبحت اليوم الحلّ البديل للعلاقات الإنسانية جميعها،
فبالتالي ما عاد الحب وقيمه كما كانت، والحب والارتباط لا يمكن له أن يبنى على كلام فحسب، بل له أسس عميقة وأساسية لا يمكن إغفالها، لذا إن أراد الشخص الارتباط يجب أن يتمّ ذلك بطريقة صحيحة مبنية على العشرة والإحساس، لا على كلمات تكتب باليد، ولا يفهمها القلب، والحب لا يبنى فقط على كلام بل على تصرّفات ومعاملة وهذا مفقود في الشات.»
الوضع الاقتصادي سهَّل التعارف بالشات
يعتبر الدكتور طلال عتريسي (إخصائي في علم الاجتماع) أن الانفتاح على المجتمعات الأخرى بات سمة المجتمع اليوم، فوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا صارا المتحكم بكل أمور حياتنا،
لذا لا يمكننا الاستغراب في شأن العلاقات التي تنشأ عبر الشات، كما إنه لا يمكننا اعتبارها علاقات خاطئة فلكلّ مجتمع ولكل عصر طريقته في العلاقات، منذ القديم كان الزواج يتمّ عبر الصور، وفيما بعد تطوّر إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم،
كما إن هذه الوسائل أصبحت تسهّل طريقة التعارف وهذا ليس بأمر خاطئ، إضافة إلاَّ أن الوضع الاقتصادي بدأ يدفع بالشبّان إلى البحث عن وسائل مريحة للتعرّف على الفتاة وعلى طرق غير مكلفة وهذا أمر طبيعي،
وكأي علاقة طبيعية يمكن أن تنجح أو تفشل، كذلك العلاقات عبر النت أو الواتساب أوغيرها، لكن نسبة فشل هذه العلاقات تكون أكثر من العلاقات الأخرى التي تجري بالطريقة التي اعتدناها.
علاقات الشات فشلها أكثر
كذلك لا تحكم الدكتورة إلهام الحاج حسن (إخصائية في علم النفس والعلاقات الإنسانية) بالفشل على هذا النوع من العلاقات أو النجاح بدرجة كبيرة، فالأمور هنا نسبية وتختلف من شخص إلى آخر، ومن طبيعة علاقة إلى أخرى، المهم في كل علاقة أن تبنى على أسس سليمة، فكل فتاة وكل شاب يميز الأمور الأساسية التي يريدها في الآخر،
وبذلك تبنى العلاقات عبر النت وغيرها، لكن من سلبيات هذه العلاقات أنها معرّضة للفشل أكثر من غيرها كونها غير مبنية على رؤية واضحة لدراسة الآخر من خلال النظر إليه والاستماع إلى صوته، والشعور بمدى صدقه أو كذبه أو حتى التقرّب منه بطريقة مبنية على الدراسة النفسية التي لا يمكن لها أن تتم إلاّ من خلال التواصل الجدّي».
علاقات الشات فشلها أكثر
كذلك لا تحكم الدكتورة إلهام الحاج حسن (إخصائية في علم النفس والعلاقات الإنسانية) بالفشل على هذا النوع من العلاقات أو النجاح بدرجة كبيرة، فالأمور هنا نسبية وتختلف من شخص إلى آخر، ومن طبيعة علاقة إلى أخرى، المهم في كل علاقة أن تبنى على أسس سليمة،
فكل فتاة وكل شاب يميز الأمور الأساسية التي يريدها في الآخر، وبذلك تبنى العلاقات عبر النت وغيرها، لكن من سلبيات هذه العلاقات أنها معرّضة للفشل أكثر من غيرها كونها غير مبنية على رؤية واضحة لدراسة الآخر من خلال النظر إليه والاستماع إلى صوته، والشعور بمدى صدقه أو كذبه أو حتى التقرّب منه بطريقة مبنية على الدراسة النفسية التي لا يمكن لها أن تتم إلاّ من خلال التواصل الجدّي».
تقرير روتانا