لهم عالمهم ولغاتهم وثقافاتهم
لا شك أن للأثرياء عالمهم الخاص الذي دائماً ما يشكل عامل جذب وإثارة للطبقات المتوسطة والفقيرة، فكثيراً ما نجدهم مادة دسمة لخيال الكتّاب والمبدعين الذين يقدمونهم في أعمال سينمائية ودرامية بشكل مستفز، يجعل العامة يكرهونهم أو يحقدون عليهم، من جانبنا نحاول في هذا التحقيق اختراق عالم الأثرياء.
الكاتب والناقد ماهر جلو: الدراما تعرض الجانب الجميل على المشاهد
إخصائي علم النفس د.أحمد يوسف: يتعالى الإنسان إذا ارتبطت شخصيته بالمال
الخبير الاجتماعي د.أحمد فاضل: على الأغنياء أن يرتادوا أماكن الفقراء هرباً من العزلة
رجل أعمال: الفقراء لديهم شعور عدائي دفين تجاه الأغنياء
صاحب شركة مقاولات: الثري تعب وسهر الليالي بينما استكان الفقراء ولجأوا للراحة
سائق خاص: الأغنياء لا يشاركون الفقراء الهواء الذي يستنشقونه
طباخ: أحضروا أصناف الطعام كلها بالطائرة من مطاعم عالمية ولم يستعينوا إلا بالليمون المحلي
هواء مختلف
يقول القاهري محمد عزب «سائق خاص لأحد الأثرياء»: «من خلال تجربتي في التعامل عن قرب مع مجتمع الأثرياء على مدى 10 سنوات اكتشفت أن الأغنياء لهم حياتهم الخاصة،
فلا يشاركون الفقراء حتى في الهواء الذي يستنشقونه، لهم مطاعمهم الخاصة وأنديتهم ومصايفهم، أما أماكن الترفيه وقضاء العطلات الخاصة فغالباً ما تكون خارج مصر إنهم لا يجدون مشكلة في السفر لأي مكان في العالم،
فجوازات سفرهم تحمل تأشيرات مفتوحة لأي دولة، وبالتالي فمن السهل بالنسبة لهم أن يسافروا إلى أي مكان وفي أي توقيت».
كلب ألماني
ويضيف المصري الحاج نجيب علي «طباخ لدى إحدى الأسر الثرية»: «كنت أعمل طباخاً بأحد فنادق الخمسة نجوم، وبالصدفة رشحني الفندق لتنفيذ مأدبة غداء بمنزل سيدة ثرية وضيوفها الذين كانوا من علية القوم،
لهذا فوجئت بأن أصناف الطعام كلها جاءت بالطائرة من مطاعم عالمية ولم نستخدم من المنتجات المصرية غير الليمون وبعض أنواع الخضراوات،
وأثناء متابعتي للضيوف وهم يتناولون الطعام وجدتهم يتحدثون لغات أجنبية ونادراً ما ينطقون باللغة العربية، أما مواضيع الحوارات فكانت مستفزة للغاية، تغلب عليها لغة الأرقام المرعبة فهذه السيدة اشترت فستاناً بـ50 ألف دولار، وتلك اشترت حذاء وحقيبة يد بـ25 ألف دولار وكلها ماركات أصلية وليست تقليداً،
فضلاً عن التطرق إلى ديكورات الفيلا الجديدة بالتجمع الخامس والتي بلغت خمسة ملايين جنيه بينما شكت إحداهن من المرض العضال الذي لحق بكلبها الذي اشترته من ألمـــــانــــيــا ويحـــمــــل جواز ســفـــر وcv يوضح أصله وفصله فأشارت عليها ضيفة بالذهاب به إلى طبيبها الخاص صاحب مستشفى وفندق لعلاج الحيوانات بمنطقة الزمالك بينما دعتهم إحداهن لحضور خطبة ابنتها بعد أيام
وأشارت إلى أنها ستحاول ترشيد النفقات ولن تنفق على الحفل أكثر من مليون جنيه مهما حدث، ولا أخفيكم سراً بأن ضغطي ارتفع في ذلك اليوم وقلت في نفسي جتنا نيلة في حظنا الهباب!».
كشف المستور
أما القاهرية انشراح محمود «كوافيرة» فتقول: «بحكم عملي في أحد الكوافيرات الكائنة بحي الزمالك اقتربت من سيدات المجتمع الراقي اللاتي لهن عالمهن الخاص واهتماماتهن المختلفة،
أحياناً أشك في نفسي متسائلة إن كن بشراً مثلنا أم لا؟ فاهتماماتهن مختلفة، وحواراتهن كلها تدور حول الموضة والأزياء وشراء الشاليهات أو تغيير موديل السيارة أو شراء أطقم الألماس، أشعر أنهن لا يواجهن أية مشكلة أبداً وأحياناً أشعر أن بداخلهن فراغاً كبيراً،
لكن ما لفت انتباهي حالة الغيرة الشديدة بينهن، والتنافس الذي يصل إلى حد الصراع في كل شيء، بعضهن حاول استمالتي لكشف أسرار الأخريات والتجسس عليهن، وبعضهن يطلبن مني عدم تصفيف شعور الأخريات بنفس الطريقة التي يصففن بها شعورهن».
عداء دفين
من جهته، يقول رجل الأعمال القاهري محمود الإبياري: «هناك شعور عدائي دفين تجاه الأغنياء عموماً لدى الطبقة الفقيرة في المجتمع، نظراً لما تقدمه السينما وما تقدمه الأعمال التلفزيونية عن الحياة التي يعيشونها، وهي بكل تأكيد تختلف عن حياة الفقراء»،
مضيفاً: «التلاصق بين الفقراء والأغنياء يدفع إلى الحقد المتبادل، فالأول يحقد على الثاني لأنه ينعم نفسه بشكل مبالغ فيه بينما هو يعاني ويلات الفقر والتهميش في مجتمعه، أما الغني فيتخيل أن هذا الفقير يكرهه كرهاً شديداً».
واختتم الإبياري حديثه مؤكداً ضرورة أن يغير الفقراء من أنفسهم ونظرتهم إلى الأثرياء ولا بد للأثرياء أيضاً أن يكونوا أكثر رحمة على فقرائهم، ولا بد للدراما أن يكون لها دور أفضل ولا يقتصر على التحريض.
سهر الليالي
ويمسك القاهري جمال الأسيوطي «صاحب شركة مقاولات» بطرف الحديث قائلاً: «ليس مستغرباً أن تكون للأغنياء أندية خاصة يرتادونها ومطاعم يفضلونها، ولغة يتكلمون بها، فمن حقهم أن يستمتعوا بما أنعم الله عليهم من فضله، والله سبحانه وتعالى يقول «وأما بنعمة ربك فحدث»،
مضيفاً: «الثري لم يحقق ثراءه وهو نائم في بيته أو متواكل على غيره بل كدّ وتعب وسهر الليالي وربما نام على الأرصفة وواجه مصاعب كثيرة في حياته حتى يجمع ثروته،
بينما معظم الفقراء استكانوا واستسلموا للراحة وانعدم منهم الطموح ولم يكدوا أو يتعبوا في حياتهم، وكل ما يفعلونه هو الحقد على الأغنياء»،
وأشار جمال إلى أنه قارئ جيد لأحدث إصدارات الكتب ومتابع لكل الأحداث السياسية، وحريص على أن يعوض حرمان أبنائه منه بتلبية كل مطالبهم المادية وأنه يشعر بمتعة كبيرة كلما حقق لهم ذلك،
ولا ينسى الأسيوطي حق الفقراء من ماله لهذا لا يتوانى عن تقديم المساعدات المالية لهم بشكل مباشر أو غير مباشر، مبيناً أنه يخرج فوائد ودائعه كلها للفقراء.
أطلب لبن العصفور
أما البيروتي حسن الزين صاحب الـ26 ربيعاً «ابن صاحب مؤسسة» فيقول: «ولدت في عائلة غنية ومع الوقت أصبح والدي واحداً من كبار رجال الأعمال وكان يؤمِّن لنا كل شيء،
فلم أكن أرتدي ملابس عادية كبقية زملائي وكنت أحصل على كل شيء أتمناه فور نزوله الأسواق. وفور بلوغي السن القانونية حصلت على سيارة حديثة وهي السيارة التي تمنيتها،
والتحقت بأهم الجامعات ومع الوقت شعرت بأنه لا فائدة من ارتيادي الجامعة خاصة أني أملك كل ما أريد ويمكنني الذهاب لأي مكان أتمناه في العالم فبعدها قررت أن أكون من رجال الأعمال ودخلت العمل مع والدي،
وأصبحت إمكاناتي المادية أكبر مع دخولي ميدان العمل لكني لا أحبّ أن يقلّني سائق إلى عملي فأفضل الذهاب في سيارتي، ومن أكثر الأشياء التي تهمني إعطاء الفقراء واليتامى بعض الأموال التي بإمكاني مساعدتهم بها للحصول على حياة جيدة،
ومن الأمور التي يفعلها والدي هي مساعدة بعض العائلات الفقيرة، فضلاً عن إعطاء كل من يحتاج المال.
أما عن عطلتي والأماكن التي أتنزه بها فلا مكان خاص، إذ أذهب إلى كل الأماكن العادية والفخمة على حد سواء، وأفضل قضاء الوقت في مناطق خارج منطقتي بين الحين والآخر كي أرفّه عن نفسي وعن زوجتي،
كما أني أعمد إلى السفر بين كل فترة وأخرى من أجل قضاء وقت ممتع مع عائلتي وفي كل مرة اختار وجهة مختلفة، وذلك كي تشعر زوجتي وابنتي بالتجدد والحيوية،
لكن كوني أملك المال الوفير لا يعني أني مختلف عن الآخرين، فأنا أتناول وجبات الطعام العادية والفاخرة وأرتاد جميع الأماكن ولا أفرّق بين غني أو فقير».
دائم السفر
يضيف رجل الأعمال اللبناني روجي الجميّل ذو الـ45 عاماً:
«ولدت في عائلة ثرية وطوّرنا أعمالنا، واعتدت منذ الصغر ألا أعيش حياة الناس العاديين، إذ لا يمكنني أن أتناول طعام العشاء إلا في أثرى الأماكن الموجودة في لبنان،
كما إن أصدقائي هم من الطبقة الغنية والفاحشة الثراء، وليسوا أناساً عاديين في حياتي وإذا خرجت مع شخص عادي أشعر بأني أخرج مع موظف من شركتي.
في الصيف أقضي أوقات فراغي على الشاطئ في يختي، وفي الشتاء أقضيه في الشاليه الخاص بي وأقضي وقتي في التزلج، أما عن احتفالات الميلاد ورأس السنة فإني أسعى كل عام لقضائها في أحد البلدان الأوروبية أنا وأولادي وأصدقائي، وبما أن عملي يتطلّب مني السفر الدائم فأنا أقضي معظم أوقاتي في الطائرة،
لكن عندما أريد السفر لقضاء بعض الوقت فإنني أسعى لقضائه في بلدان لم أرتدها مسبقاً، وبالنسبة إلى الأحاديث الخاصة بيني وبين أصدقائي فإنها تدور حول العمل الخاص بكل منّا وهواياتنا والأشياء التي نحبّ أن نقوم بها
فضلاً عن الحديث عن أسفارنا ولا يمكننا الجلوس مع أشخاص أقلّ منّا مستوى لأننا نشعر بأنه لا حلقة وصل بيننا ولا حديث مشترك. أما عن اللغة التي نتحدث بها فهي اللغة العادية لكننا بالطبع نهزأ ممن لا يعرفون أكثر من لغتين أجنبيتين لأن معرفة اللغات دليل على ثقافة الإنسان وهذا أمر طبيعي».
لا صوت يعلو على المال
بينما يقول السوري زاهر إبراهيم الذي يعمل مدرباً رياضياً: «من خلال معرفتي بعدد من رجال الأعمال والأثرياء في سوريا وجدت أن بعضهم يفكر كيف يجني ثروته فقط من دون التفكير بأمور أخرى كالمطالعة أو حب القراءة لزيادة ثقافتهم،
فهم حريصون على أموالهم وزيادتها، والبحث عن مشاريع جديدة تفتح لهم أبواب مكاسب ومرابح أكثر من التي حققوها، حتى إن بعضهم قد يسافر إلى الخارج للاطلاع على تجارب شركات أو مؤسسات لها خبرة في المشاريع الرابحة»،
مضيفاً: «أيضاً هناك بعض هؤلاء الأثرياء يتجه إلى نشاطات أكثر شعبية كالرياضية التي تزيد من شعبيته كونها الحاضنة الأكثر شعبية في بلاد العالم، ومن خلال الرياضة يكسب ود هؤلاء الناس ويستفيد منها عندما يقوم بترشيح نفسه لمناصب قيادية في البلد أو حتى سياسية،
كأن يقوم بتبني نادي كرة قدم ودعمه بالأموال والإعلانات ليصوتوا له في الانتخابات، وقليل من الأثرياء يقضي أوقات فراغه في الذهاب إلى المعارض الفنية أو المسرح والندوات الثقافية،
لذلك نجد أن قليلاً منهم من يكون على درجة عالية من الثقافة، وحتى إن وجد ثري مثقف فقد يكون قد ورث الأموال من والده أو والدته،
أما حياتهم الشخصية فيقضونها برفاهية وبذخ من خلال ارتياد المطاعم الفاخرة واستخدام أفخم السيارات والتقنيات الحديثة في بيوتهم، وغالباً ما يكون لأحدهم أكثر من منزل أو بيت أو فيلا يعيشون فيها حسب نشاطاتهم أو بتبدل فصول السنة فهم في الصيف يكونوا على البحر أو في المناطق السياحية وفي الشتاء يذهبون إلى المدينة حيث أماكن عملهم ونشاطهم التجاري».
الهروب من الفقر
يقول إخصائي علم النفس اللبناني د. أحمد يوسف: «لا توجد شخصية معينة للأثرياء فالأثرياء أنفسهم يختلفون من شخص لآخر تبعاً لبيئتهم وتربيتهم ومجتمعهم، فمنهم من يولد ثرياً فيكون الأمر عادياً عنده وهؤلاء الأشخاص لا يمكننا انتقادهم أو انتقاد تعاليهم على بعض الطبقات المختلفة عنهم لأن المرء بذلك يكون سببه الأهل والتربية والمحيط،
ومنهم من يصبح ثرياً بعد عوز وغالباً ما يسيطر على هؤلاء الأشخاص شخصية الشر والفساد لأنهم يسعون بأي طريقة من الطرق لزيادة مالهم خوفاً من العودة إلى الفقر الذي هربوا منه فيصبح الأمان مرتكزاً على المال لا أكثر وفقدان المال يهدد أمانهم، لذا يصبح هؤلاء الأشخاص مرهونين بكمّ المال الذي ينتجونه لا بالحياة أو أهميتها بشكل عام.
وعندما تصبح الحياة مرهونة بالمادة تصبح شخصية الإنسان متعالية ومسيطرة وغير متزّنة نفسياً لأنها تصبح مرهونة بالمادة وتصبح المادة هي أساس كل شيء،
أما الأشخاص الذين اعتادوا على المال منذ الصغر فإن شخصيتهم تكون منتظمة أكثر ومنهم من يكون متعاطفاً مع الطبقة الأخرى إذا كان أهله كذلك ومنهم من يكون متعالياً على المجتمع بحسب التربية التي تفرّق بين طبقة وأخرى وهنا نرى انتشاراً قوياً للفساد ولأن كل شيء مباحٌ وسهل الوصول إليه فالمال باستطاعته أن يحضر أي شيء يريده الشخص».
فوارق مجتمعية
يقول الخبير الاجتماعي المصري د. أحمد فاضل: «يختلف الناس فيما بينهم ولا يمكنك أن تجمعهم في صعيد واحد، وهذه الفوارق لا تجدها بين الأغنياء والفقراء فقط وإنما تجدها بين الأثرياء أنفسهم، فداخل كل طبقة طبقات مختلفة ومتنوعة»، مضيفاً: «يتداخل مع طبيعة الحياة المختلفة بعض الأمراض المجتمعية مثل الكره والحقد الدفين،
وهذه أمراض ترتبط بالأشخاص وقد تشجعها الفوارق المجتمعية، ولذلك فالأفضل أن يتولى المجتمع محاربة هذه الفوارق»، لافتاً إلى أن محاربة المجتمع لهذه الفوارق يتحدد في أشكال كثيرة منها، فلا يجعل المجتمع أماكن للأثرياء وأخرى لمتوسطي الحال فيزيدون بذلك فوارق المجتمع وتزيد العزلة المجتمعية،
وغالباً ما يكون التأثير السلبي في مصلحة الأثرياء. وأكد د. فاضل «ضرورة أن يبذل المجتمع أفراداً ومؤسسات دوراً كبيراً في إنهاء هذه الفوارق سواء في طريقة تفكيرهم بحيث لا ينعزل الأثرياء بأنفسهم في مدارس خاصة ونوادٍ ومطاعم،
فتصبح حياتهم أشبه بالكنتونات البعيدة عن حياة بقية أفراد المجتمع، ولعلاج ذلك، طالب الأثرياء بأن يبذلوا مجهوداً في ذلك،
فيقتربون من مجتمعهم وأن تتوزع صدقاتهم وأن يرتادوا الأماكن العامة والشعبية التي يذهب إليها الفقراء حتى يخرجوا من مأزق الحياة الخاصة والمعزولة».
قــلــق دائــم واكــتــئـــاب
وعن الأمراض النفسية التي يمكن أن تصيب بعض رجال الأعمال يقول رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي د.أحمد عكاشة: «نسبة كبيرة من الأثرياء ورجال الأعمال متجهمي الوجه، يعانون من القلق الدائم ليل نهار والذي لا يمكنهم من النوم إلا سويعات قليلة،
وبعضهم يتحول القلق عنده إلى خوف من فقدان الثروة خاصة في ظل الأزمة المالية التي تهدد العالم كله منذ سنوات وحتى الآن»،
مضيفاً أن: «معظم رجال الأعمال يعانون من ارتفاع الضغط والاكتئاب النفسي بل إن أحد كبار رجال الأعمال في مصر أخبرني أن آلام القلق والاكتئاب التي يعانيها أشد قسوة من الآلام التي لحقت به عندما كسرت ساقه أثناء نزوله من السلم الداخلي بقصره!»،
وأكد د. عكاشة أن نسبة المترديين من رجال الأعمال على مراكز الصحة النفسية في العالم تشهد ارتفاعاً كل يوم نتيجة الضغوط النفسية التي يعانونها». متابعة المال
يقول رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام والخبير الاقتصادي ممدوح الولي: «إن رجال الأعمال والأثرياء مهمومون بمتابعة حركة التجارة وسوق الأوراق المالية وأسعار صرف العملات الأجنبية ومدى توافرها والبنوك من خلال شبكة الإنترنت التي توافيهم بالجديد كل لحظة»،
مضيفاً أن: «فئة رجال الأعمال هي الأكثر معرفة بقيمة الوقت والأشد حرصاً عليه، فالثانية الواحدة قد تجلب لهم مكاسب ضخمة أو تلحق بهم خسائر فادحة،
كما أن الأرقام هي اللغة السائدة عندهم لذا تجد غالبهم يتابع القنوات المتخصصة في البزنس عبر الهواتف الذكية وأجهزة اللاب توب والآي باد، ومشتركون في المواقع الاقتصادية العالمية فضلاً عن المواقع الإخبارية التي تجعلهم على علم بكل ما يحدث في العالم من أحداث سياسية أو اقتصادية،
فضلاً عن مشاركتهم في المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية الكبرى، والطريف أن غالبيتهم يقضي معظم وقته محلقاً في السماء ولا يهبط على الأرض إلا قليلاً في إشارة إلى كثرة أسفارهم».
المهم هو الدلالة
وبالنسبة إلى الدراما يقول الكاتب والناقد السوري ماهر جلو: «تناول كتاب الدراما لمسألة الثراء والأثرياء ونمط حياتهم هو وسيلة وليس غاية كون هذه المسألة توضح كيف يتعامل المجتمع وكيف تتحدد العلاقات الاجتماعية من خلال هذا المال وماذا يفعله لصاحبه وبالآخر، فالمهم هنا الدلالة وليس الثراء كثراء أو هل الشخص الغني أو الثري يستخدم المال بطريقة خبيثة، بمعنى آخر هل غايته شراء الناس أو استعبادهم بماله أم مساعدتهم».
ويستكمل جلو حديثه قائلاً: «بالطبع المال يجعل صاحبه يبحث عن المنزل والسيارة الفاخرة ويرتاد الأماكن الراقية عالية الرفاهية من مطاعم ومحال تجارية، وما تفعله الدراما بنا ينطلق من ضرورة عرض الجانب الجميل على المتلقي، إذ يتلازم هنا الجمال مع الثراء، إذ إن من إحدى مهمات الدراما إمتاع عين المشاهد لتقديم ما تحب أن تراه وتستمتع به،
وفي الدراما السورية كان التعامل مع الثراء عموماً يرتكز على منطلق درامي وليس استعراضياً كالدراما التركية مثلاً كونها أي السورية أكثر واقعية من الدرامات العربية الأخرى في توضيح استغلال الأثرياء من المافيا للفقراء».
تقرير روتانا