امرأة تخطت حاجز الثلاثين عاماً .. عاشت في كنف أسرة فقيرة ... مكونة من الأب الذي يعمل سائقا ... والأم ربة منزل وشقيقين .. كانت (ح) الابنة الكبرى منذ ان كانت طفلة صغيرة ... وهي تحلم احلاما كبيرة وتبني لنفسها قصورا في الهواء ... طموحاتها كبيرة تحاول جاهدة تحقيقها ... لكن ظروفها الاجتماعية كانت متواضعة ... فلم تساعدها على تحقيق حلمها المنشود لذلك كانت تحلم بالعريس الثـري الذي سينتشلها من هذه الحياة ...
لكن تعثرها في الدراسة جعلها تؤجل هذا الحلم ... فقد فشلت في دراستها تماما ولم تستطع تجاوز مرحلة المتوسطة وبعدها جلست في البيت لتساعد أمها انتظارا لنصيبها ! ... مرت الايام على وتيرة واحدة ... تستيقظ (ح) صباحا لتبدأ في مزاولة اعمالها المنزلية لتساعد امها ... والاب يعود منهكا في آخر المساء يقدم لأسرتها ما يكفيها ... بالكاد ... ملت (ح) هذه الحياة الروتينية الرتيبة ... الكثير من الشباب بدأوا يطرقون باب اسرتها طالبين الاقتران بها ... إلا انها كانت ترفضهم جميعا ... لأنها لا ترى في أي واحد منهم من يحقق لها الآمال المرجوة ... في احد الايام عاد الاب كعادته مساءً منهكا من عمله يحمل في جيبه بعض الدنانير القليلة لأسرته ... إلا انه في هذه الليلة كان يبدو عليه التعب والارهاق الشديد ... لذلك دخل الى غرفته وخلد الى النوم ... وطلب من زوجته ألا توقظه إلا في الصباح ... في اليوم التالي مباشرة ... حاولت الزوجة إيقاظ زوجها إلا انه لم يستجب لها ... وكانت المفاجأة السيئة التي افقدت الزوجة توازنها ... لقد مات زوجها ... أسرعت (ح) الى غرفة أبيها على صراخ امها ... وعلمت الخبر المشؤوم ... اسودت الدنيا في عينيها ... فقد فقدت الاسرة عائلها الوحيد ... مرت الايام على الاسرة قاتمة ... حالكة السواد ... انتهت أيام العز ولم تنتهِ احزان (ح) التي امست بأن كل ما حلمت به قد انهار فجأة بمجرد وفاة ابيها ... لم تجد الأم مفراً من الخروج للعمل للإنفاق على اسرتها، فتارة تذهب لتبيع الملابس وتوزعها على الجيران ... وتارة اخرى تقف تبيع في جنبر وضعته امام باب الدار بعض الحلوى والنستلات لأطفال الزقاق ... حتى اخبرتها ذات يوم امها ... انها ستتزوج برجل سوف يتقدم إليها، حاولت (ح) جاهدة ان تثني امها عن هذا القرار ولكن عبثا فقد كانت الام مصرة على الزواج ... وبالفعل تم الزواج بعد حوالي عامين من وفاة الزوج الاول ... وكان هذا الزوج هو بداية النهاية لـ(ح) وشقيقها ... فقد تحجر قلب الام تماما وكان كل همها ارضاء زوجها ... الذي لم يكن يرتاح لوجود (ح) في البيت وكثيرا ما كان يشتكي ذلك لأمها ... حتى استيقظت (ح) ذات يوم على كابوس مفزع زفه اليها زوج أمها ... عندما اخبرها بانه سوف يأتي رجل ثري يتزوجها ... لم يكن امام (ح) أي فرصة للاختيار ... او حتى إبداء الموافقة او الرفض .. فقد فرض عليها الزواج من هذا الرجل الذي جاء ليخطبها... الذي وجدته يكبرها بعشرين عاما يعمل صباغا للسيارات في الشيخ عمر ... حاولت (ح) ان ترفض هذا الرجل..و حاولت الهروب من البيت عدة مرات ... إلا ان جميع المحاولات باءت بالفشل ... حتى وجدت (ح) نفسها ذات يوم مجبرة على الزواج من هذا الشخص، وبين يوم وليلة تم الزواج وسرعان ما اكتشفت (ح) ان زوجها يتعاطى المسكرات وينفق كل ما يملك على سهرات الشرب والبنات المومسات ... ويتركها في البيت بدون طعام ... ازدادت المشاكل بينهما حتى وصلت لطريق مسدود ... وتم الطلاق بعد ثلاث سنوات من الزواج الذي اثمر عن طفلة واحدة ! بعد الطلاق كانت (ح) ناقمة على حياتها ... عادت الى منزل امها في باب الشيخ ... كانت حائرة وخائفة ... ما بين جحيم زوج امها وطفلتها التي تريد الإنفاق عليها ... فتعرفت على سائق اجرة .. حتى قررت ان تسير معه في طريق الدعارة وعرض جسدها لطالبي المتعة المحرمة ، وهكذا ظنت ان هذا الطريق اسهل الطرق لتحقيق امانيها الضائعة ! وبالفعل تعرفت على رجال وشباب من مختلف النوعيات ... ويوما بعد يوم بدأت (ح) تعرف اكثر في سوق المتعة الرخيصة وثبّتت قدمها في هذا الطريق الوعر ... كانت داهية بفتنتها وبملابسها الخليعة ... كانت تخطط لتحقيق ثراء فاحش وسريع يعوضها وابنتها حياة البؤس والحرمان ... التي عاشتها .. ثم تتوقف عن هذا الطريق ... إلا انها لم تستطع ان تقاوم بريق الفاحشة ... فكلما تعرفت برجل تحقق لها بعض الاموال والثراء والنشوة في عالم الرذيلة ... وذات يوم كان موعد سقوطها بالمصادفة البحتة عندما جاءت الى احدى الشقق في الكرادة مع طالب المتعة ... واثناء جلسات السمر والشرب والنشوة داهمت الشقة الشرطة فجأة وتم القبض على (ح) مع أصدقائها ... وهي متلبسة بجريمة الزنى والسمسرة ! وعندما تم القبض عليها بكت وقالت إني ضحية أمي التي تزوجت بعد وفاة ابي وتركتني أعيش مع زوج مدمن وسكّير !