ماذا لو أن أول "إنجازات" الثورة الفرنسية كان حرب إبادة جماعية داخل فرنسا نفسها، في مقاطعة فانديه؟
ماذا لو أن بعض نواب الشعب الفرنسي الذين رفعوا مبادئ حقوق الإنسان وجاءت بهم هذه الثورة
تحت شعار "الحرية والعدالة والأخوة"
هم الذين خططوا وصمموا ووضعوا موضع التنفيذ هذه الإبادة؟
حقيقتان يصعب تصديقهما ويكشفهما لنا الباحث والجامعي الفرنسي رينالد سيشير في كتابه الصادر حديثا تحت عنوان
"فانديه ـ من الإبادة الجماعية إلى إبادة الذاكرة".
"فانديه ـ من الإبادة
الجماعية إلى إبادة الذاكرة"
والأدلة التي يكشفها سيشير في هذا البحث الضخم (440 صفحة) دامغة، فبخلاف ما قيل وكتب منذ قرنين حول هذه المرحلة من تاريخ فرنسا، يصعب التشكيك بالمجازر المخيفة التي تعرض لها سكان مقاطعة فانديه بين العامين 1793 و1794 وراح ضحيتها نحو 117 ألف قتيل من الأطفال والنساء والعجزة والرجال، كما لا تقع مسؤولية هذه المجازر على بضعة أشخاص تحركوا من تلقاء ذاتهم دون استشارة السلطات المنبثقة عن الثورة.
فالقوانين التي شرعتها الثورة معروفة ونشرت في الجريدة الرسمية آنذاك، كما أن الرسائل التي تم تبادلها بين "لجنة الإنقاذ العام" التي قررت هذه الإبادة وخططت لها، والمؤلفة من أبرز وجوه نواب الشعب، والجنرالات الذين نفذوها، احتفظ بها داخل الأرشيف الوطني.
لكن كان يجب انتظار نخوة سيشير واكتشافاته داخل الأرشيف المذكور كي تظهر الحقيقة وتنقلب قراءة هذه الأحداث كليا. فعلى ضوء المعطيات الجديدة، يتبين لنا أن الحرب الأهلية المعروفة التي تلت الثورة الفرنسية لم تدم سوى خمسة أشهر، أي من مارس 1793 ـ تاريخ انتفاضة سكان مقاطعة فانديه على الثوار الجمهوريين ـ وحتى 1 أغسطس 1793، تاريخ التصويت داخل البرلمان الفرنسي على أول قانون سحق وإبادة هؤلاء السكان.
أما ما حصل فيما بعد فهو تطبيق حقيقي ومنهجي لهذا القانون لم يسلم منه حتى قاطنو مقاطعة فانديه الموالون للثوار.
كتاب,مكتبه الكترونيه,فرنسي,كتابات,مقا ,ثقافه,ثورة