قرأت هذا المقال في مجلة إلكترونية : "Mind Trip Magazine" لكاتب مجهول ..
ورغم أن نظرته لطريق السعادة نظرة متطرفة وبعيدة , بل وتشبه كثيراً منهج الرهبان والمتصوفة في الدعوة للزهد في متاع الحياة والإعتزال .. إلا أن كلماته صادقة وصادرة من عمق تجربته الشخصية ..
ستجد في إشارته للأسد والفيسبوك !! تلميحاً طريفاً لحقيقة أن معظم همومنا ومعاناتنا وآلامنا صادرة من أشياء لا قيمة لها سوى ضياع الوقت والعمر أحياناً ..
يقول الكاتب :
عندما كنت صغيراً في السن كنت أفكر في أشياء كهذه : ان أجعل إسماً لنفسي ، أن أفعل شيئا عظيماً ومثيراً للإعجاب ، أن أقوم بتغيير العالم , وأقضي على جميع الاشياء السيئة التى فيه ..
أنا لا يهمني ذلك الآن ..
بل إنني أفضل عدم الشهرة على الشهرة وزياع الصيت .. كلما تعلمت ، كلما توصلت إلى نتيجة مفادها أن أفضل شيء في العالم هو أن يتركني العالم لوحدي ..
ووصلت لقناعة أنه ليس هناك شئ محدد يجب تحقيقه في الحياة .. أنت لست بحاجة إلى أن تكون غنياً أو محبوباً أو من ذوي المكانة الاجتماعية المرموقة .. لا تحتاج للكثير من أي الاشياء لكي تكون سعيداً ..
أنت تحتاج فقط إلى التركيز على أن تكون سعيداً ، لأنك لا يمكن أن تفعل إلا شيئا واحدا فقط في كل مرة في الحياة ..
إذا كنت تحاول أن تفعل أكثر من شئ في اللحظة الواحدة لن تستطيع إتمام أي شيء لأن نواياك ستتعارض مع بعض , وسيكون هناك صراع نوايا .. يجب عليك أن تختار .. المهنة أو الأسرة ، المال أو الحب ، النجاح أو السعادة ... لا يمكنك الحصول على كل شيء .. يمكنك حقا أن تملك شيئا واحدا في الحياة ، لذلك من الأفضل الإختيار بعناية ..
يمكنك اختيار المال، وتقضي كل أيامك في المكاتب والتوسع تدريجيا .. وتموت في نهاية المطاف من ازمة قلبية في اجتماع لمجلس الادارة في حين أن الفيراري المطلية بالذهب تقف بهدوء في مرآبك في قصرك المكون من الخمسين غرفة في الحي الأكثر تميزا في البلاد
يمكنك اختيار أي شيء تريده في الحياة، وربما الحصول عليه ، ولكن يمكنك فقط تحقيق شيء واحد .. إذا قسمت أولوياتك سوف تحقق نتائج مقسمة أيضاً .. يمكنك أن يكون لك القليل من المال ، القليل من الهيبة والمكانة الإجتماعية ، والقليل من الحياة الأسرية والقليل من كل شيء آخر، ولكن أيا منهم لن يكون كاملا أبداً ..
إذا كنت تريد النجاح 100٪ يجب أن يشمل النجاح 100٪ من أولوياتك .. كل هدف حددته لنفسك يأخذك بعيدا عن أهدافك الأخرى ، لأن الظروف ستجبرك دائما لتعزيز واحد من الأهداف لحساب هدف آخر والإختيار بينهما كل يوم ..
نصيحتي لك هي التركيز على السعادة ، على الاستمتاع بالحياة .. ربما كنت لا تريد أن تسمع هذا ، وتود التركيز على جني المال أو الوضع الإجتماعي , أو أي شئ آخر .. وعلى العكس، مع التركيز على الوضع الإجتماعي ، أوالمال أو أي شيء آخر يعني أنك لن تحقق السعادة .. السعادة ليست النجاح .. السعادة هي عكس النجاح التقليدي ..
السعادة ليست في الحصول على الأشياء ، إنها التوقف عن الرغبة في الأشياء .. عندما تبدأ في التوقف عن الإهتمام بالأشياء والتي لا تملكلها وتبدأ التركيز على اللحظة الراهنة ستكون سعيداً ..
ستجلب التعاسة على نفسك إذا كنت دائماً تعتقد أن حياتك يجب أن لا تكون كما هي .. وأنك في حاجة لتغيير كذا وكذا .. الحياة لاتعمل بهذا الشكل .. الحياة تحدث الآن في الوقت الراهن .. فهل أنت سعيد الآن ؟؟ ..
هذه هي الحقيقة .. ولكن أنا لا أظن أن العديد من القراء يريدون الحقيقة .. لقد لاحظت أنني عندما أكتب بصدق فإن الناس لا يعجبهم ذلك .. وعندما أكتب عن ما يريد سماعه الناس فإنه يعجبهم أكثر ..
لهذا السبب لا يمكنك بناء الأعمال التجارية على الصدق و الحقيقة .. والحقيقة هي أن سعر السعادة هي كل شيء آخر، ولكن في النسخة التجارية .. ثمن السعادة هي كل ما تستطيع أن تشتريه بكل بساطة .. نحن لا نريد أن نترك الأشياء التى نرغب فيها لذلك تتملكنا تلك الأشياء ونصير عبيداً لرغباتنا بدون أن ندري ..
لأن الناس في الغالب لا يريدون السعادة .. انهم يريدون شيئا آخر، شيئا مثل المال أو النجاح أو أي وضع إجتماعي مرموق أو احترام، أو زوجة جميلة أو الدخول موسوعة ويكيبيديا التي تشهد لهم أنهم "مهمين" .. انهم يهتمون بأن يظهروا أمام الأشخاص الآخرين بمظهر السعداء وأن يعتقد الناس أنهم سعداء أكثر مما يكونوا سعداء فعلاً ..
عندما تريد أن تكون سعيدا حقيقة يجب أن تكون على إستعداد لخسارة كل شئ حتى لو كان يعني ذلك أن كل شخص يعرفك أو تحبه أو صديق سيعتقد أنك مجرد تائه مجنون أو خاسر مثير للشفقة .. لا توجد سعادة قبل ذلك ..
أن تكون سعيداً , هذا أبسط شئ في العالم .. فقط أفعل الأشياء التي تثير كل إهتمامك ..
هذا هو السبب الذي جعل الناس تمارس الرياضات الخطرة والمتطرفة .. لأن الخطر يتطلب اهتمامك الكامل حتى لا يكون هناك مجال لشيء آخر في الدماغ ، وسيختفي المونولوج الداخلي حول كل ما تعتقد أنه خطأ أو صواب .. في لحظة الخطر لا توجد أفكار ولا معتقدات بل هناك حياة مشتعلة تحس بها في كل خلية من جسدك ..
لا أقول أن تتعرض أنت أيضاً للخطر .. ولكن يمكنك ممارسة أي شئ تسطيع أن تنسي كل شئ من خلاله .. فإذا أستطعت أن تنغمس في أي نشاط لدرجة أن تنسي نفسك فيه , هذا هو المطلوب .. طالما يمكنك البقاء بعيدا عن رأسك وخارج نطاق هذا الصوت الداخلي الذي لا يهدأ , فستغمرك السعادة بدون شك ..
السعادة هي حالة الافتراضية الطبيعية لكل مخلوق .. هل تعتقد الأسد في الغابة وهو يمرغ جسده تحت أشعة الشمس " ينكد " على نفسه بما قالته عنه صديقته السابقة في الفيسبوك ؟؟ !! ..
هذا هو بالضبط سر السعادة .. قد لا يثير هذا السر الإعجاب حيث أنني لم أغلفه بمائة صفحة من الكلمات السنسكريتية والمصطلحات العجيبة والغير مفهومة , أو الكلمات ذات الدلالات الروحية ولم أطلب في المقابل 30 دولار أو أكثر .. ولكن هذه هي الحقيقة بكل بساطة ..
(منقول للفائدة)