النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

عشيقة القرد العجوز ..

الزوار من محركات البحث: 7 المشاهدات : 366 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    لبيك ياحسين
    in my haert
    تاريخ التسجيل: September-2013
    الدولة: واسط _العزيزية
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,323 المواضيع: 480
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 1213
    مزاجي: جيد
    المهنة: خريج/قسم علوم حاسبات
    أكلتي المفضلة: برياني
    موبايلي: 7Jكلاكسي
    آخر نشاط: 18/December/2023
    مقالات المدونة: 1

    عشيقة القرد العجوز ..

    عشيقة القرد العجوز
    منذ أن قرأ أسطورة انشقاق الجسم البشري إلى شقين، في كتاب "المأدبة" لأفلاطون، اقتنع أمين تمام الاقتناع بأن العالم ليس مؤلفاً إلا من هذه الأشطر التي يبحث كل منها عن نصفه الثاني. وها قد تخرّج منذ ثلاث سنوات، وحالفه الحظ فحصل على وظيفة محاسب بإحدى الشركات، منذ الشهور الأولى لتخرجه، وهيأ له الجو العائلي المؤلف من أبويه وأخيه الأكبر وأخته الصغرى، الظروف المناسبة لتكديس توفير راتبه الشهري. صار كل همه أن يعثر على نصفه الثاني. وكان كلما خلا إلى نفسه، إلا وعمد، كنحّات خبير، إلى إضافة لمسة جديدة إلى التمثال الحي الذي حفر له مقعداً دائماً في دنيا مخيلته. ورغم أن طبعه المرح فتح في وجهه الطريق السيار إلى قلوب الفتيات المحيطات به، سواء منهن بنات العائلة أو الواقعات خارج هذا الإطار، فإن سائر محاولاته للعثور على شقه الثاني لم تعد عليه سوى بخفي حنين. والحق أن أناقته ووسامته وذوقه الرفيع في اقتناء ملابسه، والتنسيق بين ألوان ما يرتديه منها، هذا فضلا عن دماثة خلقه، ومثالية له في النظر إلى علاقة الزواج تكاد ترتفع بها إلى مستوى التقديس، كل ذلك جعله محط أنظار سائر فتيات محيطه. ولكن أعين غربال اختياره كانت بالغة الضيق، فلم تنفذ منها ولا واحدة. ورغم ذلك، فلم يخامر اليأس قلبه يوماً، بقدر ما زاده وضعه ذاك تشبثاً بعملية البحث والتنقيب عن تلك التي كتب له أن يشترك معها في بناء عش الزوجية. وبينما هو يتجوّل، في ذات يوم أحد، بحديقة الحيوانات الواقعة بتمارة قريباً من مدينة الرباط، وهي المكان الذي يعشق اللياذ به كلما طرقت قدماه المنطقة نظراً لهذا الشغف العميق الذي نما معه منذ الصغر والذي كان يشده إلى كل حيوانات الدنيا؛ إذا به يشاهدها تبتسم في خفر، وتلوح بيدها للقرد العجوز الذي كان يحدق فيها دون غيرها من سائر المتكأكئات والمتكأكئين حول القفص العملاق الذي ضم عشرات القرود من مختلف الأحجام. كانت إحدى القردة تقترب من القرد العجوز وقد امتطى كاهلها قريْد في غاية الصغر، وأخذت الأنثى تتقدم حثيثاً نحو العجوز الذي لم يعرها أدنى اهتمام، وإنما هو أتى أمراَ عجباً؛ فقد جلس على جذع شجرة ضخم، وأوسع ما بين ركبتيه ما وسعه ذلك، وراح يركز ناظريه في عينيها هي دون غيرها من الناس. ويبدو أن صديقتها، وقد مالت عليها، أخبرتها بما قد يخمّن فيه الناس، فكادت تنفجر ضاحكة، لولا هذه القيود التي كانت تكبّل بها ضحكاتها، فيزيدها تكتمها وخجلها جمالا على جمال. كان هو يرتدي قميصاً أبيض مخططاً بخطوط عمودية في لون زرقة البحر، وسروالا يعلو حذاءً، كانا كلاهما أسود اللون، وكان يمسك في يمينه نظارة شمسية، وفي الأخرى هاتفه النقال من النوع الثمين. وكانت هي تستر رأسها بهذا الحجاب الإسلامي الذي تفننت يداها في تثبيته حول الرأس، وكان لونه البني الغامق قد زاد محياها الأبيض بروزاً فبدا كبدر يطل وسط هالة تتمدد لتندمج في قتامة السماء، وكانت ترتدي طاقم سترة وسروال ذا لون بني مفتوح، وكل هذه الألوان كانت تنتمي إلى دائرة ألوانه المفضلة. رماها بنظرة تأملية أولا، ثم ذات مغزى ثانياً، ثم ما زال يتحرك وهو يندمج في الجو الانبساطي العام للمتجمعين لمشاهدة القرود ومداعبتها، حتى صار قريباً منهما. وكانت صديقتها، المتحررة في لباسها وكشْفِ شعر رأسها الأشقر المنسدل على كتفيها وظهرها، كانت أكثر جرأة من صديقتها، إذ توجهت مباشرة بالسؤال إلى أمين قائلة: ــ ألا يبلغ ذاك القرد العجوز على الأقل أربعين سنة؟ وانفجرت ضاحكة. فسألها أمين بدوره وهو يبتسم لها ولصديقتها وقد رسم على محياه أمارات الاستغراب: ــ وما الذي يضحكك في هذا؟ ــ لا، لا، ليس سنه ما يهمني، يكفي أنه عجوز.. ولكن، ألا تلاحظ كيف يحدق في صديقتي ولا يكاد يحوّل ناظريه عنها إلى وجهة أخرى؟ فصعق أمين بهذا السؤال المتضمن للرد، وقذف القرد بنظرة ينتهره بها لعله يخجل منه، بعد أن لم يخجل من الناس ولا من نفسه. ولكنه ظل في مكانه، وظل محافظاً على تركيز ناظريه على هدفه الدائم. فتحرك أمين ووقف أمام الفتاة يحول بين القرد وبين رؤيته لها. ولكن هذا راح يتمايل ذات اليمين وذات الشمال للتمكن من رؤية فتاته المفضلة، حتى إذا ما أعياه الأمر، انتقل إلى أعلى الجذع، وتلك القردة الأم الأخرى تتبعه بناظريها وكأنها تقول له بلسان حالها: "إن استحييت، فذاك الأليق بسنك، وإن أنت لم تفعل، فافعل ما شئت !!" وهنا انفجر كافة المشاهدين المدركين لهذا الارتباط الغريب بين القرد والفتاة بالضحك المحموم، وارتفعت ألسنتهم بالتعاليق المختلفة: "مسكينة، لا تستحق مثل هذا القرين !" ، "يا لحظه النادر إن هي قبلت به قريناً !" ، "ما ذنبها، المسكينة، وما الذي فعلته لأمها حتى استحقت هذا المصير؟ !"... والقهقهات لا تنفك ترتفع من حواليها، ولكن الأغرب أنها كانت مشاركة بروح رياضية في كل ما كان يدور حولها. وهو ما شجع أمين على الاقتراب منها أكثر والتوجه إليها بالسؤال، يوقعه بنبرات تكاد تكون موسيقية: ــ يبدو أنك مسرورة بصريع غرامك هذا؟ ــ هو حظي دائماً هكذا ! ــ كيف؟ لا تبالغي ! ولا يجمل بالمرء التنكر لنعمة الله. فقالت صديقتها وهي تطلق ضحكة مقهقهة: ــ أتظن أن لو كان لها من تتحدثُ عنه، ستتركه وترضى بمرافقتي، في يوم الأحد هذا ؟ ! فلكزتها صديقتها رادعة إياها عن الاستمرار في مثل هذا اللغو. ثم عادت، وكأنما هي قد تنبهت لحدودها، فاحتشمت في ابتسامها، وجذبت صديقتها محاولة أن تبتعد بها عن ذاك المكان. ولم يدر أمين إلا وهو يسير بمحاذاتهما سائلا: ــ هل أنتما من الرباط؟ فأما التي أرادها أن ترد، فلم تحر جواباً، وأما صديقتها فقالت: ــ صديقتي، نعم، أما أنا فمن البيضاء. سادت لحظة صمت سرعان ما قطعتها الصديقة سائلة بدورها وهم لا يزالون يتحركون ببطء شديد: ــ وأنتَ، من الرباط؟ وضع النظارة على عينيه ليتقي بها أشعة الشمس التي كانت تميل إلى الزوال وأجاب ببساطة: ــ أنا من مدينة طنجة. فقالت الصديقة مبتسمة: ــ واضح جداً من نبرة حديثك أنك من الشمال. ــ وهل سبق لكما أن زرتما الشمال؟ ــ طبعاً، يا سيدي. فأمامك حفيدتان مخلصتان للجد الأجلِّ ابن بطوطة. أظن أن بمدينتك يستقر ضريحه؟ ــ لا يتفق جميع الباحثين على ذلك. ــ المشككون يوجدون في كل مكان ! قالت الصديقة ذلك وهي تلتفت نحو صديقتها سائلة إياها كأنما هي تستدرجها للاشتراك في الحديث: ــ أليس كذلك؟ فأجابتها ببساطة، وبصوت شديد الانخفاض: ــ بلى. انحدروا عبر جبال الأطلس، وتأملوا الأسود والفهود والزرافات وهذا الحيوان الذي يتسمى بقرنه الوحيد، والأيائل والنعام. وقادتهم خطواتهم إلى الظباء والغزلان وغزال داما وغزال نيالا ومها حسامي. وعبروا بالتماسيح وأفراس النهر والجاموس الإفريقي. لكن الوقفة التي طالت بهم أكثر هي انشدادهم لفيلة ثلاثة، كانوا دائبي استعراض ذواتهم. وخلال كل هذا التنقل والترحال والإقامة والظعن، لم ينقطع بين الثلاثة حبل التواصل وتبادل المعلومات، إلى أن استقرت بهم الأقدام بالمطعم المطل على تلك البِرْكة الكبيرة ميداناً فسيحاً للبجع والبط يمارس على سطحها انزلاقاته كأنها أشباح بشرية تُرَى من بعيد تمارس رياضة التزحلق على جبل جليدي. وهنا طَفَتْ على السطح شهامة رجولة أمين، فوجّه لهما الدعوة لتناول الغذاء، وكان أن قبلتا بعد تمنع طفيف من صاحبة الحجاب. وخلال الأكل صاروا يتنادون بأسمائهم الشخصية بدون تكلُّف؛ فالتي تعنيه اسمها سناء، وصديقتها هند. ودارت ألسنتهم بدون توقف، وجاءت فناجين القهوة لتنبه الأذهان وتشحذ الذاكرة. وكان لقاء يؤرخ به في حياة كل منهم ثلاثتهم؛ فأما أمين وسناء، فكان يوم حبهما الأول، وأما هند، فبالرغم من أن لعبها كله كان على الهامش، إلا أنها كانت عضواً أساسياً في تهديم سائر الحواجز التي كانت تنتصب ــ بين الحين والآخرــ أمام المتحاوريْن اللذين اكتشفا فجأة أنهما كانا في انتظار أحدهما الآخر، منذ أن وعيا بأن هناك شقاً آخر ينبغي العثور عليه ليكمُل به النصاب في تأسيس بيت الزوجية. هي تشتغل موظفة بمركز البريد الرئيسي بالرباط، تعيش مع أختيها اللتين أتتا بعدها إلى الوجود على التوالي، في كنف والديها المنتميين إلى الطبقة الوسطى. أما هند، فتعيش مرحلة صارت متفشية في سائر المجتمعات، حاملةَ الإجازةِ العاطلةَ، والتي تصبح وتمسي على أمل أساسي هو العثور على عمل، خاصة وأن أسرتها في أمس الحاجة إلى مساعدتها؛ أسرتها التي تزحف زحفاً بأفرادها السبعة فوق خط الفقر كحلزون يتنقل الليل بعد النهار، والنهار بعد الليل، نحو المجهول، لا يكاد يحس إلا بما يمده به مِجَسَّاه عن طبيعة ما يزحف فوقه. وإن ينس أمين، فإنه لن ينسى ذلك القرد العجوز الذي يعود إليه الفضل في إهدائه أثمن هدية تلقاها حتى تلك اللحظات من حياته: حبيبته التي صارت بعد أسابيع قليلة خطيبته، والتي ظل يداعبها بين الحين والآخر وكلما أراد تذكيرها بلحظة تعارفهما تلك بحديقة الحيوانات أمام القفص الكبير للقرود، فينظر إليها، ويطيل النظر، وهو يكتم ضحكة ظاهرة، ويحرك سبابة يمناه في وجهها وهو يقول لها: ــ آه منك يا عشيقة القرد العجوز !! ولم تكن هي لتذعن لسخريته تلك منها، فكانت تجيبه للحال ــ بعد أن رُفِعَتْ كل النواشز من طريق انفتاحهما الواحد على الآخرــ بكل صراحة وحب الدنيا الذي لم تَشُبْهُ بعد شائبة؛ كانت تتهدده بدورها بسبابة يمناها عابثة وهي تقول له: ــ بل ذاك رسول حظي قدمني لك ببساطة ويسر وعلى طبق من ذهب ! فهل تشكره أم تذمه؟ ! فكان أمين يطلق ضحكته المجلجلة المعبرة عن حبه العميق للحياة ويقول: ــ بل أدعو له بطول العمر، وعَقْدِ المزيد من مثيلات هذه الصفقة الذهبية بحق والتي لا تساويها أية صفقة أخرى في الوجود !
    ==

  2. #2
    أميرة المنتدى
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: من العراق--بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,653 المواضيع: 252
    التقييم: 2045
    مزاجي: زفتيشن
    المهنة: نائبه أوباما^_^ جذب بلاش
    أكلتي المفضلة: +حمص بطحينه
    موبايلي: ---------------------
    مقالات المدونة: 1
    ​قصه في عبق العصور جميله الم تعد تتداول هاكذا قصص بين الناس---شكررااا على جهود

  3. #3
    صديق نشيط
    المهندس
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 290 المواضيع: 20
    التقييم: 253
    موبايلي: IPhone 6
    آخر نشاط: 3/June/2023
    موضوع رائع
    تسلم الايادي
    ودي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال