أنشىء المشهد الحسينى سنة 549 هجرية الموافق 1154/ 1155م لينتقل إليه رأس الحسين بن على بن أبى طالب ولم يبق منه الآن غير الباب المعروف بالباب الأخضر الذى يقع شرق الوجهة القبلية للمسجد أما المئذنة المقامة فوق الباب فيستدل من كتابة تاريخية على لوحة مثبتة أسفلها أنها بنيت سنة 634 هجرية الموافق 1237م فى أواخر العصر الأيوبى.
وهذه لم يبق منها أيضا سوى قاعدتها المربعة التى تحليها زخارف جصية بديعة أما ما يعلوها فقد جدده الأمير عبد الرحمن كتخدا كما جدد المشهد والقبة المقامة على الضريح سنة 1175 هجرية الموافق 1761/ 62م وقد حليت هذه القبة من الداخل بالنقوش الملونة التى يتخللها التذهيب وكسى محرابها والجزء الأسفل من جدرانها بوزرة من الرخام الملون.
ولما تولى الخديوى إسماعيل سنة 1279 هجرية الموافق 1863م أمر بتجديد المسجد وتوسيعه فبدئ فى العمل سنة 1280 هجرية الموافق 1864م وتم سنة 1290 هجرية الموافق 1873م فيما عدا المئذنة التى كمل بناؤها سنة 1295هجرية الموافق 1878م.
ويشتمل المسجد على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية ومحرابه من الخردة الدقيقة التى اتخذت قطعها الصغيرة من القاشانى الملون بدلا من الرخام وهو مصنوع سنة 1303 هجرية الموافق 1886م وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدى إلى حجرة المخلفات التى بنيت سنة 1311 هجرية الموافق 1893م حيث أودعت فيها المخلفات النبوية.
والمسجد مبنى بالحجر الأحمر على الطراز الغوطى أما منارته التى تقع فى الركن الغربى القبلى فقد بنيت على نمط المآذن العثمانية فهى أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهى بمخروط.وللمشهد ثلاثة أبواب بالوجهة الغربية وباب بالوجهة القبيلة وآخر بالوجهة البحرية يؤدى إلى صحن به مكان الوضوء.
وكان من أهم ما عثر عليه فى المشهد الحسينى تابوت خشبى جميل وجد مودعا فى حجرة أسفل المقصورة النحاسية وسط القبة يتوصل إليها من فتحتين صغيرتين بالأرضية وأول من شاهده وأشار إليه هو المرحوم السيد محمد الببلاوى شيخ المسجد الحسينى فى كتابه - التاريخ الحسينى- سنة 1321 هجرية الموافق 1903م.ولم يكن قد شاهده أو عاينه أحد من علماء الآثار أو المشتغلين بها إلى أن كانت سنة 1939م حيث أمر حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول بإصلاح أرضية القبة وفرشها بالرخام فانتهزت إدارة حفظ الآثار العربية هذه الفرصة للتحقق من وجود هذا التابوت ولما وجدته وعاينته تبين لها أنه تحفة فنية رائعة جديرة بالحفظ والصيانة فرفعته من مكانه وأصلحته ثم نقلته إلى دار الآثار العربية ليعرض بها.
ولهذا التابوت ثلاثة جوانب وهو مصنوع من خشب التك المستورد من جزر الهند الشرقية وقد قسمت وجهته وجانباه إلى مستطيلات يحيط بها ويفصلها بعضها عن بعض إطارات محفورة بالخطين الكوفى والنسخ المزخرفين وتجمعت هذه المستطيلات على هيئة أشكال هندسية بداخلها حشوات مزدانة بزخارف نباتية دقيقة تنوعت أشكالها وأوضاعها وأحيطت بعض هذه الحشوات بكتابات منها - نصر من الله وفتح قريب - الملك لله -..الخ..وجميع الكتابات المحفورة على أوجه هذا التابوت آيات قرآنية ولا يوجد بينها أى نص يشير إلى تاريخ صنعه أو اسم الآمر بعمله إلا أن روح الزخارف وطرازها وقاعدة الكتابات واجتماع الخطين الكوفى والنسخ ومقارنته بتابوت الإمام الشافعى المصنوع سنة 574 هجرية الموافق 1178م كل ذلك يدل على أنه صنع فى العصر الأيوبى والمرجح أن يكون الآمر بعمله هو السلطان صلاح الدين الأيوبى.