أسامة عباس-براغ
ربما سنقول أخيرا وداعا للأضرار الجانبية الناتجة عن العلاج الكيميائي لأغلب أنواع السرطانات، خاصة منها تساقط الشعر واستئصال أعضاء من الجسم، في ضوء اكتشاف توصل إليه علماءُ معهد الفيزياء الحيوية في أكاديمية العلوم قبل أيام في مدينة برنو، ثاني أكبر المدن التشيكية.
الفريق الذي يقوده البروفيسور فيكتور برابتس والبروفيسور ياروسلاف ماليني أكد أنه توصل إلى آلية تمكن خلال عملية القضاء على الأورام السرطانية من تحييد الخلايا السليمة وإبقاء جهاز المناعة في وضعه الطبيعي.
ويعني ذلك أن عمل الجسم لن يتأثر، فلا يتساقط الشعر مثلا ولن تستأصل بعض الأعضاء بالكامل (كما كان الحال عند الإصابة بسرطان الثدي)، ولن يكون هناك ألم شديد يصاحب العلاج الكيميائي.
مادة بديلة
ويقول الباحث برابتس إن البحوث المخبرية أثبتت أن المادة التي تدخل في العلاج المعروف بالجلسات الكيميائية وهي البلاتين تقضي على الورم السرطاني لكنها تؤثر سلبا على جهاز المناعة والخلايا الحية، "لذلك مزجنا مادتي الحديد والزنك عوض البلاتين، وكانت النتائج مذهلة، خاصة في مجال تقبل الجسم لهما دون مضاعفات جانبية، والأهم أن الجهاز لم يتضرر من المادتين".
وتبين حسب برابتس أن لهاتين المادتين قدرةَ التغلغل داخل الخلايا السرطانية فقط وبالتالي القضاء عليها، وفي الوقت نفسه ستلغيان عملية انقسام الخلايا غير المسيطر عليها في منطقة الورم السرطاني، إضافة إلى إزالة البكتيريا هناك، مما سيساعد مستقبلا في تصنيع مضادات حيوية لن تتحصن منها البكتيريا بشكل كبير كما هو معروف.
وقال الطبيب عصام العوا اختصاصيُ الجراحة وعمليات التعويض والتجميل في العاصمة براغ، إن الدراسة ستساهم كثيرا في الحد من وفياتٍ تنتج غالبا عن العلاج الكيميائي وتبلغ نسبتها 80%، وذلك نتيجة تأثر الجهاز المناعي بالعلاج، مما ينتج عنه تساقط الشعر واستئصال الثدي وفي بعض الحالات توقف القلب أو الكلى أو الكبد.
بحوث قادمة
وقال للجزيرة نت إن الاكتشاف هو في مرحلةٍ أولى تليها تطبيقات عملية مباشرة على مرضى السرطان.
وتحدث عن بحوث قادمة يمكن أن تضع برنامج علاج كاملا يبدأ بالجلسات وينتهي بالشفاء الكامل دون مضاعفات تذكر، بحيث سيصبح سهلا وفعالا، وهو ما أشار إليه البحث، حيث قال إنه خلال عشر سنوات سيتوفر علاج يخص فقط الجلسات الكيميائية التي تستخدم بشكل كبير في علاج الأورام السرطانية.
ويشير العوا إلى أن أنواع علاج السرطانات أصبحت عديدة ومتطورة، وبعضها يتم اليوم موضعيا عبر تقنيات حديثة وأدوية مطورة وفعالة، وكذالك بالأشعة.
وأضاف أن كل هذه العلاجات تطبق لتجنب العلاج الكيميائي ذي المضاعفات الخطيرة، ومن هنا فإن للاكتشاف أهميةُ كبيرة إذا أثبت نجاعته عبر العمليات المباشرة على المريض.
رئيس الأجهزة التحليلية في مستشفى نا فرنتيشكو وسط براغ الطبيب بتر دوبيشيك قال للجزيرة نت إن الأمر يتعلق باكتشاف في غاية الأهمية، خاصة في ظل وجود أجهزة متطورة تستطيع قراءة ومعرفة الخلايا السرطانية، وبالتالي توجيه المادة الجديدة إلى هذه الخلايا وإلى منطقة الورم، وخاصة تلك التي تُحدَّد في بداية نشوء المرض، مما يسمح بوقف المرض قبل انتشاره في الجسم.
وأضاف قائلا إن من المعروف أن الخلايا الشاذة أو السرطانية تتكاثر وتنتشر بسرعة، والعلاج الكيميائي له قدرةُ منع هذا التكاثر أو الانقسام، وبالتالي منع زيادة الورم، لكن المضاعفات الجانبية لها نتائج كبيرة على المناعة، وأحيانا تكون سببا في توقف العلاج ووفاة المريض.