إن الشعار الذي رفعه الإمام الحسين كان شعار الإصلاح في اُمة جده ، والإصلاح عملية تقويمية ترقى بها الأمم وتتطور بها الشعوب، وهو ما كان يستهدفه الإمام في حركته التغيرية.
إن المقطع التاريخي الذي عاشته الثورة الحسينية يمثل انعطافة حقيقية في التاريخ الإسلامي السياسي، بل والتاريخ السياسي المعاصر, ولم تكن هذه الحركة التصحيحية وليدة وقتها, وإنما كانت عبارة عن مسيرة من التراكمات والانحرافات، إبتلى الله بها الأمة الإسلامية لحكمة يراها, ابتدأت من سقيفة الفتن والانحراف التي عبرت عن نفسها من خلال الالتفاف على القيادة الشرعية التي شخصتها الآيات والروايات، حيث أوضحت شكل الحكم ومضمونه, ولا يكون ذلك إلا من خلال قيادة معصومة، كم كانت تلك الضربة قاصمة، حيث أنها أسست لكل انحراف وجذرت لكل فساد, وما شهده العالم الإسلامي من تشويه وغياب لصورته الحقيقية إنما جاء من تلك الحركة التي كانت تودي بحياته لو لا الإمام الحسين وثورته الحسينية, ولعل تاريخ بني أمية يؤشر إلى ما وصلت إليه الأمة من انحدار وانحراف عن مسيرتها الإسلامية.
لقد كان الحسين شخصية إنسانية وثورية، وثورته جزء من رسالة الإسلام الخالدة وركن من أركان الدين، وهي تستهدف صيانة الأمة من الفتن ووقايتها من الانحراف، بعد ان واجهتها عواصف وفتن عصفت بها بعد رحيل جده الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما أن ثورة الإمام الحسين ليست ثورة عفوية أو قرار ارتجالي ارتآه قائدها واتخذ اللحظة الغير مناسبة والمكان الخاطئ لانطلاقتها، ولذلك أخفقت كما يقول بعض المتقولين الذين تأثروا بالإعلام الأموي, لكن الحقيقة خلاف ذلك، فالحسين شخص الداء والدواء، وعرف الأمة وما تعيشه من تقهقر, وفكرها ومسيرتها من انحدار, وما يراد لها على أيدي الجلادين, لذلك كانت النهضة إحياء للدين وإيقاظاً للضمير، كما ان ثورة أبي الأحرار لم يكن هدفها الانتصار العسكري, فلقد ربحت الكثير من جيوش العالم المعارك الآنية، لكن تلك الانتصارات لم تصمد طويلاً، فسرعان ما تتصدع وتتلاشى وتختفي, إلا أن ثورة الإمام الحسين بأهدافها السامية وتنظيمها الدقيق وتشخيصها للزلل والانحراف الذي أصاب الأمة وبصدق قائدها وثلته المؤمنة، إستطاعت أن تبقى خالدة وصامدة لهذا