يقول الإسلام :إن اﻹنسان ليس الهوى والمصلحات،وإنما اﻹنسان عقل وإرادة،وقد خلق ليكون جليس رب العالمين ،وليكون بطاعة الله:مثله؛يقول للشيء كن فيكون..
وليست اﻹمكانات والطاقات المتاحة لديه سوى أدوات،وهذه اﻷدوات إذا ماطغت،فعلى اﻹنسان أن يكبح جماحها ويعيدها الى موقعها الطبيعي .فالطغيان من عمل الشيطان من دون أدنى شك،والشيطان ليس هو اﻹنسان، بل هو عدوه المبين،وقال ربنا عز وجل :(ألم أعهد اليكم يابني آدم أن ﻻتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين)..
وهناك حقيقة قرآنية غفل عنها الناس في خضم قناعاتهم وسلوكياتهم،ينبغي التوجه إليها؛وهي ان القرآن يعالج كثيرا من الحاﻻت،على العكس من السلوك البشري المادي البحت.
فتعريف تكاثر اﻷموال من المنظور البشري يكمن في جمعها وتكديسها والبخل بها على اﻵخر. في حين إن القرآن يؤكد أن اﻷموال إنما تتكاثر تكاثرا سليما عبر اﻹنفاق،وإن لذة العفو والصفح عن المسيء تفوق بما ﻻيوصف لذة الانتقام أو التصفية ،وإن اللذة والراحة ﻻتكون في تحميل اﻵخرين المشاق والمصاعب بقدر اﻻشتراك معهم..
فاللذة في حسس أفراح اﻵخرين ينبغي أن تفوق اللذة الفردية،ﻻن ذلك يتناغم ويتطابق مع فطرة اﻹنسان السليمة التي ﻻبد من إعادة المسيرة البشرية إليها،بعد التخلص نهائيا من رواسب المساوئ واﻷنانيات..
وهكذا كان ديننا الاسلامي الذي استطاع بروعة منهجه التربوي أن يحول المجتمع الجاهلي القائم على قواعد الغدر والعداوة إلى أروع تجمع كانت أولى سماته المحبة واﻹيثار والتعاون والتطلع نحو التقدم..
من هنا؛فنحن مدعون بصورة أكثر تركيزا إلى السعي نحو معالجة أمراض اﻷمة معالجة جذرية، اتباعا لمنهج القرآن القائل بالتغير الجذري وعدم التشاغل بتوافه المظاهر والظواهر،فنكون بذلك قد خطونا خطوات كبيرة نحو إيقاظ العقل وحمله على استشراف الواقع وإعطائه اﻷفق المناسب.
إننا بحاجة ماسة إلى النظر إلى كتاب الله المجيد نظرة جديدة؛نظرة تدلنا على مايريده القرآن منا،وان ﻻنكون ممن يتلون القرآن فيعلنون به.فالتفاعل مع كتاب الله والتسليم له ومحاولة تطبيقه وعدم تكذيبه،كل ذلك عوامل من شأنها رفع الحواجز بين اﻹنسان المسلم والقرآن وآياته..
وثمة ملاحظة أخرى وهي ضرورة الانعتاق من مشاكل الدنيا وأوساخها وذلك بتطهير القلوب من الرواسب الذهنية والعاطفية..وليس هناك كابحا للأهواء أكبر من تفعيل ارادة الخير للإنسان وتعويدها على الحيوية الدائمة..