كمبيوتر المستقبل: لا مرئي وفي كل مكان تقريبا
يرافقنا الكمبيوتر في كل مكان تقريبا في حياتنا العصرية. وسيزداد في المستقبل حضور الكمبيوتر في حياتنا، لكن بشكل خفي ودون أن نحس به. فكمبيوتر المستقبل سيصبح متناهيا في صغره حسب معهد فراونهوفر الألماني لهندسة الكمبيوتر.
سيصبح الكمبيوتر في المستقبل أصغر وسيكون في كل مكان وفي اللامكان في الوقت نفسه. هذا التناقض الظاهري في القول يشرحه البروفيسور شتيفان يينيشين من جامعة برلين التقنية: "سيصغر حجم الكمبيوتر في المستقبل ولهذا السبب ستختفي تدريجيا عن أعيننا". ويرجع يينيشين السبب إلى أن حجم عناصر الذاكرة يصغر يوما عن يوم وأداؤها يتحسن باضطراد، وهذا الأمر ينطبق أيضا على المعالجات التي يزداد أداؤها ويصغر حجمها.
في عالم الغد، ستلعب الأنظمة المُدمجة في الأدوات والأشياء التي نستعملها يوميا دورا كبيرا، وهذا سيساعد في أن يصبح الكمبيوتر غير مرئي لنا كما نعرفه اليوم، ويضيف: "من يخطر على باله اليوم حين يشتري سيارة جديدة، أن السيارة تحتوي على أكثر من 80 كمبيوترا مخفيا وغير مرئي".
عصا موسى
ويعتقد البروفيسور شتيفان يينيشين أن هذه الأمور ستصبح اعتيادية في عام 2030، وسيكون الكمبيوتر رفيقنا الخفي في حياتنا اليومية. وكل ما هو ضرب من الخيال اليوم، سيصبح واقعا في غضون عقدين من الزمان: "أعتقد أن العديد من الأجهزة سوف ترافقنا، وستكون من الصغر بحيث نضعها في جيبنا أو ربما نعلقها حتى على النظارة". يطمح البروفيسور يينيشين حاليا إلى اختراع عصا سحرية، تجعل التواصل بين البشر والكمبيوتر أكثر سهولة: "أريد اختراع عصا متعددة الوظائف".
تشغيل الأجهزة بالإيماء
كمبيوتر الأمس وكمبيوتر اليوم
هذه الأداة تشبه قلما بسيطا، وستكون قادرة على التحكم بكل ما حولنا مثل الروموت كونترول، أي جهاز التحكم بالتليفزيون عن بُعد: "أشير إلى جهاز العرض وأشغله وكأنني كبست على زر فيه. أو أشير إلى جهاز التدفئة ليصبح أدفأ أو أبرد. في هذه الأجهزة توجد كاميرا تستشعر وتكتشف ما أشير إليه وماذا أريد، ويمكنني حتى التكلم مع هذه الكاميرا. وبالتالي لا أحتاج إلى أزرار أو لوحة مفاتيح".
حتى الآن، يحتاج الإنسان إلى لوحة المفاتيح أو فأرة الكمبيوتر أو اللمس لتشغيل الكمبيوتر والتواصل معه. لكن حقبة هذه الأدوات للتواصل بين الإنسان والآلة، تقترب من نهايتها كما يقول البروفيسور يينيشين. والتواصل بين الإنسان والكمبيوتر لن يقتصر على أن تظهر الأشياء على الشاشة، لأن كمبيوتر المستقبل يتصف بالذكاء وبوجود شبكة لربط عدة كمبيوترات مع بعضها البعض، رغم أنها غير مرئية: "مثلا حين أقوم بتشغيل جهاز التدفئة، وفي مكان آخر يبدأ جهاز التهوية العمل بشكل تلقائي. أعتقد أن هذا سيصبح ممكنا".
الكمبيوتر لمواجهة تحديات المستقبل
حتى لوحة مفاتيح المستقبل لن تكون من مادة صلبة بل من الضوء
إذن سيكون المستقبل كما يتخيله البروفيسور يينيشين مليئا بكمبيوترات غير مرئية في كل مكان، حجمها أصغر من الكمبيوترات الحالية وأداؤها أعلى. فهل سيجعل هذا إنسان عام 2030 أكثر سعادة من إنسان اليوم؟ يقول يينيشين إن هذا يعتمد على التطور ويضيف" لقد تطورت الإنسانية منذ آلاف السنين، وكان بالإمكان التساؤل في كل مرحلة من مراحل تاريخ البشرية الطويل، إن كان اختراع نول النسيج قد ساهم في جعلنا أكثر سعادة".
ويعرب البروفيسور يينيشين عن اعتقاده أن الإجابة عن هذا السؤال تختلف من شخص لآخر، ولكن أيضا سيكون للمجتمع إجابته الخاصة. أما هو، خبير الكمبيوتر بكل جوارحه، فلا يرغب حتى بتصور مستقبل ٍ بدون كمبيوتر: "كوكبنا يمتلئ بالبشر باستمرار... وبدون كمبيوترات، لن نستطيع إطعام الكثير من الناس على هذه الأرض ولا تأمين مياه شرب نظيفة لهم، أو إنتاج ما يكفي من الطاقة لتدفئتهم أو حتى لتسيير السيارات".
ويرى أن إيجاد حلول للتحديات التي تنتظرنا والمشاكل التي سوف تواجهنا، يعتمد إلى حد كبير على مدى نجاحنا في دمج تكنولوجيا المعلومات في هذه القضايا.