نحن أمام نوعية من النساء، تعشقن ارتداء أغلى المجوهرات بشكل مبالغ فيه بالمناسبات أو حفلات الأعراس، فيبدون وكأنهن حوانيت مصاغ متنقلة، البعض منهن يفعلن ذلك للتباهي بالثراء ولفت الأنظار والبعض الآخر بلغ عشقهن للمجوهرات حد الإدمان في تحقيقنا التالي نبحث في أسباب ولع النساء بالمجوهرات من الزوايا النفسية والاجتماعية، وهل من الناحية الدينية يصبح ذلك الولع حلال أم حرام؟
مدمنة مجوهرات
تقول «عبير محمود»: زوجة رجل أعمال: أنا مدمنة اقتناء وارتداء أغلى المجوهرات وكل يوم أقوم بتغيير ما أرتديه، ولا أستطيع وصف مدى سعادتي عندما أقتني قطعة مجوهرات ثمينة جديدة، وأتلذذ أكثر عندما ألفت الأنظار وأطلب من زوجي والمقربين مني أن تكون هداياهم لي عبارة عن مجوهرات فقط، أحياناً أتصور أني أصبحت مدمنة وأسيرة للمجوهرات، ليت الأمر توقف عند هذا الحد فأحياناً أستعير مجوهرات أمي أو شقيقتي لأضيفها إلى ما أرتديه.
تحت الملابس
وتقول، «سماح عبد المقصود»: لا يمكن أن نصف أي امرأة ترتدي المجوهرات في يدها أو رقبتها أنها تقصد من وراء فعلتها هذه جذب الأنظار؛ فمعروف أن السيدات يرتدين الحلي للزينة والظهور بمظهر حسن، وأضافت: أعرف فتيات يرتدين المجوهرات تحت الملابس
ولا يسعين لإبرازه، فالمشكلة عندهن ليست التباهي وإنما التزين، وهذا التزين لا يجب أنّ يكون أمام الآخرين، فمرات يتزين الإنسان لنفسه.
تأجير المجوهرات
ترى ميريت شريف «سيدة أعمال» من مصر أن كثيراً من السيدات والفتيات يتباهين بارتداء أغلى المجوهرات وهن ذاهبات إلى حفلات العرس أو المناسبات الرسمية،
حتى وإن اختلفت النوايا ما بين محاولة الظهور بمظهر راقٍ ولافت وما بين المباهاة بشكل القطع الذهبية، ولفتت، إلى أن بعض السيدات ممن ليس لديهن القدرة على اقتناء المجوهرات الثمينة يقمن باستئجارها لحضور مناسبات عامة، حتى لا يظهرن بمستوى أقل من الحاضرات، فيبدو الأمر وكأن الحفلات حلبة أو تراك للمتنافسات في «لبس» المجوهرات.
أحب الأماكن
تقول، أميرة موسى «سيدة أعمال»: أشتري المجوهرات التي أرتديها من لندن أو باريس، ويكون ذلك عبر الشحن أو من خلال زيارتي لهذه البلدان، ولذلك عندي قطع ذهبية ثمينة ونادرة الوجود من حيث جمالها ورقتها وكثيراً ما تعجب هذه القطع الأصدقاء
وأكدت، أنها تقضي أوقات الفراغ دائماً في محلات المجوهرات، لتستمتع برؤيتها ومعرفة التشكيلات الجديدة وثمن كل قطعة، ولذلك يعرفها أصحاب محلات المجوهرات جيداً من كثرة ترددها عليهم.
أين المشكلة؟
في حين لا ترى «غادة حسن» «موظفة» مشكلة في ارتداء الفتاة أو السيدة مجوهرات ثمينة، طالما كانت لديها القدرة على ذلك، وتضيف: أتصور أنه لا توجد امرأة في هذا العالم تكره ارتداء واقتناء المجوهرات، بل أظنها غريزة متأصلة في عالم الإناث، كل واحدة منا تتمنى أن تمتلك مجوهرات العالم، ولا أنكر أنني أشعر بالغيرة كلما رأيت فتاة ترتدي خاتماً أو حُلياً أو سواراً يعجبني وكم أتمنى أن تسنح ظروف باقتناء
ما شاهدت، لكن المهم أن يكون ما ترتديه المرأة من مصاغ يناسب المناسبة التي تتواجد بها!
انبهار ثم سخرية
تقول ماهيتاب إبراهيم «جامعية» من مصر: المجوهرات تلفت انتباه أي إنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، وهناك من يحكم على رقي الشخص وثرائه بما يرتديه من مجوهرات ثمينة، ودائماً ما تسرق القطع الثرية أنظار الموجودين من النساء أو الفتيات وأحياناً الرجال،
ولكن من الممكن أن تتحول المبالغة في ارتداء المصاغ الثمين من حد الإبهار إلى حد السخرية إذا كان الارتداء في غير محله أو إذا كانت من ترتديه تفتقد للذوق وأضافت، ربما تستطيع من خلال شكل المجوهرات أن تحكم على شخصية من يرتديها، فربما كانت دليلاً على الثراء ولكن ليس بالضرورة أن تكون علامة على الذوق والشياكة!
جذب أنظار
في حين أكدت ناريمان هشام «طالبة جامعية» على أن المجوهرات أكثر شيء يجذبها في المرأة عموماً وربما يدفعها للتعارف، وتضيف: تعرفت على بعض الفتيات وصارت بيننا صداقة وكان ارتداؤهن الحلي والمجوهرات بداية التعارف!
مرض
يصرخ رجل الأعمال محمد الشامي من زوجته المولعة باقتناء وارتداء المجوهرات الثمينة قائلاً: أقسم بالله أن زوجتي مريضة بداء ارتداء المجوهرات، ومعظم أموالي تذهب لهذا الغرض، ويضيف: كرهت سماع اسم الجواهرجية والمجوهرات بسبب زوجتي التي لا حديث لها معي أو مع صديقاتها وقريباتها إلا عن الألماس والياقوت والزمرد،
وإذا جاءتني سفرة إلى باريس لا بد أن تسبقني إليها وإلا يصبح نهاري أسود! ويضيف: كثيراً ما أتفادى الشجار معها وإسكاتها بقطعة مجوهرات، ولا أعلم متى ستشفى زوجتي من هذا الداء؟
البساطة مطلوبة
بينما يقول محمود سالم «طبيب»: لا شك أن المجوهرات تلفت نظر الرجال كما تلفت نظر السيدات، فهي إكسسوار راقٍ وغالٍ وجميل، يجذب الأعين الباحثة عن الجمال،
وأضاف: أقابل سيدات يرتدين المجوهرات بشكل مبالغ فيه، فتشعر وأنت أمامهم كأنك أمام محل لبيع المجوهرات وليس أمام امرأة، والحقيقة أن جمال المرأة في البساطة وليس في التكلف، فعندما تتكلف السيدة أو الفتاة في لبس المجوهرات تبدو عكس ذلك، وكثيراً ما ينصح الخبراء بالبساطة عموماً، فكلما كانت بسيطة كلما كانت جميلة.
مرتبط بالتنوع
يقول «طاهر مصطفى» أستاذ جامعي: جمال المرأة مرتبط بالتنوع، فإذا كانت المرأة ترتدي أنواعاً مختلفة من المجوهرات أفضل من أن ترتدي نوعاً واحداً،
وكلما كانت الفتاة أو السيدة غير حريصة على ارتداء هذه المجوهرات كلما بدت جميلة في نظر الآخرين، ولفت، إلى أن مقاييس الجمال تفرض على الإنسان أن يكون مقلاً في ارتداء ما غلا ثمنه، حتى يكون الإعجاب به أشد وأعظم.
صيد الرجال
أما «محسن السماوي» «جامعي» فيرى أن المجوهرات الثمينة تزيد من جمال المرأة وتجذب إليها أنظار الرجال، لهذا السبب تكثر الفتيات غير المرتبطات عاطفياً من ارتداء المجوهرات فربما تكون دافعاً للشباب حتى يخطبون ودها!
إنتماء للطبقة الراقية
تقول الدكتورة «سامية خضر»، رئيس قسم الاجتماع بجامعة عين شمس: أعتبر حب ارتداء السيدات للمجوهرات ظاهرة متأصلة وهذا السلوك قد يأتي من باب التباهي أمام الآخرين بما تمتلك المرأة،
وأضافت: لوحظ في السنوات الأخيرة توجه المرأة إلى اقتناء الإكسسوارات الثمينة والمنتجات الترفيهية كدليل على انتمائها للطبقات الراقية وصارت تلك الرغبة جزءاً من مكونات الشخصية النسائية العربية.
أزمة ثقة بالنفس
يقول الدكتور «خليل فاضل»، الخبير النفسي: كثير من السيدات والفتيات اللائي يكثرن من ارتداء المجوهرات تعانين أزمة ثقة بالنفس وخللاً في التركيبة النفسية ويردنّ أن يلفتن النظر إليهن، حيث يشعرن أن امتلاكهن لهذه المجوهرات يزيدهن قوة وثقة ويجعلهن أكثر جاذبية وجمالاً وبالتالي علينا أن نعيد الثقة لهؤلاء أولاً ثم ننصحهن بعدم لبس المجوهرات بالطريقة المبالغ فيها،
وأضاف: تحول حب ارتداء أغلى المجوهرات إلى حالة من الإدمان ونقطة ضعف عند كثير من السيدات أو الفتيات، وهذا يعلن عن وجود حالة نقص لديهن، فيحاولن تعويضها بالمجوهرات،
وأشير إلى أن هذا الإدمان دفع بعض النساء الثريات إلى السرقة مثلما حدث في دبي منذ شهور قلائل عندما ضبطت الشرطة سيدة ثرية زوجة رجل مرموق بعدما سرقت مجموعة جواهر ثمينة من متجر مجوهرات وتبين أنها تعاني مرضاً نفسياً.
حرمة ارتداء المجوهرات
من جانبه، يقول، الشيخ جمال قطب،: من حق السيدات أن يرتدين المجوهرات وما غلا ثمنه ولا حرمة في ذلك إلا إذا استدعى إظهارها للمصاغ أن تكشف عن مفاتن الجسد ومن ثم تثير فتنة الرجال،
أو إذا كان ارتداؤها للمجوهرات الثمينة يدفع اللصوص إلى مهاجمتها ويعرض حياتها للخطر مصداقاً لقوله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إنّ الله كان بكم رحيماً»، من هنا نقول، يحرم ذلك من باب الحفاظ على النفس وليس حرمة قطعية في حد ذاتها.
تقرير روتانا