في ظل غياب التشريعات
لا شك أن الجريمة المأساوية التي تداولتها الصحف السعودية الأيام الماضية عن قيام طالب بالاعتداء على معلمه وطعنه حتى الموت،
تدق ناقوس الخطر حول تفشي ظاهرة العنف الذي أصبح يمارسه الطلاب ضد معلميهم، والتي أصبحت تتكرر داخل المدارس العربية وليست السعودية فقط، فبعد أن كان المعلم متهماً بضرب التلاميذ،
انقلبت الآية وصار التلاميذ يضربون معلميهم ويقتلونهم! وفي التحقيق التالي نبحث في أسباب عنف الطلاب تجاه معلميهم ومن المسؤول عن ذلك؟ هل هو انشغال أولياء الأمور عن تربية أبنائهم؟ أم إن ضعف شخصية المعلم هي التي جرأت التلاميذ عليه؟
أم لمنع وزارة التربية المعلمين من استخدام وسائل العقاب البدني، وغياب تشريعات تحمي المعلم من عنف الطلاب؟ أم لتأثر التلاميذ بأفلام وبرامج العنف؟ هذا ما نناقشه في التحقيق التالي.
ولي أمر: لا بد من إنشاء أمن مدرسي متخصص لحماية المعلمين
طالب: التلميذ الذي يتطاول على مدرسه يستحق الشنق
معلم: معلمون لعبوا دوراً في هذه الظاهرة السلبية لأنهم رفعوا «التكليف»
طالبة: هناك خلل في التربية المنزلية جعل الطالب يلجأ للعنف
معلم: الأمر مُتعلق بالجو العام في البلاد والاضطرابات والحالة النفسية السيئة
معلمة: بعض الإدارات تلجأ إلى «التطنيش» في مواجهة الأهل بحقيقة سلوك أبنائهم
معلمة: يجب أن يتحرك المسؤولون لإصدار لائحة عقوبات مغلظة للمعتدين
عالمة اجتماع: نتيجة طبيعية لضياع منظومة القيم والأخلاق بالمجتمع
رجل قانون: القانون الحالي يحمي التلاميذ وليس المعلم
طالب يحدث عاهة مستديمة لأستاذه لأنه منعه من الغش
اختصاصي نفسي: التلاميذ بين 10 و14 عاماً ضحايا تقليد أبطال أو شخصيات
استفزاز طالبة
تقول حورية زين «من جدة»: «جارتي تعدت قبل عدة سنوات على معلمة بمدرسة ابنتها التي تدرس مع ابنتي في صف واحد، والسبب أن المعلمة رفعت صوتها على الطالبة وطالبتها بإحضار ولية أمرها،
ما استفز الطالبة التي بدورها نقلت صورة خاطئة عمّا قامت به المعلمة معها وادعت أنها ضربتها، ما جعل الأم تأتي خصيصاً إلى المدرسة للاعتداء على المعلمة، فانتهى الأمر باستحضار الشرطة وزوج المعلمة وتحول الأمر إلى هيئة التحقيق والادعاء العام»،
وتابعت: «بعد ذلك صدر حكم بجلد جارتي بسبب اعتدائها على المعلمة في نفس المدرسة التي تمت الحادثة بها، إلى أن انتهى الأمر بتنازل المعلمة بعدما ردت اعتبارها أمام الطالبات ومنسوبات المدرسة»،
وعن نظرتها إلى الأمر قالت: «الحكاية واردة الحدوث طبعاً وليست حالة شاذة، لأننا نسمع عن عديد من الحالات المشابهة، ولكن المخجل في الأمر أننا هنا نرى الأم أو الأب هما من يهز صورة المعلم في نظر ابنهم أو ابنتهم بدلاً من أن يكونوا منبع الأخلاق والقيم والمبادئ، وهذا بالضبط ما حدث مع جارتي».
شراكة أمنية
أمّا ياسر آل دعرم «ولي أمر ـ الرياض» فقد أكد إنه ضد الطلاب ممن يعتدون على المعلمين وقال: «ما دام مسلسل اعتداء الطلاب على المعلمين تزايد، فلابد من إنشاء أمن مدرسي متخصص من شركة أمنية مرتبطة مع المدرسة داخل حرم المدرسة وخارجها حمايةً للمعلمين».
قوانين رادعة
بينما أكدت المعلمة هيا الجاسر «من الرياض» أن الاعتداء على المعلمين أصبح ظاهرة نسمع عنها يومياً، والآن تصل لحد القتل،
وقالت: «يجب أن يتحرك المسؤولون لإصدار لائحة عقوبات مغلظة للمعتدين، يجب سن قوانين صارمة وعقوبات مغلظة على أي اعتداء يطال المعلمين من قبل الطلاب، حتى تكون رادعاً لبقية الطلاب».
قرار غير دقيق
من جهة أخرى، يرى عادل العبيدي «ولي أمر» أنه «لا مانع من استخدام الضرب من المعلمين تجاه الطلاب في حال التأديب»، واصفاً قرار الوزارة بمنعها الضرب أنه قرار غير دقيق، وهو السبب الرئيسي فيما وصلت إليه الأمور الآن،
حيث قال: «قرار منع المعلمين من تأديب الطلاب بالضرب قرار فاشل، بسببه وصلت الجرأة بالطلاب حد الاعتداء على المعلمين أنفسهم، إضافة إلى إن الطلاب وأولياء الأمور استضعفوا المدرسين بشكل كبير،
لدرجة أن الأدراج في إدارات التربية والتعليم امتلأت بالشكاوى تجاه المعلمين، بالرغم من إنهم لا يضربون الطلاب كالسابق، ولكن لأن المعلم لم تعد له مكانته وهيبته بين طلابه، أصبحت الأمور هكذا».
ضياع الهيبة
في حين يرى عبدالعزيز الروقي «أحد أولياء الأمور» أنه لا مشكلة في ضرب المعلم للطالب،
حيث قال: «هذا الجيل جرد المعلم من هيبته، نحن كنا في السابق نتعرض للضرب من قبل المعلمين، وهو ما جعلنا نحترمهم ونحترم العلم لهذه الدرجة، ولم نكن نرى الأمور كما يراها طلاب اليوم».
صناعة العداء
بينما يرى «أبو جنى الغامدي» أن الحق أولاً وأخيراً على وزارة التربية والتعليم قائلاً: «تزايد اعتداء الطلاب على المعلمين من نتائج قرارات الوزارة التي صنعت عداءً بين الطالب والمعلم، ولو وضعت عقوبات على الطلاب مثلما وضعت على المعلم لما حدث ذلك».
اليوم الأول
من لبنان، يقول المُعلم محمود أحمد جعفر «30 عاماً»: «إن موضوع تعرض الأساتذة في المدارس للضرب أو الاعتداء من قبل الطلاب بدأنا نسمع عنه ونراه في عديد من المدارس،
وبرأيي فإن الحل أكبر من مجرد معالجة إدارية محلية، لأنه مُتعلق بالجو العام في البلاد والاضطرابات والحالة النفسية السيئة التي تعانيها غالب العائلات وتنعكس سلباً على الطلاب، ما يجعلهم يعبرون عمّا بداخلهم في المدرسة، وأنا هنا لا أبرر أبداً هذا التصرف، بل أحاول توضيح بعض ماهيته،
وفيما يخص علاقتي بالطلاب وتجربتي التعليمية أستطيع القول إن اللحظة الأولى لدخول الأستاذ في أول يوم دراسي، ووضعه آليات العمل مع الطلاب طوال العام الدراسي، والتعامل معهم من منطلق أخوي إنساني لا من منطق أنه أستاذ ويريد فرض شخصيته عليهم،
كل هذا يلعب دوراً جوهرياً لا في انعدام حدوث الإشكالات بل على الأقل في التخفيف نسبياً من حدوثها، على أن يُستكمل هذا الأمر مع سلسلة حلقات تقوم بها المدرسة لتوجيه الطلاب وإعدادهم بطريقة صحيحة من خلال مرشد اجتماعي مُختص».
الخلل في التربية
تعتبر الطالبة مروى سلامي «17 عاماً» أن «العنف أمر مرفوض في المدرسة سواء كان من الطالب أو الأستاذ»، مشيرة إلى أن «سبب تغير العنف من الطالب للأستاذ يعود إلى وجود خلل في التربية المنزلية التي جعلت الطالب الذي يلجأ للعنف ضد أستاذه غير آبه لأي ردة فعل على فعله المشين».
سلوك مرفوض
من جهتها، تقول المعلمة منى عبدالله «32 عاماً»: «من القضايا المهمة التي تمس القطاع التربوي عامة والتي تثير القلق لدى التربويين، هي قضية معالجة ظاهرة عنف التلاميذ على أساتذتهم، العنف سلوك مرفوض يراد منه ممارسة الاعتداء على الآخر، وهذا الاعتداء نوعان، لفظي وجسدي،
وهذه الظاهرة منتشرة في المدارس «الحكومية» أكثر من المدارس الخاصة، ويعود ذلك لانتماء غالب تلامذتها إلى فئات اجتماعية وأسرية هشّة يطغى عليها الفقر والتفكك وعدم التوازن،
ومن أهم أسباب هذه الظاهرة أولاً انعدام التربية على الأخلاق الحميدة، وعدم كسب التلميذ القيم التربوية والاجتماعية الرفيعة من مجتمعه الأسري والمجتمعي، بل العكس كسب عادات وسلوكيات سيئة، تاركة بصمات على شخصيته،
ما جعله يعتبرها تصرفات حميدة وعادية فأضحى لا يشعر بخطورتها بل يفاجأ برد فعل الآخر منها،
ثانياً الضغوط النفسية التي يعيشها التلميذ جرّاء وضعه الاجتماعي السيئ الذي يسوده الفقر، التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي للأهل «تجار مخدرات، خرّيجو سجون»،
ثالثاً جهل الأهل ينعكس سلباً على تربية أولادهم وعلى تحصيلهم الدراسي لأننا نعلم أن الصفوف التأسيسية تحتاج لاهتمامهم وتعليمهم ومتابعتهم، ما يؤدي إلى تقصير دراسي يتراكم عبر السنين، وبالتالي يؤدي إلى كره المدرسة والشعور بالنقص، ما ينعكس سلباً على تصرفاته فتزيد مشاغبته ويقوى تمرّده».
أسلوب «التطنيش»
وتحمل المعلمة أنيتا غازاريان «38 عاماً» إدارات المدارس مسؤولية تزايد العنف ضد الأساتذة، بقولها: «مشكلة بعض الإدارات أنها لا تستطيع مواجهة بعض الأهل بحقيقة أبنائهم وسلوكهم، فتلجأ إلى «التطنيش» فتزداد الأمور صعوبة ودوماً الأستاذ هو الضحية».
عصر المعرفة
ويرى الطالب آلان ساسين «17 عاماً» أن «الطالب في عصر الإنترنت غيره في الماضي، فهو أكثر جرأة وصاحب شخصية أقوى من الماضي وأكثر معرفة ووعياً من الماضي، إلا إن هذا الأمر لا يبرر أي عنف قد يُمارس،
إذ إن للأستاذ كرامته ويجب أن يتم الحفاظ عليه، ويجب أن تكون علاقته مع طلابه قائمة على الاحترام والحفاظ على كرامة الطرفين».
استعانوا ببلطجية
إلى مصر، اقتحمت مجموعة من الطلبة مدرسة طهما الزراعية المشتركة بالجيزة بمساعدة مجموعة من البلطجية، وقاموا بإشعال النار فيها وضرب مدرس حتى شارف على الموت، لأنه تجرأ وقام بتفتيش أحدهم وعثر معه على بندقية خرطوش، فأحاله إلى مدير المدرسة ليقوم بمعاقبته،
فكان جزاء المدرس الضرب والسحل، ولولا عناية الله لفقد حياته، وكان مأمور مركز شرطة العياط قد تلقى بلاغاً من «أحمد سالم» مدرس بضبط عدد من الأشخاص بحوزتهم سلاح داخل المدرسة، بالإضافة إلى إشعالهم النيران في المقاعد الخشبية،
واعترف المتهمون أمام ضباط المباحث بارتكابهم الواقعة وحيازتهم السلاح الناري المضبوط، وتحرر محضراً بالواقعة.
جنحة وتنازل
من جانبه، ذكر مدير المدرسة في أقواله: «إن الجريمة قيدت جنحة فقط، وتم التنازل عنها حفاظاً على مستقبل التلاميذ»، وأشار إلى أن طلاباً آخرين اعتدوا بالضرب على مدرس لأنه منعهم من الغش!
أعمال بلطجة
ومن نفس المدرسة أشار أحد المدرسين إلى إنه إذا عاقب طالباً لارتكابه خطأ أثناء الدرس، فإنه يواجه أعمال بلطجة من جانب هذا الطالب الذي يجمع أصحابه ويعترض طريقه عقب خروجه من المدرسة،
ويقومون بضربه تحت تهديد السلاح دون أن يحميه أحد»، مضيفاً إنه «لم يجد قانوناً يحميه من بطش التلاميذ، فالقانون الموجود لحماية التلميذ وليس المدرس»!.
جريمة أخرى
واقعة أخرى لا تقل خطورة عن السابقة، حيث تلقى مدير أمن سوهاج بلاغاً من مدير المباحث بأنه تبلغ لمركز شرطة طما من ياسر عليوة «37 سنة» مدرس بالمعهد الأزهري بقيام «أحمد. ك . م ـ 14 سنة» طالب بالتعدي عليه بالضرب بسلاح أبيض «مطواة» وإصابته بكدمات وسحجات بسبب منعه من الغش بالامتحان، وتم ضبط الطالب المتهم والسلاح المستخدم وتحرر محضر، وتم إحالته إلى النيابة التي باشرت التحقيق.
إغلاق مدرسة ابتدائية
قامت مجموعة من المدرسين بمدرسة الفتح للتعليم الأساسي التي تضم تلاميذ من المرحلتين الابتدائية والإعدادية بمدينة 6 أكتوبر بإغلاق المدرسة في وجه التلاميذ ومنعهم من الدخول،
بعد أن تكررت اعتداءاتهم على المدرسين دون أن يحميهم أحد، فقام المدرسون بتحرير محضر بقسم شرطة 6 أكتوبر وأحالوه إلى النيابة العامة، مطالبين بحماية الدولة لهم من تعدي وهجمات التلاميذ عليهم.
عاهة مستديمة
في محافظة الإسماعيلية التي تبعد عن القاهرة 80 كيلو متراً ضرب طالب بمدرسة سعد زغلول الإعدادية مدرس الرياضيات، وأحدث بجسده ووجهه إصابات بالغة أدت إلى عاهة مستديمة،
لأن المدرس سأله عن دروسه فرد عليه الطالب بطريقة غير لائقة، ما استفز المدرس فحدث بينهما تراشق لفظي جعل الطالب يتوعد مدرسه بضربه، وفي اليوم التالي نفذ التلميذ تهديده وتم تحرير محضر بمركز شرطة أبو صوير وأحيل إلى النيابة التي باشرت التحقيق.
ضعيف الشخصية
يرى حسام خالد «طالب جامعي من القاهرة» أن: «ظاهرة عنف الطلاب تجاه مدرسيهم نتجت من ضعف شخصية المدرس بعد أن سحبت منه وزارة التربية والتعليم وسائل العقاب البدني،
فلم يعد التلميذ يخشى من مدرسه كما كان يحدث في الماضي، ومن ثم تجرأ عليه وأصبح هو الذي يضربه وليس العكس».
يستحق الشنق
يضيف محمد شوقي «طالب بالثانوية العامة»: «التلميذ الذي يتطاول على مدرسه يستحق الشنق، لأن المعلم له مكانته واحترامه ومرتبته التي تعادل الرُسل، لهذا فإن هذه النماذج الشاذة من الطلاب لا تعبر عن الغالبية العظمى،
ولكنها نماذج فاشلة ومشاريع مجرمين، تنتمي إلى بيئات فقيرة وشعبية، لم تغرس فيها المثل والقيم ويجب وضعهم في دور الرعاية لإعادة تأهيلهم».
التطاول عادي
بينما يقول محمد حسن «مدرس ثانوي من مصر»: «للأسف الجيل الحالي من التلاميذ لا يعرف قدر وقيمة المعلم، لأنه لم يجد من يعلمه هذه المبادئ في البيت أو دور العبادة فأصبح التطاول على المعلم شيئاً عادياً»،
مضيفاً: «للأسف بعض المعلمين لعبوا دوراً في هذه الظاهرة السلبية لأنهم أزالوا الحدود والمسافات ورفعوا «التكليف» بينهم وبين تلاميذهم، فعليهم أن يتحملوا نتيجة أفعالهم»، وأشار إلى أن غياب التشريعات الرادعة التي تحمي المدرس من بطش تلميذه من أهم الأسباب أيضاً، فمعظم الجرائم تصنف جنحة وعقوبتها ضعيفة».
البوليس المرعب
يقول الخبير التربوي مالك فقيه: «قم للمعلم وفِّه التبجيلا***كاد المعلم أن يكون رسولاً»، هذا ما تعلمناه في المدرسة في الخمسينات من القرن الماضي، حيث كان الناظر هو البوليس المرعب مع عصا بيده لمعاقبة من يخل بالقانون واﻷخلاق، اليوم وبعد ثورة الشباب في أوروبا 1968،
تغيرت كل تعاليم ومفاهيم اﻵداب، وأصبحت حرية الشباب توازي حرية المربي، أضف إلى ذلك انفتاح العالم بواسطة التواصل على اﻹنترنت، أصبح الشاب في الشرق يشابه الشاب في الغرب، وأصبح بالتالي المعلم الشاب يواجه مشكلات لم يتعود عليها، وخاصة الجيل القديم الذي يعتبر أن المعلم لا يزال رسولاً».
ضحايا التقليد
يرى الاختصاصي والمحلل النفسي د.أحمد عياش أن «العنف لدى التلاميذ يختلف حسب الشريحة العمرية، فالتلاميذ بين 10 و14 عاماً هم ضحايا تقليد أبطال أو شخصيات، وتكون ردة فعلهم على أي تصرف بتماهيهم مع من يقلدونهم، وهذه الشريحة تكون دائماً بحالة رفض،
أما بالنسبة إلى المراهقين بين 15 و18 سنة فإنها تواكبهم تغييرات هرمونية في الجسد،وتظهر عليهم عوارض الرجولة لذا تأتي ردّات فعلهم ممزوجة ببطولات وتكون عنيفة».
ويلفت د.عياش إلى أن «العنف في عمر المراهقة جدي وانفعالي ونزقي، إذ تكون حركة العضلات على تماس سريع جداً مع الفكر وليست بالضرورة أن تكون تلك السلوكيات مرتبطة بمرض نفسي، ولكنها تؤدي إلى اضطرابات وأزمات تعالج كل منها على حدة».
فقد هيبته
«ضياع هيبة المعلم والاعتداء عليه، أصبح ظاهرة بالغة الخطر في مجتمعنا الشرقي، والسبب في ذلك هو ضياع منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وعدم احترام الصغير للكبير»،
بهذه الكلمات بدأت د.عزة كريم أستاذ علم الاجتماع الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مضيفة: «افتقاد القدوة والمثل الأعلى، وظهور بعض عادات وتقاليد مستمدة من خارج مجتمعنا وواردة علينا من الغرب، إضافة إلى غياب الدور الرئيسي الذي تلعبه الأسرة المصرية وعدم قيام الأب برعاية أبنائه وزرع قيم الاحترام وخاصة احترام الكبير منذ صغرهم».
وأشارت د.كريم إلى إن تفشي العنف المجتمعي الذي ساعد في انتشاره عدم وجود رادع وعقاب قانوني ناجز أدى بالتالي إلى انتشار العنف المدرسي، وبالتالي ارتفاع نسب جرائم العنف واعتداء الطلبة على المدرسين.
تصالح وتنازل
يقول المستشار القانوني أشرف مشرف: «إن سبب هذه الظاهرة هو عدم وجود تشريعات أو لوائح تحمي المعلمين، فضلاً عن أن الجهات المسؤولة عنهم ممثلة في وزارة التعليم، ونقابة المعلمين لم تسع لحمايتهم من عنف الطلاب، وهذه أحد أوجه السياسات الخاطئة المتبعة في التعليم،
وبالتالي فإن المعلم ضحية الوزارة والنقابة والعنف المدرسي، لهذا فإن وزارة التعليم مطالبة بإصدار قرارات أو لوائح تنظم العلاقة بين الطالب والمعلم، خاصة أن اللائحة الحالية لا يوجد بها ما يحدد طبيعة هذه العلاقة،
فيترك الأمر للقانون العام وهنا إذا ما اعتدى الطالب على المدرس يعتبر جنحة مباشرة عقوبتها بسيطة وغالباً ما تنتهي بالتصالح والتنازل عن البلاغ».
تقرير روتانا