3 مؤهلات لمبايعة أمراء "داعش"!
دير الزور - ألكسندر أيوب
'العشائرية، الجهل، حب السلطة'، ثلاثة مؤهلات لا بد من توافرها في أمراء تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلامياً بـ'داعش'.المؤهلات السابقة تظهر بوضوح في محافظة دير الزور أكبر مدن الشرق السوري، والتي غير التنظيم اسمها بعد سيطرته الكاملة عليها إلى 'ولاية الخير'.
في دير الزور استحدث التنظيم تقسيماً إدارياً جديداً للمحافظة يقوم على القطاعات أو النواحي، تتكون الناحية من 7-17 قرية، يتم تعيين أمير على كل قطاع يتبع 'والي' المحافظة، وبدورهم يتبع الولاة لسلطة قائد التنظيم أبو بكر البغدادي.
لم يضمن التقسيم السابق وحدة المحافظة نفسها جغرافياً فتبعاً للتقسيمات الجديدة باتت مدينة 'البوكمال' الحدودية السورية والتي تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات تتبع لمحافظة 'الموصل' في العراق، كما أصبحت بعض المناطق من ريف دير الزور الشرقي تتبع لحمص.
إضافة لقادة القطاعات، يوجد 'أمراء' آخرون يعينون لتسيير المسائل المالية ضمن كل قطاع، يسمون 'الأمير المالي'. على الرغم من تعدد الأمراء فهناك شخصيات إشكالية برزت في دير الزور بسرعة خيالية، ولم يكن اختيار التنظيم لها من فراغ.
الوتر العشائري
يشكل المهاجرون من مختلف دول العالم، ممن يقاتلون مع تنظيم الدولة، الصف الأول في جسم التنظيم، بينما تطغى الجنسية العراقية على قياداته من 'أبي بكر البغدادي' إلى مهندس عمليات التنظيم والعقل المدبر 'حجي بكر'، الذي قتل في الفلوجة منذ أشهر، ثم تولى منصبه أبو علي الأنباري 'أبو أحمد العلواني' كأحد قادة التنظيم.
ويبدو أن التنظيم وخلال توسعه في سورية، اعتمد على أبنائها ممن بايعوه كقادة ميدانيين للعمل العسكري، بينما تبقى أمور التخطيط ضمن المهاجرين، ويتم اختيار هؤلاء القادة وفق سياسة يتبعها التنظيم في كل منطقة، فمن يتعرف إلى الأشخاص الذين يقودون تنظيم الدولة في سورية، وأسلوب اختيارهم يستطع أن يفهم جزءا كبيراً من سياسة التنظيم في المنطقة.
تحولت قرية 'جديد عكيدات' في الريف الشرقي من دير الزور، إلى معقل للتنظيم، وخصوصاً في صراعه مع جبهة النصرة. ينحدر من هذه القرية رجل يدعى 'عامر الرفدان'، كان يسكن مدينة دير الزور قبل الثورة، وتحديداً حي 'الجورة'، ليعود بعد اندلاع الثورة إلى 'جديد عكيدات'، يعرف عن عامر أنه غير متعلم ولا يوجد عنده علم شرعيً، كما يشاع أنه غير ملتزم دينيا ويعمل في تجارة التهريب، وهو أيضا معروف بأنه قليل الكلام يتمتع بكاريزما المقاتل، وبشراسته الشديدة في القتال.
بدأ عامر كعضو عادي في جبهة النصرة، ثم انتقل إلى 'داعش' بحثاً عن طموح أكبر، فتم تعيينه كأمير 'قطاع'، ثم ترقيته لوالي دير الزور بصعود صاروخي أي (محافظ للمدينة كاملة)، ولكن السؤال هنا ما الذي يدفع تنظيم الدولة لاختيار شخص مماثل ليتم تعيينه واليا لدير الزور، ومن ثم ترقيته اليوم كعضو في مجلس شورى التنظيم؟.
عن أسباب اختيار 'داعش' لشخصية 'عامر الرفدان'، يتحدث أحد المقربين منه لـ'العربي الجديد' مسترجعاً حادثة في عام 2012 يعتقد أنها تفسر الموضوع ويقول : ' في تلك الفترة تم تعيين أمير يدعى 'أبو قتادة' على منطقة صغيرة من ريف دير الزور، و'أبو قتادة' من قرية صغيرة اسمها ' طابية جزيرة' تسكنها عشيرة 'مسالمة'، قتل أبو قتادة إثر خلاف مع فصيل مسلح من الجيش الحر في منطقة 'المحلج'، لكن المفارقة أن 'داعش' لم تحرك ساكنا والتزمت الصمت لأن الفصيل الذي قتل الرجل يتبع لإحدى العشائر الكبيرة في دير الزور، فلم يستطع التنظيم أن يفتح جبهة كبيرة عليه، وسكت على قتل أمير مهم لديه خصوصا ان أبو قتادة يكنى بـ' أسد الله' إشارة لشدة بأسه في القتال.
المصدر - الذي رفض ذكر اسمه - قال'يبدو أن تنظيم الدولة أدرك أنه أخطأ عندما أتى برجل من أقلية عشائرية وعينه كأمير، لذلك جاء تعيين 'عامر الرفدان' رغم أنه لا يتمتع بسمعة حسنة إلا أنه أحد أبناء عشيرة 'العكيدات'، وهي أكبر العشائر في دير الزور كما أنه من فخذ ضمن هذه العشيرة يسمى ' البكيّر'، وهم أناس يعرف عنهم في دير الزور تاريخياً أنهم أهل قتال وأفرادها معتدون بأنفسهم جداً'.
توزع فخذ البكير ضمن الجيش الحر على 3 ألوية مقاتلة وهم 'لواء الأحواز'، 'القادسية'، 'عبد الله ابن الزبير'، وبعد دخول داعش قام لواء الأحواز بمبايعة كتائب 'أحرار الشام' لقتال داعش، بينما الفصيلان الآخران التزما الحياد.
وهذا ما يفسر تقديم شخصية عامر الرفدان، كفرد من عشيرة قوية، إذ يسعى التنظيم من خلال تعيينه إلى جر الجزء الأكبر من العشيرة نحوه، أما من فشلوا باستمالته منهم لصفوفهم فيلتزم بالحد الأدني الحياد ولا يقاتل أولاد عمومته في الطرف الآخر، وبالفعل استطاع التنظيم وعلى رأسه 'عامر الرفدان' أن يجر أكثر من نصف عشيرة 'البكيّر' إلى صفوفه، والتي يتوزع سكانها في ريف دير الزور الشرقي على 15 قرية.
ولاية البوكمال
منذ بداية عسكرة الثورة في دير الزور لمع نجم رجل يدعى 'صدام الجمل' والذي يلقب بصدام 'الرخيتة'، حمل صدام السلاح ضمن فصائل الجيش الحر، ثم أسس لواء كبيراً معروفاً باسم لواء 'الله أكبر'، برز دور الرجل في تحرير 'مطار الحمدان' في البوكمال من قوات النظام، والذي تم على يد لوائه وألوية أخرى من الجيش الحر.
ينحدر صدام الجمل من مدينة 'البوكمال' من عائلة تدعى 'النادر' وهي أسرة هاجرت من مدينة 'عانة' في العراق والتي تقع غرب مدينة الرمادي العراقية إلى البوكمال السورية منذ أكثر من 100 عام، وكان الجمل مدعوماً من هيئة الأركان والمجالس العسكرية ضمن الجيش الحر بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى أنه شخص بسيط غير مؤدلج ولا ينتمي إلى أي تيار ويمتلك عددا كبيرا من المقاتلين، ونتيجة علاقته مع قيادة الأركان وجهت له 'جبهة النصرة' اتهاماً بأنه وقع مع الرائد 'ماهر النعيمي' والمجالس العسكرية وثيقة تنص على قتال الكتائب الإسلامية، وإثر هذا الاتهام قامت النصرة بتفجير منزله، واغتيال أخيه الأصغر، وتم تصوير عملية الاغتيال وبثها على موقع 'اليوتيوب'.
في هذا الوقت دخل تنظيم الدولة على الخط، وحاول استمالة صدام مستغلاً قتل أخيه على يد جبهة النصرة، فكان أن بايع الجمل التنظيم مع كامل أعضاء لوائه وعتاده العسكري، وتم تعيينه أميرا ضمن التنظيم، فقاد 'صدام الجمل' الهارب من حضن هيئة أركان الجيش الحر كل عمليات التنظيم في السيطرة على مدينة البوكمال والقرى التابعة لها، نتيجة معرفته بجغرافية المنطقة وتفصيلاتها العشائرية ليصبح اليوم واليا على المدينة.
الجمل (40 عاما) يعرف عنه أنه رجل أمي، كان يعمل في التهريب بين العراق وسورية ضمن مدينته الحدودية البوكمال، ويؤكد بعض قادة الجيش الحر ممن خاضوا معه معركة تحرير مطار الحمدان أنه هو من باع صواريخ 'الكوبرا' التي تمت السيطرة عليها ضمن المطار إلى النظام، كما يؤكد أشخاص مقربون منه أن صدام غير مستقر نفسياً.
المصدر
- : http://www.ikhnews.com/index.php?pag....tAz0esyP.dpuf