مساك الله بالخيرات وصبحك بالمسرات
اخى الحبيب سومر.
رحلتى والغربة قطار غادرفى ربيع العمر ارض الاحبة والوطن يعدو مع السنوات حسيسا الى خريف العمر.
بدأت رحلتى مع الغربة بسفرى الى المملكة العربية السعودية فى الرابع والشرين من اغسطس 1979 ميلادي
بعد التخرج من الجامعة بسنتين بخبرة مصرفية متواضعة بالبنك التجارى السودانى لمدة سبعة اعوام
وبدأت بمدينة جدة حيث امضيت بها اسبوع اكملت اجراءات الدخول والاقامة ثم تحركت الى المنطقة الشرقية
والتى اعتبرها من احلى واجمل مناطق المملكة حيث الادارة الاقليمية للبنك ومنها تم الحاقى بفرع الدمام الرئيسى
وطبعا ليس من ثمة شك بان الايام الاولى هى اصعب الايام حيث ان المغترب يبتعد عن الوطن والاحباب والاهل ومن ثم يبدأ بافتقادهم ولكن بحمد الله تعالى بمجرد وصولى وكان فى شهر رمضان المكرم الى مدينة الخبر كان احد الاخوة بالادارة الاقليمية يقيم مآدبة افطار بمنزله وهو احد زملائى بالبنك التجارى سابقا وهناك التقيت العشرات من الاصدقاء والاحبة ومنهم من اخذونى بعدها معهم الى مدينة ادمام مقر عملى واصروا على بقائى معهم بالسكن.
وبعد الحاح شديد واصرار اقنعتهم بان يسمحوا لى بالانتقال حيث ان سكنهم معد من قبل الشركة التى يعملون بها ,
وتركتهم شاكرا ومقدرا منتقلا للسكن مع مجموعة مكونة من 4 افراد يقيمون بمنزل به خمس غرف .
وايضا كان توفيقا من الله فقد كانت مجموعة متجانسة الى ابعد الحدود.
كان اول دوام لى بفرع يبلغ عدد موظفيه المائة والاثنان من موظفين وعمال وحراس وبعد ايام قلائل وجدت نفسى بين اناس عرفتهم منذ زمن وكان تآلف ومودة منذ اول لحظة جمعتنا رغم اختلاف اللهجات والجنسيات واللغات فهناك جمعت العروبة ابنائها من سعوديين وسودانيين ومصريين وفلسطينينواردنيين وهناك هنود وباكستانيين .
ولم اواجه صعوبة فى التواصل معهم جميعا وانشاء صداقات حميمة تمتص عناء الغربة.
امضيت حوالى اثنى عشر عاما بفرع الدمام ثم انتقلت الى مدينة الخفجى فى عام 1991 حيث امضيت بها ثمانية اعوام
عدت بعدها الى مدينة الدمام وبعد عام انتقلت الى الرياض ثم كانت استقالتى وعودتى الى السودان ز
عدت وامضيت اثنى عشر عاما بارض الوطن ثم راودنى حنين الغربة فقفلت عائدا الى ارض اغترابى الاولى بالمنطقة الشرقية ولى بها الان اربعة اعوام.
الغربة قاسية وجميلة هى مدرسة كبرى لبناء الذات وصغلها منها نستمد الحنكة وفن التواصل والتعامل مع الاخرين باختلاف طباعهم وثقافاتهم وافكارهم وجنسياتهم.
من اقساها واجملها فترة العذوبية وان لم تطل معى حيث تزوجت بعد خمسة اعوام وصحبت زوجتى معى التى رافقتنى بها ستة عشر عاما انجبت خلالها ابنائى وبناتى هنالك. ثم عادوا لارض الوطن لتكملة تعليمهم هناك وما كان منى الا اللحاق بهم بعد عام.
وكانت فترة العذوبية تستوجب الاعتماد على النفس فى كل شى نظافة المنزل الملابس ترتيب المنزل الطبخ واستقبال الضيوف والاحبة مما اكسبنى مهارات فى الطبخ وجميع صنافه وانواعه وما كنت لاكتسب ذلك لولا الغربة والابتعاد عن الاهل مما اتاح لنا التبارى والتنافس فى الوان واصناف الطعام فى سنواتنا الاولى وصارت عادة الى الان بما اننى لا استسيق الاكل خارج البيت لابد ان اعد ما اريد تناوله وتلك من اجمل معاناة الغربة .
وكما يقال كما ان الغربة اقسى نضال تبقى القربة سترة حال.
ومن عائدها يتم انجاز الكثير وهى قاعدة انطلاق لتحقيق الطموحات والامانى.
واهم سلاح للتغلب على قسوتها ووحشتها الصبر والايمان.
ارجو ان اكون سردت ما كنت تصبو اليه اخى الحبيب الغالى سومر
شكرى وامتنانى لك مرة اخرى
فيض جبى
يحفظك الله