ماشاء الله على طرحك
ماشاء الله على طرحك
ولا مراء فيما تلعبه الوراثة من دور فعال في تكوين الشخصية،
فضلاً عما يلعبه البيت بتربوياته السليمة السامية من أدوار في البناء الشخصي،
حتى ليتجلى كل من معالم الوراثة ومعالم التربية على شخصيته في سيرته من خلال نشاطاته وفعالياته الرسالية،
وهذا ما لاحظه الشاعر في علي الأكبر: جمع الصفات الغر وهي تراثه: في بأس (حمزة) في شجاعة (حيدر) بإبا (الحسين) وفي مهابة (أحمد)
وتراه فـي خلـق وطـيب خلائـق وبليـغ نطـق كالنبـي (محمـد) صلى الله عليه واله.
وعند التحدث عن أي شخصية مهما كانت،
لا بد من الرجوع للحديث عن أسرته،
لاسيما والده ووالدته،
فثمة صلة هامة ورابطة خطيرة بين الحديثين،
للوقوف على الحقائق ولإماطة اللثام عن واقع الشخصية المعنية ..
نظراً للدور الأبوي الفعال في الشخص،
بدءاً من كونه نطفة، ومروراً بمراحل التكوين،
حتى الولادة فالتربية والتهذيب .
من ذا الذي يجهل والد سيدنا علي الأكبر، كلنا نعرفه، وكلنا نجهله، نعرفه بالاسم وببعض الأمور، ونجهل حقيقته الكاملة.
ان الإمام سبط الرسول الحسين بن علي صلوات الله عليهم، ليس أباً فحسب، وليس بمستوى الأبوة فقط، انه فوق ذلك المستوى بما يمثله من إشراف على الأُمة بكل أبنائها وبناتها، وبما يتبناه من قضايا أبناء الأُمة ودينهم الإسلامي الحنيف في بعده المستقبلي.
هذا الأب العظيم من شأنه - دونما جدال - أن ينجب ابناً بمثابة أُمة من الناس، أن ينجب من يكون نوراً ونبراساً، وقائداً وقدوة وعليه فلا نستكثر على ذلك الإمام إنجاب القادة ورجال العقيدة، وهو الإمام الذي تمكن من أن يصون شعوب الإسلام، ويحفظ الأُمة العملاقة مع دينها ومبادئها الخلاّقة.
ولا نريد هنا أن نتكلم عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام فهذه الصفحات خاصة بولده ونجله فقط، كما أن الحديث عن الإمام لا يعدّ محاولة هينة ويسيرة بناءً على أنه ليس شخصاً عادياً يصح عنه الكلام كيفما اتفق الكلام، وإنما هو شخص امتزجت فيه المبادئ، فجسدها عملاً على أرض الواقع، انه صاحب رسالة وسيد قضية.. رسالة ممتدة من رسالة جده الرسول الأعظم، وقضية تبرعمت من شجرة قضية جده النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
فانما نتجنب الخوض في الحديث عن الإمام سيد الشهداء فلسعة مهمته الرسالية التي يلزمنا التحدث فيها وعنها، ولبعد وظيفته الإلهية، ورحابة طرحه لقضيته .. وأخيراً فلأنه حقق عملياً - وعلى المدى البعيد - للأُمة ما لم تستطع كل الأًمة تحقيق بعضه.ذلك هو الوالد والأب والمربي الصارم القويّ، معلم الأُمة، الذي أنجب للانعتاق والتحرير طاقات نورٍ متمثلةٍ بالشخصيات المضيئة التي اخترقت أستار الظلام عبر عصور الظلم والاضطهاد ووسط تفاقم الأوضاع.
أخذ الإمام الحسين عن جدهِ ((مدينة العلم)) ثروة من العلم والحكمة، وثروة من السمات البالغة في السمو...أخذ الإمام الحسين عن أبيه ((باب مدينة العلم)) وافر العلوم والامتيازات، أبوه أمير المؤمنين عليّ الذي ارتشف من نفس منهل النبي صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
وراح الحسين بدوره يوزع ما عنده دون أن ينقص مخزونه أو ينضب ويفيض بما لديه على أولاده الأطهار والتابعين له بإحسان وكل إناء بالذي فيه ينضح.
كان حسين رحيماً ورحمة للمؤمنين، فكان علي الأكبر يشاطر والده في هذه الخصوصية الرحمانية.