Saturday, January,14, 2012
"العربية.نت" تنشر وثائق التحقيقات السرية
فيديو الحلقة الاولى كاملة تحكي قصة هروب زين العابدين بن علي
طائرة مروحية وزوارق بحرية عجّلت بهروب بن علي من تونس إلى جدة
العربية.نت
تنشر "العربية نت" أسرار الساعات الحاسمة في تاريخ تونس الحديث، والتي بني عليها الفيلم الوثائقي الدرامي التي بثته قناة العربية، وحقق مشاهدة عالية في انحاء العالم العربي. سردت وقائع وأحداث تمت في كواليس وأروقة السلطة بمختلف مراتبها منقولة على لسان كل الشخصيات المهمة التي خضعت للتحقيق لتقديم شهاداتهم عن تفاصيل الايام الثلاثة الاخيرة في تاريخ الثوة التونسية وليس عن فترة حكم بن علي.
يوم الرابع عشر من يناير2011
الغنوشي
يوم الرابع عشر من يناير2011 كما عاشه التونسيون تعيد طرح التساؤل من جديد حول الاسباب التي دفعت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي مغادرة قصره ومن ثمة الهروب من بلاده.
على كرسي الاعتراف تروي هنا القيادات السياسية والعسكرية والامنية واقارب الرئيس ما حدث في الايام الاخيرة في تونس العاصمة تحديدا و بشكل خاص مقرات السيادة والقرار وهي القصر الرئاسي بقرطاج ، مقر اقامة الرئيس السابق بسيدي بوسعيد ، وزارة الداخلية ووزراة الدفاع وشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ومطار تونس قرطاج الدولي والثكنة العسكرية بالعوينة حيث المطار العسكري والوزارة الاولى بالقصبة .
الجنرال علي السرياطي
وكانت الثورة التونسية دفعت كل الاجهزة والقيادات للاستسلام وخاصة في اليوم الثالث. فقد تسارعت الاحداث من الساعة الثامنة صباحا حينما وصل الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى مكتبه في قصر قرطاج وكذلك وصول كل من وزراء الداخلية والدفاع والوزير الاول محمد الغنوشي وهو نفس التوقيت الذي يبدأ فيه عدد قليل من المتظاهرين التوافد على شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة امام وزارة الداخلية التونسية تتقدمهم المحامية والناشطة الحقوقية راضية النصراوي المرشحة لجائزة نوبل للسلام والمطالبة في حينها بغطلاق سراح زوجها زعيم حزب العمال الشيوعي المسجون في وزراة الداخلية .
بداية حالة التأزم
الجنرال رشيد عمار
بدات الحالة في التازم إعتبارا من الساعة الحادية عشر صباحا حينما بدا بن علي يتلقى تقارير ومعلومات متضاربة تحذره من ان الثورة بلغت ذروتها في حدود الساعة الواحدة ظهرا.
بلغ تعداد المتظاهرين نحو سبعين الف متظاهر وبرزت حالة من الانفلات الامني في عدد من المناطق المحيطة بالعاصمة حيث اقدم المتظاهرون على حرق مراكز ومقرات الشرطة والحرس الوطني وإزداد الامر تعقيدا حينما شهدت السجون الكبرى في كل من العاصمة ومدن اخرى حالات عصيان وتمرد ضاعفت من تشتيت قدرات الامن والجيش التونسيين..
واللذين كانا في حالة من العجز نتيجة استمرار الثورة في الضغط والتقدم نحو ثلاثة اسابيع من الاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة، في تلك اللحظات تكشف المعلومات ان الرئيس الرئيس السابق قرر تهريب زوجته وإبنه محمد وأبنته حليمة الى جدة بالمملكة العربية السعودية بحجة اداء العمرة، وبدا فعليا مدير التشريفات بتجهيز الرحلة بشكل مستعجل وحتى الآن يتضح انه لم يكن في نية بن علي الهروب ايضا. تلقت زوجته ليلى بن علي التي تعتبر من اكثر الشخصيات مكروهة في الشارع التونسي امرا من قبل زوجها بتجهيز حقائبها بنية السفر الى جدة ، في نفس الوقت تكشف التحقيقات اللاحقة ان اجهزة الامن تقول انها تلقت معلومات تداولتها اجهزة اللاسلكي التابعة لامن الرئيس بتفاصيل متضاربة عن اعتزام طائرة مروحية الهجوم على القصر الرئاسي بهدف قتل الرئيس ومعلومات اخرى عن اعتزام زوارق حربية مهاجمة القصر من جهة البحر، فوقعت حالة هلع في القصر الرئاسي .
سيرين بنت الرئيس السابق بن علي
التحقيقات تقول ايضا انه شهد مطار تونس قرطاج الدولي وتحديدا القاعة الشرفية بالمطار التي يستخدمها كبار الزوار حادثة مفصلية في ذلك اليوم حيث اقدم المقدم بفرقة مكافحة الارهاب سمير الطرهوني مصحوبا بعناصر من فرقته بإقتحام المطار مانعا عائلة الطرابلسي وهم اصهار الرئيس بن علي من مغادرة البلاد وقد تم ذلك دون اذن من روؤسائه المباشرين في وزارة الداخلية وقد اعتبر الامر تمردا خاصة وان فرقة طلائع الحرس الوطني قد انسحبت من حراسة القصر الرئاسي والتحقت بالمطار لتساهم في هذه العملية التي شغلت القيادات الامنية، وفي هذه الاثناء حلت زوجة الرئيس بن علي بالقصر الرئاسي لتوديع زوجها ومعها ابنه محمد لكن وبطريقة فجئية ووسط حالة الخوف والشائعات فجأة قرر الرئيس المخلوع مرافقتهم الى الثكنة العسكرية لتامين مغادرتهم، وفق محاضر التحقيق..
ليلى تقود سيارة في الركب الرئاسي
ليلى بن علي
موكب الركب الرئاسي من تسعة سيارات كانت زوجته ليلى تقود إحداها بسرعة جنونية وتقل الرئيس وابنه لتصل الى الثكنة العسكرية بالعوينة وتقف مباشرة امام الطائرة الرئاسية التي كانت تتزود بالوقود داخل المستودع في مخالفة لقوانين السلامة. وفي تلك اللحظات قرر بن علي السفر قائلا للحاضرين انه يريد مرافقة عائلته الى جدة والعودة الى بلاده. هنا لا احد متأكد ان كان بن علي خطط مبكرا لخروجه ام ان قياداته العسكرية طلبت منه الخروج.
شخصيات سيتكرر اسمها في التحقيقات هي:
1. زين العابدين بن علي الرئيس حكم تونس منذ 1987 .
2. ليلى بن علي زوجة الرئيس التي كانت الاحتجاجات الشعبية تستهدفها بالاساس هي وعائلتها نتيجة الفساد المالي الكبير الذي بات القاصي والداني يعلمه عنها في تونس والخارج وقد تم استهداف منازل اسرتها بالحرق والنهب كما هرب شقيقها بلحسن الطرابلسي في نفس اليوم عبر البحر الى مالطا .
3. الجنرال علي السرياطي ، مدير عام جهاز امن الرئيس وقد لعب دورا محوريا في الاحداث .
رضا قريرة
4. رضا قريرة وزير الدفاع التونسي الذي لعب دورا اساسيا ويبدو دوره غامضا في عديد المواقف
5. الجنرال رشيد عمار رئيس اركان جيش البر والذي كان يحظى بشعبية واسعة
6. محمد الغنوشي الوزير الاول (اي رئيس الوزرا) الذي تولى رئاسة الدولة مؤقتا لمدة ساعات ثم استنادا الى الدستور تم التحول الى الفصل 57 حيث تولى رئيس مجلس النواب الرئاسة .
7. المقدم سمير الطرهوني رئيس فوج مكافحة الارهاب الذي تحرك دون اذن من قيادته واقتحم المطار لايقاف عائلة الرئيس وزوجته علما ان الرئيس في حينه كان في قصر قرطاج .
8. العقيد سامي سيك سالم رئيس فرقة حماية القصر الرئاسي بقرطاج الذي اتخذ قرارا تاريخيا بدعوة الوزير الاول الذي تولى الحكم .
9. محسن رحيم مدير التشريفات الرئاسية الذي تولى التنسيق والاعداد لرحلة الرئيس بن على الى جدة .
10. غزوة وسيرين بنات الرئيس السابق اللتين كانتا معه صبيحة ذلك اليوم واليوم الذي سبقه
كما توجد شخصيات ثانوية ساهمت في الصف الثاني في الاحداث ومن ابرزها:
قائد الطائرة الرئاسية، وخادم الرئيس الخاص (الحاجب)، وعدد من مضيفات الطائرة، وآمر مطار تونس قرطاج الدولي .
الشاهد: سامي سيك سالم ، عقيد بالإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية ، ومكلف بحماية القصر الرئاسي
في يوم الاثنين 10/01 /2011 تلقى تعليمات من السرياطي مديره المباشر ، تقضي باتخاذ الاحتياطات الامنية الاستثنائية بتعزيز حماية القصر الرئاسي بقرطاج وجميع المراكز التابعة للرئاسة ، وقد تم تنفيذ تلك التعليمات الى غاية يوم الخميس 13 /01 /2011 حيث حضر في اجتماع باشراف المدير العام للامن الرئاسي بمكتبه وقد تمحور الاجتماع حول اتخاذ الاحتياطات القصوى وبداية العمل بنظام 12/12 اي كل فرد يعمل 12 ساعة متواصلة ويركن الى الراحة 12 ساعة.
وأثناء هذا الاجتماع تلقى علي السرياطي مكالمة هاتفية من الرئيس السابق وقد رد السرياطي بحضور الجميع مخاطبا الرئيس ، بأن البلاد اصبحت تعيش حالة عصيان مدني وانه تم تركيز نقاط حراسة إضافية وغلق جميع المنافذ المؤدية الى القصر الرئاسي بقرطاج من جميع الجهات ومضاعفة عدد اعوان الحراسة ببقية المقرات الرئاسية وتم تمكين الاعوان العاملين بالزي المدني من مسدسات.
وفي مرحلة ثانية يوم 14 /01/2011 تم تمكين الاعوان من سلاح بيريتا ومخزن ب 20 طلقة وتم الامر بارتداء الازياء القتالية كما تحولت بعض وحدات المرافقة الى بعض مساكن زوجة الرئيس السابق لاخراجهم من بيوتهم بعد التهديدات التي بلغتهم وحالة الذعر التي باتوا عليها.
وفي يوم 14/ 01 /2011 تم اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية ومتابعة الاوضاع بدقة عالية، وقد ترددت عبر اجهزة اللاسلكي معلومات عن اعتزام مجموعات من المتظاهرين قادمين من جهة حي الكرم الوصول إلى القصر الرئاسي بغاية الاعتصام.
وفي حدود الساعة الرابعة عصرا حينما كان العقيد سالم سيك سالم يجري عملية تفقد على وحداته وفي طريق عودته اعترضته سيارة اودي سوداء اللون يقودها المدير العام للامن الرئاسي علي السرياطي ويرافقه محسن رحيم المدير العام للتشريفات وقد كانت السيارة تسير بسرعة غير عادية، حينها سمع سالم سيك سالم عبر جهاز اللاسلكي اليدوي الذي يحمله مكالمة تخبر عن مغادرة الرئيس القصر.
إثرها وردت مكالمة ثانية تفيد بان الركب لم ينعطف باتجاه مقر اقامة الرئيس بسيدي بوسعيد، فتوجه سيك سالم مباشرة الى قاعة العمليات ، ومنها تم اعلامه ان الموكب الرئاسي متجه الى المطار الرئاسي حيث يتم اعداد الطائرة الرئاسية.
وفي قاعة العمليات استمع سالم سيك سالم الى عديد الاتصالات عبر اجهزة اللاسلكي تفيد "اعتزام عدد 7 سبعة الاف من سكان جهة المرسى و5 خمسة الاف من متساكني جهة الكرم مهاجمة القصر الرئاسي، ومكالمة تتحدث عن توجه بارجة حربية الى القصر من ناحية البحر، ومكالمة تتحدث عن اعتزام طائرة مروحية مهاجمة القصر، فاتصل بالمقدم الياس الزلاق رئيس ادارة مرافقات الرئيس ، واستفسره عن هذه الاحداث فاعلمه بانه لا علم له بما يجري ثم اخبره انه تلقى اتصالا من المدير العام للأمن الرئاسي علي السرياطي يطلب منه فيها أي الياس الزلاق الالتحاق به في المطار.
فقام سالم سيك سالم بالاتصال مستخدما هاتفه الجوال بعلي السرياطي لكنه لم يجبه فتعاظمت مخاوفه وازداد ارتباكه ، وقام بالاتصال بمديره المباشر في العمل العقيد عدنان الحطاب وطلب منه توضيح ما يجري من احداث خاصة وانه هو اعلى مسؤول في الامن الرئاسي موجود بالقصر الرئاسي.
لكن اجابة مديره المباشر كانت محيرة وباعثة على المزيد من الخوف حيث اعلمه حرفيا بأنه غير موجود وطلب من " البحث عن مكان للاختباء " قائلا له باللهجة التونسية " شوف تركينة وتخبي راسك " عززت كلمات عدنان الحطاب من مخاوف سالم الذي يعد المسؤول المباشر عن عشرات الاعوان والضباط المكلفين بحماية القصر والذين بدت عليهم علامات التوتر والخوف من المجهول حيث باتت حياتهم مهددة بسبب ما تلقوه من انباء تتحدث عن مهاجمة القصر الرئاسي الذي يتولون حراسته.
كان التوتر سيد الموقف بدا البعض في مغادرة نقاط عملهم ، وعم الهلع ارجاء القصر الرئاسي بقرطاج وشعر الجميع بخطورة التهديدات ، حينها عاد سالم سيك سالم الى قاعة العمليات وطلب الاتصال بالجنرال رشيد عمار رئيس اركان جيش البر الذي كان حينها يتولى تنسيق العمليات في وزارة الداخلية ، وحينما كان عامل الهاتف يجتهد في تامين اتصاله بالجنرال ، اتصل عبر هاتفه بالنقيب بشير شهيدة التابع لجهاز امن الرئيس والمكلف بحماية الوزير الاول وكان حينها في القصبة ، فطلب منه سالم سيك سالم الدخول على الوزير الاول وتمكينه من محادثته عبر هاتفه ، وفيما تحرك البشير شهيدة في اتجاه مكتب الوزير الاول تلقى سالم من موظف البدالة اتصالا اخبره خلاله انه تمكن من الاتصال بقاعة عمليات وزارة الدفاع الوطني حيث كان قد طلب منه تامين اتصاله بالجنرال رشيد عمار ولكن على الطرف الاخر كان الجنرال احمد شابير الذي حل محل الجنرال رشيد عمار في تنسيق العمليات بوزارة الدفاع بعد ان تحول الجنرال عمار الى وزارة الداخلية لتنسيق العمليات الامنية هناك.
لكن سيك سالم اخبر الجنرال شابير انه يود الحدث بشكل شخصي مع رشيد عمار فاخبره انه يمكنه الاتصال به في وزارة الداخلية ، عندها تلقى اتصالا من الضابط البشير شهيدة وكان قد وصل الى مكتب الوزير الاول محمد الغنوشي وقام بتامين الاتصال بين الطرفين ، فأعلم سالم سيك سالم الوزير الاول بان الرئيس قد هرب مع عائلته وان تونس امانة في رقبته قائلا باللهجة التونسية " راهو الرئيس هز عائلتو وهرب وتونس امانة في رقبتك ".
وقال له لا تتركنا نتوه جميعا في المجهول "ما تخليناش نضيعوا الناس الكل" وكان في حالة من الارتباك والخوف الذي بدا من صوته وهو يتحدث بهذه العبارات الى الوزير الاول، الذي اخبره انه ليس هو المعني بالامر وانه يتعين حضور كل من رئيس مجلسي النواب والمستشارين ورئيس المجلس الدستوري ، فاعلمه سالم سيك سالم بانه سيرسل له سيارة مصفحة لاحضاره من مكتبه بالقصبة الى القصر الرئاسي بقرطاج وانه سيتولى احضار رؤساء المجالس التي ذكرها السيد محمد الغنوشي.
وقد قام بتوفير السيارات وارسل بها صحبة ضباط الى منازل المذكورين، وفي انتظار وصولهم، وأمام حالة الفوضى التي كان عليها الوضع في القص، وحالة الهلع التي كان عليها الاعوان خرج الى الساحة الرئيسة وطلب تجميع الاعوان وقام برفع معنوياتهم بالقول نحن هنا نعمل لحماية رئيس الدولة وليس أمن بن علي ، اريدكم رجالا وابطالا ويتعين على كل منكم ملازمة مكانه ويتعين عدم إطلاق اية رصاصة دون اذني المباشر ايا كانت الاسباب ، وفي الاثناء وصل السيد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب والسيد عبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين ثم الوزير الاول السيد محمد الغنوشي ، وبوصول الجميع جلسوا بقاعة العمليات التابعة للامن الرئاسي بغرض تسجيل كلمة رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع الذي كان يجلس امام كاميرا التلفزة التونسية لكنه سرعان ما نهض من على الكرسي معتذرا عن القيام بهذه العملية لكونه مريضا ولا يقدر علي ذلك مرشحا رئيس مجلس المستشارين للقيام بهذه المهمة.
حينها انتفض سالم سيك سالم صارخا ،لا لايمكن ان يكون ذلك هو الشخص المطلوب لان البلاد ستزداد احتراقا بمجرد ظهوره ، قائلا باللهجة التونسية " لا هذاكا لا البلاد تزيد تشعل " عندها تدخل مباشرة السيد محمد الغنوشي الوزير الاول مستظهرا بكتيب الدستور وقال " يمكن الاعتماد على الفصل 56 من الدستور.
ودخلوا الى احدى القاعات حيث تم تحرير كلمة الوزير الاول التي القاها امام كاميرا التصوير التلفزيوني ، ثم طلب من محافظ الشرطة يوسف ساسي ايصال الشريط الى التلفزيون التونسي ، وبثه بعد ان نسق مع مع ادريس بن يوسف المسؤول عن التنسيق بين الرئاسة والتلفزة التونسية.
وفي الاثناء تلقى اتصالا من مديره المباشر عدنان الحطاب مستفسرا عن الاوضاع فطلب منه الالتحاق به فورا بالقصر الرئاسي دون الخوض في التفاصيل عبر الهاتف ، ثم تمكن موزع الهاتف من ربطه بالجنرال رشيد عمار من وزارة الداخلية، حيث طلب منه سالم سيك سالم وهو في حالة من الارتباك الحضور الى القصر الرئاسي بقرطاج فاعلمه ان يتلقى فقط التعليمات من وزير الدفاع وحينما وصل العقيد عدنان الحطاب سرد عليه جميع التفاصيل وطلب منه تولى الاشراف على الوضع باعتباره رئيسه المباشر وامام حالة الانهيار التي بات عليها اخبره انه لم يعد قادرا على مواصلة العمل حيث اتجه الى مكتبه .
العقيد عدنان الحطاب – نائب مدير الامن الرئاسي
كان يتابع الاوضاع التي تدور امام وزارة الداخلية ويستمع من مكتبه الى جهاز اللاسلكي وفي حدود الساعة الرابعة والنصف علم بمغادرة الرئيس السابق وعائلته في اتجاه المطار من جهة القاعة الشرفية الرئاسية وقد تلقى اتصالا مباشرا من المدير العام علي السرياطي اخبره انهم يعتزمون السفر الى جدة بالمملكة العربية السعودية لاداء مناسك العمرة .
علم بان علي السرياطي ومحسن رحيم قد حملا معهما جوازي سفرهما وفي حدود الساعة الخامسة أعلمه علي السرياطي ان الفرقة المختصة من طلائع الحرس وفوج مكافحة الارهاب قد تولت تعطيل الطائرة الرئاسية ، فاتصل بالمقدم سمير الطرهوني وقال انه جدت مناوشة بينهما حينها اتصل بالمقدم العربي الاكحل رئيس الوحدة المختصة بالحرس الوطني الذي مرر الهاتف الى سمير الطرهوني
فقال له حرفيا " ان كنت ترغب في معرفة حقيقة الامر عليك الاتصال بالجنرال رشيد عمار "فقام عدنان الحطاب بالاتصال من موزع الهاتف بالقصر الرئاسي بالجنرال رشيد عمار قائلا " إحتراماني مون جنرال انا الان اريد ان اعرف مالذي يتعين علي فعله ؟ فاجابه الجنرال رشيد عمار " يعيش ولدي رد بالك على الاعوان اللى معاك وعلى روحك وعلى السلاح اللي على ذمتك وانت من توة راك المسؤول على الوحدة متاعك .. رد بالك رد بالك عيش ولدي " وهو ما معناه " أنتبه جيدا وحافظ على الاعوان التابعين لادارتك وانتبه لنفسك وللسلاح الموضوع تحت تصرفك وانت من الان تعد مسؤولا عن الوحدة التابعة لك انتبه انتبه".
الساعة الرابعة عصرا في احد الممرات بادارة الامن الرئاسي التقى عدنان الحطاب بالمدير العام للامن الرئاسي الذي اخبره ان الرئيس وعائلته سيتوجهون الى السعودية لاداء العمرة.
اصدر تعليمات للفرقة البحرية التابعة للامن الرئاسي بتامين النقاط المطلة على البحر ، كما تلقى عديد الاتصالات والمعلومات من الاطارات التابعة للامن الرئاسي تخبره بوقوع عدة مظاهرات في الاحياء الشعبية القريبة من القصر الرئاسي .
يوم 14 جانفي وحال علمه بمغادرة الرئيس السابق توجه الساعة الخامسة والنصف الى منزل شقيقته بالمنزه التاسع واثناء وجوده بالمنزل تلقى اتصالا من المقدم الياس الزلاق المسؤول عن الموكب الرئاسي يساله ان كان بامكانه ارسال سيارتين احداهما مصفحة الى الوزير الاول محمد الغنوشي بطلب من العقيد سامي سيك سالم حينها اتصل بالعقيد سامي سيك سالم هاتفيا والذي طلب منه الحضور فورا الى القصر الرئاسي دون ذكر تفاصيل .
يؤكد عدنان الحطاب انه استمع عبر اللاسلكي الساعة الرابعة عصرا الى معلومة مفادها قدوم طائرة عسكرية باتجاه القصر الرئاسي وان علي السرياطي قد اعطى الاوامر باطلاق النار عليها ثم سرعان ما تراجع وطلب عدم اطلاق النار .
الضابط الذي اتصل بمحمد الغنوشي
النقيب بشير شهيدة – رئيس فرقة حماية الوزير الاول
كان بمقر الوزارة الاولى يوم 14 يناير وفي حدود الساعة الخامسة وحسبما كان الوزير الاول محمد الغنوشي يتهيأ للمغادرة باتجاه محل سكناه ، كان الوضع الامني متوترا في مختلف الشوارع والطرقات التي من المعتاد ان يسلكها موكب الوزير الاول حيث كانت هناك معلومات عن وجود مظاهرة ضخمة بنحو أربعة الاف متظاهر في مستوى مفترق باب سعدون وقد بقي الوزير الاول بمكتبه الى غاية حلول فريق تابع لامن الرئيس تولى نقله الى القصر الرئاسي بقرطاج في حدود الساعة الخامسة والنصف.
في حدود الساعة الخامسة و47 دقيقة تلقى اتصالا من العقيد سامي سيك سالم وطلب منه تمرير الهاتف الى الوزير الاول محمد الغنوشي للحديث معه في امر هام واكيد وقد قام بالتحول الى مكتب الوزير الاول الذي وجده لوحده ومكن الوزير الاول من هاتفه الجوال دون اين يعلم بفحوى المكالمة التي دارت بين العقيد سامي سيك سالم والوزير الاول .
توزيع العمل في الامن الرئاسي
بداية من يوم 12 يناير تم تجميع الفرق الخمسة المكلفة بالحماية وتم تقسيمهم الى مجموعتين تضم كل واحدة 88 عونا تعمل الاولى من السابعة صباحا الى السابعة مساء والثانية من السابعة مساء الى السابعة صباحا مع وجود فرقة احتياط بثكنة قمرت في حالة تاهب وبالنسبة للاسلحة يعمل الاعوان في الامن الرئاسي منذ اربعة سنوات من دون اسلحة حيث يقتصر مسكها على رؤساء الفرق والقيادات وآمري الفصائل وقبل يوم 14 يناير تم تمكين جميع الاعوان من اسلحة مختلفة حسب طبيعة العمل الموكول لكل فرد .
الساعة 16:25 دقيقة على مستوى مفترق المعلقة قرب القصر الرئاسي مر الموكب الرئاسي بطريقة غير اعتيادية تبعث على الشك والريبة في اتجاه سيدي بوسعيد
يوسف بن حمادي الملازم بامن رئيس الدولة هو من تم تكليفه بحمل الشريط المسجل الذي يتضمن كلمة الوزير الاول الى التلفزيون التونسي حيث شاهده عند البث مباشرة .
حوالي الساعة 16:30 اتصل فوزي درويش رئيس فرقة الارشاد التابعة للامن الرئاسي بمدير عام الامن الرئاسي علي السرياطي واخبره ان إمراة اصيلة منطقة مارث موجودة بمنطقة قرطاج ترغب في مقابلة الرئيس بن علي لكي تعلمه ان الوضع خطير وبوجود مؤامرة جارية في ذلك التوقيت .
قصر قرطاج يشهد فوضى عارمة
المقدم الياس الزلاق – المسؤول عن المرافقات الرسمية والخاصة بالامن الرئاسي
بتاريخ 23 ديسمبر 2010 تحول في مهمة مرافقة خاصة للرئيس بن علي وزوجته الى دبي وكانت رحلة عائلية حيث كان ابن الرئيس محمد زين العابدين وابنته حليمة وخطيبها مهدي بنقايد كانت الرحلة ترفيهة حيث اقام الرئيس بن علي واسرته في منتجع اتلنتيس وقام بزيارة بعض المعالم الهامة بدبي من ضمنها القرية العالمية.
وكان علي السرياطي ضمن الرحلة التي عاد خلالها الرئيس يوم 28 ديسمبر 2010 ،وقد وردت عليه بداية من يوم 12 يناير تعليمات من علي السرياطي تقضي بحماية مقرات افراد عائلة الرئيس ويم 13 يناير كان الرئيس بن علي حاضرا بالقصر الرئاسي طيلة اليوم خلافا لعادته حيث كان يحضر في الحصة الصباحية فقط وقد تلقى تعلميات بتجهيز اليخت " عليسة " وعدد ثلاثة سيارات مصفحة خلف المقر الرئاسي الخاص بسيدي الظريف وذلك تحسبا لاي عملية اجلاء قد تتم عند الطوارئ وحسب التعليمات عند محاولة هجوم المتظاهرين على القصر الرئاسي .
ويوم 14 يناير ومنذ الصباح تواصل ورود معلومات حول اعتزام مجموعات من المواطنين التقدم باتجاه القصر الرئاسي والاعتصام بجواره ، كما بلغه اعتزام المتظاهرين بشارع الحبيب بورقيبة التوجه الى القصر الرئاسي بقرطاج.
وفي حدود الساعة الحادية عشر والنصف تلقى تعليمات بجلب بعض افراد عائلة الطرابلسي من منازلهم الى المقر الرئاسي بسيدي الظريف كما تلقى مكالمة هاتفية من رئيس فرقة تامين الطائرات اعلمه بتلقي تعليمات تقضي بتهيئة الطائرة الرئاسية تاهبا للمغادرة.
الشعب يرفض ابن علي
وفي الاثناء تلقى اتصالا من علي السرياطي يطلب منه الحضور بمكتبه حيث وجد العقيد عدنان الحطاب عنده ، وقد طلب عدنان الحطاب اعلام الرئيس بن علي ان الشعب اصبح يرفضه رفضا مطلقا وان استقالته من الحكم اصبحت ضرورة مؤكدة للحفاظ على امن البلاد ناهيك ان اعوان الادارة غير مستعدين لاطلاق النار على المتظاهرين واسالة الدماء، عندها اعلمه ان الطائرة الرئاسية تم الشروع في تهيئتها فاجابه السرياطي انه على علم بذلك وان المغادرة ستتم على الساعة الخامسة مساء.
ثم غادر الثلاثة مكتب السرياطي الذي اتجه مباشرة الى مكتب بن علي ، وغادر الياس الزلاق القصر الرئاسي لتفقد المسلك حيث وجد الفرق هناك في حالة تاهب وطلب منهم عدم استخدام الاسلحة في الاشتباك مع المواطنين والاكتفاء بالعصي وقنابل الغاز المسيل للدموع واثناء جولته تلقى معلومة حول اعتزام مجموعة من المواطنين قادمين من المرسى مهاجمة المقر الرئاسي بسيدي الظريف..
وبوصوله مفترق الامتياز تلقى مكالمة هاتفية من علي السرياطي يساله فيها " هيا وينك باش نغادرو ؟ " -أين انت سنغادر الان- فاعلمه ان بمفترق لافلاز حيث توجد مجموعة من المواطنين تعتزم مهاجمة القصر فطلب منه السرياطي البقاء هناك ثم اعاد الاتصال به ثانية وقال له " خيانة .. خيانة .. أتصل بسمير الطرهوني " وباتصاله بسمير الطرهوني لاستفساره عن الامر شتمه الاخير وقال له " لو انت رجل تعال الى المطار "..
فأعلم السرياطي بالموضوع حيث طلب منه الاخير القدوم الى المطار بصحبة سيارتين من المرافقات الخاصة ، حينها قام الياس الزلاق بالاتصال بالعقيد عدنان الحطاب واخبره بالامر فطلب منه تطبيق التعليمات وعلى مستوى طريق جامع العابدين وهو في اتجاه المطار للالتحاق بالسرياطي اتصل به العقيد سامي سيك سالم وطلب منه توفير سيارت مصفحة لاستقدام الوزير الاول ، وبوصوله امام ثكنة الجيش الرئاسي بالعونية فتح له احد العسكريين الباب وتوجه مباشرة نحو مستودع الطائرة الرئاسية وبوصوله وجد الرئيس بن علي الذي كان يضع يده اليسرى بجيبه.
وكانت ملامحه غير عادية والمدير العام علي السرياطي فتوجه اليهما واعلمهما بما درا بينه وبين سمير الطرهوني وشاهد الرئيس بن علي يتحادث مع زوجته ليلى بن علي وهما يروحان جيئة وذهاب بجانب الطائرة الرئاسية وشاهد حلول سيارة يقودها السائق الشخصي لليلى بن علي وعلى متنها بعض من افراد عائلتها وقد سمع زوجة الرئيس تقول صارخة " اش مجيبهم هاذم ؟ " مالذي اتى بهؤلاء ؟.
اثر ذلك طلب منه علي السرياطي تامين اقلاع الطائرة عندها ونظرا لعلمه بوجود المقدم سمير الطرهوني وفرقته بالمطار طلب من السرياطي الاتصال بالجيش للتحول الى المطار ومعرفة ما يجري من اجل تجنب المصادمية الحتمية بين قوات نظامية ، فاخبره السرياطي انه حاول الاتصال ولكنه لم يتمكن من ذلك ، وقد كانت تلك اللحظات قاسية على الاعوان المسؤولين عن حماية الرئيس حيث بدا الارتباك والخوف عليهم بسبب احتمال المواجهة مع قوات اخرى.
وفي الاثناء اتجهت ابنة الرئيس بن علي حليمة الى علي السرياطي تستفسره عن حقيقة ما يجري فطمأنها الاخير وشاهد صعود كل من حليمة ابنة الرئيس وخطيبها مهدي بنقايد والرئيس بن علي وزوجته الى الطائرة الرئاسية في حين بقي افراد عائلة الطرابلسي الذين التحقوا بالركب بجوار الطائرة حيث لم يسمح لهم بالصعود ،
عشوائية الحماية الرئاسية
كان اعوان الحماية الرئاسية يعتقدون ان الطائرة ستقلع من جهة المطار الدولي الا انها اقلعت من جهة المطار العسكري وقد تمت حماية الطائرة بناء على تعليمات السرياطي وحين اقلاعها عاد الياس الزلاق مع اعوانه الى مستودع الطائرة الرئاسية حيث سجل ابتهاج في صفوف الاعوان لنجاح مهمتهم في تامين اقلاع طائرة الرئيس.
في تلك الظروف دون اية مواجهات او خسائر تذكر حتى ان البعض منهم كان يبكي من هول الموقف وشدة الفرح وفي الاثناء تلقى اتصالا من علي السرياطي يطلب منه الالتحاق بمقر القيادة بالقاعدة الجوية بالعوينة حيث اقلعت الطائرة وبوصوله وجد السرياطي يتحدث على الهاتف مع شخص يدعى سليم يطلب منه الاسراع بالحضور لوجود طائرة عسكرية.
عندها توجه بالسؤال الى الياس المنكبي وهو عقيد بجيش الطيران مستفسرا " توة آش نعمل اهوكا يحكي على طائرة 630 " اي " الآن ماذا افعل انه يتحدث عن طائرة عسكرية ؟..
فأجابه المنكبي " برة روح شد دارك " اذهب الى منزلك " فساله مجددا واعواني ؟ فقال له خذ اعوانك وارحل " عندها توجه الى مدير التشريفات محسن رحيم فطلب منه ان يرافقه في الخروج وان يستاذن السرياطي فذهب رحيم للقاء السرياطي ثم عاد ليخبره انه اذن لهم بالمغادرة..
اثر ذلك دخل الياس الزلاق على السرياطي ليستأذن منه المغادرة فاذن له وطلب منهم ان تكون المغادرة على دفعات وليس جميع الركب حتى لا يثيروا الانتباه، فغادر الياس الزلاق الثكنة في اتجاه القصر مصحوبا بمحسن رحيم مدير التشريفات
وعلم ان الوزير الاول محمد الغنوشي قد اخبر الرئيس بن علي انه محتجز من قبلهم اثر ذلك تلقى اتصالا من قريبه الضابط في الجيش الوطني والذي يعمل مباشرة مع رشيد عمار وطلب منه ان رشيد عمار يرغب في الحديث معه وفعلا اتصل به رشيد عمار وساله عن كيفية الخروج من الوضعية التي كانوا فيها واشار عليه بتامين مغادرة كل من الوزير الاول ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين..
وقد تولى تهيئة السيارات التي ستقلهم ثم عاود الاتصال برشيد عمار ليعلمه انهم سيغادرون بعد خمس دقائق .
يوم 13 يناير ليلا
حامد بن عبروق – رئيس الادارة الفرعية لامن المقرات بالامن الرئاسي
في يوم 13 يناير ليلا : حضر اجتماع انعقد بمكتب علي السرياطي الذي تراسه وحضره الى جانب العقيد عدنان الحطاب وتوفيق القاسمي والياس الزلاق والعقيد سامي سيك سالم وقد تمحور الاجتماع حول الاحتياطات الواجب اتخاذها لمواجهة التطورات اثناء الاجتماع اتصل الرئيس بن علي بالسرياطي على هاتفه المباشر ودارت بينها مكالمة هاتفية تناولت الاوضاع وكان خلالها السرياطي يؤكد لمخاطبه "هانا ننسقوا مع الداخلية وباش نزيد ننسق مع رشيد عمار " اننا ننسق مع وزارة الداخلية وسأنسق ايضا مع الجنرال رشيد عمار " وخلال الاجتماع تم الاتفاق على الترفيع في درجة اليقضة وتقسم العمل بنظام الحصتين كل حصة ب12 ساعة بالنسبة للجميع واتخاذ الاحتياطات اللازمة لاجلاء الرئيس بن علي من جهة البحر ان استدعى الامر ، فرفض علي السرياطي الامر مفيدا انه لافائدة من ذلك فالحالة لا تستدعي وقد تم الاتفاق على تركيز وحدات اضافية بنقاط متقدمة من القصر الرئاسي باملكار واضواء جامع العابدين ةمفترق حنبعل والمعلقة .
وفي يوم 14 يناير وعندما تعقدت الامور تم التنسيق مع الحرس الوطني بغرض تعزيزهم بفرق من الوحدات المختصة وقد وصلت اربعة فرق عمل تابعة للحرس الوطني تم توزيعها بصحبة المقدم سامي سيك سالم .
استمع حامد عبروق عبر اللاسلكي الى اعتزام طائرة مروحية التحليق فوق القصر الرئاسي ومكالمة لاسلكية من قاعة العمليات تعلم بضرورة استعمال السلاح الناري في صورة تحليق طائرة مروحية فوق القصر الرئاسي ومكالمة اخرى من المسؤل عن استخدام سلاح الطيران من نوع 12.7 يطلب توضيح الامر ثم عبر اللاسلاكي يتلقى ردا بالترقب .
احس بوجود اشياء غير عادية بصدد الاعداد ، كانت هناك سيارات تقوم بجلب افراد من العائلة الرئاسية الى القصر الرئاسي بقرطاج واشتبه في وجود نية الرئيس للمغادرة ثم اتجه الى رئيس الفرقة البحرية المسؤول عن ميناء القصر الرئاسي الذي اعلمه انه لا يفهم ما يجري وانه لم يتلق اية تعلميات بشان اعداد اليخت الرئاسي – عليسة –
استمع عبر اللاسلكي الى معلومة تتحدث عن اعتزام بارجة حربية مهاجمة القصر الرئاسي ، وحينما استفسر الاعوان الموجودين اجابوه انهم لم يشاهدوا اي شيئ بهذا الخصوص .
قصة تجهيز اليخت الرئاسي عليسة
سليم الاحسن – نقيب رئيس مصلحة التدخل بامن رئيس الدولة –
ليلة 13 جانفي وفي حدود الساعة الثامنة مساء تلقى تعليمات تقضي بالتحول لجلب شقيقة ليلى الطرابلسي جليلة الطرابلسي من منزلها بجهة صلامبو وقد وجدتها فرقته مختبئة بمنزل جارتها حيث تم نقلها الى مقر الاقامة الرئاسية بسيدي الظريف وقد تم تكليفه بنقل افراد عائلة ليلى الطرابلسي حيث كانت بيوتهم مهددة وقام بتامينهم بالمقر الرئاسي بسيدي الظريف صبيحة يوم 14 جانفي حيث كانت الاضطرابات تستهدف منازل افراد العائلة وبعض المنشآت..
الساعة 11:30 عاد الى القصر الرئاسي بقرطاج كلفه الياس الزلاق بمهمة ضابط الركب وطلب منه اعداد اليخت الرئاسي عليسة وفي الاثناء كان يستمع الى مكالمات ترد تباعا عبر جهاز اللاسلكي تتحدث عن قيام المتظاهرين بالهجوم على الوحدات والمقرات الامنية ومكالمات تتحدث عن اعتزام المتظاهرين التوجه الى القصر الرئاسي بقرطاج وقد لاحظ وهو في القصر الرئاسي وجود سيارات بنات الرئيس بن علي غزوة وسيرين..
وبالسؤال اخبر انهم متواجدتان بمكتب الرئيس مع والدهما كما شاهد ابنة الرئيس الصغرى حليمة تبكي والى جانبها خطيبها مهدي بنقايد، وقد شاهد حينما كان بجانب الركب بالجناح الخاص بالقصر الرئاسي طائرة مروحية تحلق على مستوى منطقة حلق الوادي فاتصل بقاعة العمليات وأعلم رئيسها بوضعية الطائرة فطلب منه الترقب للتثبت بعدها استمع على جهاز اللاسلكي الى صدور تعليمات الى جميع الوحدات تقضي باطلاق النار على الطائرة حال اقترابها من القصر الرئاسي، وكان يلاحظ التنقلات المستمرة لعلي السرياطي وتردده في مناسبات عديدة على مكتب الرئيس بن علي..
الساعة الثالثة والنصف علم عبر جهاز اللاسلكي بتقدم سيارة ادارية محملة باسلحة الاعوان التابعين لشرطة اقليم قرطاج الى احدى نقاط الحراسة التابعة للقصر الرئاسي لغرض تامين السلاح بعد ان وردت عليهم تعليمات باخلاء المقر ..
ثم استمع عبر جهاز اللاسلكي الى مكالمة تخبر بمغادرة زوجة الرئيس ليلى بن علي المقر الرئاسي الخاص في اتجاه القصر وبعد فترة قصيرة حلت بالقصر الرئاسي سيارة لنكولن تقودها ليلى بن علي بالقصر الرئاسي وتوجهت مباشرة الى ساحة الديوان الرئاسي ونزلت وابنها باتجاه مكتب الرئيس بن علي..
وفي تلك اللحظات وصل كل من علي السرياطي مدير الامن الرئاسي ومحسن رحيم مدير التشريفات على متن سيارة اودي سوداء اللون ودخلا مكتب الرئيس بن علي وبعد وقت قصير خرج كل الرئيس بن علي وابنه محمد وزوجته ليلى وعلي السرياطي ومحسن رحيم عندها توجه سليم الاحسن بالسؤال للسرياطي عن الوجهة التي يعتزمون التوجه اليها فاجابه بالحرف الواحد " ماشين للعوينة "اي سنتوجه الى ثكنة العوينة"..
ومباشرة صعدت ليلى الطرابلسي سيارتها لينكولن رافقها زوجها الرئيس بن علي وابنهما محمد زين العابدين، في حين استقل السرياطي ومحسن رحيم مدير التشريفات السيارة اودي السوداء وانطلقوا بسرعة جنونية في بداية الركب لتلتحق بهم بقية السيارات وعلى مستوى مفترق المعلقة حصل حادث مرور لسيارة علي السرياطي حيث اصطدم بسبب السرعة المفرطة بسيارة مدنية وعلى مستوى مدينة عائشة للسيارات تجاوزت السيارة التي تقودها ليلى الطرابلسي الركب واصبحت في المقدمة حيث كانت ليلى هي من يقود السيارة بسرعة تتجاوز 150 كيومترا في الساعة..
ثم التحقت بها السيارة الأمنية الأولى وسيارة علي السرياطي التي اصبحت من جديد في مقدمة الركب، وانعطف الركب للدخول الى القاعدة الجوية العسكرية من جهة الباب الذي يقع في الطريق الوطنية رقم 9 – طريق المرسى – وبعد انتظار لدقائق تم فتح الباب ليسلك الركب الطريق الى مستودع الطائرة الرئاسية دون تسجيل اي تعطيل يذكر..
وبوصولهم بجانب الطائرة ترجل الجميع من السيارات بمن فيهم الرئيس بن علي الذي كانت ملامحه غير عادية ونزلت ليلى بن علي مع ابنها محمد، وشوهدت حليمة ابنة الرئيس بن علي وهي تبكي وبرفقتها خطيبها مهدي بنقايد..
وكان طاقم الطائرة يعمل على تجهيزها للاقلاع بينما كانت شاحنة صهريج تقوم بتزويد الطائرة بالوقود، وفي الاثناء خاطبه علي السرياطي مدير الامن الرئاسي بالقول " النوار ظهرو مع الاخوانجية " اي فوج مكافحة الارهاب تابعين للاسلاميين " فساله النوار متاعنا" اي الوحدات الخاصة التابعة للامن الرئاسية" فاجابه السرياطي " لا النوار متاع الداخلية متمركزين في المطار وممكن ما يخليوش الطائرة تطير"..
يعني أن "فوج مكافحة الارهاب التابع لوزارة الداخلية وهم متمركزون بالمطار وقد لا يسمحون للطائرة الرئاسية بالاقلاع"، ثم توجه السرياطي نحو الرئيس بن علي الذي كان يتحدث عبر الهاتف فقام بابلاغ الوحدات الراجعة له بالنظر بالامر الذي اثار استغرابهم وفي الاثناء وصل رئيسه المباشر الياس الزلاق وتوجه الى علي السرياطي ليتحادث معه..
ثم توحه نحوه الاحسن مستفسرا عن الوضع فاعلمه الياس الزلاق انه اتصل بالمقدم سمير الطرهوني الذي اعلمه انه بصدد القبض على عائلة الطرابلسي بالمطار بعدها تم الاتفاق بعد استشارة العقيد عدنان الحطاب على تطبيق التعليمات القاضية بتامين عملية اقلاع الطائرة .
توجه علي السرياطي مخاطبا كل من الاحسن والياس الزلاق والنقيب البلعزي " تقدوا رواحكم ولا لا " اي انكم قادرون على انجاح هذه المهمة اولا " ويقصد بذلك تامين اقلاع الطائرة الرئاسية " وكان ذلك بحضور الرئيس بن علي"..
تم الاتفاق على فتح طريق الطائرة اي ممر الاقلاع بواسطة سيارتين مصفحتين وتامين بقية جوانبها ببقية السيارت ، وقد تم تخيير الاعوان المكلفين بين المشاركة في المهمة من عدمه وبينما كانوا يتحدثون حول خطة التامين تحركت الطائرة الرئاسية وهو الامر الذي اجبرهم على التحرك وقد كان الاحسن يقود احدى سيارات المقدمة التي كانت تسير في الامام تحت الجناح الايمن وسارت الطائرة باتجاه مدرج الاقلاع العسكري .
واثر اقلاع الطائرة توقف الجميع عند مستودع الطائرة الرئاسية حيث سجلوا ابتهاجهم بنجاح العملية دون خسائر تذكر في ظل تلك الظروف وحالة الهلع التي كان عليها الجميع عندها تلقى تعليمات من المقدم الياس الزلاق بعدم السماح لاي من المدنيين ويقصد افراد العائلة الذين بقوا على ارض المطار عند المستودع بالصعود في سيارات الموكب وقد تم ترتيب السيارات في صفين وتحول الى نادي الضباط بالثكنة العسكرية في انتظار التعليمات .
وفي الاثناء حلت بالمكان سيارة مرسيدس سوداء رمادية اللون كان على متنها صهر الرئيس سليم زروق مصحوبا بزوجته غزوة بن علي والتحقا مباشرة بعلي السرياطي ، في الاثناء طلب الياس الزلاق من محسن رحيم مدير التشريفات ابلاغ السرياطي ان الركب جاهز للمغادرة ..
الا ان السرياطي اعلمه ان بامكانه المغادرة لانه سيبقى بالثكنة العسكرية وقد تمت مغادرة الركب في مجموعات تجنبا للفت الانتباه وتوجهوا الى القصر الرئاسي بقرطاج ..
هروب الرئيس وحالة من الذعر
سامي المساكني – مسؤول بالأمن الرئاسي
منذ صباح يوم 14 جانفي دخل السرياطي مكتبه ثم خرج مسرعا حيث كان اغلب الوقت متواجدا قرب الرئيس السابق ، وفي حدود الساعة الثانية ظهرا حل مجددا بمكتبه ،وسال ضابط الشرطة الامجد الدباري عن جوازات سفر وقال باللهجة التونسية متوجها له بالسؤال " تي وينهم الباسسبورات يا لمجد ؟" فاجابه الاخير " دقيقة سيدي المدير العام " ثم سلمه جوازي سفر الاول لمدير التشريفات محسن رحيم والثاني لعلي السرياطي الذي غادر حاملا معه حقيبة جلدية ..
وفي المساء أمام حالة الاضطراب التي بدى عليها القصر خرج الى الساحة الرئيسية وشاهد سالم سيك سالم يتحدث امام الاعوان ويقول امامهم بصوت مرتفع " لقد اتصلت بالمدير العام ولم يجب واتصلت بنائبه السيد عدنان الحطاب ولم يجب ، يا ابنائي ان بن علي قد فرّ من البلاد ، ونحن رجال .. أننا نعمل على حماية رئيس الدولة ولسنا في خدمة بن علي ، وبن علي هرب ونحن رجال ونبقى دوما رجال ، وها انني آمركم ، لا احد منكم يطلق رصاصة مهما كان السبب دون استشارتي "..
وكان عدد الاعوان البالغ عددهم نحو المائة في حالة من الذهول امام هذا الموقف ، الذي بدا فيه سيك سالم مطمئنا لهم ورغم هذه الحالة الا انهم عبروا عن الانصياع لاوامره والانضباط لما قاله ..
تحول سامي المساكني صحبة سائق الى منزل رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع القريب من القصر الرئاسي وتم اصطحابه الى القصر الرئاسي دون ان ينطق بكلمة طيلة المسافة ، ثم عاد من جديد بالسيارة الى منزل عبد القلال رئيس مجلس المستشارين القريب ايضا من القصر وتم اصطحابه ولم ينطق هو ايضا بكلمة..
وحينما وصلوا الى قاعة العمليات ن قرروا الانتقال الى مكتب الرئيس السابق لتسجيل الكلمة وفي هذه الاثناء وصل الوزير الاول محمد الغنوشي على متن سيارة مصفحة مرفوقا بحراسات الامن الرئاسي..
واثناء اعداد القاعة لتسجيل الكلمة دار حوار بين السياسيين الثلاثة حول الحل الذي يتعين التوصل اليه بعد رفض رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رفض تولي الرئاسة بذريعة مرضه وعدم قدرته على اداء هذه المهمة..
وفي مكتب بجوار مكتب الرئيس السابق اخرج محمد الغنوشي الوزير الاول من جيبه ورقة مخطوطة بخط اليد كتبت بخط ردئ وبها بعض التشطيبات وعبر عن نيته تولي خطة الرئيس المؤقت إعتمادا على الفصل 56 من الدستور ..
قصة الطائرة المروحية والقصر
وقائع – عماد الحبازي –رئيس دائرة العمليات بامن رئيس الدولة
بلوغ انباء عن اعتزام مروحية استهداف القصر الرئاسي ، وبناء عليه تم توجيه تعليمات للوحدات الامنية الرئاسية تقضي باستهداف اية مروحية عسكرية تعتزم الهبوط بالقصر ، في تلك الاثناء كان الرئيس بن علي ومدير الامن الرئاسي متواجدا بمكتبه ، ثم تم اعلام قاعة العمليات بوجود زوارق حربية تتجه باتجاه القصر ، استغرب العاملون بقاعة العمليات الامر واعلموا بسرعة علي السرياطي مدير الامن الذي تلقى المعلومة وأجاب " واضح واضح " وقد كان حينها على درجة من التسرع والخوف وهو في تلك اللحظة قرب مكتب الرئيس السابق ..
وكانت قاعة العمليات تتلقى بين الحين والاخر اتصالا من سائق السيارة الرئاسية المصفحة للسؤال عن حالة المسلك الرابط بين القصر الرئاسي ومقر الرئيس بسيدي الظريف وكانت القاعة تخبره انه جاهز للاستغلال ، في هذه اللحظات تلقت القاعة اعلاما بحلول زوجة الرئيس ليلى بن علي بالقصر على متن سيارتها مصحوبة بابنها محمد ن وبعد حوالي 10 دقائق بالضبط..
اتصل علي السرياطي بقاعة العمليات وأخبره انهم سيغادرون في اتجاه ثكنة الجيش الوطني بالعوينة وأنه لا يجب اخبار احد بالامر قائلا حرفيا باللهجة التونسية " هانا مغادرين ، في اتجاه ثكنة الجيش الوطني بالعوينة ، وما تعلم حتى حد ، وكرر ما تعلم حتى حد"..
وقد ادخلت هذه الاوامر الارباك والاستغراب على جميع العاملين بقاعة العمليات ولم يدرك الجميع حقيقة ما يحصل وفي حدود الساعة الرابعة والربع إنطلق الموكب الرئاسي من قصر قرطاج ، وقد حل بقاعة العمليات العقيد سالم سيك سالم وسال قاعة العمليات " اين الرئيس ؟ اين الاطارات ؟ " باللهجة التونسية " الرئيس فين ؟ أين الاطارات ؟ فاجابه رئيس قاعة العمليات بعدم علمه بالامر " ما نعرفش فينهم..
فقال سيك سالم " الرئيس فر الرئيس هرب " الرئيس قلب ، هرب " فساله مسؤول قاعة العمليات انتم في الميدان تعرفوا فاجابه انه اتصل بعدنان الحطاب نائب السرياطي واخبره انه يتعين عليه الاختباء ، وقد كان حينها في حالة من الغضب الشديد بسبب تلك الاجابة ، وقال بلهجة حازمة امام الجميع " أنا ساتصرف بمفردي " هاني باش نتصرف وحدي هاني باش نكلم الوزير الاول " فاجابه مسؤول العمليات " كلموا " اي اتصل به لكون العقيد سامي سيك سالم اعلى مسؤول امني بالقصر في تلك اللحظات ..
وفعلا تولى الاتصال بالضابط البشير شهيدة المسؤول عن حماية الوزير الاول وطلب منه الدخول الى مكتب الوزير الاول مرفوقا بهاتفه الجوال وتمكينه من محادثته وفعلا تم ذلك فقال سيك سالم لمخاطبه " أنا العقيد سامي سيك سالم من امن الرئيس .. سيدي الوزير الاول ان الرئيس بن علي غادر البلاد . سافر وانت من سينقذ البلاد .. انت الوحيد القادر على انقاذها . تونس امانة في رقبتك يجب ان تحضر الى القصر وكانت لهجة سيك سالم عاطفية تستجدي الوزير الاول من اجل الحضور ويصر على ذلك ويحاول تفسير الامر بلغة بسيطة " هاني باش نبعثلك ركب معزز باش يجيبك "..
سارسل لك ركبا محميا ومعززا لاصطحابك " واثر المكالمة تولى الاتصال بكل من عبد الله القلال وفؤاد المبزع وفتحي عبد الناظر وطلب منهم الحضور الى القصر الرئاسي حيث حل كل من عبد الله القلال وفؤاد المبزع ثم محمد الغنوشي ، فيما لم يتمكن الركب من الاتصال بفتحي عبد الناظر الذي كان هاتفه مغلقا حينما حلت السيارة امام منزله ، وتولى سيك سالم الاتصال بالعقيد عدنان الحطاب لائما بالقول " اين انت لقد تركتنا لوحدنا وبعد حلول الوزراء حل عدنان الحطاب بالقصر ..
سيك سالم يخطب في الاعوان
بعد حلول الوزراء المذكورين بالقصر تولى اعوان قاعة العمليات الاتصال لاسلكيا بجميع الوحدات التابعة للقصر ولمقر اقامة الرئيس وتم تذكيرهم بواجباتهم وطمأنتهم ورفع معنوياتهم ، " على جميع الوحدات الالتزام باماكن عملها وعدم مغادرتها لاي سبب كان..
على جميع الوحدات الانضباط للتعليمات الواردة من رؤسائهم والقى سيك سالم في الاعوان الذين تجمعوا بساحة القصر من عناصر امنية وادارية كلمة اورد فيها " نحن نعمل بجد ومسؤولية ومهمتنا تامين القصر الرئاسي بقرطاج نحن نعمل في النظام ولا نعمل من اجل زين العابدين بن علي في حد ذاته " على كل فرد ان يلتزم مكانه وينضبط ويطبق التعليمات من رؤسائه في العمل..
وعند وصول السيد فؤاد المبزع تم ادخاله الى مكاتب ادارة الامن الرئاسي ثم حل السيد عبد الله القلال ثم السيد محمد الغنوشي ثم تم نقل الجميع الى مكاتب الديوان الرئاسي حيث مكتب الرئيس ، وفي الاثناء اتصل بقاعة العمليات المقدم الياس الزلاق وقال له حرفيا " أنا قادم الى القصر بصحبة محسن رحيم مدير التشريفات " فساله مستفسرا ومطمئنا على حالهم بالقول هل انتم بخير ؟ " لاباس انتم لاباس ؟" الجماعة الاخرين وينهم ؟ وكان يقصد الرئيس وزوجته فاجابه الياس الزلاق بانه قادم الى القصر دون ذكر تفاصيل..
ثم اتصل بقاعة العمليات المدير العام للامن الرئاسي علي السرياطي مستفسرا عن الوضع بالقول " آش عندكم غادي فاعلمه بوجود الوزير الاول ورئيس مجلس النوب في القصر فاجاب السرياطي " طيب " ثم انهى المكالمة ..
وقائع قاعة العمليات
الساعة الثانية والربع ظهرا اتصل رئيس قاعة العمليات بمسؤول سيارات الاسعاف التابعة للقصر الرئاسي والسؤال عن جاهزيتها في صورة وقوع طارئ في اطار الاحتياطات التي تم اتخاذها حيث توجد بالقصر الرئاسي اربعة سيارات اسعاف مجهزة دوما في حالة تاهب عملياتية .
الساعة الثالثة وسبعة وخمسين دقيقة اتصل رئيس قاعة العمليات برئيس فرقة تامين مقر الطائرات الرئاسية الذي اعلمه بهبوط مروحيتين عسكريتين بالقاعدة الجوية بالعوينة على متن كل منها عشرة افراد من طلائع الجيش التونسي وقد اعلم مدير الامن الرئاسي بتلك المعلومة .
علمت قاعة العمليات من الملازم منصف الشابي المسؤول عن تامين مقر الطائرات الرئاسية يخبره عن منع طاقم الطائرة الرئاسية من الدخول من الباب الشمالي للمطار من قبل شرطة الحدود ، فاتصل بالمدير العام علي السرياطي الذي طلب منه توجيههم للدخول من باب القاعة الشرفية الرئاسية قائلا له " قوللهم يدخلو من باب القاعة الشرفية الرئاسية .
الساعة 16:46 دقيقة تم اسداء تعليمات بتوجيه كاميرا المراقبة بالقصر الرئاسي نحو البحر فقط بعد ورود معلومات تتحدث عن وجود زوارق بحرية متجهة نحو القصر الرئاسي .
شهادة حاجب بن علي
حسن الورتاني – حاجب الرئيس بن علي
لاحظ الحاجب الخاص للرئيس والذي كان ايضا في هذه المهمة مع الرئيس السابق الحبيب بورقيبة ان بن علي ومنذ خمس سنوات قد اصبحت ذاكرته ضعيفة..
وقائع يوم 14 يناير باشر الحاجب عمله كالمعتاد وفي حدود الساعة العاشرة صباحا وصل الى مكتب الرئيس كل من بناته غزوة وسيرين بن علي وازواجهن مروان المبروك وسليم زروق حيث كانوا يترددون على مكتبه يدخلون ويخرجون باستمرار وكانت بادية على وجوههم علامات الخوف والفزع وكانوا كثيري التحدث عبر هواتفهم..
وحوالي منتصف النهار وصل علي السرياطي حاملا جهاز لاسلكي من نوع موتورولا ودخل مسرعا مكتب الرئيس بن علي ثم وبسرعة خرج ومعه الرئيس واتجها الى الرواق التابع للمكتب ثم غادر علي السرياطي المكتب وعاد مجددا الساعة الثانية ظهرا حيث كان يهرول في اتجاه مكتب الرئيس وطلب منه فتح الباب للدخول الى الرئيس وفعلا دخل بعد ان اذن له الرئيس بالدخول وخرجا معا حيث بقيا يتحادثان بالرواق مدة عشر دقائق...
وقد كان بالرواق مروان المبروك زوج سيرين بن علي واقفا بصدد الحديث عبر هاتفه النقال ، وقد لاحظ الحاجب ان الرئيس بن علي كان مرتبكا حيث كان يلتفت يمنة ويسرة وكذلك علي السرياطي الذي كان يجيب بين الحين والاخر على مكالمات ترد على هاتفه الجوال وهي ليست من عاداته حيث كان يتخلى عن هاتفه كلما دخل مكتب الرئيس بن علي..
واثر انصراف علي السرياطي المفاجئ توجه الرئيس مسرعا الى مكتبه وفي حدود الساعة الرابعة غادر المكتب مروان المبروك وسيرين بن علي ثم وفي حدود الساعة الرابعة والربع ، حل بالمكتب كل من علي السرياطي وليلى بن علي وابنهما محمد زين العابدين وابنتها حليمة وخطيبها مهدي بنقايد حيث كانوا مسرعوا الخطى بشكل لافت للانتباه وتبدو عليهم ملامح الذعر والخوف..
وقد هم الرئيس بن علي بالمغادرة معهم حيث نظر في ساعته وكانت تشير الى الرابعة والربع بالتحديد وقال له الرئيس بن علي حرفيا " اقعد غادي هاني راجع نشيع الجماعة وهاني جاي " اي ابق مكانك ساعود سارافق الجماعة ثم اعود"..
وفعلا بقي الحاجب بمكانه حتى قدوم الوزير الاول محمد الغنوشي ورئيس مجلس النواب فؤاد المبزع ورئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال مرفوقين بالمسؤولين الامنيين في القصر يتقدمهم سامي سيك سالم..
وقد طلب منه سامي سيك سالم فتح مكتب الرئيس بن علي لكونه المسؤول عن مفاتيحه بغرض القيام بتصوير كلمة موجهة الى الشعب التونسي، سيتولى السيد فؤاد المبزع إلقائها فرفض ذلك واجابه حرفيا بانه لا يمكنه ان يفتح له المكتب " انا ما نجمش نحللك البيرو"..
فاجابه سامي سيك سالم قائلا "الرئيس راهو غادر الرئيس ماهوش في تونس مشى على روحو" اي الرئيس غادر البلاد وهو غير موجود في تونس الرئيس ذهب "..
واستغرب الامر لان سامي سيك سالم قد خاطبه بحدة واقترح على من معه القيام بالتسجيل في القاعة المجاورة لمكتب الرئيس حيث بلغ عدد من كانوا هناك حوالي 15 شخصا تجمعوا في القاعة وعند الانتهاء من تصوير الكلمة طلب منه سيك سالم في حدود الساعة السابعة مساء توفير مكان خاص لاقامة كل من الوزير الاول ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين بالقصر الرئاسي فتحول مع سيك سالم الى الجناح الخاص بالقصر الرئاسي..
ثم عاد ليجلس مكانه امام مكتب الرئيس وفي الاثناء وردت عليه مكالمة من طرف الرئيس بن علي تلقاها على هاتفه الجوال عبر موزع القصر الرئاسي فطلب منه موزع الهاتف تمرير الهاتف الى الوزير الاول لان الرئيس بن علي يريد مكالمته..
فسلم هاتفه الى احد الاعوان وطلب منه ادخال الهاتف الى الوزير الاول لان الرئيس على الخط ، وبعد فترة قصيرة ارجع له الاعوان هاتفه النقال بينما خرج من القاعة سامي سيك سالم غاضبا رافضا ان يتم تمرير اي مكالمة هاتفية اخرى ..
منتصر الخياري رئيس مصلحة التليكس بالرئاسة
طلب من حسن الورتاني حاجب الرئيس بن علي تحضير طاولة في القاعة التي قام فيها الوزير الاول بتسجيل الكلمة الموجهة الى الشعب التونسي ..
طلب منه حسن الورتاني حمل هاتفه الجوال الى الوزير الاول محمد الغنوشي قائلا ان الرئيس بن علي على الخط ويرغب في التتحدث اليه ، وفعلا قدم الهاتف الى الوزير الاول وقد سمعه يقول حرفيا " ياسيد الرئيس راهي البلاد شعلت وما يمكنليش باش نتراجع على البلاغ الى اصدرتو انا مانيش وحدي هاو بحذايا رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المشتشارين وانت رئيسنا ووقت ما ترجع مرحبا بيك"..
سيدي الرئيس ان البلاد قد احترقت ولا يمكنني التراجع عن البيان الذي اصدرته والى جانبي الان رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ..
سالم الورتاني الحاجب الثاني للرئيس بن علي وشقيق الحاجب الاول حسن الورتاني، لاحظ تردد المستشار الاول عبد العزيز بن ضياء بكثرة على مكتب الرئيس منذ انطلاق الاحتجاجات..
وكان يقضي وقتا طويلا معه وكذلك وزير الداخلية رفيق الحاج قاسم ، ويوم 13 يناير باشر عمله كالعادة حيث فتح مكتب الرئيس وغير باقة الورد الموجودة فيه ، ثم اغلق المكتب وتوجه الى مقر اقامة الرئيس بسيدي الظريف اين بقي في انتظاره ، وحال مغادرته الاقامة تسلم منه حقيبته ووضعها في السيارة الخاصة به ثم غادر الرئيس مقر الاقامة صحبة سائقه الخاص متجها الى القصر الرئاسي فتولى الالتحاق به ليفتح له المكتب..
وبين حدود الساعة التاسعة والنصف والعاشرة وصلت الى مكتب الرئيس بن علي كل من غزوة بن علي وسيرين بن علي بنات الرئيس من زوجته الاولى نعيمة الكافي بصحبة ازواجهن ، وقد كانوا يدخلون الى مكتبه ويخرجون منه باتجاه المكتبة حيث كانت ابنته سيرين تدخل وتخرج لاجراء مكالمات هاتفية وكانت عليهم مظاهر الخوف والفزع..
وحوالي الساعة الحادية عشر صباحا قدم الى مكتب الرئيس بن علي مدير الديوان الرئاسي عياض الودرني وتحول رفقة بنات الرئيس وازواجهما الى المكتبة اين تم تحضير خطاب الرئيس الذي كان يعرض عليه بين الحين والاخر حيث يقوم بادخال بعض التغييرات..
وبعد التاكيد النهائي على نص الخطاب تم تسليمه لموظف الاعلامية كريم الشتيوي لنسخه على جهاز القراءة ، ثم بدأت الاستعدادات للتصوير وفي الاثناء وصل الى مكتب الرئيس محسن رحيم مدير التشريفات وزوجة الرئيس ليلى بن علي وكاتبه الخاص رشيد دحمان وبعد الانتهاء من تسجيل الخطاب صفق الحاضرون اثر ذلك غادر بن علي القصر الرئاسي صحبة زوجته اثر ذلك غادر الجميع وقام باغلاق مكتب الرئيس ..
قصة الذهاب إلى العمرة
محسن رحيم – مدير التشريفات الرئاسية
سجل اصرار الرئيس بن علي اثر مقابلته لعائلات بعض المصابين في الاحداث على زيارة محمد البوعزيزي في مستشفى الحروق البليغة وفي حدود الساعة الحادية عشر اعلم مستشاره الخاص الناطق باسم رئاسة الجمهورية عبد العزيز بن ضياء انه سيتولى زيارة البوعزيزي في حدود الساعة الخامسة عصرا وفعلا اعلم عبد العزيز بن ضياء محسن رحيم بالموضوع وبانه تم استقبال عائلات ثلاثة ممصابين اصيلي سيدي بوزيد وقد تم تمكينهم من ظروف تتضمن مبالغ مالية وقد تحول الرئيس بن علي الى المستشفى وكان يسعى الى الحديث مع البوعزيزي لمعرفة السبب الحقيقي الذي دفع به الى حرق نفسه ، الا ان الحالة الصحية المتردية التي كان عليها الضحية حالت دون محادثته ..
يوم 14 يناير وصل الى مقر عمله بالقصر الرئاسي الساعة السابعة والربع صباحا، وفي حدود منتصف النهار اتصل به الرئيس بن علي هاتفيا ودعاه الى مكتبه، واسدى له التعليمات بتجهيز الطائرة الرئاسية التي ستتولى نقل افراد عائلته المتركبة من زوجته ليلى وابنه محمد وابنته حليمة الى السعودية لاداء مناسك العمرة وقال له حرفيا " الجو موش رايض والوضع موش راكح ، خليهم يمشيو يتفرهدوا ويبدلوا الجو في السعودية ويعملوا عمرة برة حضر الطيارة واتو نقلك من بعد عن الوقت " اي " الاجواء متوترة والوضع مضطرب سيذهبون الى السعودية للترفيه عن انفسهم ويغيروا الاجواء ويقومون بأداء العمرة، تول تجهيز الطائرة وسأخبرك لاحقا عن التوقيت ".
وتولى محسن رحيم الاتصال بالمدير العام للخطوط التونسية نبيل الشتاوي كالعادة في مثل هذه الرحلات للتنسيق مع طاقم الطائرة وتجهيزها، مع اشارة محسن رحيم أن بن علي لم يكن ينوي السفر برفقة أفراد العائلة، وفي حدود الساعة الثالثة ظهرا أعلمه الرئيس بن علي أن موعد إقلاع الطائرة سيكون على الساعة السادسة مساء، حينها أعاد الاتصال بنبيل الشتاوي وأعلمه بتوقيت إقلاع الطائرة ثم رافق علي السرياطي الى مكتبه حيث قام بجلب محفظة جلدية ووضع مسدسه بخصره وكان مكشوفا دون غمد..
كما تسلم من احد الاعوان العاملين بالامن الرئاسي مجموعة من جوازات السفر الخاصة داخل ظرف تسلم منها محسن رحيم جوازي سفر احدهما لنادل الرئيس كمال البديري والذي قام بتسليمه الى طاقم الطائرة حينما وصل الى الثكنة العسكرية بالعوينة..
وبمجرد عودته من مكتب علي السرياطي وجد بالرواق في الديوان الرئاسي كل من الرئيس بن علي وزوجته ليلى وابنهما محمد وابنتهما حليمة وخطيبها مهدي بن قايد واحدى شقيقات ليلى الطرابلسي ، وقد كان الرئيس لحظتها يرتدي قميصا ابيضا وربطة عنق زرقاء اللون دون سترة فنادى على حاجبه الخاص وطلب منه احضارها وبمجرد تسليمه اياها ارتداها على عجل وخرج الجميع من الرواق واستقل مع ابنه سيارة لنكولن تقودها زوجته ليلى بن علي بينما ركب محسن رحيم في السيارة الاودي التي يقودها علي السرياطي وانطلقوا في مقدمة الركب باقصى سرعة ..
في رواق مكتب الرئيس بن علي استمع محسن رحيم الى مكالمة هاتفية اجراها علي السرياطي كان يعطي خلالها التعليمات بوضوح " ثمة طائرة مروحية اذا كان قربت من القصر اضربوا عليها ب12.7 لا سبيل باش تخليوها تهبط " اي ما معناه " هنالك طائرة مروحية اذا اقتربت من القصر اطلقوا عليها النار بسلاح 12.7 لا تتركو لها مجال الهبوط بالقصر..
كما تلقى مكالمة اخرى تتحدث عن طائرة مروحية ثانية قادمة باتجاه القصر من جهة اخرى وسمع علي السرياطي يتحدث عن اقتراب زوارق حربية من القصر من جهة البحر ..
كان علي السرياطي يظهر الحاحا كبيرا في اخراج بن علي وزوجته من القصر بالقول " ايا سيدي الرئيس ايا مادام نخرجوا .. نمشيو للمطار ..
محسن رحيم اعلم حينها السرياطي ان الطائرة الرئاسية غير جاهزة للاقلاع وان الرئيس طلب موعد الاقلاع الساعة السادسة مساء وبالتالي لم يتول التنسيق لتغيير الموعد فكان علي السرياطي مصرا على الخروج ..
وقال له حينما كانوا برواق الديوان الرئاسي " مايسالش نمشيو للمطار ونستناوها غادي حتى تحضر الجيش اولادنا على الاقل متاعنا " اي ما معناه " نذهب الى المطار وننتظر جاهزية الطائرة هناك الجيش هم اولادنا وهم معنا "...
وقد فهم محسن رحيم من كلام السرياطي انه سيشعر اكثر بالامان في المطار قرب الجيش لان القصر الرئاسي بات معرضا لتهديدات متعددة ويشكل خطرا على حياتهم خاصة بعد ان حاول السرياطي الاتصال بزهير البياتي آمر المطار لكن شخصا آخر أجابه وقدم نفسه انه سمير الطرهوني حيث استغرب السرياطي ذلك..
واتصل السرياطي بعد ذلك بإلياس الزلاق وقال له حرفيا "اتصل بصاحبك الطرهوني وشوف اشنية الحكاية راني اتصلت بزهير البياتي ورد علي هو التلفون" اي اتصل بصديقك سمير الطرهوني واستفسر عن الامر لاني اتصلت بمحافظ المطار فاجابني هو بدلا عنه"..
وقد تمت هذه المكالمة حينما كان محسن رحيم مع السرياطي في السيارة في طريقهما الى المطار، وقد قال له السرياطي بعد ارتطامه بسيارة مدنية في مفترق المعلقة " انشاء الله نصلوا للمطار " فطلب منه التوضيح اجابه السرياطي " ثمة كومبلو بين كومندوس الحرس وكومندوس الشرطة وتوة فهمت الحكاية يا سي محسن "، اي هناك تحالف بين طلائع الحرس وطلائع الشرطة والان فهمت الموضوع يا سي محسن "..
وقد حاول السرياطي مرارا الاتصال بجلال بودريقة المدير العام لوحدات التدخل والرئيس المباشر لسمير الطرهوني الا انه لم يتمكن من ذلك .
بوصول الموكب امام ثكنة الجيش الوطني بالعوينة نزل بعض الاعوان وقاموا بطرق الباب الازرق للثكنة وكانوا يصرخون بقوة " حل الباب " اي افتح الباب " وحاولوا تسلقه الا ان احد العسكريين فتح الباب ودخلوا الثكنة بسرعة واتجهوا نحو القاعدة الشرفية بالمطار التي تبعد نحو مائتي متر عن مستودع الطائرة الرئاسية الا ان الرئيس بن علي رفض النزول فواصل الموكب سيره الى مستودع الطائرة حيث ترجل الرئيس بن علي وزوجته ليلى وابنه محمد وابنته حليمة وخطيبها مهدي بن قايد ونادله الخاص كمال البديري وزوجة عادل الطرابلسي وخادمتين فليبينيتين..
وقد مكث الجميع عند الطائرة حتى اتمام تزويدها بالوقود بينما تم شحن الحقائب التي كانت على متن سيارات المرافقة وصعد الى الطائرة كل من كمال البديري نادل الرئيس الخاص والخادمتان الفليبينيتان وقد كان عدد افراد طاقم الطائرة محدودا فقد حضر قائد الطائرة محمود شيخ روحو ومساعده ومضيفة الطائرة نادية بالحارث ومضيف آخر وميكانيكي..
وقد كان علي السرياطي يجري مكالمات هاتفية بين الحين والاخر وكان محسن رحيم الى جانب الرئيس الذي كان يتساءل في كل مرة " قريبش تعبي الطيارة الكيروزان .. وقتاش تكمل" اي متى تنتهي عملية تعبئة الوقود ؟"..
وقد اتصل عياض الودرني مدير الديوان الرئاسي على هاتف محسن رحيم وطلب منه تمرير الهاتف للرئيس الذي ابتعد قليلا دون ان يلاحظ عليه ما يجلب الانتباه..
وفي الاثناء تقدمت منه حليمة ابنته وسالته ان كان والدها سيسافر معهم ، فاجابها بان والدها هناك وبامكانها سؤاله وقد طلب من بن علي سؤال قائد الطائرة عن الكمية التي تم تزويد الطائرة بها والكمية المتبقية والوقت المتوقع للانتهاء.. فأجابه قائد الطائرة بان العملية ستنتهي في ظرف 10 دقائق الى خمسة عشر دقيقة وقد اعلم محسن رحيم الرئيس بهذه المعلومة ..
واثر انتهاء عملية التزود بالوقود صعد علي السرياطي الى الطائرة لاحضار معطفه الذي كان احد الاعوان قد وضعه داخل الطائرة وكان احد الاعوان قد قام قبل ذلك بجلب محفظته الجلدية من على متن الطائرة حيث بوصولهم ادخلوا معطف السرياطي ومحفظته الى الطائرة وكان الرئيس بن علي قد خاطب السرياطي قائلا " ما فماش ضرورة باش تطلع هاني ماشي باش نوصلهم وراجع " اي ما معناه " ليس من داع لسفرك انا ساتولى مرافقتهم ثم اعود "..
فاجابه علي السرياطي بالقول " ما ترجع الا مانكلمك سيدي الرئيس " اي " لا تعد حتى اخبرك سيدي الرئيس "
عملية السفر لم تكن طبيعية كانت مستعجلة والرئيس بن علي لم يطلب من مدير التشريفات السفر وهي مهمته الاساسية عادة ولم يتم استكمال الاجراءات القانونية للمسافرين ..
إثر اقلاع الطائرة توجه محسن رحيم رفقة علي السرياطي الى القاعة الشرفية بالمطار العسكري حيث طلب من بعض الجنود تمكينه من قهوة حليب ومن ماء ..
وقد غادر محسن رحيم صحبة الياس الزلاق بعد ان قال لهم السرياطي " امشو انتم انا مازلت قاعد شوية " امشيو موش مشكل " أي " يمكنكم الانصراف سابقى قليلا يمكنكم المغادرة "..
وبمجرد خروجه من القاعة التي ترك بها علي السرياطي وردت عليه مكالمة هاتفية من الرئيس بن علي فساله ان كان بجانبه علي السرياطي فاخبره بانه تركه في القاعة الشرفية، فسال عن ابنته سيرين وزوجها سليم وهل وصلوا الى العوينة ام لا وبوصولهم الى قصر قرطاج الرئاسي في حدود الساعة السادسة مساء عاد الى منزله وفي حدود الساعة الثامنة ليلا اتصل بعلي السرياطي فاعلمه انه موقوف على ذمة الجيش ..
المكلفون بحماية طائرة الرئيس
مهمة حماية طائرة الرئيس وهي من نوع البوينق 737-700 ومروحيتين عسكريتين من نوعAB 412 وتتركز حماتيتها في مستودع الطائرات بالقاعدة العسكرية بالعوينة ، وعادة ما يتم تهيئة الطائرة قبل اربعة او ثلاثة ايام من موعد الرحلة وغالبا لا يتم الاعلان عن من سيكون على متنها ..
وصل منصف الى مكتبه بمستودع الطائرة الرئاسية يوم 14 جانفي صباحا وحوالي الساعة الثانية ظهرا غادر الفريق الراجع له بالنظر والمتكون من ميكانيكي الطائرة ومسؤول التنظيف وفني ومهندس وذلك في ظروف عادية لانتهاء مناوبتهم وفي حدود الساعة الثالثة والنصف تلقى مكالمة من طارق بن سالم المهندس المشرف على الطائرة يخبره انه بتعليمات من المدير العام للخطوط التونسية سيعود الى العمل طالبا منه الاتصال بقاعة العمليات قصد السماح لهم بالدخول عبر باب القاعة الشرفية الرئاسية..
بعد ان تم منعهم من قبل شرطة الحدود من الدخول من قبل اعوان الشرطة ، فقام بالاتصال بمحافظ شرطة المطار زهير البياتي ولم يتمكن من ذلك فتولى الاتصال بقاعة العمليات الرئاسية حيث تم السماح لهم بالدخول عبر باب القاعة الرئاسية..
وفي حدود الساعة الثالثة والنصف ظهرا وصل الفريق الفني الذي يتولى عادة اعداد الطائرة وتجهيزها، ولتحق بهم طاقم الطائرة المؤلف من محمود شيخ روحو قائد الطائرة ، ومساعده ياسين اولاد جاء بالله وبشير كشك مضيف ونادية بالحارث مضيفة..
واثناء تزود الطائرة بالوقود وفي حدود الساعة الرابعة وعشرين دقيقة اتصل به رئيس قاعة العمليات واعلمه ان الركب الرئاسي في اتجاهه فاعلمه ان الطائرة ما تزال في مرحلة التزود بالوقود بالمستودع ولم يتم نقلها بعد الى القاعة الشرفية ، الا انه فوجئ على الساعة الرابعة وخمسة وثلاثين دقيقة بدخول الركب الرئاسي من باب القاعدة العسكرية بالعوينة ليلتحق مباشرة بالمستودع الطائرة الرئاسية حينها انسحب المنصف الشابي من المكان ليتيح المهمة لفريق المرافقات الخاص بالرئيس..
مدة تزود الطائرة الرئاسية بالوقود حوالي 20 دقيقة وكمية الوقود حوالي 16 الف ليتر وبعد صعود الرئيس بن علي الطائرة تم غلق باب سحب الطائرة الى الخارج بواسطة جرار..
ثم تولى اعواد طلائع الرئاسة مواكبة الطائرة بالسيارات لتتولى الاقلاع من المطار العسكري بدل المطار الدولي وبعد حوالي ساعة حلت فرق طلائع الجيش والقت القبض على افراد عائلة الطرابلسي الذين كانوا بالانتظار بجانب المستودع في انتظار طائرة عسكرية وعدهم السرياطي بها..
وفي حدود الساعة السادسة وعشر دقائق صباحا من يوم 25 يناير وصلت الطائرة الرئاسية حيث تولت لجنة عسكرية من الجيش تفقدها وادخالها الى المستودع من جديد.
المقدم سمير الطرهوني – رئيس فوج مكافحة الارهاب
كلف منذ يوم 12 جانفي بمهمة تامين مبنى وزارة الداخلية حيث قام بارسال فرقة مؤلفة من ثمانية افراد ومسلحة باسلحة يبلغ مداها المؤثر والعملي 2 كم والقاتل 800 متر ومجموعة اسلحة متنوعة من عيارات خاصة وكمية ذخيرة تم تخزينها بمقر وزارة الداخلية لاستخدامها عند الحاجة ، ويوم 13 جانفي عقد اجتماعا في وزارة الداخلية يتعلق بالقيام بعملية في مدينة منزل بورقيبة الا انه يوم 14 جانفي بقي بمكتبه في مقر الثكنة الامنية في منطقة بوشوشة بباردو وكان يتابع الاحداث عبر جهاز اللاسلكي الذي كانت ترد عبره معلومات عن استهداف مقرات امنية بالحرق في مختلف انحاء العاصمة وقرب وزارة الداخلية..
وقد كان مقر الثكنة مهددا من المتظاهرين الذين قدر عددهم بعشرة الاف متظاهر بعد ان تم حرق جميع مراكز الامن القريبة من المنطقة وقد تم اقتحام عدد هام من افراد الامن ودبت حالة من الذعر حيث سعى الاعوان الى الخروج لتامين محلات سكناهم وقد ورد على الجهاز دون ذكر الساعة اقتحام المتظاهرين لمقر الثكنة وقد دبت حالة من الفوضى والذعر في صفوف اعوانها وخاصة من كانوا بالمبيت..
حيث لم يعد بالامكان التمييز بين العسكريين والاعوان بالازياء المدنية ، وسمير الطرهوني يقول انه لم يتحول الى مقر وزارة الداخلية لان بالثكنة حوالي 100 عون من فرقته والثكنة كانت مستهدفة بالحرق وبين الساعة الواحدة والنصف والساعة الثانية ظهرا اتصل به الملازم ايمن السعيداني المسؤول عن فرقة حماية وزير الداخلية واخبره انه تلقى تعليمات مباشرة من جلال بودريقة المدير العام لوحدات التدخل تقضي بتلقيم الاسلحة بالرصاص والاستعداد للرمي..
فأمره بنزع الرصاص الحي وطلب منه الاطلاق بالقنابل المسيلة للدموع لابعاد المتظاهرين عن منافذ وزارة الداخلية ، وفي الاثناء علم عبر اللاسلكي بوجود متظاهرين قرب المطار ، فقام بالاتصال بالوكيل حافظ العوني العامل بفرقة حماية الطائرات وساله عما يدور في المطار فاخبره الاخير أن " الجماعة الكل هنا " اي المجموعة بكاملها هنا ويقصد عائلة الطرابلسي واخبره انهم يعتزمون السفر وانهى المكالمة ثم اعاد الاتصال به ثانية
وقال له " شدهم عندك هاني جاي " اي امسكهم لديك سآتي في الحال " ثم انهى المكالمة واتصل بزوجته العاملة ببرج المراقبة في المطار وسالها ان كانت هناك طائرة ستقلع وعلى متنها الطرابلسية " فمة طيارة باش تطير وفيها الطرابلسية ؟ " فاخبرته ان هناك طائرة ستقلع " فمة طيارة خاصة باش تطير "
فقال لها " شدها ما تخليهاش تطير " اي امسكها لا تسمحي لها بالمغادرة " فارتبكت زوجته وسالته تعليمات من ؟ تعليمات من فوق من فوق ؟ فاجابها تعليمات من فوق "وقد اعلمته زوجته ان الطائرة ستقلع بعد عشرين دقيقة تاكد من امكانية اللحاق بها قبل الموعد ، فقام بتجميع 10 اعوان مسلحين بمختلف الاسلحة من مسدسات ورشاشات واستقل سيارتين متجها الى المطار
وقد اعلم اعوانه بعدم استخدام الاسلحة الا بتعليماته الشخصية وفي حدود الساعة 14:50 وصل الى المطار وتوجه مباشرة الى القاعة الشرفية وقد اعترضه بعض الاعوان العاملين بالزي المدني فاجابهم بحدة " لولاد خليونا خويان وما نسيبوا حتى كرطوشة " اي اتركونا اخوانا ونعدكم بعدم اطلاق اي رصاصة " عندها رد عليه البعض بدافع الخوف لا لا تفضل "
عندها دخل الى القاعة الشرفية وخرج منها في اتجاه المدرج فوجد حافلة صغيرة على متنها عدد من المدنيين من رجال ونساء واطفال ومجموعة هامة من حقائب السفر ، وقد شاهد شخصين بصدد صعود الحافلة الا انهما بمجرد رؤيته لاذا بالفرار فقام عنصران من فرقته بملاحقتهما والقاء القبض عليهما..
بينما صعد مع عوانه على متن تلك الحافلة واتصل هاتفيا بزوجته ليستفسرها عن مكان ربوض الطائرة التي ستقل افراد عائلة الطرابلسي وبن علي فاخبرته انها رابضة بالمكان المخصص لشركة تونيزافيا فطلب من سائق الحافلة الاتجاه الى ذلك المكان ، اين وجد طائرة خاصة امامها عون تابع لامن رئيس الدولة فساله بحدة اشكون في الطيارة " من بالطائرة ؟ " فاجابه سي سمير راهي مدام سيرين بن علي وجماعة المبروك في الطيارة "
فقال له " خليها تطير على روحها ما حاجتناش بيها " أي اتركها تطيرلا حاجة لنا بها " ولم يتول اي عون من فرقته الصعود الى الطائرة ثم انسحبوا من المكان لمواصلة البحث وفي الاثناء علم انهم على متن طائرة متجهة الى ليون الفرنسية في المربض رقم 56
وكان سائق الحافلة يعرف المكان وقد صعد عونان من اعوانه على متن الطائرة لتفتيشها ولم يعثروا على اي شخص من عائلة الطرابلسي ، بينما كان من يبحث عنهم في هم الاشخاص الموجودين معه في نفس الحافلة حيث كان يطمئنهم بالقول " سامحونا ما عندناش مشكلة معاكم راهو حاجتنا بالكار باش نشدوا عباد اخرين ".
اي نعتذر منكم لا توجد لدينا مشكلة معكم نحن نحتاج الحافلة لالقاء القبض على آخرين " وبعودة الحافلة امام القاعة الشرفية مجددا توجه بلهجة عنيفة الى الاعوان العاملين ضمن حماية الطائرات سائلا عن افراد العائلة فاجابوه بانهم هم ذاتهم من رافقهم بالحافلة ، حينها شعر بالارتياح حيث كان يعتقد ان مهمته قد باءت بالفشل وامر بانزالهم من الحافلة وادخالهم القاعة الشرفية ،
في الاثناء حل رئيس محافظة المطار زهير البياتي فتوجه له بالقول " زهير تعليمات من فوق حتى حد من العائلة ما يطير ما تلعبش بروحك" اي " هناك تعليمات عليا لا تسمح لاي احد من العائلة بالسفر لا تغامر بنفسك " فقال له زهير البياتي " سمير فاش تعمل تعليمات اشكون " اي " سمير ماذا تفعل ... تعليمات من ؟ "
فقال له " تعليمات من فوق تعليمات من فوق " حينها قال له تعال معي واخذه الى احد المكاتب الجانبية حيث كان المنصف الطرابلسي مختبئا به فقام بنقله الى القاعة الشرفية ، وعاد زهير البياتي ليساله عن مصدر التعليمات وفي الاثناء وردت على زهير البياتي مكالمة هاتفية من عماد الطرابلسي يعلمه فيها انه على وشك الوصول الى المطارواستفسر البياتي سمير الطرهوني بماذا يجيبه فطلب منه استدارجه بصورة عادية ليدخل المطار وفعلا وصل عماد الطرابلسي بعد ذلك
بعد ذلك تلقى زهير البياتي مكالمة هاتفية من علي السرياطي المدير العام لامن رئيس الدولة وقد مرر له البياتي الهاتف بعد ان كان قد اخبره انه تلقى التعليمات من السرياطي مباشرة وفي الاثناء شاهد بعض مروحيات الجيش بصدد انزال بعض عناصر الوحدات الخاصة فاعتقد ان هناك تحضيرا لعملية مداهمة فقام بطلب تعزيزات من فرقته للالتحاق به في المطار خوفا من المواجهة ، وقد حل في الاثناء العميد جلال بودريقة المدير العام لوحدات التدخل والرئيس المباشر لسمير الطرهوني
وتوجه نحوه مباشرة بالقول " فاش تعمل واش كون قالك شدهم على السرياطي علي السرياطي بعثك ؟ فقال له نعم علي السرياطي " وبعد ان تثبت في الموضوع عاود مخاطبته مصرا على معرفة من اسدى له التعليمات " اشكون بعثك يا سيمر اش كون بعثك ؟ "
فرد عليه سمير الطرهوني " هؤلاء سرقو البلاد وهبوا العباد انا جيت وحدي وهؤلاء سرقو البلاد من بنزرت لبن قردان وتريدونهم ان يهربو " والله لا يطير منهم اي احد " ماكم تحبو اش كون بعثني انا جيت وحدي " فرد عليه بودريقة " مالا سمير تحب تقتلني انا زادا " اي " انت هل تريد قتلي انا ايضا ؟" فاجابه بالنفي قائلا " سيد المدير صلي على النبي انتي عرفنا وتقعد ديما عرفنا احنا لهنا باش ما يسيلش الدم " اي " انت رئيسنا وستبقى دوما كلك نحن هنا حتى لا يسيل الدم ولسنا هنا لاسالة الدماء "
فطلب من بودريقة " مالا كيف انا عرفك سيبهم توا يطيرواوطبق تعليماتي " اي اذا انا رئيسك اطلق سراحهم ودعهم يسافرون " عندها اجابه سمير " سامحني انت عرفي وعلى راسي من فوق وسامحني هاذوما ما همش باش يطيروا " اي " انت رئيسي واقدرك عاليا ولكن هؤلاء لن يسافروا "
وقد كان سمير الطرهوني قد اتصل بالمقدم العربي الاكحل رئيس فوج طلائع الحرس الوطني وطلب منه الحضور الى المطار لان هناك تعليمات من فوق بالقاء القبض على عائلة الطرابلسي ، وقد حلت فرقته المؤلفة من 40 عونا بالمطار لتلتحق بفرقة سمير الطرهوني في حدود الساعة الخامسة مساء وانضمت فرقة اخرى مؤلفة من 20 عنصرا تابعة للتدخل السريع وقام الفرق باستعراض للقوة امام القاعة الشرفية وكان سمير الطرهوني بطالب جلال بودريقة الاتصال بالقيادة وابلاغها انه يرغب في تسليم الطرابلسية الى الجنرال رشيد عمار
وقد طلب سمير الطرهوني من العربي الاكحل غلق تلفونه وعد الاجابة على اي استفسار من اي كان وفي الاثناء اعلمه زهير البياتي ان افراد طاقم الطائرة الرئاسية يعتزمون التحول الى مستودع الطائرة الرئاسية بثكنة العوينة وان كان مسموحا لهم بالمرور فاجابه الطرهوني " خليهم يتعداو على رواحهم ما عندي بيهم حتى دخل " اي اتركهم يمروا لا دخل لي بهم " وفي حدود الساعة الخامسة وخمسين دقيقة اقلعت الطائرة الرئاسية ،
وقد بقوا بالقاعة الشرفية التي كانت تضم نحو 28 فردا من عائلة الطرابلسي وبن علي وقد شدد الطرهوني على عدم تسليم المجموعة الا لرشيد عمار فاعلمه بودريقة ان هناك حافلة عسكرية في اتجاهها للقاعة الشرفية لتسلم العائلة وفي الاثناء تم اعلامه ان الوزير الاول محمد الغنوشي بصدد القاء كلمة الى الشعب على القناة التونسية فتحول الى مشاهدتها
وعلم بتولي محمد الغنوشي خطة رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة وبينما كانت الحافلة العسكرية امام القاعة الشرفية مرر له العربي الاكحل هاتفه النقال وقال له ان السيد عدنان الحطاب يقول له ان الوزير الاول معه على الخط وانه يرغب في محادثته وباستلامه الهاتف ابلغه عدنان الحطاب بالقول " هاو سي محمد الغنوشي الرئيس الجديد تقبلوافي التلفون ولا لا " اي " هل تقبل بالحديث للسيد الرئيس الجديد ام لا ؟ " فاجابه " بالطبيعة هاتوا " اي " طبعا اقبل "
وقال مباشرة " احتراماتي سيد الرئيس " الا ان محمد الغنوشي
قاطعه وقال له " انا الوزير الاول " فاجابه من جديد " احتراماتي سيد الوزير الاول " فرد عليه حرفيا " ماك تعرف انا بحكم الدستور صرت الرئيس المؤقت وانت في برنامجك انتي باش تشد ولا عندك شكون ولا اشنية برنامجك " اي " انا اصبحت بحكم الدستور واريد ان اعرف نواياك وبرنامجك هل انت من سيتولى الحكم او عندك شخص آخر وماهو برنامجك بالضبط ؟ "
عندها اجاب الطرهوني حرفيا " العفو سيدي الرئيس احنا نخدموا بتعليماتكم وتعليمات عروفاتنا وانا القيت القبض على هذه العصابة وراني باش نسلمهم لرشيد عمار " اي " العفو سيدي الرئيس نحن نعمل تحت امرتكم وامرة رؤسائنا وانا القيت القبض على هذه العصابة وارغب في تسليمهم الى رشيد عمار " فاجابه الوزير الاول " واضح ربي يعينك " وقد حل فريق تلفزي لتصوير عملية التسليم كما تم مرافقة الحافلة حتى وصولها الى الثكنة العسكرية بالعوينة .
سمير الطرهوني كان ينوي احتجاز افراد العائلة ومساومة الرئيس بن علي على التنحي من السلطة .
العميد جلال بودريقة – مدير عام وحدات التدخل
كان يتابع تطورات الاوضاع من وزارة الداخلية مع بقية القيادات الامنية حيث كان في تنسيق مستمر مع وزير الداخلية وقد بدأت الاوضاع في التدهور ببلوغ عدد المتظاهرين نحو سبعين الف متظاهر وبدا هناك تهديد واضح لوزارة الداخلية وكان قد اوصى بناء على تعليمات وزير الداخلية احمد فريعة بعدم استخدام الرصاص الحي واستعمال العصي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين هموا باقتحام وزارة الداخلية
وفي حدود الساعة الرابعة عضرا توجه من مقر وزارة الداخلية الى المطار بعد ان هاتفه مدير عام الامن الوطني وطلب منه الحضور بمكتب وزير الداخلية حيث وجد معه الجنرال رشيد عمار ، وقال له وزير الداخلية حرفيا " اخي عندك جماعة تابعين للارهاب بعثتهم للمطار ؟ " اي " هل لديك فرقة تابعة لمكافحة الارهاب قمت بارسالها الى المطار للقيام بمهمة ؟ " فاجابه بان لا علم لديه بالموضوع البتة وبانه لم يتول ارسال اي احد ، وقال له لحظة ليتثبت في الامر..
وقد تولى الاتصال وهو ما يزال في مكتب الوزير بسمير الطرهوني وساله عن مكان تواجده فاجابه بانه في المطار وان بصحبته فرقتين تابعين لفوج مكافحة الارهاب فقال له بودريقة بصوت مرتفع " اشكون بعثك " اي " من ارسلك ؟ " وماذا تفعل في المطار ؟ فرد عليه حرفيا " لا تهناو لاباس العائلة الكل راهي هنا لاباس يحبوا يسافروا ومايسافر منهم حد " اي " الامور بخير والعائلة جميعها هنا ترغب في السفر ولن يسافر منهم اي احد" فكرر عليه بودريقة السؤال " من اعطاك التعليمات ؟ " تعليمات من ؟ "..
فاجابه بانه سيتولى اخباره لاحقا وتحت اصرار بودريقة على معرفة من اسدى التعليمات اجابه الطرهوني بان علي السرياطي هو من اعطى التعليمات ، وهنا اعاد بودريقة ما ذكره الطرهوني على وزير الداخلية احمد فريعة فاستغرب الحاضرون من خطورة الموقف سيما وان الرئيس بن علي ما يزال بالقصر الرئاسي بقرطاج فطللب
الجنرال رشيد عمار من جلال بودريقة التحول بنفسه الى المطار لاستجلاء حقيقة الامر وموافاته بالمستجدات وفعلا وصل الى المطار في حدود الساعة الرابعة والربع ومن جديد اصر بودريقة في حواره المتوتر مع سمير الطرهوني على معرفة مسدي تلك التعليمات لكنه الطرهوني اجابه بمراوغات دون ان يقدم له اجابة شافية لسبب ما يقوم به.
فقال له سمير الطرهوني " عرفنا العملية راهي كبير هؤلاء تسببوا في حرقان البلاد ومايسافروش موش باش نخليهم يسافروا ، وفي الاثناء وبينما كان بودريقة يتحاول مع سمير الطرهوني وصلت فرقة طلائع الحرس بقيادة المقدم العربي الاكحل فتبادل التحية مع سمير الطرهوني وقال له نحن نسقنا بيننا وقد لااحظ بودريقة ان اعوان الطرهوني المسلحون على اهبة الاستعداد لاطلق الرصاص في اي لحظة وكانت الاجواء متوترة وكانت عناصر الطرهوني وعناصر الحرس مرتدين لاقنعة صوفية وقد تولى اعلام المدير العام للامن الوطني بما دار
وقد اقترب منه سمير الطرهوني وقال له " بالنسبة لي انا عملت حاجة كبيرة للبلاد " اي انه يشعر بانه قام بعمل بطولي " وقال له عرفنا نحن نحبك ولا نحب لك المضرة سترى ان الناس جميعا ستشكرنا على هذه الفعلة واننا لن نقوم باي اعتداء على احد ولن استعمل السلاح ، وفي الاثناء اشار سمير الطرهوني باصبعه وقال بصوت عال " اهاوكا الرئيس طار اهوكا مشا على روحو هذوما ما يمشوشي " اي " الرئيس طار وغادر وهؤلاء لن يسافروا " .
فرقة الحرس تعانق فوج مكافحة الارهاب
طلبات الطرهوني كانت في وجود فريق تلفزي لتصوير العملية واستلام العائلة من قبل الجيش
في حدود الساعة السادسة والنصف حلت حافلة عسكرية رفض سمير الطرهوني تسليمهم الا بحضور فريق تلفزي.
بعد اتصال سمير الطرهوني بالغنوشي قال بصوت عال " هاو اتصل بي الرئيس الجديد وقال سلم الطرابلسية للجيش " اي " لقد اتصل بي الرئيس الجديد وامرني بتسليم عائلة الطرابلسي للجيش "
حل الفريق التلفزي فقام سمير الطرهوني بتنظيم تشكيلات في صفوف من اجل التصوير
وردت على زهير البياتي تعليمات تقضي بالاحتفاظ بشريط التصوير الذي صوره الفريق التلفزي .
الجنرال رشيد عمار كان يتابع لحظة بلحظة عملية المطار وطلب ابعاد سمير الطرهوني عن وحدته
تم استدعاء سمير الطرهوني الى امن الدولة بامر من الجنرال رشيد عمار وتم استجوابه واخلاء سبيله ليلا .
– رئيس محافظة شرطة المطار زهير البياتي
على علم بتفاصيل مغادرة صهر الرئيس صخر الماطري في حدود الساعة 12:25 دقيقة ظهرا من يوم 14 جانفي على متن طائرة خاصة تابعة لبلحسن الطرابلسي وفي حدود الساعة الواحدة ظهرا
تلقى اتصالا من علي السرياطي طلب منه ايجاد سبعة مقاعد لافراد من عائلة الطرابلسي كانوا يعتزمون السفر كما طلب من العمل على تاخير الطائرة المسافرة الى ليون ،حتى يتمكن الركاب من الوصول اليها وفعلا قام بلك بعد التاكد من وجود مقاعد شاغرة على متن طائرة تابعة للخطوط التونسية متجهة الى ليون وموعد اقلاعها الثانية والنصف ظهرا
لكنه علم ان قائد الطائرة الكيلاني انتابته حالة هيستيرية ورفض نقل افراد عائلة الطرابلسي وفي حدود الساعة الثانية وخمسة واربعين دقيقة تلقى اتصالا من عون تابع لقاعة العمليات الرئاسية يخبره ان موكبا انطلق من المقر الرئاسي بسيدي الظريف في طريقه الى المطار وكان هذا الركب يضم افراد عائلة الطرابلسي الذي وصل على متن خمس سيارات حوالي الساعة الثالثة وعشرين دقيقة
وقد كانوا مرافقين باعون من امن الرئيس يرتدون الزي المدني وبعظهم كان مسلحا بمسدسات وقد انصرف عناصر الامن الرئاسي بمجرد لقائهم بالبياتي وقالوا له تصرف الجماعة على مسؤوليتك وكان افراد العائلة يعتزمون السفر على متن الطائرة المتجهة الى ميلانو الايطالية وكان بعض افراد العائلة يستفسرون عن موعد رحلة ليون التي ادعى قائدها انه أغمي عليه .
ما حدث مع نائب رئيس محافظة المطار
تلقى اتصالا هاتفيا من زهير البياتي محافظ المطار واستدعاه لمقابلته وطلب منه الذهاب لقائد الطائرة المتجهة الى ليون والطلب منه الانتظار قليلا لان هناك بعض الشخصيات القادمة للالتحاق بالطائرة فطلب منه قائد الطائرة ان لا يتسبب في تعطيله لانه يسعى للعودة الى منزله قبل حلول الساعة الخامسة موعد حظر التجول..
وفي الاثناء وصل رئيس محطة الخطوط التونسية وصعد على متن الكائرة ليتحدث مع الطيار على انفراد ، بعدها تولى قائد الطائرة النزول وأغمي عليه فتولى اعلام رئيس المحافظة في الحين ، وفي الاثناء تلقى اتصالا هاتفيا من زميله الوكيل حافظ العوني حيث ساله عن مكان تواجده وطلب منه الحضور بسرعة قائلا ان طلائع مكافحة الارهاب قد هجموا على المطار وطلب منه الحلول بالقاعة الشرفية..
فتحول الى القاعة الشرفية حيث شاهد افراد عائلة الطرابلسي وكانوا بمحاصرين بعناصر فرقة مكافحة الارهاب المسلحين ،وبعد فترة قصيرة حلت بالمكان فرقة اخرى من طلائع الحرس الوطني وكانوا ايضا مسلحين ..
وقد حل بالمكان المدير العام لوحدات التدخل العميد جلال بودريقة وكان في حالة من الذعر والغضب من التصرفات التي اقدم عليها المقدم سمير الطرهوني وقد اتصل به هاتفيا على هاتفه المدير العام للامن الوطني عادل التويري وطلب منه توضيحا لما يجري في المطار ، فاخبره ان الامور غير مفهومة وان فرقة مكافحة الارهاب تقوم بمحاصرة الطرابلسية ، وانهم يرفعون السلاح في وجه الجميع فساله مدير الامن عن مصدر التعليمات واجابه انه لا يعرف وان الامور غير مفهومة .
وكان جلال بودريقة وهو غاضب يستفسر عن الموضوع وكان المقدم سمير الطرهوني بحاول تهدئته وهو يضحك وكان يتجول في ارجاء القاعة الشرفية مبتسما وكان في كل مناسبة يقول لعناصره " يعطيكم الصحة يعطيكم الصحة يا رجال خدمتوا خدمة باهية " اي شكرا لكم يا رجال انجزتم عملا عظيما "
وقد تلقى في الاثناء زهير البياتي محافظ المطار مكالمة من عماد الطرابلسي صهر الرئيس حيث طلب منه الحضور الى المطار وقال له " ايجا سي عماد الامور هانية " اي " بإمكانك الحضور السيد عماد ، الامور طيبة " وبعد حين شاهد عماد الطرابلسي يصل الى القاعة الشرفية بالمطار
وبعد ذلك حل بالمكان فريق تلفزي ووصلت حافلة عسكرية تابعة للجيش الوطني تولت نقل العائلة الى الثكنة العسكرية بالعوينة ، وقد كانت وحدات الجيش تعتزم الاحتفاظ به للمبيت بالقاعة الشرفية لكنهم لاحقا قرروا نقلهم الى العوينة ، وقد تولوا سحب الشريط الذي قام الفريق التلفزيوني بتصويره وتم تسليمه الى المدير العام للمصالح المختصة رشيد عبيد .
احمد فريعة – وزير الداخلية
يوم 12 جانفي 2011 وحوالي الساعة العاشرة صباحا تلقى مكالمة هاتفية من رئاسة الجمهورية ، وقال له الرئيس بن علي حرفيا " البلاد تشهد حالة من الاضطرابات .. ولم اكن على علم بخطورة الوضع .. ما قالوليش الحقيقة .. الشباب لم يعد يحتمل الضغط والقمع .. وقررت طرد كل من غالطني في ذلك عبد الوهاب عبد الله وعبد العزيز بن ضياء .. وراني باش نحاكم المفسدين في البلاد وراني باتصال باحزاب المعارضة .ز انا مقبل على اصلاحات سياسية هامة وباتصال باحزاب المعارضة و-طالب منك باش تهز معانا وذن القفة -" مثل تونسي يضرب في طلب المساعدة "
ونحب نسميك في وزارة الداخلية " فقال له " انا جامعي .. ولا علم لي بالمسائل الامنية " فرد قائلا " لا لا ما فما كان الخير .. وساقول هذا في خطاب موجه الى الشعب ونحب نسمي جامعي ونظيف على راس وزارة الداخلية للتاكيد على صحة عزمي على تجسيم الاصلاحات اللي انا مقدم عليها .. فرد احمد فريعة " بما ان الامر كذلك فانا جندي من جنود تونس "
فقال له بن علي " سيتصل بك الوزير الاول السيد محمد الغنوشي ليقع تنصيبك هذا اليوم " وفي حدود الساعة الواحدة ظهرا اتصل به مدير ديوان الوزير الاول واعلمه بان التنصيب سيتم في حدود الساعة الثالثة ظهرا بمقر وزارة الداخلية والتنمية المحلية وفعلا تم التنصيب بحضور الوزير الاول السيد محمد الغنوشي والسيد رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية السابق وبعض الاطارات الامنية
وبتسلمه لتلك المهام لم يجد الوقت الكافي لمقابلة اي كان عدى مدير الامن الوطني عادل التويري وكاتب الدولة للجماعات العمومية منجي شوشان ورئيس الديوان نجيب الطرابلسي ، وكانت ترد عليه العديد من المكالمات الهاتفية من مختلف الولاة لاعلامه بتوتر الوضع الامني في عديد المناطق والمساس بالعديد من المرافق العامة والمقرات الامنية لتي كانت تستهدف بالحرق والنهب..
وقد اسدى الوزير الجديد تعلميات تقضي بتفادي العنف وقبول المواطنين وايجاد حلول في القضايا المطروحة والتحاور معهم ومحاولة تهدئتهم ، وفي الواقع لم يكن مطلعا بالقضايا الامنية بصورة مدققة وكان المديرون العامون للقطاعات الامنية مسؤولين عن معالجة تلك الامور نظرا لحداثة تعيينه على رأس الوزارة..
وقد طلب من رئيس الديوان مده بالتنظيم الهيكلي للوزارة وتحديد موعد يوم 13 جانفي 2011 لقبول المديرين العامين للتعرف على اهم الملفات المطروحة والتي تقتضي معالجة مستعجلة ، وفي صبيحة يوم 13 جانفي 2011
وينما كان يستعد لاستقبال المديرين ال امين المشار اليهم تلقى مكالمة هاتفية من السيد عياض الودرني مدير الديوان الرئاسي وقال له "هل اعلموك انك سوف تلقي مداخلة في مجلس النواب حول الوضع العام في البلاد وذلك اثر مداخلة الوزير الاول اللي باش يوضح فيها القرارات التي تم الاعلان عنها من قبل الرئيس فقال له " لا ما علمني حتى حد " أي " لا لم يعلمني احد " فقال " نسق مع الوزير الاول باش تقوم بالمداخلة هذه "
فطلب من رئيس الديوان وكاتب الدولة تجميع المعلومات المتوفرة حول الوضع الامني العام بالبلاد وتحضير تقرير في الغرض ، والتحق بالوزير الاول الذي كان متواجدا بمجلس النواب حيث وجده بمعية السيد فؤاد المبزع بمكتبه ، وقام بالقاء تلك المداخلة بمجلس النواب ، ثم القاها ذاتها بمجلس المستاشرين مساء ذلك اليوم مؤكدا على ان شباب تونس اليوم لم يعد يحتمل كبيت الحريات وانه من الضروري اطلاق الحريات واعتماد الديمقراطية
وبعودته الى مقر وزارة الداخلية علم ان الرئيس بن علي سيلقى خطابا الى الشعب التونسي ، وقد استمع الى ذلك الخطاب بمكتبه عند بثه على التفزيون التونسي ، وبعد ذلك اتصل به بعض الولاة واعلموه ان المواطنين استبشروا بذلك الخطاب ثم اتصل به الرئيس بن علي واستفسره عن ردود الفعل فقال له " ان المواطنين يطلبون التجسيم الفعلي لتلك القرارات " فاجابه حرفيا " سترى في الايام الجاية .. باش نجسم كل ما قررته "
وانتهت المكالمة يوم 14 جانفي 2011 تم اعلامه من طرف المدير العام للامن الوطني ان تجمعا سينعقد امام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، مع احتمال التوجه الى شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر بالمكان، وكانت تعليماته تقضي بصورة دائمة بتفادي العنف وعدم استعمال الذخيرة الحية..
وقد اسدى تلك التعليمات الى الادارة المركزية للعمليات وطلب من الديوان اعداد منشور يمنع استعمال الذخيرة الحية ، الا حسب ما يتقضيه القانون عد 04 لسنة 1969 وقد امضى ذلك المنشور يوم 15 جانفي 2011 وحوالي الساعة الثامنة صباحا ، تم اعلامه ان المحامية والناشطة الحقوقية راضية النصراوي والمعارض جلول عزونة وبعض الصحافيين موجودون امام مقر وزارة الداخلية ويطالبون باطلاق سراح حمة الهمامي زوج راضية النصراوي الذي كان موقوفا بوزارة الداخلية..
وقد طلب من المدير العام للشؤون السياسية استقبالها بمكتبه واعلامها بانه سيقع النظر في مطلبها بكل اهتمام ، غير ان راضية النصراوي رفضت ذلك وحبذت الوقوف امام المبنى ثم وفي الاثناء بدأ يتوافد على شارع الحبيب بورقيبة العديد من المواطنين..
فاتصل الوزير هاتفيا بكل من مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان وعبد الرزاق الكيلاني عميد المحامين واحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض وعبد السلام جراد امين عام اتحاد الشغل وطلب منهم دعوة انصارهم من بين المتظاهرين بعدم اقتحام الوزراة وملازمة التظاهر السلمي ، تفاديا لاي عنف محتمل قد يتطور الى درجة سقوط ضحايا ، وقد اتصل به في الاثناء الرئيس بن علي واعلمه بمطلب راضية النصراوي وطلب منه الاذن باخلاء سبيله في الحين
فقال له بن علي ما معناه " نخلي سبيله بشرط المساهمة في تهدئة الاجواء العامة " وفي حدود منتصف النهار والنصف اذن بن علي باخلاء سبيل حمةة الهمامي ، وقد كان ساعتها موجودا بمقر وزارة الداخلية للتحري معه بشان تحريض المواطنين وامام تكاثر عدد المتجمهرين امام وزارة الداخلية كان الوزير يؤكد على عدم استخدام العنف وحوالي الساعة منتصف النهار تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس بن علي قال له " كلفت الجنرال رشيد عمار بالتنسيق بين قوات الامن الداخلي والجيش الوطني وسيلتحق بك بمقر وزارة الداخلية "
وحوالي الساعة الواحدة والنصف وصل رشيد عمار الى وزارة الداخلية وباشر عملية التنسيق من مكتبه ومن قاعة العمليات المركزية وقد تواصل التجمهر في مجمله قرابة الخمسة ساعات دون تدخل من قوات الامن الداخلي ، وكانت قد رفعت شعارات منادية برحيل الرئيس بن علي وضبط ومحاسبة عائلة الطرابلسي ورموز الفساد ، وبعدها اتصل به وزير الدفاع رضا قريرة وقال له حرفيا " فمة مجموعة من عائلة الطرابلسي محجوزة في القاعة الشرفية بالمطار من قبل كومندوس من الشرطة والرئيس قال لي " اشبيه عائلتي مشدودة في المطار " فرد احمد فريعة " هاني باش نثبت في الامر " ساتثبت من الامر "
وكان حاضرا بمكتبه ساعتها كل من الجنرال رشيد عمار ومدير عام الامن الوطني عادل التويري والذي اعلمه ان لا علم له بذلك وكانوا بصدد متابعة التجمهر امام الوزراة حريصين على عدة استخدام العنف وقد تمت دعوة العميد جلال بودريقة للحضور بمكتبه والذي كان ساعتها متواجدا بمقر الوزارة في مهمة الاشراف على تامينها ، وبحضوره ساله الجنرال رشيد عمار عن الواقعة ، وطلب منه تعريفه بهوية الاعوان الذين تولوا ايقاف افراد من عائلة الطرابلسي بمطار تونس قرطاج ..
فاجاب بان لا علم له بتلك الواقعة فطلبا منه الاتصال بالمطار للتحري في الموضوع من جميع جوانبه ، وبعد اجراء مكالمة هاتفية قيل له انه تم ايقاف هؤلاء بتعليمات من المدير العام للامن الرئاسي علي السرياطي وقد تفاجا الجميع لتلك المعلومة وطلبوا من التحول الى المطار لاستجلاء الامر بعد ان اعلمهم العميد جلال بودريقة " قالولي اللي طبقنا تعليمات سي علي السرياطي " ويبدو من ان ذلك لم يكن صحيحا فبعد التحري في الموضوع بصورة خاصة من المدير العام للامن الوطني عادل التويري الى غاية وصول بودريقة الى المطار ..
وحوالي الساعة الخامسة وخمسين دقيقة اعلمه المدير العام للشؤون السياسية علي الجليطي والمدير العام للامن الوطني عادل التويري بان الرئيس بن علي قد غادر البلاد جوا انطلاقا من المطار الرئاسي واعلموه انه متجه الى مالطا ، وقد فوجئ بذلك الخبر كما اعلمه عادل التويري انه تم ضبط 33 فردا من عائلة الطرابلسي وبن علي وقد تم تسليمهم الى الجيش من دون استشارته ، وتامنهم بثكنة العوينة للجيش ثم شاهد عبر التلفزيون عملية تسلم السلطة من قبل الوزير الاول السيد محمد الغنوشي
وقد اتصل به محمد الغنوشي وطلب منه عقد اجتماع بمقر وزارة الداخلية بحضور كل من وزير الدفاع رضا قريرة والفريق اول رشيد عمار والفريق احمد شابير والمدير العام للامن الوطني عادل التويري ، وحوالي الساعة التاسعة مساء حل بمكتبه السيد الوزير الاول ثم تلاه بقية الحضور وقد تواصل الاجتماع حتى ساعة متاخرة وكان منصبا حول تطبيق الفصل 57 من الدستور عوضا عن الفصل 56 لتأمين الانتقال الدستوري للسلطة
قد تلقى السيد محمد الغنوشي اتصالا هاتفيا من الرئيس بن علي وكان يستفسر عن امكانية رجوعه الى البلاد فاجابه محمد الغنوشي بانه لا يمكن تامين سلامته الشخصية وانه من غير الممكن رجوعه الى البلاد ، وهو ما دفع بضرورة ايجاد حل سريع في تلك المسالة وتطبيق الفصل 57 من الدستور وبإهاء المكالمة الهاتفية مع بن علي قال السيد محمد الغنوشي حرفيا " سي فؤاد المبزع ما عندوش رغبة باش يشد الحكم لاسباب صحية " واتصل مباشرة بالسيد حامد القروي هاتفيا وطلب منه التاثير على السيد فؤاد المبزع تفاديا للفراغ في تلك الخطة المؤقتة وما يمكن ان يترتب عن ذلك من مخاطر وانعكاسات في تسيير شؤون البلاد ووجود امكانية لاستغلال الرئيس بن علي لصفته رئيس الجمهورية التونسية
وقد اتفقوا على ضرورة تكليف دوريات متنقلة لتوفير الامن بالبلاد بالتعاون بين الجيش والحرس والشرطة لحماية امن المواطنيين وممتلكاتهم وضرورة حماية المناطق الاقتصادية والسياحية ، وفي يوم 15 جانفي 2011 تم تطبيق الفصل 57 بعد موافقة السيد فؤاد المبزع على تولي الرئاسة المؤقتة .
الوزير نفى علمه باية تعليمات اسديت لتفريق المتظاهرين فهو لا يعلم المسؤول الذي اسدى التعليمات وقد ابلغ بوجود سيارة وسط الحشود بصدد نقل جثمان تبين فيما بعد انه نعش خال من اي جثة وبوصولها الى مقر الوزراة عمد بعض الشبان الى القاء زجاجات حارقة فيما تعمد فريق اخر تسلق حائط وزارة الداخلية والوقوف بالشرفة التي بها سارية علم الجمهورية المرفوع فوق المدخل ، وقد حاولوا حسب ما ابغلوه نزع العلم .
مساء يوم 13 جانفي اتصل به وزير الدفاع رضا قريرة واخبره ان بعض الوحدات من وزارة الداخلية بصدد تسليم قوات الجيش اسلحتها وقال له حرفيا " كانو ثمة انقلاب في البلاد " وقد اتصل الوزير بمدير عام الامن الوطني وطلب منه بعض التوضيحات فاخبره ان ذلك الامر حصل فعلا وان هناك متظاهرون يهاجمون المقرات الامنية ويحاولون الاستيلاء على الاسلحة .
محمد الغنوشي – الوزير الاول
يوم 13 جانفي قدم في مجلس النواب بيان الحكومة في تجسيم القرارات الرئاسية كما تم القاء مداخلة من قبل السيد احمد فيعة وزير الداخلية بشأن الوضع الامني بالبلاد ، ومساء اليوم ذاته اتصل به هاتفيا وزير الدفاع الوطني رضا قريرة وقال له حرفيا " ثمة حاجة مقلقتني .. الشرطة قاعدة تسلم في السلاح متاعها .. وهككاكة انا باش نولي الوحيد اللي عندي سلاح وهذه حاجة خطيرة " اي " ان الشرطة تسلم اسلحتها الى الجيش وبالتالي سيكون الجيش فقط من يمتلك الاسلحة وهذا امر خطير " فرد عليه الوزير الاول " برا كلم وزير الداخلية هذا يهم وزير الداخلية "اي " اتصل بوزير الداخلية فهذا يعنيه مباشرة "
وقد استمع الوزير الاول الى خطاب الرئيس بن علي ليلتها وكان خطابا مختلفا عن العادة من حيث الشكل والمضمون وقد اقر التخفيض في المواد الغذائية وقد بلغ الى علم الوزير الاول لاحقا ان مروان المبروك ساهم في تحرير الخطاب وفي يوم 14 جانفي 2011 التحق بمقر عمله على الساعة السابعة والربع صباحا وقد تولى التنسيق مع وزراء التنمية والمالية والتجارة لتفعيل ما وزرد بالخطاب في خصوص التخفيض في المواد الاستهلاكية الاساسية ،
وفي الاثناء وردت عليه مكالمة من السيد عبد العزيز بن ضيائ المستشار الخاص للرئيس بن علي لاعلامه بقرار رئيس الدولة اعلان حالة الطوارئ في مختلف انحاء الجمهورية وتكليف الجنرال عمار بتولي التنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية في ادارة تلك الاحداث نظرا لتدخل قوات الجيش ، وحل الحكومة وتكليف الوزير الاول بتشكيل حكومة جديدة ، فاستغرب السيد محمد الغنوشي من تلك القرارات ، فالقرارات المماثلة التي تم اتخاذها هي قرارات يستوجب اتخاذها التنسيق المباشر بين الرئيس والوزير الاول
واستغرب عدم اتصال الرئيس بن علي به بصورة مباشرة واعلامه بما تم اتخاذه من قرارات ، وشرع في تلك اللحظات في ترتيب مكتبه واحالة ملفاته على الكتابة الخاصة وتوجيهها الى الاطراف المعنية بذلك بنية المغادرة بصورة نهائية ، حيث اغتاض من عدم اعلامه بصورة مباشرة بعد ان تعقدت الامور واقتنع ان الظروف اصبحت غير ملائمة لمواصلة مهامه كوزير اول ، وبينما كان يعد ملفاته كان يتصل بالسيد احمد فريعة وزير الداخلية ويستفسره عن الوضع بشارع الحبيب بورقيبة
وقد اعلمه بحلول راضية النصراوي ومطالبتها باطلاق سراح زوجها حمة الهمامي وقد طلب الوزير الاول من وزير الداخلية التنسيق مع الرئيس بن علي بشان هذا الموضوع وقد كان من ناحيته موافقا ومؤيدا لفكرته وقد تحصل لاحقا على موافقى الرئيس وتعد هذه هي المرة الاولى منذ مباشرته مهامه كوزير اول يتولى خلالها التنسيق مباشرة مع وزير الداخلية حيث كان هناك حرض واصرار من قبل وزراء الداخلية السابقين علي عدم تشريك الوزير الاول في اي موضوع يهم تلك الوزراة ، عدى اعلامه بما يتم اقراره بخصوص تعيين الولاة قبل الاعلام عنهم بصفة رسمية وكان من عادته ان يغادر مقر الوزراة يوم الجمعة في حدود الساعة الثانية والنصف لكنه يومها كان منهمكا في ترتيب مكتبه بينية مغادرته بصفة نهائية
وقد اعلم الحاجب بنية المغادرة بهدف اعلام اعوان المرافقة الخاصة التابعين لامن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية ، وقد تم اعلامه لاحقا بضرورة الترقب حيث كان الوضع الامني غير مستقر ولا يسمح بالمغادرة وكان اعوان المرافقة يبحثون عن مسلك للمغادرة ، وقد تواصل الامر الى غاية الساعة الخامسة بعد الظهر ، وبينما كان يستعد لمغادرة المكتب اعلمه الحاجب عبد الحكيم الحناشي ان رئيس فرقة الحراسة بمقر الوزراة الاولى والتابع للامن الرئاسي يرغب في مقابلته لامر عاجل وهي المرة الاولى التي يطلب فيها رئيس فرقة حماية الوزراة الاولى مقابلته فاذن به بالدخول ظنا منه ان الامر يتعلق بمشار رحوعه الى منزله ودخل رئيس الفريق واعلمه بوجود مكالمة عاجلة من رئاسة الجمهورية على هاتفه الجوال الخاص
وبتمريره الهاتف للوزير الاول ، كان على الطرف الثاني شخص قدم نفسه بانه ضابط من الادارة العامة لامن رئيس الدولة وقال انه سامي سيك سالم ، وكان يتحدث بلهجة مضطربة ، وقال حرفيا للوزير الاول " تحمل مسؤوليتك سيدي الوزير الاول ، سيد الوزير الاول في هذا الظرف " ثك انقطعت المكالمة ولم يدرك في تلك اللحظات معاني تلك الكلمة حيث اصيب بحالة من الذهول فلم تكن لديه ادنى فكرة عن مغادرة الرئيس بن علي البلاد ، ثم اعاد سامي سيك سالم الاتصال ، فقال له حرفيا " تحمل مسؤوليتك سيدي الوزير الاول ويلزم تنفادى بحر من الدم ، خوذ الرئاسة خوذ الرئاسة ثمة بحر من الدم يهدد البلاد " فرد الوزير الاول " وقت اللي يكون فيه فراغ في رئاسة الجمهورية راهو رئيس مجلس النواب يتولى سد الفراغ " فقال سيك سالم ومن ايضا " فقال " رئيس مجلس المستشارين " فاجابه " باهي " وانهى المكالمة وقد استغرب الوزير الاول تلك المكالمة وحاول الاتصال برئيس الجمهورية زين العابدين بن علي عبر الموزع الهاتفي فتم اعلامه انه غير موجود ، واشار عليه الموزع الهاتفي بالوزارة الاولى الاتصال بعلي السرياطي المدير العام لامن رئيس الدولة فوافق الا انه وجد على الخط نفس الضابط الذي خابره اي سيك سالم والذي قال له " ماو قتلك راهم خرجوا الكل .. هربوا هربوا الكل .. الرئيس غادر البلاد والسرياطي خرج معاه .. خرجو الكل وقعد وحدي في القصر .. " وجدد قوله له بضرورة تحمل مسؤوليته فتولى الوزير الاول دعوة مدير ديوانه الطيب اليوسفي وسرد عليه تلك الحادثة وطلب رأيه في كل ذلك كما طلب منه الاتصال بمن له خبرة في القانون الدستوري لتحديد التمشي الذي يتعين اتباعه لتفادي الفراغ على راس الدولة وما قد ينجر عنه من عواقب وخيمة وقد وقع استدعاء احمد زروق رئيس الهيئة العليا للوظيفة العمومية وقد تبين من خلال قراءة الفصول القانونية المنظمة لانتقال السلطة التنفيذية انه من المناسب اعتماد الفصل 56 من الدستور كحل وقتي وظرفي يتولى على اساسه الوزير الاول مسؤوليات رئيس الجمهورية بصفة وقتية في انتظار اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنظيم عملية انتقال السلطة وفقا للفصل 57 من الدستور واعتبر هذا الاجراء اجراء اضطراري في ضوء الضروف التي تشهدها البلاد وباعتبار استحالة اتخاذ الاجراءات الملائمة لتفعيل الفصل 57 من الدستور في تلك الظروف بصف حينية لكونها تتطلب اجتماع كافة اعضاء المجلس الدستوري لاقرار فراغ منصب رئيس الجمهورية واعلام السلطة التشريعية بما يسمح تنظيم عملية انتقال السلطة ، وبعد التاكد من الاجراءات تم الاتصال بسامي سيك سالم واعلامه بالطريقة التي يتعين اتباعها لتنظيم انتقال السلطة ، وتمكن من الاتصال به عبر الهاتف الجوال واعلمه بتلك الاجراءات وقال له حرفيا " هاني باش نبعثلك كرهبة وتجي للقصر " أي " سارسل لك سيارة تاتي بك الى القصر " فوافق الوزير الاول على ذلك و في انتظار وصول السيارة قام بتحرير عناصر الكلمة التي اعتزم القائها لتولى مسؤولية رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة ، بحضور كل من الطيب اليوسفي واحمد زروق ، وقد شاركاه عملية تحريرها وقد كانت تحتوي بعض التشطيبات ، وبوصول السيارة تولى امتطائها وعلى مستوى ساحة الحكومة تولى الاتصال بوزير الدفاع الوطني السيد رضا قريرة لاعلامه بالامر وقد وجد لديه خبر مغادرة الرئيس بن علي وقد تعددت المكالمات بينهما وكان يوصيه بضرورة الانتباه واخذ الاحتياطات اللازمة وطلب منه ربط الصلة معه بصورة مستمرة وقال " الجيش راهو جمهوري وراهو ملتزم بالشرعية ، وراني شاكك في تصرفات السرياطي .. وراني نعتزم باش نوقف السرياطي " واضاف قائلا " راهو رشيد عمار عندي الثقة الكاملة فيه " وقد كان يتصل به من حين الى آخر وعند وصول الوزير الاول الى القصر الرئاسي بقرطاج وجد الباب الرئيسي مفتوحا وقد تم استقباله من طرف عدد من اعوان الامن الرئاسي ، وبعض المسولين وتم توجيهه الى الجناح الرئاسي وتحديدا الى القاعة التي يستقبل فيها الرئيس بن علي ضيوفه ، وقد وجد فريقا تلفزيا يتكون من شخصين مصور تلفزي ومساعده وكان حاضرا بتلك القاعة السيدين فؤاد المبزع وعبد الله القلال وقد اعلماه انهما وصلا في الحين ـ وقد اعلماه انهما تمت دعوتهم من قبل بعض اعوان الامن للالتحاق بقصر قرطاج لامر عاجل واعلمهما بظروف الاتصال به وجلبه الى قصر قرطاج وبالظروف العامة والمخاطر المحدقة بالبلاد والتي تتطلب اجراء وقتيا لتفادي الفراغ في خطة رئيس الجمهورية وقد اقترح عليهم تطبيق الفصل 56 من الدستور باعتباره اجراء تمهيديا للمرور الى الفصل 57 من الدستور ، وتوجه بالحديث الى السيد فؤاد المبزع " انت غدوة رئيس جمهورية سي فؤاد " بعدما يتولى المجلس الدستوري اقرار الفراغ في خطة رئيس الجمهورية فعبر فؤاد المبزع عن امتناعه متعللا بظروفه الصحية ولم يؤكد عليه تلك المقترحات ثم تولى اثر ذلك بحضور رئيسي مجلسي النواب والمستشارين تلاوة البلاغ الذي تم بموجبه الاعلام عن الفراغ الوقتي في رئاسة الجمهورية واعتماد حل وقتي ودستوري يتمثل في تطبيق الفصل 56 وعلى اثر تسجيل الكلمة رغب الوزير الاول ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين في الخروج وعند الوصول الى الباب الخارجي في انتظار سيارات تنقلهم لمقر سكناهم ، تم اعلامهم من قبل بعض مسؤولي الامن الرئاسي بضرورة البقاء وعدم المغادرة للتعرف على ردود الافعال العامة بعد بث ذلك البلاغ التلفزي ، ولم يكن محمد غلنوشي على علم بارسال الشريط الى التلفزة التونسية وايضا لم يكن على علم بكتابة الشريط النصي الاخباري الذي تم عرضه اسفل الشاشة " خطاب تاريخي بعد حين موجه الى الشعب التونسي " وتم توجيههم الى مكتب مجاور لقاعة الاستقبال وخلال مكوثهم في تلك القاعة حل العقيد عدنان الحطاب واعلن انه المسؤول عن الادارة العامة لامن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية بعد السرياطي ، وكان اعوان امن الرئيس يدخلون ويخرجون الى القاعة بلا استئذان ، وكأنهم يترقبون امرا ما ، وفي الاثناء تواصل الاتصال مع رضا قريرة وزير الدفاع الوطني الذي اكد له عملية ايقاف على السرياطي بالمطار ولم يوضح له التفاصيل وبسؤاله عن سبب ذلك قال له " عندي شكوك مسترابة " دون ان يفصح عن حقيقة سبب الايقاف وفي انتظار متابعة ما يستجد عبر البث التلفزي ، شاهد عبر التلفزيون عملية بث البلاغ ، إثر ذلك تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس بن علي وذلك عبر هاتف سلمه له احد اعوان الامن الرئاسي وقد خاطبه وكان في حالة غير عادية ويتلعثم وقال له حرفيا " شنية العملة اللي عملتها .. شنوة هذا ... آشنوة هذا .. عملة هذية ..كذّب اللي قلتو .. خرج بلاغ تكذيب " أي " ماهذه الفعلة التي اقدمت عليها .. ايعقل هذا .ز قم بتكذيب ما صدر عنك .. اصدر بلاغ تكذب فيه ما قلت سابقا " فرد عليه محمد الغنوشي قائلا " انت خرجت وما علمتش حتى حد في ظروف استثنائية " أي " لقد غادرت دون اعلام اي احد في هذه الظروف الاستثنائية " فاجابه بن علي " انا باش نوصل العائلة وراجع " اي " انا اقوم بمرافقة العائلة وساعود " فقال له الوزير الاول " وقع الاتصال بنا باش نجيو لقرطاج وقرينا البلاغ هذاكا " اي " تم الاتصال بنا واحضارنا الى قصر قرطاج فقمنا بقراءة هذا البلاغ " فاصر عليه بن علي بالقول " كذّ كذّب " فقال الغنونشي " هاو معاك رئيس مجلس النواب ومرر له الهاتف فاعاد على مسامعه ما ذكره الوزير الاول ومرر الهاتف الى عبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين الذي قال في نهاية مكالمته " وقت اللي ترجع نستقبلوك في المطار سيد الرئيس " اثر ذلك تولى الوزير الاول الاتصال برضا قريرة وزير الدفاع فاعلمه بعدم وجود اية موانع لمغادرة القصر وقد قال له " كلموا رشيد عمار باش يلتحق بالقصر وراهو موش ماشي " اي " لقد طلبوا من رشيد عمار الحضور بقصر قرطاج وهو لن يذهب " وبعد فترة سمح لهم بمغادرة القصر الرئاسي بقرطاج وتحول الوزير الاول الى منزله واتصل بالسيد زهير المظفر وطلب منه الاتصال بالسيد فتحي عبد الناظر رئيس المجلس الدستوري ليلتقي به صباح يوم 15 جانفي 2011 بهدف اتخاذ الاجراء ات المطلوبة وفق الفصل 57 من الدستور ثم اتصل بوزيري الداخلية والدفاع طالبا منهما الالتحاق بمقر وزارة الداخلية لتقييم الوضع ومتابعته ، باعتبار الانفلات الامني الواقع ساعتها والتحق بمقر وزارة الداخلية والتنمية المحلية وقد استقبله بمقر الوزراة كل من رشيد عمار ووزيري الداخلية والدفاع وقد حضر العديد من المسؤولين الامنيين والعسكريين ومن ابرز القرارات التي افضى اليها ذلك الاجتماع هو ضرورة تولي رئيس مجلس النواب السيد فؤاد المبزع مهام رئيس الجمهورية المؤقت ، إعتمادا على الفصل 57 من الدستور رغم ما عبر عنه السيد فؤاد المبزع من رفض لتولي المنصب لاعتبارات صحية ، وقد اتصل السيد محمد الغنوشي بحامد القروي وهو من الاصدقاء المقربين من السيد فؤاد المبزع وطلب منه التأثر عليه للقبول بهذه المهمة انطلاقا من القناعة ان باي حال من الاحوال لا يمكن للسيد عبد الله القلال تولي هذه المهمة ، وقد توفق السيد حامد القروي في اقناع فؤاد المبزع بتولي المنصب وكان ذلك محل ارتياح الجميع ، كما تم اقرار عدم اللجوء الى في اي حال من الاحوال الى استعمال الذخيرة الحية في صورة التعرض الى التهديد المباشر ، وقد وردت معلومات بوجود نية لاقتحام مقر التلفزة التونسية وكذلك مقر وزارة الداخلية وقد تم الاتفاق على عدم استعمال الذخيرة الحية وقد عاد محمد الغنوشي ليلتها الى منزله في الساعة الثالثة فجرا ويوم 15 جانفي وعلى الساعة السابعة صباحا توجه الى مكتبه بالوزراة الاولى اين وجد السيد فتحي عبد الناظر رئيس المجلس الدستوري في الانتظار ، وتم اعداد الرسالة التي بموجبها يتم دعوة المجلس الدستوري الى الاجتماع لتسجيل فراغ نهائي على راس الدولة على اثر مبارحة رئيس الجمهورية السابق بصفة فجئية وبدون سابق اعلام وكانت البلاد تعيش حالة من الطوارئ وتم عقد المجلس الدستوري بكافة اعضائه واقر المجلس حدوث شغور نهائي ، وتم دعوة رئيس مجلس النواب لتحمل مسؤوليات رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة ، وقد تم اعداد موكب بمقر مجلس النواب تولى خلاله السيد فؤاد المبزع اداء اليمين الدستورية وتسلم السلطة .
وحين كان محمد الغنوشي في وزارة الداخلية يوم 15 جانفي 2011 تلقى مكالمة هاتفية من بن علي حيث كان مستغربا من تلك الاجراءات ومن تلك القرارات التي تم اتخاذها فاعلمه محمد الغنوشي انه غير مرغوب فيه في تونسباعتباره كان يسعى الى العودة وتسلم السلطة مجددا وقد ذكر له حرفيا " ان هذا غير ممكن هناك رفض جماعي . بإعتبار السرقة "
وقد اتصل به لاحقا ولا يتذكر التاريخ بالتحديد عبر موزع الوزراة الاولى حيث اعلمه الموزع ان امير سعودي اسمه احمد يرغب في محادثته ، وقد طلب تمكينه من بعض ملابسه الخاصة ومن بعض الاغراض ، ولم يستفسر عن الوضع في البلاد وعن اي شيئ آخر وكانتتلك آخر مكالمة جمعته ببن علي وطلب من عامل الموزع عدم تمرير اي مكالمة من السعودية .
واكد محمد الغنوشي انه تخاطب هاتفيا مع المقدم سمير الطرهوني حينما كان بالقاعة الشرفية بمطار تونس قرطاج بصدد تسليم افراد الطرابلسية الى الجيش التونسي وقد قال له بانه يعمل تحت راية البلاد وهو مستعد لتنفيذ تعليماتك وذكر انه لا يتذكر سبب الاتصال نظرا لتسارع الاحداث .
ويتذكر الوزير الاول انه ليلة 14 جانفي حينما كان في الاجتماع بوزارة الداخلية اتصل به نبيل الشتاوي مدير عام الخطوط التونسية واستشارته في خصوص ارجاع الطائرة الرئاسية باعتبار الرئيس بن علي قد طلب من طاقمها انتظاره ذكر انه اذن للشتاوي بارجاع الطائرة وقال له حرفيا " اخدم خدمتك "
وقائع
محمد الغنوشي دخل قصر قرطاج يوم 14 جانفي 2011 على الساعة السادسة و25 دقيقة وخرج منه الساعة الثامنة و15 دقيقة .
يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــــــع...