تقدم المناسبات فرصة للأحباء والأقارب والأصدقاء لتبادل الهدايا. ورغم ما تحمله الهدية من معاني المحبة والتقدير، إلا انها قد تصبح عبئا اجتماعيا ثقيلا إذا لم يتم التعامل معها بحكمة ولم توضع قيمتها المادية في الوضع الصحيح، خصوصا وأن هناك من يقدر ما ترمز له من محبة، بينما هناك من لا يزال يقيمها حسب قيمتها المادية وتكلفتها، على اساس انها كلما كانت غالية عبرت افضل عن المحبة أو التقدير.
في هذا الصدد يقول الاختصاصي النفسي والاجتماعي فرانسيس ستراك، الذي يشغل منصب بروفسور بجامعة فيرزبورج الألمانية، ان طريقة تلقي الهدية بشكل إيجابي لا يقل أهمية عن إعطائها، لأنها تعكس قوة العلاقة الاجتماعية، وإن كان العامل الحاسم هو نوع العلاقة بين مقدم الهدية ومتلقيها ومدى المعرفة والود بينهما. وأضاف أن التخطيط المسبق من شأنه أن يساعد على تفادي الشراء المتعجل لهدية قد تكون باهظة الثمن، لكن لا تتضمن أي معان إنسانية يمكن ان تمس مشاعر المهداة إليه. ومن هذا المنطلق يقول انه على من ينوي شراء هدايا، ان يفكر في نوعها ومناسبتها، قبل التوجه إلى المتاجر. فهدية رأس السنة، مثلا، تختلف عن هدية الزواج أو الخطوبة وغيرها، رغم ان القاسم المشترك بينها هي التعبير عن قوة العلاقة عموما والحب.
ويوافقه الخبراء الرأي ويضيفون أنه على من يرغب في تقديم هدية مناسبة أن يكون حاد الملاحظة، بحيث يبدأ في تحليل احتياجات ورغبات الأشخاص الذين يحبهم ويعتبر نفسه قريبا منهم، في وقت مبكر. أما بالنسبة للمعارف والأقارب الذين يعيشون في أماكن بعيدة، فيكون الاختيار بسيطا. ويقترح البروفيسور ستراك في هذه الحالة جوارب من الصوف أو الكشمير، أو رباط العنق أو إيشاربات، لتجنب الحرج والوقوع في الخطأ. وفي هذا الصدد ايضا يعلق كارين جودر، اختصاصي علم النفس بمدينة كييل، ان الصدق والمصارحة أفضل طريقة لتفادي صرف مبالغ كبيرة على هدايا قد لا تستعمل أبدا، أو الاكتفاء بهدايا رمزية. لكن الأمر قد يكون اصعب فيما يتعلق بالأصدقاء وأفراد العائلة والشركاء، لأنهم لن يبوحوا بما تصبو له نفسهم أو يحتاجونه، فضلا عن أنهم يتوقعون ان تكون الهدية مفاجأة وليس فرضا، حسبما يقول جودر. ويوافقه الرأي البروفيسور ستارك الذي يضيف أن أسهل طريقة هي أن يضع المرء نفسه مكان المتلقي ويفكر فيما يريده.
طبعا الامر يختلف بالنسبة للأطفال، وليس هناك اسهل من اختيار هدايا لهم، لأنهم في هذه المرحلة أبرياء يتقبلون ويقدرون أي شيء مهما كان ثمنه، ويعتبرون أي جديد هدية رائعة. لكن مع ذلك ينصح جودر الآباء بأن يسألوا اطفالهم عما يتوقون له. وتؤكد أنالي دوت، وهي اختصاصية للعلاج النفسي للأطفال من مدينة كولونيا، هذه الحقيقة بقولها ان شراء هدية للطفل ليس مشكلة، لأنهم يتسمون بالصراحة، ويفصحون عن الأشياء التي يريدونها بدون عقد أو حرج. لكن المهم هنا هو عدم تكرار نفس الهدية لأنها تخيب الآمال عموما، فما البال بالصغار ؟
ويبقى اختيار هدية للزوجة اصعب مهمة أمام الرجل، لا سيما بعد مرور عدة سنوات على الزواج يكون قد قدم لها فيها الكثير واستنفد كل افكاره ومخيلته. وربما تكون الحاجة الى التفكير المسبق اكثر هنا إلحاحا، حتى تأتي الهدية بمفعولها، مع العلم انه لو تعلم الرجل فن الإصغاء لفهم، أن الزوجة تبدأ بإرسال إشارات عما تريده قبل موعد المناسبة بفترة طويلة. المهم هنا هو الابتعاد عن الكليشيهات والهدايا المتكررة، خصوصا إذا لم تكن ثمينة، كما يجب تجنب الهدايا العملية التي تخص المطبخ أو المنزل، لأنها ليست خاصة. وتشير دون انه على الزوج والزوجة على حد سواء ان يراقبا بعضهما ويدرسا احتياجات بعضهما، فقد تكون هي تريد ما يدخل على قلبها البهجة، بينما هو يريد شيئا ملحا وضروريا لم يجده في الأسواق أو ليس لديه الوقت الكافي للبحث عنه. لكن إذا سرقك الوقت، ولم تجد الهدية المناسبة، فإن هناك بدائل أخرى غير العطور والاكسسوارات والمجوهرات. وهي بدائل لا تكلف كثيرا لكنها تعبر عن ان الشخص كلف نفسه التفكير في شيء يسعد الآخر، مثل حجز رحلة إلى مكان طالما داعب خيالها أو خياله، أو إلى منتجع صحي يقضيان فيه معا نهاية أيام الاسبوع، أو بطاقات لحضور مسرحية وما شابه من امور يمكن حجزها من البيت أو المكتب عبر الانترنت أو بالهاتف.


مع تحيات
رضا العراقي

سأكتبُ ما في قلبي سطوراً
لو كتبت بالدموع لامتلأت بحوراً