حزب الله الذي تعود عبر تاريخه أن لا يختبئ من عمل قام به لمواجهة الكيان الاسرائيلي ( بعيدا عن الاعمال الاستخباراتية ) لم ينتظر كثيرا لاعلان مسؤوليته ،هو بادر في الساعة الاولى للاستهداف الى إعلان مسؤوليته عن العملية لم يكن عبثا قيامه بذلك، ولا جرياً هذه المرة على عادته بتبني المسؤولية، بل جاءت الغاية ضمن واحدةٍ من أهم اهداف العملية المنفذة، وهي التأكيد للعدو قبل الصديق أن عينه ليست غافية عن خرقه المستمر للسيادة اللبنانية، وإن ظن هو او غيره أنه غافل، فإن ذلك من قبيل اللامعرفة بالحزب وبإستراتيجيته التي جاهد على مدى السنوات الماضية لتطويرها وتحصينها.
حزب الله .. اطلاق يد الكيان الاسرائيلي غير وارد في لبنان
لم تكن صعبة رموز تلك الرسالة التي أرسلتها المقاومة الاسلامية عبر عَبوة شبعا يوم الثلاثاء في السابع من اكتوبر تشرين الاول ، فالمغزى لما حصل على الحدود الجنوبية للبنان فهمه العدو قبل غيره .
بناء للقرار هذا إختارت المقاومة التوقيت وفق المعطيات الميدانية، والتنفيذ تم على خلفية ضوء أخضر مسبق اعطي لعناصر المقاومة في المنطقة، باختيار هدف يساعد على إيصال الرسالة وهي أن الخروقات الاسرائيلية المتكررة للبنان لن تبقى بلا رد، وليس آخرها الخروقات الجوية المستمرة، او تفجير جهاز التجسس في منطقة عدلون جنوب لبنان، واستشهاد احد عناصر الحزب قبل حوالي الشهر .
فسر الكيان الاسرائيلي ما حصل على الارض، بدءاً من تسمية الخلية التي نفذت الكمين وهي مجموعة الشهيد علي حسن حيدر( إستشهد خلال تفكيكه جهاز تنصت في منطقة عدلون قبل حوالي الشهر) وصولا الى الطريقة والتوقيت. نجح محللوه في قراءة بعض من اهداف العملية ، محلل الشؤون الامنية في صحيفة معاريف "يوسي ملمان " فسر بأن حزب الله قرر تغيير سياسته وأنه سيرد حسب ما قال على كل ما يعتبره استهدافا اسرائيلياً للسيادة اللبنانية او خرقاً لقواعد اللعبة. من جهته اعتبر المحلل السياسي في صحيفة هآرتس " عاموس هرئيل " ان حزب الله يعمل من اجل تثبيت ميزان ردع جديد مع "اسرائيل" وهو لا يريد ضبط نفسه امام ما يعتبره عدوانا من جانبها.
استطاعت التحليلات الاسرائيلية ان تلتقط جزءاً مما اراد الحزب إيصاله من العملية النوعية بالتكتيك والنتائج، الصورة الكلية تبقى ملكاً لخطط الحزب الاستراتيجية على الارض، لكنها نجحت بحسب المراقبين في لبنان في إيصال اهداف ثلاثة للعملية، اولا: التأكيد على جهوزية حزب الله الدائمة جنوبا وهو ما يتوافق مع مواقف أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله بأن تواجد مقاتلي الحزب في سوريا واستشهاد عدد منهم لا يعني ذلك عدم قدرته على المجابهة جنوباً، ثانيا: اعلن الحزب مجدداً ان أوليته الدائمة ستبقى الدفاع عن الحدود الجنوبية وان الخروقات المستمرة لن تبقى من دون رد، لكنه يختار لها التوقيت المناسب. ثالثا: نجح الحزب في تأكيد وقوفه على جبهتين في الوقت ذاته، محاربته المجموعات التكفيرية في جرود بريتال وعسال الورد على جبهة الحدود الشرقية للبنان، ومحاربته الكيان الاسرائيلي على الجبهة .
صحيح أن المعركة ليست بالسهلة، وهي مكلفة بلا شك اقله بشرياً، لكنها خيار الحزب الدائم منذ ان أنطلق في العام 82 محاربا الكيان الاسرائيلي ومدافعاً عن لبنان وشعبه.
قد يسأل البعض هل الحزب قادرعلى دفع كل هذه الاثمان؟ سيأتي الجواب لهؤلاء من المواجهات التي يخوضها الحزب عملياً على الارض ومن قدرته على التعبئة في صفوف مناصريه قبل محازبيه، كما من قدرته الكبيرة داخل الطائفة الشيعية في لبنان. لا شك أن القضية ليست بالسهلة، لكنه حزب إمتلك خبرةً قتالية عالية في محاربته الكيان الاسرائيلي طيلة هذه الاعوام، وهو إستطاع ان يهزمه في اكثر من عدوان بناء لخبرة قتالية عالية بناها كل هذه السنوات، وهو يزيدها اليوم بخبرة من نوع آخر يستجلبها من محاربته للتكفيريين، وفي كل ذلك يقول حزب الله ما فهمه الصهاينة انفسهم إن اطلاق يد الكيان الاسرائيلي غير وارد في لبنان .
فاطمة عواضة
المصدر