طورت شركة أمريكية طريقة لمراقبة مناطق كاملة باستخدام تكنولوجيا ابتكرت في بادئ الأمر للتعامل مع الحربين الأخيرتين في العراق وأفغانستان.
وبالرغم من تفاؤل الشرطة الأمريكية إزاء إمكانية الاستفادة من هذه التكنولوجيا، فإن المدافعين عن الخصوصية يرون أنها تمثل تهديدا للحقوق الدستورية للمواطنين.
إطلاق نار ومقتل شخص، ثم العثور على ضحية، ثم إبلاغ الشرطة بالحادث، لكن مرتكب الجريمة فر هاربا دون العثور له على أثر.
جرائم قتل مثل هذه تحدث في الولايات المتحدة يوميا، وحينما لا يتقدم أي شهود بشهادات عن الحادث، يصبح من الصعب والمكلف جدا إدانة الجناة.
لكن إحدى الشركات تقدمت بحل لهذه المشكلة.
وتقول شركة "برزستانت سيرفيلانس سيستمز" (بي اس اس) إنه من خلال تسيير طائرة خاصة مأهولة فوق إحدى المدن، فإنها تستطيع رؤية وتسجيل كل شيء يحدث على الأرض في منطقة على امتداد 40 كيلومترا.
ومن خلال اثنتي عشرة كاميرا عالية الدقة مثبتة في الطائرة، تبث الطائرة صورة تشبه خريطة "غوغل إيرث للتصوير المباشر للأرض" إلى محللي الشركة على الأرض.
وقال روس ماكنوت - وهو من المحاربين القدامي الذين خدموا في سلاح الجو الأمريكي ورئيس شركة "بي اس اس" - في تصريح لبي بي سي إن "الوضوح (الخاص بالصورة) ليس عاليا بشكل كاف ليظهر هوية الشخص، إذ إن الأشخاص يظهرون كمجرد بكسل رمادي (نقطة)على الشاشة".
لكن هذه النقطة التي تظهر على الشاشة تكون كافية لتعقب تحركات الشخص بدقة أثناء تحليق الطائرة في الهواء لنحو ست ساعات.
وحينما أرسلت "بي اس اس" طائراتها فوق كومبتون بولاية كاليفورنيا في أوائل عام 2012 لمدة تسعة أيام، سجلت الشركة جرائم قتل وسرقات والعديد من الجرائم الأخرى.
ومن خلال المطابقة بين الإطار الزمني لتسجيلات "بي اس اس" مع شهادة الشهود على الأرض، استطاع المحللون وجهاز الشرطة التعرف على اللحظة التي ارتكبت فيها الجريمة.
وقال ماك نوت إن الشرطة في هذه اللحظة استطاعت تحديد مكان المشتبه به قبل وبعد لحظة وقوع الجريمة.
وأضاف بأن "الأمر يشبه الكشف عن غموض جريمة قتل في المنتصف، ولقد استطعنا بالفعل تعقب أشخاص من قبل في العديد من جرائم القتل".
وخلال تجربة هذه التكنولوجيا في مناطق، من بينها دايتون واوهايو وكومبتون ومكسيكو، سجلت شركة "بي اس اس" 34 حالة قتل.
"تهديد للديمقراطية
لكن "بي اس اس" لا تسجل فقط جرائم القتل وحركات المجرمين، إذ إن كاميراتها تمشط الشوارع والفناءات الخلفية حيث يؤدي جميع الناس أنشطتهم اليومية.
ولم يفلح تأكيد الشركة بأن الصور المقربة التي تلتقطها ذات دقة منخفضة، في تهدئة المعارضين الذين يرون أن هذه التقنية تمثل تهديدا لحريات الأمريكيين.
وقالت جينيفر لينتش المحامية البارزة في مؤسسة "الكترونيك فرونتير فاونديشن" إن "النظام لا ينتهك فقط خصوصية الناس، لكن تعقب حركات المجتمع بأسره يشكل خطورة على الديمقراطية".
وحينما جربت الشركة هذا النظام في كومبتون عام 2012، لم تبلغ الشرطة.
وأضافت لينتش "إذا كانت هذه هي الحالة، بالإضافة إلى المراقبة السرية لطلاب مسلمين أبرياء من جانب شرطة نيويورك، فإن هذا يولد عدم ثقة في الشرطة".
لكن الشركة تؤكد تمسكها "بسياسة صارمة جدا بشأن الخصوصية" تفرض قيودا مشددة على المحللين الذين يعملون بها.
وقال ماكنوت "إننا نطبق سياسات وتكنولوجيا تسمح لنا بتعقب جميع المناطق التي فحصها محللونا".
وأضاف "أننا فقط نتعقب الأشخاص الضالعين في جرائم، ويمكنني أن أطلع على المكان الذي فحصه محللونا من خلال تسجيل الأماكن التي طلبوا فيها (مراجعة) الصور".
ورأت لينتش أنه إذا شعر الناس بأنهم مراقبون باستمرار، فإنه من المستبعد أن يفعلوا أشياء ربما لا يريد الآخرون رؤيتها أو سماعها.
منقول بي بي سي عربي