امين الله
بقلم السيدمقتدى الصدر
١٩ من ذي الحجة ١٤٣٥
إن كل من يتشرف بزيارة الحرم العلوي المطهر سوف يقرأ عبارة: (السلام عليك يا امين الله في ارضه) وهي عبارة يجهل السواد الاعظم معناها ويمرون عليها مرورا عابرا من دون وعي حقيقي لمغزاها٠
وهنا احببت ان اذكر بعض الاطروحات التي قد تكون مفسرة لتلك العبارة الجميلة والصياغة الرائعة وخصوصا انها جاءت على لسان المعصوم سلام الله عليه، ومن تلك الاطروحات التي يمكن ذكرها في هذه العجالة ما يلي:
اولا: ان كلمة (امين) هي من الامانة، بمعنى انه المؤتمن على الارض ومن فيها ولا يخص ذلك اتباعه ومحبيه فقط بل يعم الجميع.
ثانيا: ان كلمة (امين) هي من الامن والسلامة، فتعني ان طاعته واتباعه امان لمن في الارض بل والسماوات العلى، واؤكد هنا على ان (الطاعة) هي الامان لا مطلق اتباعه كما يدعي من ينتمون اليه وهم عصاة.
ثالثا: ان هناك مصطلح حديث وهو: (الامانة العامة) وهو غالبا ما يطلق على المسؤول العام لجهة او حزب معين، وهنا ايضا كذلك فهو الامين العام لجميع من في الارض والسماء، وعليه يجب طاعته والاذعان لقراراته بكل تفاصيلها.
طبعا مع التذكير ان ذلك لا ينافي او يعارض عظمة الرسول محمد (صلى الله عليه واله)، بل هما نفس واحدة وهما أبوا هذه الامة، اضافة الى انه المـُنَصَّب منه مباشرة في يوم (الغدير) الاغر.
رابعا: انه سلام الله عليه قد استودعه الله سرا لا يطلع عليه احد، فهو (الامين) على ذلك السر الالهي الاكبر.
خامسا؛ غالبا ما يكون الامين العام فرد من مجموع، ويُسمَّون بالـ: (الامناء)، نعم هو الامين المطلق وهم - اي المعصومين - مُطلَق الامناء، وهذا مصطلح تعلمناه من السيد الوالد (قدس)، فمُطلَق الامين هو افضل مصاديقه، والباقي اقل منه على اختلاف درجاتهم، ولا سيما ان (امير المؤمنين) هو المخوّل الاول والمباشر من اخيه نبي الامة وهاديها.
سادسا: ان (الامين) تعني المؤمن، ولو من باب الدلالة الالتزامية او التضمنية، وبالتالي فانه كما وُصِفَ في القران (بالانسان) وكان هو الانسان الـمُطلَق، اي افضل مصاديقه، فهو في فقرة الدعاء هذه كان الامين او المؤمن المطلق بالله وبرسوله.
سابعا: انه سلام الله عليه الامين على ارواح الناس، بمعنى معرفته بيوم الحياة والموت والنشور لكل فرد، ولا اريد الاستزادة في هذه النقطة.
ثامنا: ورد: (قسيم النار والجنة)، اذن هو الامين على النار والجنة، بمعنى انه لا يمكن ان يدخل احد الجنة الا بموافقته، ولا جهنم ايضا كذلك.
فما اعظمها من هبة (ثمينة) من الله ورسوله لنا نحن اهل الارض والسماء حيث جعلنا الله وديعة عند وصي رسول الله صلى الله عليه واله، ولا يفوتني ان اذكر ان ذلك ليس حكرا على اهل الارض بل المقصود من الارض هنا هي كل وعاء يمكن ان تكون وعاءا لخلق الله ومكانا.
فالسلام عليك يا امين الله في ارضه وحجته على عباده، كنت اولهم اسلاما واقربهم لرسول الله منزلة ومقاما، فجزاك الله يا صهر الرسول وزوج البتول خير الجزاء الاوفى، فقد وفيت واوفيت. والسلام على ابنيك وذريتك المعصومين والسلام على من اتبع الهدى.
واخيرا اُذكِّر بفقرة حديث الكساء: ( إني ماخلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحيةً ولاقمراً منيراً ولا شمساً مضيئةً ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلالمحبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء)..