النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

هي لا تستحق ان تستحقــــــــــها

الزوار من محركات البحث: 21 المشاهدات : 858 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2010
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 11,587 المواضيع: 1,824
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 5212
    مزاجي: عادي
    أكلتي المفضلة: حاليا ً ولا شي
    آخر نشاط: 28/April/2016

    هي لا تستحق ان تستحقــــــــــها

    هي لا تستحقُّ أن تستحقَّها! رجعتُ إلى البيت حاملاً قيثارة الروح،

    فتحتُ بابَ غرفتي بسَكينة الراهب، علقتُ معطفي، نفضتُ عنه خصلَ شعرها، نظرتُ إلى ظلها على جسدي،

    وأشعلته بآخر لفيفةٍ كانت معي، وقلتُ في نفسي: هي لا تستحقُّ أن تستحقَّها!

    قبل ساعتين كنتُ معها في المقهى، ذهبتُ إلى هناك لأشربَ الصباحَ بفنجان قهوتها! لأبتلَّ بمطر عينيها، لأسألها:

    هل العصافيرُ بعد البرد عائدةٌ، إلى شباك لوعتنا؟! إلى أغصان شجرتنا؟! إلى قصص كتبناها على جدران معبدنا؟!


    جلستُ هناك منتظرًا! أنتظر الصباحَ الآتيَ من فجر عينيها، والنحلَ المرفرفَ على شفتيها، والسهولَ المسافرة على سنابل شعرها...

    أنتظرها، كفلاح ينتظر الحصادَ قرب أحزان الخريف، كنغمة تنتظر صداها العائد من بلد الحنين... والانتظارُ...

    ساحرٌ مثلُها، شديدٌ كغرورها، دائريٌّ، كنهديها المقطوفين في أول مواسم البرتقال.نظرتُ إليها طويلاً، وجُلتُ في بساتين ملامحها...

    على هاتين الشفتين قضيتُ أزمانًا طويلة أزرعُ الأحلامَ البيضاء،

    على هاتين الراحتين مشيتُ إلى وطني السليب، في هاتين العينين عصرتُ الليلَ الشفيفَ قمرًا في السماء.


    نظرتُ إليها طويلاً، حادثتها طويلاً... مسحتُ وجهي بشلال شعرها وركبتُ على مراجيح أجفانها.

    بحثتُ في صوتها الرخيم عن شيء مقتبس من ورق الخريف على الرصيف. ولكنها... لم تكن إياها! ولا كان القمرُ المنثورُ على وجهها كالذي كان يَسهرُ معي إلى منبلج الصباح! هي الأُخرى الغريبةُ في هويتها، هي الأُخرى التي قتلتْ ملامحَها القديمةَ مثلَ آثار المنازل في معلقة امرئ القيس... لم تكن هي كما هي!

    عزفتْ عن ظلها الحريريّ ورحلتْ إلى بلد بعيد بلا محطة للمسافرين! صارت غريبةً... كالأعشاب الحزينة على جدران البيوت المهجورة، كهديل الحمام في مخيمات اللاجئين...


    أما أنا، فكنتُ غيرَها. تقول في نفسها: من ذا الغريبُ الواقفُ تحت شرفتي؟! من أين أتى؟

    وإلى أي وجهٍ ذاهبْ؟ وكيف عرف مكانَ الصدى في سكون الغياب؟! لا محطة عندي لانتظار المسافرين، ولا شربة ماء للعطاشى. فأنا صرتُ أُخرى، ولن أنتظر نضجَ العنب كي أشربَ النبيذَ المفعمَ بالهوى. أنا صرتُ أُخرى، ولا يحتاج المطرُ والقمرُ إلى قصائد الشعراء كي نحبَّ ونعشقْ! أيها الغريبْ،

    من أنت؟ ومن تريد؟ أوجئتَ تسألُ عن الذهب المعتّق في خوابي الذكريات؟! أنا الآنَ أُخرى،

    أسمعُ أغنياتي دون أن أصقلَ شفتيّ على حرير جسدك! وأشربُ فنجانَ قهوتي دون أن أخبرَ العصافيرَ بزقزقة ليالينا المشتهاة!

    أنا الآنَ أُخرى، أجدل شعري دون أن تتأملني وحدَك على السرير، وأكتبُ رسائلي دون أن أطرّزَها بالزنابق وأُغْلقَها بقبلةٍ حمراء على الغلاف.

    أنا الآنَ أُخرى، لا يستوقفني بائعُ الأزهار لأشتري نفحةً من الياسمين المتوَّج بالحنين،

    ولا تأكلُ الطيورُ قمحَ أشواقي في لهيب الصيف.

    أنا الآنَ أُخرى، لا أقفُ على باب الشوق أنتظرُ رسائلَك كسجينٍ ينتظرُ العمرَ المتبقيَ من حريته،

    ولا أمرُّ بأحرف اسمكَ كي أسمعَ صوتَكَ في غيابك. بدّلتُ شراشفي ومخدتي، وغيرتُ شكلَ وردتي ورقصتي، اشتريتُ عطرًا آخر لا يباع في مدينة الذكريات،

    وانتزعتُ أزهارَ نيسان من ذلك القلب الكئيب، فماذا تريد مني أيها الغريب؟!أيها الحب!

    أيها الحرّاثُ الذي يحرثُ في أرواحنا من غير أن يلتفتَ ولو مرةً واحدةً إلى الوراء! كن معي أينما ذهبت، كن أبي وأمي وخليلي...

    وقصيدتي الأخيرةَ حين تُطل من بعيد سفينةُ الموت التائهة. خذني إلى الحياة حيثما كانت، واجعلْ أنفاسي أغنيةً لها،

    وافتحْ لي بابَ الأبدية على الأرض، لأن المستضعفين والمظلومين قد أطفأوا نارَ جهنم في السماء بدفق دمعهم وبرد مساكنهم!

    هي الآنَ أُخرى وأنا اليومَ غيرُها!
    فللحرية أشجارٌ كثيرة تستظلُّ بها الحياة، وبين الزنابق والبنادق يضع المحاربون صور الأحباء تحت أجنحة السلاح،

    ليعتصمَ الموتُ من القلب الغارق في الحياة. هي الآنَ أُخرى، ككل آخر لي... نظرتُ إليها من بعيد،

    وأمسكتُ بعض الكلمات الهاربة من زحام الروح...

    ثم قلتُ في نفسي: هي الآنَ أُخرى، تشمُّ رائحة النرجس بخفة الندى،

    وتلفحُ أنفاسَها شمسُ الحرية المشتهاة، وتقتبسُ ذكرياتها إذا خفقتْ بيارقُ الأحزان في عينيها... ولكنها...

    لا تستحقُّ أن تستحقها

    بقلم إياس ناصر

    راقت لي



  2. #2
    من أهل الدار
    سُلاف هذيان
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: كوت
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 14,189 المواضيع: 350
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 6334
    مزاجي: قاتم
    المهنة: صناعة الجمال
    أكلتي المفضلة: السلام
    موبايلي: نوت ٨
    مقالات المدونة: 3

    موقفها أكثر من شجاع ...................راائع دكتورة أختيارك مذهل
    لك ذائقه كروحك الشذية.....تقيم

  3. #3
    من أهل الدار
    المتماهي
    تاريخ التسجيل: September-2010
    الدولة: ميسان
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 30,875 المواضيع: 301
    صوتيات: 90 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 31878
    المهنة: دكتوراه/ نقد حديث
    موبايلي: Ultra s24
    مقالات المدونة: 130
    إختيار جميل جدا دكتورة .. شكرا لك على إمتاعنا أيتها الصديقة الرائعة .. كل الود لك

  4. #4
    من أهل الدار
    بريق الماس ... شيفره دافنشي..

    رائيكما افرحني جدااا ..اساتذة النثر

    شكرا جزيلا لكما

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال