صبـاح الخير ~....
تحية طيبة جميعـــا ً ،،،
توالت هي القصص التي تحكي عن إغتراب الفنانين العراقيين
وعن ابداعهــم الذي عانق السمــاء ، ولربمــا كان السبب
هو أن العراقيين كـ شعب بالذات قد احسوا بحنينهم الكبير
نحو وطنهــم حتى بعد قضائهم سنين طوال في المهجر ..
تلك المقدمـة البسيطة كانت مبررا ً لدخولنـــا في موضوع
هو قراءة بــ قلم علــــي النجـــار حقيقة ً استوقفتني كثيرآ
كلمــاتهــا و رؤية هذا الكاتب للوحـــات و ربط رؤيــا
فنانين قدامـــى مع من ذكرهــــم و سلــط الضوء على لوحـــاتهم
همــــا تبــــاعا ً اثير شيوطــــة و ســـوسن عبد الهـــادي
..
كتب عن الفنـــــان / أثيــــر شيوطــــة
في الضفة الأخرى من الأطلسي, وبعيدا عن كل الحراك
التشكيلي العراقي وأزمنته,وجد الفنان(أثير شيوطة) نفسه منهمكا في استعارة
واقعه العراقي المفقود اغترابيا عبر رسومات واقعية بنية استعادة الأثر
والتوثيق لأيامه العراقية التي افتقد حاضنها المدني. رسوم تعيد سيرة (فائق حسن)
بشطرها الفرنسي(بما ان أعمال فائق بنت خلفيتها على انجازات الرسامين
الفرنسيين من ديلاكروا حتى الانطباعيين).
لـــــوحات اثير شيــــوطـــة
اللوحــة الأولـــى
يقول النجـــار /
في رسمه الشخصي (كما عنوانه) ثم جحيم طقسي يحتمي منه بالمظلة.
في هذه الرسمة ثلاث مستويات تلوينية. الجو الطقسي ملتهب بملونة حارة
استعارة لحرارة صيف هو الآن (في نيويورك) ليس ملكه, بل هو بعض من
جحيم اصيافنا التموزية وسط فوران زفت بلاط شوارعنا البغدادية. ملونة جحيمية
يستعيرها الفنان محيطا قابلا للمعايشة اللاعبثية بما توفره لنا الآلة,المظلة
(المستوى الثاني) من حماية استظلالية لا نزال نستعيرها عبر دروبنا. وان بدا هيكل
المظلة معدنا كما هي فان اللون المعدني انصب على ملامح الفنان أيضا
في جزء أو مستوى الرسم الثالث) قناعا واقيا من كل المؤثرات الخارجية.
...
اللوحــة الثـــانية
يقول النجـــار /
رسوماته واقعية, بمعنى تأصيل تفاصيل الواقع شخوصا ومشاهد ذاتية تنير احيازها الضيقة فقط وليس سواها. لقد ابتعد عن تشخيص المشهد الخلوي والحدث السياسي وبانوراما المدينة, ليجتزئ له ركنا مقاسا على قدر الذات وما يحيط بها من أواصر قريبة, على اطر من معالم أزقته لا مشهديتها المعمارية واستشراقية نواياها, بل على حانوت جزار أو بقال مع التأكيد على كثافة وثقل ملامح أناسها ومحتوياتها وعناوينها بملونة تتبادل تفاصيلها كيانا واحدا تمتزج ملامحه الإنسانية بملامح الجزئيات المختلفة التي تحيطها وتغمرها لحد تضخم هذه المكونات المستعادة وتبادل أدوارها صياغات أثرية ولا تفقد حداثتها أحياءا لأزمنة لا تبارح الذهن. احياز عوالمه كلها مستعادة رغم تبدل أمكنته.
________________________
________________________
و كتب عن الفنـــــانة / ســــوسن عبد الهـــادي
هي التي ولدت خارج العراق ابتكرت قوانين أزمنتها المغتربة الحديثة لكنها
ليست كقوانين ما بعد الحروب العراقية ولا قوانين هذه الحروب ولا ما بعدها,
قوانينها هي قانون واحد يستمد شرعيته من مسارات أوتاره المستقيمة
(آلة التخت الموسيقي العراقية الرئيسية) المدوزنة على أنغام الفرح لا الفجيعة
رغم أن الفجيعة هي التي تستنطقها. هكذا هي في محاولتها جمع الأضداد عبورا
على أزمنة اغترابها وعثراته. هي التي فقدت بوصلة جغرافيا أزمنتها منذ الصغر
تحاول استعادة بعض مساراتها عبر أزمنة أخرى فقدت هي الأخرى بوصلتها.
لـــــوحات سوسن عبد الهـــادي
اللوحــة الأولـــى
يقول النجـــار /
رسمها المعنون (زهور حسين) بملونته التعبيرية الفائقة. يستنجد بموروث
هذه المغنية التي تركت أثرا لزمن عراقي جميل قبل أن ترحل مبكرة بحادثة مأساوية
قبل عدة عقود. سوسن تستعين بمقاطع الأغنية الاستنجادية لهذه المغنية الأثر تلصيقا
وسط حاضن بيئي مغرق بملونة وجدانية رغم كمائن الغدر البشري. لقد جمعت في هذا الرسم
مهارة الاشتغال على المادة والفكرة وغير بعيد عن معالجات الجيل التشكيلي الجديد.
اللوحــة الثانيـــــة
يقول النجــــار /
رسومها هي حكايا في محصلتها النهائية متوحدة ونسيج مشهديتها كواقع صوري عراقي. لقد حاكت هذا النسيج الصوري من مفردات الواقع (الحادثة) والواقع افتراضا وولع شخصي بماضي هو صور من أزمنة الرخاء أو الحلم كما هو النغم حين عبوره من وتر لوتر. لكن وكما هو الواقع الحالي حيث كمم فاه المغني وطمست معالم بقية التخت الموسيقي وقبعت صور أشباحهم تطارد مخيلتها. وان كان الشبح يظهر بعضا من ملامحه الإنسية, فقد اختلطت الملامح والأفعال وباتت سوسن متشبثة بفعل التقصي. وهكذا بدت رسومها تلتصق بأفكار تدعونا لرثاء أو ندب تواريخنا التي صنعنا نحن بعض تفاصيلها وتركنا التفاصيل الأخرى لغيرنا يلهو بها كما يشاء أو كما يشاء العصر الملتبس بمكائده الغير بريئة. لقد أتمت سوسن فعل ملسقاتها من شظايا هي مهيأة أصلا للتشضي. وبات النغم رفيقا لغدر الرصاص. والكمامة أو كيس الرأس بديلا لنضارة الملامح. وبات اغترابها اغترابين.
،
،
،
،
قراءة بقلم علـــي النـــجار منقولــــة بتصرف
لكم ودي