مثل كل شيء في الحياة والفكر والحضارة ...غالبا ما يصلنا متاخراً , ومانزال نتشبث به ونحاول استيعابه وفهمه حتى نجد أنه اندثر , وطُرح غيره , فحال المنظمات النسوية والمطالبة بحقوق المرأة والمساواة مع الرجل حال نظريات البنيوية ومابعدها والحداثة وما بعدها التي تصلنا غالبا بعد فوات الآوان ...فمازلنا نتحدث عن كتاب سيمون دي بوفوار الجنس الآخر الذي صدر عام 1949م ويعد بحق كتاب الأنثوية المقدس لدى الكثيرات. إذ إتخذ هذا الكتاب موقعا تاسيسياً لانتشار النزعة النسوية التحررية في العالم.فقد جهدت سيمون دي بوفوار, طيلة حياتها في دحض نظريات تقول: "إن المرأة رجل ناقص" (القديس توما الأكويني ) أو إن"المرأة امرأة بسبب بعض النقص في الخصائص" (أرسطو) فكان ردها في كتاب الجنس الآخر :"إن المرأة لاتولد امرأة بل تصبح كذلك بفعل التاثيرات الاجتماعية ", إلا إن سيمون دي بوفوار كما في معظم النساء تستعيد الطبيعة الأنثوية وحضورها الفطري , فهاهي تثير سخط الحركات النسوية عندما ترفع القناع عن وجهها الآخر بعد نشر رسائلها مع الكاتب الأمريكي (نيلسون ألغرين) والذي جمعتها معه علاقة عابرة للقارات دامت سبع عشرة سنة , فكتبت نصيرة المرأة في إحدى تلك الرسائل "أريد أن أطبخ لك وأكنس وأغسل الصحون ...أريد أن أكون لك زوجة عربية مطيعة" , وبدأت بعض الحركات تدرك هذه الحقيقة , فظهرت في أمريكا حركة على قلة اتباعها , تدعو إلى الخضوع التام لسيطرة الرجل والسبب في ذلك كما تقول القائمة على الحركة هو اسعاد المرأة وإعادة التوافق والطمأنينة والاستقرار إلى كثير من العلاقات الزوجية , وقد أطلقت هذه الحركة على نفسها (حركة كل نساء العالم) وبدأت تعقد الدروس والندوات التبشيرية بالأفكار الجديدة وتنظيم الفصول للراغبات في تحقيق السعادة الزوجية .
أما الشاعرة الانكليزية الشهيرة أديث ستويل (1887-1964) التي عاصرت كفاح المرأة الغربية حتى رأتها تحتل أرقى المناصب وأكرمها , كان لها رأي آخر لم تتردد في أن تجاهر به علانية قبل موتها ببضع سنوات ,قالت "لقد انتصرت المرأة في كل المعارك التي خاضتها , ولكنني لا أظن أنها قد سعدت كثيرا بهذا النصر , لانها لم تعد امرأة..لأن المرأة الحديثة قد فقدت انوثتها !!" ..
هذا فضلا عن رسالة مارلين مونرو الأخيرة إذ قالت "إني أتعس امرأة على هذه الأرض , لم أستطع أن أكون أماً ,إني امرأة أفضل البيت والحياة الشريفة الطاهرة, بل أن الحياة العائلية هي رمز سعادة المرأة , لقد ظلمني الناس , وإن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة , مهما نالت المجد والشهرة الزائفة".
فإذا كان هم الإنسان منذ الأزل البحث عن السعادة فإن سعادة المرأة في أن تولد امرأة وأن تصبح امرأة