في رحلة فريدة من نوعها إلى أسرار الأعماق سنصحبكم إلى البحر الكاريبي وبالتحديد في أمريكا الوسطى داخل خليج هندوراس، حيث تعتبر هذه المناطق من أكثر الأماكن جذباً للزوار من كل أنحاء العالم. وما زالت الآثار القديمة للسكان الأوائل قائمة، كما تستوطن هندوراس عدة أنواع من الطيور وسط طبيعتها الخلابة، وتنتشر حول سواحلها المطلة على البحر الكاريبي مئات من الجزر الصغيرة التي تجذب كثير من السياح، وبجانب الجزر الصغيرة تضم بعض من البحيرات والمستنقعات والأرخبيلات.إنها جمهورية هندوراس التي تقع في أمريكا الوسطى، يحدها من الشمال البحر الكاريبي، ومن الشمال الغربي دولة جواتيمالا، ومن الجنوب الغربي السلفادور، ومن الجنوب نيكاراجوا والمحيط الهادئ. احتلها الأسبان، واستخدموا ثلاثة أسماء للإشارة إليها؛ في البدء جيامورس وفقاً لتسمية كولومبوس والذي اكتشفها عام 1502، كما سُميت هيجوراس (القرع الذي يأتي من شجرة جيكارو Jicaro) ، وكثير منها عُثر عليها طافية في المياه الواقعة قبالة الساحل الشمالي الغربي لهندوراس.أما تسميتها هندوراس، فهي تعني باللغة الاسبانية “العمق”، مأخوذة من قول كولومبوس: “الحمد لله أننا خرجنا من تلك الأعماق”، وقيل أنها لفظة نمساوية تعنى المرسى، وقد كان يقطنها قديماُ عدد من القبائل المتنوعة في ثقافتها ولغتها، أهمها وأقواها قبائل “المايا” الشهيرة التي أنشأت حضارة من أقدم حضارات العالم، وبنوا مدينتهم المقدسة وعاصمتهم الاحتفالية في كوبان في الجزء الغربي من هندوراس.ومناخ هندوراس استوائي حار صيفاً ومعتدل في المرتفعات، ودافئ في فصل الشتاء، وتتساقط فيها الأمطار طوال العام، وتتميز المناطق الوسطى والجنوبية بارتفاع درجة الحرارة وقلة الرطوبة النسبية مقارنةً بالساحل الشمالي، كما ينتمي المناخ إلى الطابع المداري الرطب، غير أن الارتفاع عدل من حرارتها، ففي المناطق المنخفضة ترتفع الحرارة وتزيد الأمطار وتنمو بها الغابات المدارية وحشائش السافانا.تتميز هندوراس بازدهار الحياة البرية وغناها بأنواع مختلفة من الطيور والحيوانات والنباتات؛ فتضم أكثر من ستة ألاف نوع من النباتات الوعائية، منها 630 من فصيلة الأوركيد، ويقطنها نحو 250 من الزواحف والبرمائيات، وأكثر من 700 نوع من الطيور، و 110 نوعا من الثدييات، نصفهم من الخفافيش، مما جعلها تستحق أن تضاف إلى قائمة مواقع التراث العالمي باليونسكو في عام 1982.
من شواطئ هندوراس على البحر الكاريبي
تجذب هندوراس كثير من السائحين ولا سيما لزيارة جزيرتي “جواناجا” و “روتان”، حيث تمتاز الأولى عن باقي جزر المنطقة بأنها معزولة وهادئة مما جعلها المكان المفضل للسياح الذين يودون الابتعاد عن ضجيج المدن وصخب الحضر، ويعتبر الغوص هناك متعة حقيقية لقرب هذه المناطق من الشواطئ وإمكانية الوصول إليها بدون الزوارق. ونظراً لصفاء المياه ووضوح الرؤية، بشكل لا يمكن تخيله، على عمق مئة قدم تحت سطح الماء في هندوراس فالغوص هو سر شهرة المكان، فالغواصون يسبحون مع أنواع مختلفة من الأسماك ذات الألوان والأحجام المختلفة.ومن أهم مدن هندوراس سان بيدرو سولا وهي ثاني كبرى المدن في جزيرة هندوراس وتعتبر المركز التجاري الرئيسي في المنطقة، كما أن ميناء بورتو كورتيز أهم ميناء في البلاد، وفي شمال شرق البلاد توجد بعض المدن الصغيرة تغطي الغابات الاستوائية مساحة واسعة منها، وتشكل منطقة حارة رطبة تسمى ساحل موسكيتو، وفيه توجد أراضٍ عشبية وبعض غابات الصنوبر والنخيل.كما تشهد هندوراس ظاهرة طبيعية حيرت العلماء حتى لم يجدوا لها تفسيراً علمياً، وتحدث سنوياً في مدينة دباتمنتو دي يورو Depatmento de Yoro وتبدأ بظهور غيمة سوداء في السماء يتبعها برق ورعد ورياح قوية ومطر غزير لمدة ساعتين أو أكثر، وبعد انتهاء هذه العاصفة تصبح الأرض مفروشة بالأسماك.وعندما قامت بعثة من العلماء في السبعينات بزيارة المكان للتعرف على الأسماك التي تنتشر في الأرض بعد الإعصار فوجدوا أن جميع الأسماك من نفس الحجم والنوع، والغريب في الأمر أنه نوع لا يقطن المياه المجاورة للبلدة فهو من النوع الذي يعيش في المياه الضحلة فقط وليس المياه المالحة و كيف له أن يصل للبلدة علما بأن المحيط الأطلنطي يبعد عنها مسافة 200 كيلومتر، و قد كان تفسيرهم لهذا الأمر هو أن هذا السمك يتواجد في أنهار تحت الأرض و يخرج مع الإعصار.من جانبهم يحرص أهالي الهندوراس على الاحتفال بهذه الظاهرة غير الطبيعية من خلال تنظيم مهرجان يطلقون عليه اسم “مهرجان مطر الأسماك”، حيث يقولون إنهم لا يحتاجون لأي تفسير لهذه الظاهرة فهم يعتقدون أنها معجزة إلهية.
متعة الغوص في المياه الصافية في هندوراس