يقول البعض إن الصحف الورقية ستنقرض مع مطلع العام 2040 وستحلّ محلّها الوسائل الرقمية، بينما يقول آخرون إنها ستندثر مطلع العام 2017 في أمريكا قياساً ببيع الكتب الرقمية على حساب الكتب الورقية،
إذاً وفي حال صحّت هذه التوقعات، ماذا يفعل جيل فتح عينيه على مشهد الصحيفة الورقية، وكانت قراءاته الأولى وبواكير معرفته منها، والأهم والأكثر افتقاداً أن أولى كتاباته القابلة للنشر والتي وضعته في بداية طريق الكتابة، كورطة لا مفرّ منها، كانت في صحيفة ورقية؟ ماذا يفعل جيل عششت في أنفه رائحة الصحيفة، واستطاعت أن تحجز لها مكاناً أثيراً في ذاكرته؟
ماهر الخطيب:أفضّل الصحيفة الإلكترونية... فنحن مضطرون لمواكبة التطوّر
كميل خليل: المواقع الإلكترونية أسهل لكن القيمة الأكبر تبقى للصحيفة الورقية
أدونيس نصر: علينا شراء الصحف الورقية للحفاظ على إرث لا بد منه
إليسار حمزة: لا نعتمد على مبيعات الصحيفة وإعلانات التلفزيون الأكثر ربحاً
متعة التقليب
يقول الجرّاح النسائي د.بسام المسالخي: «أنا من مدمني قراءة الصحف عند الصباح منذ زمن بعيد، ولا يمكنني تناول القهوة من دون القراءة والاطلاع على كل شيء فيها ولو بنظرة سريعة.
وأحبّ الصحيفة لأنها تجعل التواصل مباشراً بين الصحافي والقارئ خاصة إذا كان الصحافي محيطاً بعمله وحيادياً في آرائه، وأنا شخصياً أفضّل الورقية لأنها تحتوي على مواضيع أكثر من تلك الإلكترونية،
كما إن قراءة الأخبار والعناوين والاطلاع السريع يكون في الورقية التي تعطي متعة فالتقليـــب بين الصفحـــات يشعـــر المرء بمتعة خاصة».
لمس الكلمات
تقرأ اعتدال شومان «52 عاماً ـ موظفة» الصحف يومياً وتؤكد: «لا يمكنني أن أبدأ صباحي من دون الاستمتاع بالتقليب بين صفحات الصحيفة خلال شربي قهوتي الصباحية،
أنا ممن يقرأون الصحف الإلكترونية والورقية لكني أستمتع بقراءة الورقية أكثر لأن لها نكهة خاصة كلمس الورق ورائحة الصحيفة التي تربّينا عليها وأشعر خلال قراءتي الصحيفة بأنني ألمس الكلمة وأدخل إلى كنهها لمعرفتها أكثر،
وأكثر ما يستهويني في الصحيفة هو عنوانها فهي تجعلني أتوجه لقراءة الصحيفة أو لا وأكثر ما يهمني في الصحيفة هو الصفحة الثقافية والتعاطي مع الثقافة لا يمكن أن يتمّ إلا من خلال الورق».
مواكبة التطور
من جهته، يقول ماهر الخطيب «25 عاماً ـ صحافي في موقع إلكتروني وصحيفة ورقية»: «يتطلّب عملي متابعة الصحف يومياً من أجل البقاء في ظلّ الأحداث ومتابعة كيفية تناول الصحف للأخبار،
ورغم أني أعمل بصحيفة ورقية إلا إني أفضّل الصحيفة والمواقع الإلكترونية لأن تناولها يكون أسرع وأسهل ولأنني أستطيع التصفّح خلال متابعة عملي وحتى إن كنت في السيارة أو في أي اجتماع فأتابع الأخبار من خلال الهاتف الذكي،
وبحكم عملي في الصحافة الإلكترونية فأنا معتاد على الإنترنت وبإمكان الصحافة الإلكترونية أن تحلّ محلّ الصحافة الورقية، ولا يشكّل ذلك خطراً على التراث لأننا مضطرون إلى مواكبة التطوّر الحاصل».
دعم الدولة
لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى سيرج عصفور «22 عاماً ـ محرر في صحيفة ورقية»، إذ يقول: «أشعر بلذة كبيرة خلال قراءة الورق كما إنها وإذا أردنا الكلام من الناحية الطبية فإنها مريحة أكثر من الإنترنت وشاشة الكمبيوتر.
وبحكم عملي أيضاً ألاحظ أن شراء الصحيفة الورقية هو أمر يعود إلى عادة معينة غالباً ما نراها موجودة عند كبار السنّ أكثر من الجيل الجديد، وأعتقد أن على الدولة أن تدعم الصحف الورقية من خلال توفير المواد الأولية وخفض الضرائب ومساعدة الصحافيين وذلك للحفاظ على هذا الإرث الذي يشجّع ويحثّ على القراءة».
الورق هو الأساس
وتوافق هتاف دهّام «30 عاماً ـ صحافية» قائلة: «الصحيفة الورقية هي الأساس ولا يمكننا أن نعتبر أن ما نقرأه على الإنترنت له علاقة بالصحف، فبحكم عملي أشعر أن الصحيفة تفقد معناها عند تحويلها إلى مجرّد أحرف على شاشة حاسوب،
فالغاية من الصحيفة ليس معرفة الخبر بل بناء ترابط وعلاقة بين القارئ والورق ورائحة الورق ولون الصحيفة، لكننا في أزمة وعلينا حثّ الجميع على قراءة الصحف لأن بانقراضها نكون قد أسهمنا في انقراض جزء من إرثنا».
الاحتفاظ بالأرشيف
بينما يقول أدونيس نصر «32 عاماً ـ مسؤول علاقات عامة في دار نشر لبنانية»: «تــــبـــقى لــلــصحــف الورقيــــة قيمتها الأهمّ، فالإلكترونية لا تحفظ بالأرشيف كما الورقية وبإمكاننا الاحتفاظ بالنسخ الورقية لعمرين أو أكثر أمّا الإلكترونية فإنها تزول بزوال الموقع أو تعطّله.
والمؤسف أننا نخاف أن نصل في يوم من الأيام إلى وقت ينتهي فيه وجود الصحيفة الورقية لكن كل ما علينا فعله هو تشجيع الورقية بشرائها للحفاظ على إرث لابد منه خاصة أننا في عصر افتراضي عصر الخبر والصورة السريعة لا عصر العمل والجهد والتعب».
الإلكترونية أسهل
يقول مدير تحرير وعضو مجلس نقابة المحررين في لبنان الأستاذ كميل خليل: «الصحيفة الورقية هي الأهم دائماً ولكن المستخدم أكثر اليوم هي المواقع الإلكترونية كونها الأسهل كثيراً بعد موجة التطوّر التي لحقت العالم.
القيمة الأكبر تبقى للصحيفة الورقية التي لا غنى عنها لأن هناك لذّة في التعاطي مع المادة الورقية فهي تختلف بطبيعتها عن المادة الجاهزة على الموقع الإلكتروني ولا شكّ في أن هناك تنافساً اليوم بين الاثنين ولا شك أن بيع الصحف تراجع أمام الهجمة الإلكترونية لكن بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الناس فإنه لا أفضل من الصحيفة الورقية في الصباح،
أمّا عن الوسائل أو الأمور التي تنجح الصحيفة الورقية بشكل عام وتسهم في انتشارها وتطوّرها فهناك ثلاثة أمور أساسية أوّلها المقـال السياسـي الجيّد وثانـياً الـتـحـقـيـق الاجـتـمـاعــي الـــقوي وثـالـثـاً الـصـفـحـة الاستقصائية واستخدام هذه الأمور بطريقة جيدة يجذب القارئ خاصة إذا لم تعمد الصحيفة لوضعها على موقعها الإلكتروني».
جهود إضافية
تقول مسؤولة الإعلانات والاشتراكــات وشركات التوزيع في إحــدى الصحــف اللبـــنانية إليسار حمزة: «تبلغ موازنة الصحيفة شهرياً نحو 80 ألف دولار ويختلف الأمر باختلاف الصحيفة لكنها لا يمكن أن يقلّ عن ذلك الأمر الذي يتطلّب منّا جهوداً إضافية للحفاظ على الصحيفة كيلا تفلس أو تقفل خاصة بموازاة الصحف والمواقع الإلكترونية التي تكتسح الجميع اليوم.
كعاملين في القسم الإداري فإننا نسعى لترغيب المؤسسات والأصدقاء والمعارف بالصحيفة وتبيان ميزاتها كما إنني أتّفق مع شركات التوزيع على إطلاق الصحيفة وتعريف الآخرين بها كي تصبح منتشرة، وبالتالي تأخذ مكانتها بين الجميع.
مشكلتنا غالباً لا تكون مع كبار السنّ فهم بطبيعتهم معتادون على قراءة الصحف والاهتمام بها والاطلاع عليها، لكن تكمن مشكلتنا في الجيل الجديد الذي لا يهتم بالصحيفة الورقية ويلجأ إلى الإلكترونية خاصة من خلال تقنية الهواتف الذكية التي تسيطر على عقول الجميع.
وبعد الإقناع نسعى لتأمين الدخل لحماية الصحيفة ودخل أي صحيفة لبنانية لا يكون إلا عن طريق نواحٍ خاصة، منها الدعم السياسي أو من خلال الاشتراكات والإعلانات وللأسف لا نعتمد على مبيعات الصحيفة لأن المبيعات لا توصلنا إلى أي نتيجة،
أمّا الطريقة الأكثر ربحاً تكون من خلال الإعلانات التي غالباً ما نسعى إليها وتبقى الإعلانات الأفضل هي إعلانات التلفزيون».
روتانا